المحتوى الرئيسى

لنظل نلعب (27) | النمر المقنع، والبندقية!

09/07 15:32

التضحيات هي جزء من القدر، ولا نمتلك المقدره علي تحديد اذا ما كنا نحن من نصنع القدر بايدينا او انه هو من يقودنا. اعتقد ان الاجابه الصحيحه تقع في منتصف الطريق. التنازل والتضحيه ليست اموراً تلقائيه، هي امور ذات ثمن ندفعه. بعد السنه الاولي في بادوفا كنت اريد العوده الي المنزل، في داخلي كنت العب "دون ان العب"، الامور كانت تجري بشكل معقد اكثر من الماضي، ولكنني ايقنت واجبي بان اتبع حلمي حتي النهايه، وانه من الخطا الانسحاب. اذكر عندما كانت امي تخشي ان يفوتني القطار ويتركني في المحطه، وكانت تكرر تنبيهاتها بان اكون يقظاً لتبديل القطار في ميسرتي، وبالرغم من اني في الثالثه عشر من سني، كنت اتمكن من تدبّر هذه الامور. عندها اصبحت انا من ينبهها، وبعد مرور عام اخبرتها بان لا داعي ان ترافقني الي المحطه بعد اليوم، فالتكلفه كانت مضاعفه، وانا قد اتمكن من السفر وحدي.

 التضحيات والتنازلات تسرع من نموك،كما ان السفر وحيداً امر جميل، كنت دائما اجلس قرب النافذه واشاهد البلده والريف، كنت اعرف كل المحطات، وكنت افرح عندما اصعد في القطار المدني لانه كان يتوقف في محطتين فقط، تريفيزو و ميستري. كان القطار في تلك الفتره يمر باستاد تيني في تريفيزو، وفي تلك الاثناء كنت ابدا احلم، كانت بالفعل كان مكاناً رائعا، مختلف عن الريف الاعتيادي، وهكذا كانت تزداد رغبتي بان اصبح لاعب كرة قدم، كانت دفعهً اضافيه لي.

يسالونني احياناً اذا ما كان من الصواب ان يتنازل ابنائي عن شيءٍ ما، واذا ما كان هذا يحسّن من نضجهم. اشعر ببعض الحيره، اعرف ان بعض الرفض امر ضروري من منطلق تثقيفي، وفي نفس الوقت اتذكر كم كنت ارغب بما لا املك ايام الطفوله، واذا ما كسر ابني لعبته ساود ان اشتري له واحده في الحال. من الصعب ايجاد هذا التوازن، احياناً الغريزه لا تساعد، ولكنني علي يقين بان كثره الاشياء تفقدها من قيمتها. كم اود لو ان ابنائي يفهمون معني "لا" و "نعم"، وان يوقنوا باني اذا ما قدمت لهم هديهً فهي ليست لاني اريد اعطاءهم، بس لاني احبهم. تلك الفروق دقيقه جداً، والبساطه هي دائماً فوز عظيم.

 احب ان اشاهد ولدي توبياس وهو يلعب بالسيارات، ياخذها وياتي بها ويحركها ويوقفها ويجعلها تجري. يمضي ساعات بهذا الحال، واحاول الا ازعجه في هذه الاوقات الساحره.  انا ايضاً كنت احب ان العب وحدي بسيارات اخي. هي صفه ذاتيه اعتقد انني زرعتها في نفسي في حياتي، احب ان اصطحب نفسي لوقتٍ خاص بي، ربما لمشاهده فيلم او قراءه شيءٍ ما، او لان افكر واتامل قليلاً. احب ايضاً ان اعمل في المنزل، مستذكراً والدي الذي كان محترفاً في هذه الامور. اتقن بعض الاعمإل آلصغيره واستمتع بها. بطبعي "بيتوتي" بعض الشيء، احب ان ابقي في المنزل، علي رغم من حبي للسفر، وهذه الصفه نشات ايضاً في ابنائي.

البطل لا محاله يتنازل عن بعض خصوصيات الحياه، انا كنت ارغب بهذا كله، وسيكون من النفاق لو قلت باني لا يعجبني ان يعرفني الناس في الشارع. ولكن في بعض الاحيان لا بد من الابتعاد بحثاً عن مكين ناءٍ بعيد هادئ، وهذا امر صعب. منذ سنين وانا وزوجتي نشترك في مهرجان فينيتسيا، حيث بالاقنعه علي وجوهنا نكف لبعض الوقت عن ان نكون ال ديل بييرو. ان تتجول في الشوارع بقناعٍ يغطي وجهك، ان تجلس في مقهي في منتصف ميدان سان مارينو بين الفي شخص جميعهم مقنعون هي تجربه ساحره. ولكن قبل بضع سنين حدث حادث اكثر تميزاً.

انا شغوف بالمصارعه ولوقتٍ طويل تابعت التلفاز ببرنامج النمر المقنع، او الرجل النمر، هي شخصية محارب ياباني كما يعرف الجميع. منذ الطفوله كنت اشاهده رفقه والدتي التي كانت توبخني بحجه ان المشاهد فيه تحوي عنف، رغم انه كان من الواضح جداً انهم يمثلون. النمر المقنع كان يعجبني لحركاته وشقلباته. بعد سنين طوال، صار هذا الامر معروفاً في اليابان، وخلال سفر رفقه المنتخب قابلت الرجل المقنع بشخصه، اهديته قميصي ومنحني هو قناعاً اصلياً له، جميل جداً، اسود ومصرع بالذهب. في تلك السنه فكرت ان استعملها عندما اخرج للمهرجان التنكري في فينيتسيا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل