عبداللطيف الزبيدي يكتب :عمر جديد للأهرام

ذكرت امس الاهرام علي نحو عابر، فعادت بي الذكري الي شريط وثائقي يثير الكثير من الدعابه السوداء: لماذا يهتدي دارسو الحضارات القديمه التي قامت علي ارض العرب اليوم، الي امور لم تخطر علي بال عربي؟ هل الاجانب احرص منا علي كشف اسرار حضاراتنا الغابره؟ اجد مراره في القول: لدينا علماء ومتخصصون، ولكنهم يفتقرون الي الخيال .

المشاركون في هذا الشريط علماء في الفيزياء والفلك والدراسات المصريه، وقد استخدم بعضهم الحاسوب للبرهنه علي ان الاهرام الثلاثه تشكل تكذيباً صارخاً لتاريخ تشييدها المتعارف عليه بين 3000 و4500 سنه، ومثلما قيل ان المعرفه تبدا بطرح الاسئله، كان السؤال الظريف المحيّر: لقد كان بناء الاّهرام الثلاثه قائماً علي حسابات رياضيّه وفلكيّه معجزه في الدقه، وكانت مطابقه تماماً لوضع ما يسميه الفلكيون العرب: “الثلاثه النيّره” في حزام الجوزاء، حزام اوريون، حزام الجبّار، وهذا يتضارب تماماً مع وجود أبي الهول علي هيئه اسد . فكيف كان ذلك؟

علماء الغرب المشاركون في الشريط الوثائقي، استخدموا الحاسوب في اعاده رسم صوره النجوم التي تتطابق مع برج الأسد، فوجدوا ان المساله تعود الي عشره الاف وخمسمئه عام قبل الميلاد . والاّ فان ابا الهول كان يجب ان يكون علي هيئه ثور، برج الثور . لكن دقه حسابات المصريين القدامي كانت تجسيداً لقول المتنبي:

انا صخره الوادي اذا ما زوحمتْ

واذا خفيتُ عن الغبيّ فعاذرٌ

احد العلماء صدع: “انها لحماقه ان نتوهّم ان دقه الحسابات الفلكيّه تجعل المصريين القدامي يشيدون ابا الهول علي هيئه اسد، في حين يبنون الاهرام الثلاثه في تطابق كامل مع النجوم الثلاثه في حزام اوريون” . هذا السؤال اخطر من: كيف نقلوا الصخور العملاقه ورفعوها الي اعالي الهرم او الاهرام؟ ويضيف: “ان الاهرام برهان قاطع علي انها اوج مسيره حضاريّه، وليست بدايه” . معني ذلك انها تشبه اكتشاف مركبة فضائية، فما هي المراحل التي قطعتها منذ اختراع العجله؟ فما هي المراحل العلميه التي سبقت ذلك الأوج من الدقه في الرياضيات والفيزياء والفلك؟ هل يُعقل ان يخرج الانسان ممّا يشبه العصر الحجري ليشيد الاهرام فجاه؟