مسلسل عمر بن الخطاب .. مسلسل فاشل بامتياز ومغالطات تاريخية

رغم التمويل الضخم والحشد الكبير من الممثلين الا انني صدمت بالمستوي المتدني للمسلسل من حيث الاخراج والحوار والسرد التاريخي المهلهل واختلاق مواقف وحوارات لا اساس لها في التاريخ الإسلامي وانما هي من وحي خيال المؤلف وليد سيف وصدمتي الثانيه كانت في المخرج حاتم علي .. فاسمه كان كافيا كي يجعلني اتفرغ لمشاهده اي عمل درامي من اخراجه فهو مخرج الروائع التلفزيونيه مثل الملك فاروق والزير سالم وعند مسلسل عمر شعرت بغياب حاتم علي وانتابني شعور طوال الحلقات الماضيه ان مخرجا هاويا قام بهذا العمل.

نبدا بالمؤلف وليد سيف صاحب الخبره في المسلسلات التلفزيونية خاصه الاندلسيه والتغريبه الفلسطينيه فقد اختلق حوارات بين بلال بن رباح ووحشي قاتل سيد الشهداء حمزه لا اساس لها من الصحه تاريخيا واعطاها حيزا كبيرا في محاوله للتعريف بدوافع العبيد " الرقيق" للدخول في الاسلام .

وبعد مشاهده 21 حلقه من مسلسل عمر كان الغائب الوحيد في المسلسل هو عمر بن الخطاب .. شخصيه هامشيه لاعلاقه لها بما يدور حوله سوي رجل يحمل عصا ويتجول في الاسواق بلا اي دور يذكر باستثناء حادثه دخوله في الاسلام وبعض المداخلات الهامشيه في حرب المشركين للدعوه الاسلاميه في بدايتها .

اما شخصيه عمر في المسلسل فهي مخالفه تماما لما ورد في الروايات التاريخيه شكلا ومضمونا ..فقد رسمها المخرج شخصيه بلا ملامح باهته هامشيه واختيار الممثل الذي جسد شخصيه عمر كان قمه الفشل.. والصحابه لاوجود حقيقي لهم ..علي بن ابى طالب هامشي جعله المخرج مثل الكومبارس وعثمان بلا ادني دور وتجاهل لدوره الريادي في الاسلام اما ابو بكر فقد كان الاوفر حظا في المسلسل من حيث الظهور ودوره كخليفه كان مقنعا الي حد ما شكلا وموضوعا حسب الروايات التاريخيه .

الروايات التاريخيه الاسلاميه الموثوقه تؤكد ان شخصيه عمر لم تكن ابدا علي النحو الذي قدمه الكاتب وليد سيف والمخرج حاتم علي من حيث تكوينه الجسماني وصوته وسلوكه وشدته وصلابته وفروسيته فقد كان لدي العرب في الجاهليه ثلاثه لايشق لهم غبار ولا ينازلهم فارس وهم خالد بن الوليد وعمر بن الخطاب وحمزه بن عبد المطلب ثم لحق بهم علي بن ابي طالب " لصغر سنه في الجاهليه" والقعقاع بن عمر التميمي وقد فشل المخرج فشلا ذريعا في رسم صوره لهؤلاء اقرب الي الحقيقه .. فقد اظهرهم جميعا شخصيات باهته ضعيفه هزيله لاحول لهم ولا قوه.

اما قصه اظهار شخصيه عمر علي الشاشه والتي اقرها علماء المسلمين السته وعلي راسهم الشيخ يوسف القرضاوي فانا واثق ان اي من العلماء السته لم يقرا سيناريو المسلسل وانما عرض عليهم ملخص واجازوه بناء علي ذلك ولوا قراوا السيناريو لاوقفوا عرض المسلسل ولكنهم حتما شاهدوا المسلسل وكنت اتمني ان يخرج اي عالم منهم ليقول :"ليس هذا النص الذي وافقنا عليه ".

والفضيحه الكبري ان اشتراط علماء المسلمين السته بان يمثل شخصيه عمر ممثل جديد لم يسبق له التمثيل في مسلسلات او افلام وان لا يمثل بعد مسلسل عمر اي عمل لمده 5 سنوات .. هذا جميل ولكن لماذا لم يوضع نفس الشرط علي من مثل شخصيات علي وعثمان وابو بكر لماذا ميزوا عمر عنهم فقد اختار المخرج ممثلا لدور علي اي كلام وحتي شخصيه علي التي اعتمدها المخرج وللاسف الشديد بناء علي صوره علي بن ابي طالب التي رسمها الشيعه وهي موجوده علي النت ليطابقها في دور علي وهي صوره غير حقيقيه ولاتمت للواقع بصله فقد كان علي ذو باس شديد وهل كان من ادي دور علي يستطيع علي الاقل شكلا ان يقتلع باب حصن خيبر بيديه ويحمله ترسا لمواجهه يهود خيبر . والروايات الاسلاميه تقول ان علي كان مفتول العضلات بطينا اي ممتليء الجسم اصلعا ولم يكن نحيلا ضعيفا كما ظهر علي الشاشه .

واما ما هو ادهي وامر فهو غياب رسول الله صلي الله عليه وسلم من المسلسل نهائيا لااثر له وكان القصه كلها تدور بين كفار ومسلمين بلا نبي فلم نسمع كلمه واحده نطق بها رسول الله علي لسان راوي كما يحصل في كل الاعمال الاسلاميه التاريخيه "وهي عباره يقول رسول الله ....".

لقد نجح مسلسل القعقاع بن عمرو التميمي نجاحا باهرا فالماده التاريخيه التي تتعلق بالقعقاع ضئيله ولكن المخرج استطاع ان يجعله محورا للعمل التلفزيوني لثلاثين حلقه ولم تشعر بغيابه كما يحصل الان مع عمر بن الخطاب . وعندما اظهر مخرج مسلسل القعقاع بن عمرو التميمي الخلفاء الراشدين اظهرهم من الخلف ولم نر وجوههم الكريمه وكان صوتهم مقنعا جدا وحديثهم اكثر اقناعا واداء رائع بصوت الممثل محمود سعيد .

حاتم علي ارتكب اثما كبيرا بهذا العمل فهنالك اطفال ومستويات ثقافيه متنوعه تشاهد المسلسل وليس كل المشاهدين لديهم القدره او الاستعداد للبحث في الروايات التاريخيه للمقارنه وقد رسخ في ذهن جيل جديد شخصيه باهته ضعيفه هامشيه لعمر بن الخطاب وهذه جريمه كبري ارتكبها حاتم علي ووليد سيف وام بي سي وتلفزيون قطر والعلماء السته الذين اجازوا العمل .

انظروا للافلام والمسلسلات التاريخيه الاوربيه كيف ينفق عليها عشرات الملايين وكيف يظهرون ابطالهم التاريخيين بصوره رائعه ومقنعه للطفل الاوروبي مثل الاسكندر واخيل في حصان طرواده وغير ذلك .

وانظروا لا بطال التاريخ الاسلامي كيف نظهرهم مثل صلاح الدين الايوبي وعمر وعلي وحمزه وخالد بن الوليد.

لقد وصل الامر بمسلسل مصري قبل سنوات ان يصور صلاح الدين الايوبي حاملا ورده ويتنطط لحبيبته ويقفز عن سور القصر ووصل الامر بمسلسل اخر عن هارون الرشيد ان يختلق المؤلف قصه كاذبه بوجود ابن ثالث لهارون الرشيد غير الامين والمامون من اجل اطاله الحلقات وان يروي وليد سيف في مسلسل ربيع قرطبه قصه محمد بن ابي عامر لثلاثين حلقه بغراميات وقصص حب وفي الحلقه الثلاثين يكتب المؤلف عباره :" خاض محمد بن ابي عامر 39 حربا ضد الفرنجه في الاندلس ولم يهزم في اي معركه قط "..بدل ان يكون المسلسل عن حروب محمد بن ابي عامر وتثبيت الدولة الاسلامية في الاندلس اختلق قصصا غراميه نسجها من خياله ليحول تاريخ هذا القائد المسلم الي قصه شبيهه بزهره وازواجها الخمسه وغراميات غاده عبدالرازق .

ثم عندما يكتب كاتب مستشرق كلمه عن تاريخنا تنتفض كل الاقلام لتذود عن الاسلام والجميع يعلنها "طاب الموت ياعرب".. وتخرس كل الاقلام عن هذا التشويه لتاريخنا رغم ان كلام المستشرقين لا يقراه الا فئه محدده وتاثيره محدود للغايه اما المسلسلات التاريخيه الاسلاميه فهي تدمير مبرمج لعقل جيل كامل عندما يقرا الان عن تاريخ عمر سيتبادر الي ذهنه فورا تلك الشخصية في مسلسل عمر فيستخف بما يقراه لان الصوره هي الاكثر تاثيرا .

لنقارن بين مسلسل عمر وفيلم الرساله للمخرج السوري العالمي مصطفي العقاد .. كان عملا من روائع السينما وقارنوا بالله عليكم بين مشهد ملك الحبشه في مسلسل عمر وفيلم الرساله .. كان ملك الحبشه في مسلسل عمر مهزله مثل الاراجوز .. هل كان ملك الحبشه النجاشي علي النحو الذي قدمه مسلسل عمر غير اختلاق قصص لا اساس لها في مسلسل عمر . بحق كان مصطفي العقاد مخرجا للروائع القادم من هوليود واخرج فيلم عمر المختار اسد الصحراء . وقارنوا ايضا بين دور حمزه في فيلم الرساله الذي اداه الفنان المصري عبدالله غيث وانطوني كوين في النسخه الانكليزيه وبين حمزه في مسلسل عمر لا وجه للمقارنه.

حتي مسلسل خالد بن الوليد الذي ادي دور خالد الفنان السوري باسم ياخور كان اكثر اقناعا ونجاحا في تجسيد الدور .