المحتوى الرئيسى

علي محمود .. الوضع مختلف .. والإشارات قبيحة

08/18 14:38

حزنت كثيراً لرساله وصلتني من قارئ يبدو انها خاصه بشان مقال الامس حول ادب الاقاله والاستقاله عند السودانيين، واتهمني كاتب الرساله بالعنصريه والجهويه، لانني لم اذكر وزير المالية الدكتور علي محمود ضمن الوزراء الذين كان ينبغي ان يستقيلوا او يقالوا بعد ان خفض البرلمان سعره لجالوني البنزين والجازولين جنيهاً لكلٍ، عقاباً علي اعلان الزيادات قبل عرضةا علي البرلمان، وقال كاتب الرساله انني تجاوزت واقعه علي محمود لانه «غرباوي» وذكرت الاخرين من الوزراء الذين لا تختلف حالاتهم.

ومبعث الحزن ان هذا الرجل سار في ذات الطريق الذي يسير فيه اخرون من الموبوئين بادواء العنصريه والجهويه، وهو لو لم يكن كذلك، لما خطر علي باله هذا التفكير، فلو ان هذا الرجل يعرفني تماماً كما زعم، لما قال بما قال، فليس علي المستوي الشخصي وحده، وانما علي مستوي اسرتنا كلها، تذوب الانتماءات القبليه تماماً، حيث ان ابناء جدنا الامير النور عنقره الثلاثه بعد المائه من سبع وسبعين امراه من كافه قبائل السودان في الشمال والغرب والجنوب والشرق، والامير نفسه الذي يعود نسبه الي البديريه الدهمشيه، يحمل شلوخ الشايقيه، ويتحدث الدنقلاويه، وبناته زوجهن الي رجال من قبائل شتي من قبائل السودان المختلفه، فمن كل قبيله لديَّ ابناء عمومه اعتز بهم واحترمهم.

و«الغرباويه» التي جمعني فيها الرجل مع وزير الماليه علي محمود. عودي فيها عود امراه، وبمنطق العنصريين الجدد في السودان فان عود المراه لا قيمه له، ولو كانوا مقسطين في ذلك لما وصلوا الي ما وصلوا اليه من حالة نتنه، فالمراه هي التي تجمع اهل السودان، حيث ان كل الهجرات والغزوات التي اصابت السودان، وصار الناس يفاخرون اليوم بالانتماء اليها، كلها هجرات ذكور - سواء اكانوا من المبشرين بالدعوه الاسلاميه او التجار او الغزاه او الفارّين - اما الامهات فهن من نساء النوبه والزنوج المقيمين في هذه الديار، ومن الغرائب ان بعض السودانيين - رغم احتقارهم لحصه المراه في دمائهم - يعلون من شان امراه واحده، ليس لمكانها السامي في الدنيا والآخرة معاً، ولكن لانها الطريق الوحيد الذي يصل به نسبهم الي الشجره النبويه الشريفه، انها السيده فاطمة الزهراء عليها رضوان الله ورحمته.

ويبدو ان كثير من اهل السودان لا يستوعبون حال هذا البلد، ولا التحديات التي تواجهه، لاسيما بعد انفصال الجنوب، فصاروا يحيون نعرات منكره، واذكر قبل ايام كنتُ في مجلس رفيع قال فيه احد الحاضرين ان السودان وضعه صار خطيراً، اذ ان اهل الغرب صاروا ضعف اهل الشمال والشرق والوسط، وهذا فهم غريب، ويبدو ان صاحب الرساله انطلق من هذا الفهم، والذي ساءني اكثر من حديث الرجل ان واحداً من الحاضرين لم يستنكره، فاقره بعضهم، وصمت الاخرون عن التعليق، ولم يستغربه احد.

وهذا امر خطير، يحتاج الي وقفه قويه، حتي لا يستفحل الداء، ويقود الي فتنه اكبر من ايه فتنه تعرض لها السودان، بما في ذلك تلك التي ادت الي انفصال الجنوب عن الشمال.

وحاله وزير الماليه الدكتور علي محمود لم اذكرها فقط لانها تختلف عن هذه الحالات تماماً، فالوزراء الذين اشرت اليهم حالاتهم فرديه، وقراراتهم ذاتيه، لا تسندهم ايه مؤسسه ولا مرجعيه، ويستوي في ذلك قرار المتعافي تعيين خضر جبريل، وقرار عثمان عمر الشريف القاضي فك حظر السيارات المستعمله، وقرار اسامه عبدالله زياده سعر الكهرباء، اما علي محمود، فان قرار الزياده هو قرار اجازته كل مؤسسات الحزب ومجلس الوزراء وكذلك البرلمان، وبالنسبه لتطبيق الزياده قبل عرضها علي البرلمان، فلقد فعل ذلك بالتشاور مع النائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه، ورئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر، وقرار البرلمان تخفيض جنيه لم يكن رفضاً للزياده بقدر ما هو تاكيد علي سلطه البرلمان.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل