المحتوى الرئيسى

'نائلة بنت الفرافصة'..الصامدة التي حوت رأس عثمان في حجرها

08/13 21:16

عندما اشتدت المحنه علي عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- واُحْكِمَ عليه الحصار، صمدت معه، وتلقت عنه ضربات السيوف قبل ان تصل اليه، وما ان القي الرجال بحبالهم علي اسوار منزله، ودخلوا عليه حتي اسرعت تنشر شَعْرَها، فقال عثمان: خذي خمارك فان حُرْمه شَعْركِ، اعظم عندي من دخولهم علي.

وحين هجم عليه احدهم وهوي عليه بسيفه تلقت السيف بيدها فقطعت اناملها، فصرخت علي رباح غلام عثمان، فاسرع نحو الرجل فقتله، وبينما كانت تهرع لامساك سيف رجل ثانٍ لكن الرجل تمكن من ان يقطع اصابع يدها الاخري وهو يدخل السيف في بطن عثمان ليقتله.

وحين هموا بقطع راسه القت عليه بنفسها الا انهم لم يرحموا ضعفها، ولم يعرفوا لعثمان قدره، فحزوا راسه، ومثَّلوا به، فصاحت والدم يسيل من اطرافها: ان امير المؤمنين قد قُتل. ان امير المؤمنين قد قُتِل. ثم دخل رجل عقب مقتل عثمان، فاذا راسه في حجرها.

فقال لها: اكشفي عن وجهه. قالت: ولِمَ؟ قال الرجل: الِطم حُرَّ وجهه فقد اقسمت بذلك. فقالت: اما ترضي ما قـال فيـه رسول اللَّه (، قال فيه كذا وكذا. فقال: اكشفي عن وجهه. ثم هجم عليها فلطم وجه عثمان، فدعت عليه قائله: يبَّس اللَّه يدك، واعمي بصرك. فلم يخرج الرجل من الباب الا وقد يبست يداه، وعمي بصره.

وتُركت جثه عثمان في مكانها دون ان يجرؤ احد علي تجهيزه ودفنه، فارسلت الي حويطب بن عبد العزي وجبير بن مطعم، وابي جهم بن حذيفه، وحكيم بن حزام، ليُجَهِّزُوا عثمان، فقالوا: لا نقدر ان نخرج به نهارًا.

وحين حلّ الظلام خرجوا به بين المغرب والعشاء نحو البقيع، وهي تتقدمهم بسراج ينير لهم وحشه الظلام حتي تم دفنه بعد ان صلي عليه جبير بن مطعم وجماعه من المسلمين,ثم قالت ترثيه:ومالي لا اَبْكي واُبكـي قرابتي وقد ذهبتْ عنا فضول ابي عَمْرِو.

وبعد ان دُفن عثمان -رضي الله عنه- خطبت نائله -رضي الله عنها- في المسلمين، فقالت: معاشر المؤمنين واهل اللَّه لا تستكثروا مقامي، ولا تستكثروا كلامي، فاني حزينه اُصِبْتُ بعظيم وتذوقت ثكلا من عثمان بن عفان ثالث الاركان من اصحاب رسول اللَّه (، فقد تراجع الناس في الشوري حين تقدم، فلم يتقدمه متقدم ولم يشك في فضله متاثم. ولم تكتف نائله بذلك بل ارسلت الي معاويه بكتاب مرفق معه قميص عثمان ممزقًا مليئًا بالدماء، وعقدت في زر القميص خصله من شعر لحيته، قطعها احد قاتليه من ذقنه، وخمسه اصابع من اصابعها المقطوعه.

واوصت اليه ان يعلق كل اولئك في المسجد الجامع في دمشق، وان يقرا علي المجتمعين ذلك الكتاب، وكان بعض ما جاء فيه: الي معاوية بن أبى سفيان، اما بعد: فاني ادعوكم الي اللَّه الذي انعم عليكم وعلمكم الاسلام، وهداكم من الضلاله، وانقذكم من الكفر، ونصركم علي العدو، واسبغ عليكم نعمه ظاهره وباطنه، وانشدكم اللَّه واذكركم حقه وحق خليفته ان تنصروه بعزم اللَّه عليكم، فانه قال:( وَاِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَاَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَاِن بَغَتْ اِحْدَاهُمَا عَلَي الْاُخْرَي فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّي تَفِيءَ اِلَي اَمْرِ اللَّهِ فَاِن فَاءتْ فَاَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَاَقْسِطُوا اِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)[الحجرات: 9].

وقد اجتمع لسماعه خمسون الف شيخ يبكون تحت قميص عثمان واصابعها.

وعاشت نائله حافظه لذكري عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وظلتْ وفيه له، فلم تتزوج وكانت من اجمل النساء,وكلما جاءها خاطب رَدَّتْه، ولما تقدم معاويه -رضي الله عنه- لخطبتها اَبَتْ، وسالت النساء عما يعجب الخطاب فيها، فقلن: ثناياك (وكانت مليحه واملح ما فيها ثغرها) فخلعت ثناياها، وارسلت بهن الي معاويه، وحين سُئلت عما صنعتْ، قالت: حتي لا يطمع في الرجال بعد عثمان-رضي الله عنه-.

تلك هي "نائلة بنت الفرافصة بن الاحوص"رمز الشجاعه والصبر والصمود، ذات الادب والبلاغه والفصاحه، تزوجها عثمان بن عفان-رضي اللَّه عنه- فكانت له زوجه مخلصه وفيه ومطيعه، وكان عثمان يستشيرها دائمًا لسداد رايها، وقد حظيت في بيته بمكانه كبيره.

وقد زوجّها له اخوها ضب، وحملها الي عثمان في المدينه، وكان مسلمًا وكان ابوها نصرانيَّا، وقد تزوجها عثمان وهي نصرانيه، وقبيلتها - قبيله كلب - كلها يومئذ نصاري.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل