الإرهاب: ابن السلطة أم ابن الأسرة؟

نصف اخبار العراق والعالم اليوم فيها تفاصيل عن الارهاب وعن هجمات ارهابيه وعن ارهابيين يتدربون في مناطق معينه. الارهاب ظاهره تختلط بمفاهيم كثيره، وصار من الصعب التمييز بين الارهاب وبين ما يعرف بالنضال والكفاح، فالارهابيون في كل مكان وفي كل مشهد سياسي.

الارهاب في جوهره هو نشاط افراد من المجتمع، وهؤلاء هم نتاج لمجتمعات انسانيه، بمعني انّ الارهابيين العراقيين هم ابناء المجتمع العراقي( اوالمجتمع  العربي للوافدين الي العراق منهم) وهناك اسر قد انتجت هؤلاء المجرمين. ولابد من وجود اسباب تدفع المجتمع الي انتاج الارهاب والارهابيين. وبما ان لكل انسان ام ولدته، فالامهات اذا يصنعن الارهابيين كما تصنع امهات اخريات قاده وزعماء ومصلحين.

اغلب شرائح المجتمع ترفض الارهاب

المشكله تبدا من البيت، لابد من معالجتها اجتماعيا، فكيف يمكن لانسان سوي ان يفجّر نفسه ليقتل الاخرين؟

وكيف يمكن لانسان طبيعي سوي ان يذبح بالسكين انسانا اخر؟

وكيف يمكن لانسان ان يقتل اطفالا مهما كانت الاسباب؟

لو كانت ظاهره الارهاب تقتصر علي بضعه افراد لامكن القول انهم قله من المجرمين  المرضي نفسيا في المجتمع، لكن الحديث يدور اليوم عن ملايين يسمون انفسهم مجاهدين ويقتلون الناس بدم بارد، دون ان يسالوا انفسهم هل هم وكلاء رب العالمين في الارض ليحرموا غيرهم من حق الحياة.

"الارهابي هو ابن السلطه العربية"

من بغداد تحدث د. قاسم حسين صالح رئيس الجمعيه النفسيه العراقيه ورئيس وحده الارشاد التربوي والنفسي بجامعة بغداد الي مايكروفون العراق اليوم من DW عربيه مشيرا الي" ان الارهابي هو ابن السلطه العربيه ، وفيما ينظر الساسه الي الارهاب من حيث الاهداف التي يسعي الي تحقيقها من خلال اسقاط انظمتهم السياسيه والقضاء عليهم، فان علماء النفس والاجتماع ينظرون علميا الي الاسباب التي سببت الارهاب".

د. صالح اشار الي انه قد اعد اطروحه دكتوراه عن الشخصية الارهابيه تعد الاولي من نوعها عراقيا وعربيا وعالميا، وقد التقي خلالها ب 300 ارهابي معتقل، بينهم عراقيون واجانب وعرب من 9 بلدان .

العراق: دوله مؤجله لحين استتباب الامن

من اين اتت ثقافه العنف في العراق؟\nتنظيم القاعدة: وباء لا يغادر ارض العراق

د. صالح، كشف انه يختلف مع مقوله ان الإسلام السياسي هو المنتج لظاهره الارهاب، مشيرا الي ان التعميم هنا في غير محله، " ومن الناحيه السيكولوجيه، فان السلوك، ايا كان نوعه، ينبع عن فكره او معتقد، واختلاف الناس في سلوكهم ناجم عن اختلاف عقائدهم وافكارهم". ثم اشار الي امثله بهذا الخصوص، مستشهدا من التاريخ بطياري  الكاميكاز الانتحاريين اليابانيين خلال الحرب العالميه الثانيه ، وخلص الي القول" ما وصلنا اليه في دراساتنا هو ان الارهابي  صناعه عربيه، والمصدر الاول في نشؤه هو السلطه العربيه وليس الام ".

بهذا السياق ، يري بعض المختصين في علم الاجتماع الجمعي ان اي راغب في الانضمام لتنظيم ارهابي او سلفي سيعيش بدءا في اطار فكري ضيق نتج عن انبهاره بالنور الجهادي الذي يحمله هذا التنظيم علي مستوييه السياسي والديني، وقد تعزز ذلك رغبته المحبطه في ان يكون عنصرا فاعلا في المجتمع. هذه الخلاصه تعني ان كل الانتحاريين هم شخصيات سايكوباثيه محبطه تعاني من عقد الانحطاط والدونيه والاحباط، لكن اغلب من يقومون بتفجيرات وعمليات ارهابية لا يخضعون لهذا التصنيف، فهم في الغالب من الناجحين اجتماعيا ويمتلكون وظائف جيده تدرعليهم دخولا مرتفعه وقد نجحوا في تكوين اسر نموذجيه، الا انهم وفي لحظه مجهوله قرروا ان يضعوا كل ذلك وراء ظهورهم ويختاروا طريق الموت المؤذي المعدي.

" الارهابيون في العراق وافدون من محيطه العربي"\nد. حميد الهاشمي استاذ علم الاجتماع بالجامعة العالمية بلندن شارك في حوار العراق اليوم  من  DW عربيه مشيرا الي ان الفكر الارهابي وافد الي العراق، واوائل من قاموا بعمليات ارهابيه هم الوافدون من المحيط العربي، وافعالهم في الغالب هي تعبير عن التطرف في مواجهه الاسلحه الفتاكه التي يعجزون عن مواجهتها" وهكذا فان الانتحاري يلجا الي تفجير نفسه محولا جسده الي قنبله تقتل من حوله" .

القاعده تربي اطفالا علي نهج الانتحار" طيور الجنه" اسم رمزي لهم.

المراه الانتحاريه هي جزء مثير للاهتمام من ظاهره الارهاب، فالمراه هي صانعه الحياه، ومانحه الحب، ورمز التضحيه والايثار والعطاء غير المحدود دون مقابل، فكيف تتحول فجاه الي قنبله تقتل من حولها؟

الخبير في علم النفس د. قاسم حسين صالح اجاب عن هذا السؤال مبينا ان ما ينطبق علي الرجل الارهابي الانتحاري ينطبق ايضا علي المراه التي تؤدي نفس الدور، ثم مضي الي شرح تطور المراه الانتحاريه مبينا "ان المراه في الغالب يورّطها زوجها او احد الرجال الموجودين في محيط اسرتها حين يكون هو نفسه ارهابيا، لكن الياس والحصار والتضييق عليها قد يدفع بها ايضا الي خيار الموت والانتحار كمخرج من ازمتها " .

"منهج تجنيد متزامن مع غسل الدماغ"

د. حميد الهاشمي وفي معرض حديثه عن قدره التكفيريين والارهابيين علي تعبئه عناصر تعمل لصالحهم وتقبل ان يصل بها الامر حد الانتحار، قال" هناك منهج للتجنيد يجري علي مراحل متزامنا مع عمليات غسل دماغ، وهناك استغلال للظروف الفرديه للانسان من خلال تجاربه او ظروفه الاقتصاديه الصعبه، وعلي سبيل المثال، قد تكون هناك امراه قتل زوجها فتعبئها الجماعه للثار لزوجها".