المحتوى الرئيسى

التراث العالمي في شرق ألمانيا - من فايمار إلى باد موسكاو

08/12 09:27

نبدا رحلتنا من مدينه فايمار في ولايه تورينغن، هذه المدينة التي التصق اسمها باسم اباء الأدب الألماني يوهان فولفغانغ فون غوته وفريدريك شيلر. لقد ابدع الاثنان في هذه المدينه مع مطلع القرن التاسع عشر وقدموا نتاجاً ادبياً صار من كلاسيكيات الادب العالمي. مثال علي ذلك مسرحيه غوته الشهيره "فاوست" والتي تعتبر بتقدير معظم نقاد الادب، العمل الابرز له. اما شيلر فكتب في هذه المدينه مسرحيه "ماري ستيوارت" ايضاً، والتي تعتبر الي جانب "فاوست" من اهم المنجزات في الادب الالماني.

الاديبان الكبيران مجّدا التراث القديم عند اليونان والرومان علي حد سواء، وكانوا يرون في هذه الادبيات الكمإل ألاخلاقي والمثل الاعلي الذي يتوحد به الجمال مع الحقيقه. والجدير بالذكر ان كلاهما وظف اعماله من اجل تثقيف الناس بهذا الاتجاه.

تعد "مدينه فايمار الكلاسيكيه"، كما يسميها البعض، معلماً من معالم التراث العالمي تم ادراجها وما فيها من مواقع مهمه مثل الاماكن التي ابدع بها الكاتبان الالمانيان غوته وشيلر اعمالهما الادبيه، ومكتبه الدوقه انا اماليا، وقصر المدينه، والمنتزه الممتد علي ضفاف نهر الايلم علي لائحه منظمة اليونسكو المعهوده عام 1998. في هذه الحديقه الكبيره علي ضفاف الايلم يمكن التجوال لمسافات طويله بين الاشجار القديمه والمروج الخضراء الواسعه الممتده حتي المبني الكلاسيكي الذي شُيّد علي طراز المعابد الرومانيه والذي يسمي هنا بـ"البيت الروماني". ويقع بمقابل هذا البيت منزل غوته والحديقه المحيطه به، حيث عاش غوته هناك فتره طويله مع زوجته كريستيانه فولبيوس.

وبالقرب من هذا المنتزه يقع مركز حركه الـ"باوهاوس" الذي تحول الي جامعه مهمه وشهيره في العالم. وقد ادرجتها منظمه اليونسكو عام 1996 علي لائحه كنوز التراث العالمي ايضاً. والجدير بالذكر ان الفنان المعماري فالتر غروبيوس قد اسس جامعه الـ"باوهاوس" للفنون المعماريه والديكور والتصاميم الفنيه في فايمر عام 1919. ويعتبر المبني الرئيسي لهذه الجامعه الي جانب مبني كلية الفنون التطبيقية ومبني "هاوس ام هورن" الذي شيد عام 1923 بمناسبه اول معرض لهذه الحركه الفنيه، خير دليل علي الفن المعماري ألحديث الذي عُرف لاحقاً في العالم باسره تحت اسم حركه الـ"باوهاوس".

علي بعد ساعتين من فايمر تنتظرنا حديقه "ديساو فورليتس". هذه الحديقه مشيده علي الطراز الكلاسيكي القديم، حيث تحتوي علي مناظر طبيعيه تعبر عن فن معماري رفيع في عالم تصاميم الحدائق. وقد اُدرجت هذه الحديقه علي لائحه كنوز التراث العالمي عام 2000.

تحتوي هذه الحديقه الكبيره علي سبعه من الحدائق الصغيره وعلي سته قصور وبحيره تدعي بحيره فورليتس، ويستطيع الزائر ان يتنزه بين هذه القصور الموزعه في عده مواقع، او ان يركب القارب ويطوف علي مياه بحيره "فورليتس".

 ويذكر ان مهندس الحدائق فريدريك فيلهلم فون اردمانسدورف قد صمم هذا المنتزه للامير فرانس فون انهالت ديساو. ويكتشف زائر هذه الحديقه الكبيره في كل زاويه بدعه معماريه بميزه خاصه، مثال علي ذلك معبد الحديقه الذي شُيّد من اجل الآلهة الرومانية فينوس، عدا عن وجود جميع انواع الجسور داخل هذا المنتزه وبتصاميم مختلفه، منها جسور بسيطه كجذع شجره واخري مصنوعه من الخشب او من الحديد الصلب، ولكن قصر فورليتس الذي شيد عام 1769 يبقي الاكثر رونقاً من حيث الشكل المعماري في كل المنشاه. والجدير بالذكر ان هذا القصر يعد بمثابه بدايه عصر العماره الكلاسيكيه في المانيا.

ويذكر ان هذا المنتزه كان مفتوحاً امام كل المواطنين علي حد سواء وقد اراد الامير بذلك ان يهذب ذوق مواطنيه ويصقل معرفتهم. واليوم يستطيع اي من الزوار ان يبيت في احدي مباني المنتزه التاريخيه. ويذكر ايضاً ان غوته تغزل يوماً بمنتزه حديقه فورليتس ديساو حيث قال: "هنا يسكن الجمال الي الابد".

قصر سانسوسي في مدينه بوتسدام

 لا تقل حديقه سانسوسي وقصرها في مدينه بوتسدام جمالاً عن منتزه حديقه فورليتس ديساو والجدير بالذكر ان المعني الفرنسي لتسميه سانسوسي هو "دون هم" وقد شُيّدت هذه الحديقه الضخمه وقصرها  في عام 1745 من اجل ان يقضي الملك فريدريك الثاني، او كما كان معروف تحت اسم فريدريك الكبير، وقت الصيف هناك بعيداً عن مشاغل الدوله والحكم ولكن قريباً من عاصمه حكمه برلين.

وتعتبر المعالم الموزعه علي خمسمائه هيكتار والتي تضم حدائق ومساحات خضراء وقصر سانسوسي وكنيسه ساكروفر وحديقه بابلسبيرغ وقصر غلينينر وجزيره الطاووس في مدينه برلين المجاوره من اهم معالم المدينتين. ولكن قصر سانسوسي يعتبر اقدم جزء من كنوز التراث العالمي في برلين وبوتسدام علي السواء. لقد ترك الكثير من مهندسي تصاميم الحدائق بصماتهم الفنيه في اقليم بروسيا الالماني من خلال تصاميمهم المعماريه، واشهرهم يعتبر "بيتر جوزيف لينيه" الذي صمم الكثير من الحدائق منذ عام 1818 ولمده نصف قرن علي التوالي.

واذا اتجهنا بالقافله الي جنوب شرق بوتسدام نصل بعد ساعتين الي مدينه باد موسكاو الواقعه علي الحدود الالمانيه البولنديه. هناك يقبع اكبر منتزه في وسط اوروبا، هذا المنتزه شيده الامير بوكلر موسكاو عام 1815 علي الطراز الانجليزي. ويذكر ان الامير قد امر بتصميم المنتزه علي اسس ومفاهيم التصاميم المعماريه في العصور القديمه، وخاصه علي اساس المفهوم التالي الذي كان سائداً انذاك: "ان الحديقه يجب ان تكون بمثابه الجنه".

واصر الامير علي ان تبدو المناظر الخضراء طبيعيه قدر الامكان. وفي الحقيقه ان الزائر لهذه الحديقه الكبيره لا يشعر بانه في حديقه مصممه ومشيده حسب الرغبه الانسانيه وانما طبيعيه كما خلقها الباري. وقد ادرجتها منظمه اليونسكو عام 2004 علي لائحة التراث العالمي.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل