المحتوى الرئيسى

إفطار الصائمين.. تاريخ من الكرم والجود

08/01 11:07

موائد الرحمن مظهر عظيم من مظاهر التكافل الاجتماعي الذي يرتبط بشهر رمضان، حيث يتسابق الخيرون من الاغنياء، ممن افاء الله عليهم بنعمه وخيراته، لاقامه هذه الموائد طوال ايام الشهر الكريم، ومدها باطيب الاطعمه والاشربه لافطار الصائمين من الفقراء والمحتاجين وعابري السبيل، حتي لا يكاد يخلو حي او قريه او مدينه من المدن الاسلاميه من هذه الموائد التي يتطوع بها القادرون تقربا الي الله سبحانه في شهر الرحمه والمغفره.

وهذه الموائد الرمضانيه لها تاريخ طويل يرجع الي عصور اسلاميه سابقه، فالروايات التاريخيه تؤكد ان المصريين عرفوا باعداد موائد الافطار للفقراء في شهر رمضان منذ زمن طويل، وان الحكام كانوا يحرصون علي مدها بانواع الاطعمه خاصه في رمضان، وكذلك في اوقات الشده ، وكان الفقراء يقصدونها كي يستمتعوا باكله من اكلات الخلفاء والامراء.

ويروي ان احمد بن طولون حاكم مصر ومؤسس الدوله الطولونيه هو اول من راي في شهر رمضان مناسبه كريمه لاستثمار الفضائل فامر بدعوه اغنياء وحكام الاقاليم في اول يوم من رمضان ووزعهم علي موائد الفقراء والمحتاجين كي ينفقوا عليها، وعرفت موائد الرحمن الرمضانيه في العصر الفاطمي وسميت «السماط»، وكان الخليفه يعد مائده كبيره في قاعه الذهب بقصره تمتد من الليله الرابعه من رمضان حتي الليله السادسه والعشرين، ويدعي اليه كبار رجال الدوله والامراء والوزير وقاضي القضاه، اضافه الي موائد اخري في مسجد عمرو بن العاص والجامع الازهر، وكذلك اناء مملوءه بالطعام تخرجها مطابخ قصر الخليفه للمحتاجين.

وفي العصر الفاطمي كانت تمتد الاف الموائد المليئه باطيب الطعام للصائمين غير القادرين او عابري السبيل في صوره رائعه تجسد جوهر ما دعا اليه الدين الحنيف من تكافل وتراحم، وكان الخليفه العزيز بالله ومن بعده المستنصر بالله يهتمون بموائد الافطار التي تقام في قصر الذهب للامراء ورجال الدوله، وكذا التي تقام في المساجد الكبري للفقراء والمساكين.

واشتهر العصر المملوكي في مصر بتوسعه الحكام علي الفقراء والمحتاجين في شهر رمضان، ومن مظاهر هذه التوسعه صرف رواتب اضافيه لارباب الوظائف ولحمله العلم والايتام، ولا سيما من السكر الذي يتضاعف كميه المستهلك منه في هذا الشهر بسبب الاكثار من عمل الحلوي.

واشتهرت في هذا العصر الاوقاف الخيريه التي كان يخصصها الامراء والسلاطين لاطعام الفقراء والمساكين في شهر رمضان عن طريق موائد الرحمن وتوزيع الطعام المجهز عليهم والذي كان يشتمل علي اللحم والارز والعسل وحب الرمان، فقد نصت وثيقه وقف السلطان حسن بن قلاوون علي الاتي «يصرف في كل يوم من ايام شهر رمضان ثمن عشر قناطير من لحم الضان، وثمن اربعين قنطاراً من خبز القرصه، وثمن حب الرمان وارز وعسل وحبوب وابزار وتوابل، واجره من يتولي طبخ ذلك وتفرقته، وثمن غير ذلك مما يحتاج اليه من الالات التي يطبخ بها فيطبخ ذلك في كل يوم من ايام الشهر الكريم».

وممن اشتهروا في مصر الاسلاميه بالكرم في رمضان واطعام الفقراء والمساكين الامير الصاحب بن عباد، فقد كان لا يدخل عليه احد في شهر رمضان بعد العصر كائنا من كان ويخرج من داره الا بعد الافطار عنده، وكانت داره لا تخلو كل ليله من ليالي شهر رمضان من الف نفس مفطره فيها وكانت صلاته وصدقاته وقرباته في هذا الشهر تبلغ مبلغ ما يطلق منها في جميع شهور السنه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل