المحتوى الرئيسى

عطاء الله مهاجرانى يكتب :لماذا تعرض خطاب مرسي للتحريف؟

09/10 13:40

لا تزال تبعات تحريف فقرات كلمه الرئيس المصري محمد مرسي تتوالي. والحق نحن لا نواجه في ايران رقابه فقط علي القضايا السياسيه مثل كلمه مرسي، لكننا نواجه رقابه دينيه وثقافيه ايضا، واعتقد ان اعتبار هذا النوع من الرقابه ظاهره خاصه يؤدي بنا الي الاكتشاف والتعرف علي جذور هذه المساله. فبعد تصريحات من قبل وزارتي الخارجيه في كل من البحرين ومصر لم يعد بمقدورنا ان نهمل القضيه.

اولا: في ايران امتنعت بعض الصحف ومواقع الإنترنت مثل وكاله انباء فارس من نشر بعض مقاطع كلمه مرسي كليه، وفي قراءه لخطاب مرسي علي هذه المواقع لن نجد اشاره واحده الي سوريا. نستطيع ان ندرج هذا النوع من الرقابه تحت اسم «الرقابه السلبيه»، فقد حذفوا الجزء الاول من الكلمه الذي ترضي فيه مرسي علي الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي. علاوه علي ذلك، تحدث مرسي عن سوريا 3 مرات، لكن هذا الجزء من الكلمه تم حذفه بالكامل.

ثانيا: قامت بعض وسائل الاعلام في ايران مثل تلفزيون الدوله الرسمي باعاده صياغه كلمه مرسي، كما ذكرت في مقالي السابق، ليستبدلوا بسوريا البحرين، وغيروا مصطلح «الثوره» الي «مؤامره علي سوريا»، ويمكننا ان نطلق علي هذا النوع من الرقابه «الرقابه النشطه».

اعتقد ان الاسلوبين السابقين للرقابه وجهان لعمله واحده، والضحيه الاولي لهذا النوع من السلوك هما الواقع والحقيقه. ولعل السؤإل ألذي يطرح نفسه هنا هو: ما هو المغزي الرئيسي خلف هذه الرقابه؟

اود في هذا المقال ان اركز علي الفقره الاولي من كلمه مرسي في تاريخ ايران المعاصر او علي الاقل في اعقاب الثوره، حيث ذكرت اسماء الخلفاء الراشدين في قمه عالميه، فقال مرسي: «الحمد لله والصلاه والسلام علي رسول الله، اللهم صل وسلم عليه وعلي ال بيته وصحبه وارض اللهم عن سادتنا ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابه اجمعين وعن التابعين وتابعيهم باحسان الي يوم الدين (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)».

غني عن الذكر ان احمدي نجاد عندما ذكر اسم الامام المهدي، كشيعي، في الامم المتحده والمحافل الدوليه الاخري، رسم خطا فارقا بين الشيعه والسنه. والان ذكر مرسي اسماء الخلفاء كسني، ولذا يجب ان نبحث ذلك بعنايه.

خلال السنوات الثلاث الماضيه ذكر ايه الله خامنئي اسم عمر بن الخطاب، ثاني الخلفاء، وام المؤمنين عائشه في خطبه الجمعه بتوقير بالغ وانتقد عدم ذكرهما باحترام مماثل.

ومما يؤسف له ان نواجه رقابه لا يقتصر نطاقها علي الشؤون السياسيه فقط، بل تمتد الي الشؤون الدينيه ايضا. فعلي سبيل المثال، كان من الغريب ان نجد شيخا شيعيا يتحدث عن ابي بكر ويستشهد بايات من القرأن الكريم علي ان ابا بكر كان صاحب رسول الله، فعلي سبيل المثال يقول الطباطبائي في تفسيره للقران الكريم المسمي «الميزان»، مثل قوله تعالي: «الا تنصروه فقد نصره الله اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار». ثاني اثنين اي احدهما، والغار الثقبه العظيمه في الجبل، والمراد به غار جبل ثور قرب مني وهو غير غار حراء الذي كان النبي، صلي الله عليه واله وسلم، ياوي اليه قبل البعثه للاخبار المستفيضه، والمراد بصاحبه هو ابو بكر للنقل القطعي.

اما الشيخ الطوسي، المفكر الشيعي الكبير وصاحب تفسير «التبيان» ومؤسس حوزه النجف، فيقول في تفسيره: «قال لصاحبه يعني ابا بكر (لا تحزن) اي لا تخف. ولا تجزع (ان الله معنا) اي ينصرنا. والنصره علي ضربين: احدهما يكون نعمه علي من ينصره. والاخر لا يكون كذلك، فنصره المؤمنين تكون احسانا من الناصر الي نفسه، لان ذلك طاعه لله، ولم تكن نعمه علي النبي صلي الله عليه واله وسلم. والثاني من ينصر غيره لينفعه بما تدعو اليه الحكمه، كان ذلك نعمه عليه مثل نصره الله لنبيه، صلي الله عليه واله وسلم».

ويؤمن غالبيه المفسرين الشيعه بان ابا بكر كان صاحب رسول الله. لكن احدا في المساجد او الاحتفالات الدينيه لا يذكر هذه الايه. علي العكس يحاولون تفسير هذه الايه ضد ابي بكر، ولا اود ان اركز علي التفاصيل.

ما اود قوله هنا هو اننا بحاجه للقضاء علي جوهر الرقابه من عقولنا وافئدتنا واحكامنا. فحقيقه الامر ان السواد الاعظم من المسلمين يعظمون الخلفاء الاربعه. ومن ناحيه اخري، يمكننا رؤيه ان مجموعه صغيره تبحث بهمه وتسعي للحصول علي بعض الوثائق النادره والمزيفه كي تظهر الهوه الكبيره بين الشيعه والسنه.

استطيع ان اتفهم السر في تقدير مولوي عبد الحميد، زعيم السنه في ايران، لكلمه مرسي. ففي عيد الفطر الماضي لم تسمح الحكومه الايرانيه لاخواننا واخواتنا السنه باداء صلاه عيد الفطر في طهران. وهذا هو الوجه الاخر للرقابه.

والامام علي سمي بعض ابنائه باسماء بقيه الخلفاء الراشدين، ابي بكر وعمر وعثمان. والامام الصادق، امام الشيعه السادس، سمي ابنته عائشه، وقبرها موضع اجلال كبير في القاهره. لكن من المستحيل ان نجد شيعيا واحدا في زماننا يستخدم هذه الاسماء. وفي حادث غريب، يروي الشاعر الايراني الكبير، عبيد زاكاني، انه تعرض للضرب علي يد متطرف شيعي بسبب اسمه، عمران. ويقول كانت الناس دائما ما تهاجمني قائلين «اسمك عمر مع الف ونون عثمان».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل