المحتوى الرئيسى

أيها الرجل انتبه فأنت في خطر!

08/23 19:09

كثيره هي الافكار الخاطئه المنتشره في مجتمعاتنا العربيه عموماً ومجتمعنا السعودي خصوصاً حول المسائل المتعلقه بالوراثه. وحيث ان علم الوراثه البشريه هو صميم اختصاصي فساسلط الضوء علي معلومه في غايه الاهميه.

لعل الكثير يعلم الان العلاقه الطرديه بين سن الام عند الانجاب والاصابه بمتلازمة داون. صحيح ان معظم اطفال متلازمه داون يولدون لامهات صغار في السن ولكن ذلك ببساطه لان معظم الولادات تكون لامهات صغار في السن. لتقريب المعلومه، لنفترض جدلاً ان نسبه الوفاه في حالة اصطدام الطائره 100%، في حين ان النسبه هي 5% في اصطدام السياره، هل هذا يعني ان معظم وفيات العالم هي بسبب اصطدام الطائرات؟ الجواب طبعاً هو لا. والسبب ان معدل اصطدام السيارات هو اعلي بكثير وهذا ما يجعلها احد الاسباب الاولي للوفاه وبالذات في مجتمعنا الذي طار صيته السيئ في سجل السلامه المروريه.

علي كل حال، الشاهد هنا هو ان المجتمع تقبل تدريجيا فكره العلاقه بين سن الام ومتلازمه داون (للتوضيح فان سن الام له ايضاً علاقه وثيقه بكثير من الاضطرابات الصبغية الاخري وليس فقط متلازمه داون) وهذا يضع المراه تحت ضغط نفسي كبير فعمر الاخصاب عند المراه محدود اصلاً بسن انقطاع الطمث فكيف اذا طرحت منه سنين ما بعد الخامسه والثلاثين وهو السن الذي تبدا بعده الزياده الملحوظه في الاضطرابات الصبغيه؟ بطبيعه الحال مجتمعاتنا الذكوريه لا تهتم كثيراً لهذا الموضوع بل ان هذه المعلومه ترسخ الاقتناع الخاطئ بفوقيه الرجال وانهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

لكن، تمهل قليلاً ايها الرجل فهناك مشكله كبيره تلوح في الافق منذ زمن وتمكن العلم الان من اثباتها بالبرهان القاطع ينبغي ان تجعلك تعيد النظر في تصورك الخاطئ لصلاحيتك للانجاب الصحي طوال العمر.\nكانت الشكوك تحوم ومنذ زمن حول وجود علاقه بين عمر الاب عند الانجاب وحصول طفرات مرضيه عند الاولاد ذكوراً كانوا ام اناثاً، ودعمت هذه الفرضيه الكثير من الدراسات المسحيه، كما ان المنطق ايضاً يدعم هذه الفرضيه، لماذا؟ لان انتاج الحيوانات المنوية عند الذكر هي عمليه مستمره منذ البلوغ وحتي الوفاه في تناقض صارخ لما عليه الحال عند الانثي التي يتوقف انتاج البويضات لديها وهي لا زالت في بطن امها (اعني ان عدد البويضات عن الانثي يكتمل وهي لازالت جنيناً ويقتصر الامر عندها علي افراز احدي هذه البويضات مره في الشهر بعد البلوغ)! ولان الانقسام المتكرر للخليه دائماً ما يشكل مصدر خطر في حدوث طفره فلا عجب ان يكون الحيوان المنوي عند رجل ستيني اكثر عرضه لحصول طفره منه عند رجل ثلاثيني وهذه الطفره يمكن ان تصيب مورثه هامه وتؤدي الي افسادها ومن ثم يولد الطفل مصابه بعاهه ما.

طبعاً، لم تابه مجتمعات العالم كثيراً بهذه المعلومه وظل الرجل مزهواً بانه يمثل الجنس القادر علي انجاب اطفال اصحاء مهما بلغ من العمر عتياً وذلك لانها كانت مجرد فرضيه ولم يتمكن احد من ترجمتها الي ارقام يمكن ان تؤثر علي سلوك الاخصاب عند الرجال كما هو الحال في النساء. وهنا مربط الفرس، فقد تمكن فريق بحثي من ايسلاندا اخيراً في دراسه نشرت في الثالث والعشرين من اغسطس في مجله "نيتشر" الشهيره من اضفاء "الشرعيه" علي الفرضيه المذكوره انفاً بل وترجمتها الي ارقام مبنيه علي فحص التسلسل الجيني الكامل للعديد من الاباء والامهات وابنائهم وبناتهم وكانت النتيجه مذهله (ويمكن ان تكون مفزعه للبعض) بالفعل فاليك عزيزي القارئ بعض النتائج. 97% من معدل التباين في الطفرات الجديده في المجتمعات مصدره تقادم العمر عند الرجال! والادهي من ذلك هو الرقم التالي: كل سنه يكبر فيها الرجل بعد البلوغ تكون مصحوبه بطفرتين! بمعني اخر فان الحيوان المنوي الذي تنتجه في سن الثلاثين يحتوي في المتوسط علي 20 طفره اضافيه لم تكن في الحيوان المنوي الذي انتجته في سن العشرين! المثير جداً في هذه الدراسه ان النتائج يمكن ان توصلنا للمره الاولي لفهم الزياده الغامضه في معدل الاصابه بمرض التوحد حول العالم فالابحاث في السنوات الخمس الاخيره تظهر بوضوح ان نسبه عاليه من مرضي التوحد لديهم طفرات جديده ليست موجوده في دم الام او الاب، ومن ثم فان نتائج هذه الدراسه تسلط الضوء علي ان كثيراً من هذه الطفرات هي طفرات طرات علي الحيوان المنوي مما يفسر عدم وجودها في دم الام او الاب ونظراً لان سن الانجاب عند الذكور في ازدياد مطرد لتغير ظروف المجتمعات عما كان عليه الوضع في السابق (علي الشاب الان ان "يكون نفسه" كما يقال لسنين عديده) فان من الوارد جداً ان يلعب هذا دوراً هاماً في زياده الاصابه بمرض التوحد.

ولكن وبغض النظر عن هذه النقطه تحديداً فان لدي الرجال الان دليلاً قاطعاً علي انهم ليسوا بمناي عن مساوئ تقدم العمر بل ان وضعهم اكثر حرجاً من النساء، لماذا؟ السبب الاول ان زياده الاضطرابات الصبغيه عند النساء تزداد بشكل ملحوظ في اواخر الثلاثينات فقط فبنت الثلاثين مثلاً لديها تقريباً نسبه الاصابه نفسها مقارنه ببنت العشرين، اما الرجل فقد اثبت البحث الاخير ان النسبه تزداد في كل سنه منذ البلوغ وان كانت تتدهور اكثر بكثير في السن المتقدمه جداً. السبب الثاني هو ان الاضطرابات الصبغيه يمكن اكتشافها بشكل مبكر اثناء الحمل (حتي قبل نفخ الروح بحسب كثير من فقهاء الدين الاسلامي) ما ييسر للوالدين اتخاذ قرار الاجهاض الطبي في حين ان الطفرات الطارئه الناجمه من تقادم عمر الرجل فعمليه الكشف عنها اثناء الحمل لاتزال تشكل عائقاً تقنياً كبيراً وان كنت متفائلاً بحلها في السنوات القليله القادمه. يظهر ان المراه التي ظلت لسنين تنظر الي اوراق التقويم وتفكر ملياً كم بقي لها من السنين لتنجب طفلاً صحيحاً صار لها شريك في هذا الهاجس!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل