المحتوى الرئيسى

حدائق الحيوان..وسيلة حماية من الانقراض أم سجن؟

09/14 12:19

ظلت مساله اقتناء الحيوانات البريه قاصره علي النبلاء فقط لفتره طويله، فقبل 4000 عام كان قياصره امبراطوريه شيا الصينيه يمتلكون حدائق لتربيه الحيوانات، كما حرص الحكام الاشوريون علي اقتناء التماسيح. اما امراء آل ميديشي، احدي اشهر عائلات فلورنسا بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر، فكانوا يحتفظون بالحيوانات الغريبه في حدائق قصورهم. وامتد هذا الشغف ايضا الي الامبراطور فرانس الاول، الذي اقام في عام 1752 اقدم حديقة حيوان مازالت موجوده حتي الان، وهي حديقه حيوان شونبرون في العاصمه النمساويه فيينا.

لكن دافع جميع هؤلاء النبلاء والامراء لم يكن حمايه الحيوانات المهدده بالانقراض، فالفكره بدات في القرن الحادي والعشرين بعد ان ضاقت الحياه بالكثير من انواع الحيوانات نتيجه امتداد يد الانسان لبيئه هذه الحيوانات واستخدامها لاهداف اخري. فالبيئة الطبيعية للكثير من الحيوانات بدات تتحول الي مزارع وحقول.

تتنوع الاسباب التي تؤدي الي انقراض الحيوانات بين اعتداء الانسان علي بيئتها الطبيعيه اضافه الي التغيرات المناخيه كما ان الانسان نفسه يقتل عمدا الكثير من الحيوانات لاسباب مختلفه. فهناك عصابات متخصصه في انتاج الالماس في مناطق الحروب والازمات تقوم عمدا بقتل الغوريلات كما ان الاسواق في افريقيا لا تخلو من لحوم حيوانات بريه مصنفه علي انها نادره.

وتزيد في الوقت الحالي عمليات صيد الافيال بشكل غير مسبوق في غرب أفريقيا لاسيما من قبل تجار العاج. ولا تنجو الافيال عاده من عمليات الصيد الا اذا كانت تحت حراسه مشدده.

عمليات قتل الحيوانات للاستفاده من اعضائها لا تتوقف رغم الحراسه المشدده.

فهل اصبحت حدائق الحيوان هي وسيله النجاه الوحيده مع زياده حالات التعدي علي الحيوانات وصيدةا بشكل غير مشروع؟ ام ان حتي هذه الحدائق تمثل تعذيبا للحيوانات التي تعيش حبيسه فيها كما تقول بعض منظمات حمايه الحيوانات؟

لقد طالبت منظمه "بيتا" لحمايه الحيوان، وزيره الزراعه الالمانيه، الزه ايغنر، بمنع حبس النمور في الاقفاص. وتري المنظمه ان رغبه الشمبانزي الواضحه في الخروج من الاقفاص تدل علي ان الحيوانات تفضل العيش في الاماكن المفتوحه. وتري منظمه "بيتا" ان حدائق الحيوان ليست اكثر من "سجون ذات درجه تامين عاليه".

يدرك القائمون علي حدائق الحيوان امثال مانفريد نيكيش، مدير حديقه حيوان فرانكفورت، ان الحيوان البري يظل بريا حتي وهو يعيش داخل حديقة الحيوان. لكن الخبير يوضح ان الحدائق الحديثه التي تعمل وفقا لمعايير علميه يتم فيها تدريب الحيوان علي سلوكيات معينه وبالتالي تقل فرص ظهور بعض السلوكيات التي تحدث عاده في البريه.

ويؤكد نيكيش وجود برامج عديده في الوقت الحالي تخفف علي الحيوان مساله وجوده داخل القفص، كما ان التقدم في الطب البيطري ساعد في توفير امكانيات جديده للحيوانات تقرب حياتها من حياه البريه، فمثلا يمكن حاليا ان تعيش القرود في غابات اصطناعيه بعد ان كانت في الماضي رهن العيش داخل الاقفاص المغلقه لاسباب لها علاقه بالحمايه من العدوي وانتقال الامراض.

ومن الجوانب الايجابيه للحياه في حدائق الحيوان، الاهتمام الطبي بالحيوانات الامر الذي يزيد من متوسط اعمارها مقارنه بالحيوانات التي تعيش في البريه. فثلث اعداد النمور السيبيريه في العالم تعيش حاليا في حدائق حيوانات وهي افضل طريقه متاحه حاليا للحفاظ عليها. ومن غير المستبعد اطلاق سراح هذه النمور لتعيش مجددا في بيئتها الطبيعيه حال تحسنت الظروف التي تساعد علي ذلك.

ويؤكد داج انكيه رئيس حديقه حيوان نورنبرغ ان "حدائق الحيوان في الوقت الحالي صارت وسيله حمايه لا بديل عنها للحيوانات المهدده بالانقراض". ويضيف انكيه: "لا يوجد مكان اخر يمتلك هذا القدر من العلم مثل حديقه الحيوان التي تعد الملاذ الوحيد لحمايه الأنواع المهددة بالانقراض ومنحها فرصه للنجاه".

الحيوانات الوليده وسيله جذب زبائن لحدائق الحيوان لكنها ايضا وسيله للحفاظ علي الانواع من الانقراض.

تنميه المشاعر الانسانيه تجاه الحيوان

تنظم حدائق الحيوان المختلفه في العالم حوالي 130 برنامجا لاعاده توطين الحيوانات. وهي مشروعات ضخمه ومكلفه يمكن تنفيذها فقط في حال وجود فرص قويه لنجاحها.

لكن مخاطر فشل مثل هذه المشروعات قائمة بشكل كبير ولعل مالاوي تقدم مثالا علي ذلك، فقد تم نقل مجموعه اسود الي مالاوي من الجاره موزمبيق. وبالرغم من ان مجموعه من الحراس المتخصصين والمسلحين تولوا حمايه الاسود، الا ان هذا لم يمنع قيام بعض الصيادين بقتلها بهدف الحصول علي مخالبها التي يتزايد الطلب عليها.

ونجاح حدائق الحيوان في اداء دورها يتطلب الكثير من الشروط من بينها ضروره ان يتعلم الانسان الحفاظ علي الاماكن الطبيعيه التي تعيش فيها الحيوانات ولا يدمرها، فاختفاء قرد إنسان الغاب "اورانغوتان" في اسيا يمكن ان يدمر كافه جهود الحفاظ علي هذا الحيوان.

ويري نيكيش ان حدائق الحيوان لها ميزه اخري كبيره ويقول: "اكثر من 700 مليون شخص يزورون حدائق الحيوان في العالم سنويا وهذه عاده هي الطريقة الوحيده والمكان الوحيد الذي يحدث فيه الاحتكاك بين البشر والحيوانات البريه".

وعندما يتعلم الانسان فهم عالم الحيوان فان هذا ينمي احساسه بالحفاظ علي هذا العالم، كما يضيف نيكيش: "حدائق الحيوان ليست بديلا عن توفير الحمايه للاماكن الطبيعيه التي تعيش فيها الحيوان ولكنها تزيد من شعور الانسان باهميه القضيه".

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل