المحتوى الرئيسى

عمر طاهر يكتب: زينب الكبرى

08/06 10:36

كانت لحظه صعبه عندما وقف امامها زوجها وابن خالتها ليقول لها انه لن يؤمن بابيها ولا رسالته.

بكت كما لم تبكِ من قبل، وانتفضت ساعه جاءتها الاخبار ان قريش تضغط علي ازواج بنات محمد ليطلقوهن، وان عتبه وعتيبه زوجيّ رقيه وام كلثوم استجابا للضغوط.

وقف ابو العاص زوجها امام الكعبه يتذكر الحب الذي كان يكبر منذ الطفوله مع كل زياره لبيت خالته خديجه. زينب الطفله التي كانت كعبته كلما رجع من السفر مع تجارته محملا بالشوق والحنين الي ابتسامتها العذبه، تذكر كيف غار منه شباب قريش عندما قبل به سيدنا النبي زوجًا لزينب.. وكيف انشغلت قريش بمعاتبه النبي لفتره، لايمانهم ان ابن العم اولي من ابن الخاله، تذكر «امامه» طفلتهما بقمصانها القصيره الملونه المبهجه.. مرت الصور امام عينيه سريعًا قبل ان يقولها صريحه لكل قريش «لا والله لا افارق صاحبتي ولا يعوضني عنها ان لي افضل امراه من قريش».

بدات بشائر حرب بدر بين المسلمين المستقرين في المدينه واهل قريش.

انتبهت زينب التي تركها اهلها وحيده في مكه، ولم يكن النبي قد فرقها عن زوجها بعد علي اصوات الجنود، ونظرت الي ابنتها «امامه» فتذكرت جيش المسلمين يقوده والدها، وجيش الكفار يقوده زوجها.. فقالت لها «لن تطلع علينا الشمس يا ابنتي في مثل يومنا هذا الا واحدانا يتيمه».

لم يكن ال «ابو العاص» ينقصهم المال ليفتدوا به ابنهم الذي اسره جيش محمد في بدر، لكن زينب اختارت ان تفك اسر زوجها بطريقتها.

وعندما جلس شقيق بن العاص بين يدي رسول الله قائلا «بعثتني زينب بهذا فداء لزوجها» ثم اخرج صره ووضعها بين يدي النبي، فتح سيدنا النبي الصره فوجد قلاده خديجه التي اهدتها لزينب في عرسها، فخفق قلبه وارتعش.. وجد ابنته بهذه القلاده تذكره بالحب الذي كان بينه وبين خديجه.. وجدها تذكره به حتي يُقدر عليه الصلاه والسلام السر وراء شفاعه بنت النبي لواحد من كفار قريش.. كانت تذكره بان ابن العاص زوج وحبيب وابن خاله.. كانت تُذكره بانه ليس من طرف زينب فقط ولكن من طرف خديجه حبيبته ايضًا.. كان الموقف مؤثرًا سالت دموع اصحاب الرسول من جلال الموقف وروعته.

صمت النبي قبل ان يقول لاصحابه.. ان رايتم ان تطلقوا لها اسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا.. ففعلوا.

في طريقها الي المدينه حسب وصيه ابيها لابي العاص تتبعها المشركون الذين قهرهم محمد في بدر.

كانت زينب حاملا، لحقها «هبار بن الاسود» فروعها بالرمح ونخس البعير، فالقي بصاحبته علي صخره، فطرحت جنينها علي اديم الصحراء، وظلت تنزف دمًا حتي وصلت الي يثرب وهي منهاره، فامتزجت مشاعر الفرح بقدومها بغضب الاب الرسول لابنته.

عاشت زينب في المدينه علي امل ان يهدي الله حبيبها للاسلام.

وفي ليله بينما سيدنا النبي يؤمّ المسلمين في صلاه الفجر، وقبل ان ينهي صلاته سمع صوتًا يقول «ايها الناس اني اجرت ابا العاص ابن الربيع».

كان يعرف انه صوت زينب فقال للمصلين «اما والذي نفس محمد بيده.. ما علمت بشيء من ذلك حتي سمعت ما سمعتم»، وصمت ثم قال «قد اجرنا من اجارت».

كان ابو العاص يقود قافله بتجاره قريش الي الشام وعند عودته التقته سريه من المسلمين فاصابوا كل ما معهم وهرب هو منهم وتسلل حتي وصل الي خيمه زينب التي ارتدّت اليها روحها وهي تراه يدخل عليها.

لم يعترض الرسول علي ان تجير ابنته ابا العاص، وقالت له «ان قرب فابن عم وان بعد فابو ولد واني قد اجرته»، فقال النبي «اكرمي مثواه ولا يقربك، فانك لا تحلين له».

نظرت زينب الي ابي العاص قائله « فيمَ هذا العذاب؟».

فقال «حتي يقضي الله فينا امره»، فقالت «يرحمنا الله».

كانت زينب قد هتفت عندما دخل عليها ابو العاص الخيمه قائله «الله اكبر»، فوضع ابو العاص راسه في الارض قائلا «لا يا زينب لم اتِ مسلما»، ثم قص عليها نبا مطارده السريه له.

في الصباح قال النبي لصحابته «ان هذا الرجل من حيث قد علمتم، وقد اصبتم له مالا، ان تحسنوا وتردوا عليه فانا احب ذلك، وان ابيتم فهو فيء الله وانتم احق به».

امام الكعبه وقف ابو العاص يوزع اموال التجاره الرابحه علي اصحابها..

وبعد ان فرغ قال «يا معشر قريش هل بقي لاحد منكم عندي مال لم ياخذه؟».

فقالوا «لا.. جزاك الله خيرًا فقد وجدناك وفيًّا كريمًا».

فنظر اليهم ورفع صوته قائلا.. اذن فانا اشهد ان لا اله الا الله وان محمدًا رسول الله.

عاش ابو العاص مع زينب عامًا بعد ان زوجه النبي اياها من جديد.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل