المحتوى الرئيسى

قنديل المياه لا يروى عطش مصر للتغيير

07/25 09:14

قد يكون هشام قنديل المكلف برئاسه الحكومه الجديده شخصا عبقريا ونابغه في مجاله، لكنه مع احترامي لمسوغات اختياره، ليس الرجل المناسب لهذه المرحله علي الاطلاق.

الناس في مصر يتوقون لتغيير حقيقي وجذري، يقوم علي قطيعه مع ما فات، ويمنحهم احساسا بان جديدا تعيشه البلاد، وان ثوره وقعت وبدات اثارها تظهر علي وجه الحياه فيها، ومن ثم كان سياق دراما وصول معتقل يوم ٢٨ يناير ٢٠١١ محمد مرسي الي رئاسه البلاد في يونيو ٢٠١٢ يستلزم ان يستمر الهواء الجديد في تدفقه، وان تتواصل عمليه فتح النوافذ والابواب لتغيير مناخ قاتم مقبض جاثم علي قلوب البلاد والعباد.

ان مصر يكاد يقتلها العطش للتغيير الكامل، غير ان هذا لا يعني ان ناتي لها بوزير ري او خبير في المياه، عمل مع حكومه عصام شرف، ثم حكومه الجنزوري، وهو بوجه من الوجوه ينتمي الي مساحه سياسيه تقع بين الثوره واللا ثوره، بين التجديد والجمود، بينما كان المنتظر، وبما اننا في اجواء توابع ثوره، ان يكون رئيس الوزراء الجديد تعبيرا عن حاله ثوريه تتحدي حصار الدوله القديمه، وترفض الاستسلام لمنطق السكون والتطبيع بين ماض كريه ومستقبل يحلم الجميع بان يكون افضل.

ولقد استقبل المصريون التسريبات الخاصه بالتفكير في شخصيات مثل فاروق العقده وحازم الببلاوي ومحمود ابوالعيون بشيء من الشعور بالاحباط، كون هذه الاسماء ــ بدرجه او باخري ــ تعبر عن ماض، اكثر مما تبشر بمستقبل، او هي في افضل الاحوال تمثل حاضرا ينتمي الي ما فات علي نحو اعمق من ارتباطه بما هو ات، حتي لو كانوا علامات في تخصصاتهم.

وليس صحيحا علي اطلاقه ان طبيعه المرحله الراهنه تتطلب رئيس وزراء غير سياسي، بل تكنوقراط، وربما كان العكس هو الصحيح، لان ما تحتاجه مصر في هذه اللحظه المرتبكه هو نظام سياسي يحتشد بروح وقيم ثوره قامت من اجل التغيير، ويمتلء ايمانا بجداره البلاد بالانعتاق من اسر نظام قديم لايزال يعافر كي يبقي مسيطرا علي مقاليد الامور.

وازعم انك لو اتيت بامهر خبراء العالم في الاقتصاد والزراعه والصناعه واسندت اليهم القياده والاداره في مرحله انتقاليه تعقب ثوره فلن ينجحوا في مهمتهم الا اذا كانت منطلقاتهم في العمل فكريه وعقائديه، اكثر مما هي تقنيه وعلميه.

وامامنا مشكله القمامه والكهرباء والبوتاجاز نماذج صارخه بانه طالما بقيت الثوره كفكره ومعتقد بعيده عن رءوس التنفيذيين ستبقي ماكينه صناعه الازمات قادره علي الانتاج وبطاقه مدمره لكل امل في التغيير، ويخطئ كثيرا ــ بل يجرم في حق نفسه وحق مصر ــ من يتصور ان ما تسمي بالدوله العميقه او القديمه سوف تستسلم بسهوله لرياح التغيير، ومن لم يقرا فيما يجري الان ملامح انقلاب صامت تمارسه بقايا النظام القديم علي الرئيس الجديد فهو واهم.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل