" الجارديان " تُحقق في الهيمنة القطرية على المؤسسات العالمية

حاولت صحيفه الجارديان البريطانيه، في تقرير للكاتب بيتر باومنت، رصد سر قدره دولة قطر الخليجيه علي شراء الكثير والكثير من المؤسسات والشركات والحقوق حول العالم، وصولاً الي امتلاك حقوق نادي برشلونة الإسباني، وحقوق بث الدوري الفرنسي لكره القدم للفرنسيين عبر قناة الجزيرة الرياضية، كما امتلاك قطري نادي باريس سان جرمان الفرنسي العريق.

ولا يغفل التقرير عن التذكير بانّ قطر ستتولي استضافه كأس العالم لكرة القدم عام 2022. كما يتطرق التقرير بشكل كبير الي النشاطات السياسيه لقطر التي تجلت في غزه وليبيا وسوريا وصولاً الي كشف الجزيره الاسبوع الماضي عن ادله تشير الي تسمم الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بالبولونيوم.

ويشير التقرير الي تحول السريع الي بلد يتمتع بنفوذ ضارب في الشركات البريطانيه الكبري، حيث تملك الان في لندن مخازن "هارودز"، ومبني السفاره الاميركية، وعماره "هايد بارك 1" السكنيه التي تحتوي علي اغلي شقق من نوعها في العالم، فضلاً عن 26 في المئه من اسهم مخازن "سينزبري" وشركه "سونغ بيرد" للاستثمارات العقاريه، ومصرف "باركليز" وبورصه لندن.

وتملك هيئه الاستثمار القطرية ايضاً 20 في المئه من سوق "كامدن" في شمال لندن من خلال حصتها في شركه الاستثمارات العقاريه "تشيلسفيلد"، في حين تملك قطر استثمارات واسعه في فرنسا من بينها نادي "باريس سان جيرمان" لكره القدم، والذي تردد بان هيئتها للاستثمارات الرياضيه اشترته هذا العام في اطار صفقه بلغت قيمتها 100 مليون يورو، كما اشترت مجمعاً لمخازن التجزئه في الشانزليزيه ومقر شركه "فوتون" مالكه مجموعه (ال في ام اتش) للبضائع الفاخره والتي تملك فيها حصه مقدارها 1 في المئه، وحصه كبيره في شركه "بورش" للسيارات، وحصه مقدارها 11 في المئه من اسهم شركه المناجم والتعدين "اكستراتا".

وكانت تقارير صحافيه كشفت مؤخراً ان هيئه الاستثمار القطريه وسّعت محفظتها الاستثماريه بشراء حصه مقدارها 5.2 في المئه من اسهم شركه المجوهرات الاميركيه المعروفه "تيفاني"، وتملك حصه مقدارها 17 في المئه في شركه السيارات الالمانيه "فولكس فاغن" المالكه لشركتي سيارات "اودي" و "لامبورغيني".

وبنت شركه قطر القابضه ايضاً حصّصاً في شركات مثل المجموعه الاعلاميه الفرنسية "اغاردير" التي تشمل اصولها مجلات "ايلي" و "باريس ماتش" لتصبح أكبر مساهم فيها، واعلنت مؤخراً انها تملك 13 في المئه من اسهمها بالمقارنه مع 10.1 في المئه في نهايه العام الماضي، و7.6 في المئه في نهايه العام 2010، كما رفعت حصتها الي 8.4 في المئه في شركه "ايبردرولا"، اكبر مزود للكهرباء في اسبانيا، مما جعلها ثاني اكبر المساهمين فيها.

ويعد برج شارد القريب من نهر التايمز المكوّن من 72 طابقاً وتملك قطر 95 في المئه من اسهمه، اخر قطعه في محفظه الاستثمارات القطريه في العاصمه البريطانيه لندن.

وتم افتتاح برج شارد الاربعاء الماضي رسمياً ليصبح اعلي ناطحه سحاب في أوروبا الغربية كلها واحد المباني الاكثر اثاره للجدل في بريطانيا، برج شارد.

ويتميز برج شارد بموقعه الاستراتيجي المُطل علي الضفه الجنوبيه لنهر التايمز، كما يعد المبني الاطول في اوروبا الغربيه ليبلغ ارتفاعه 310 متراً (1017 قدماً) وهو بذلك يتيح اعلي مشهد بانورامي للعاصمه البريطانيه.

ويتسم تصميم هذا البرج بطراز هندسي فريد لما يضمه من العديد من المرافق المتنوعه تقع جميعها تحت سقف واحد. اذ يشمل البرج علي مطاعم وشقق سكنيه سيتم بدء الاعلان عن تاجيرها او بيعها في الاشهر المقبله، كما سيوفر مساحات مخصصه للمكاتب، وفندق شانغريلا فئه الخمسه نجوم ويصل عدد الغرف فيه الي نحو 200 غرفه بالاضافه الي الاجنحه الفندقيه.

ويشير التقرير الي الدور السياسي المركزي لقطر في السنوات الاخيره، فقد قررت استضافه مكتب حركه طالبان الافغانيه علي ارض الدوحه، كما استضافت حتي عام 2009 مكتب تجاره اسرائيلياً اغلق في اعقاب الحرب علي غزه في ذلك العام.

ومنذ بدايه الربيع العربي حصنت قطر نفسها في المركز الامامي للتغيرات في المنطقه، فقدمت دعماً عسكرياً للمعارضه الليبيه ، كما دعمت لاعبين رئيسيين في ليبيا في فتره ما بعد الثوره، ويشير بعض الدبلوماسيين الي انّها ارسلت شحنات اسلحه الي اولئك اللاعبين.

وفي اخبار اكثر قرباً اتهمت قطر بمد مجموعات المعارضه المسلحه في سوريا بالاسلحه، وهو ما ينفيه رئيس وزرائها حمد بن جاسم بن جبر رغم الاعلان الدائم عن تاييد تسليح المعارضه في سوريا.

ويؤدي كل هذا الي سؤالين رئيسيين: ما الذي تريده قطر من سياسة خارجية تجمع ما بين الاعتماد علي القوتين الناعمه والصلبه معاً؟ وكيف يمكن بلداً صغيراً ان يحظي بكلّ هذه الاهميه؟

وهذا الاخير هو التساؤل نفسه الذي اطلقه الرئيس المصري السابق حسني مبارك عندما زار قطر عام 2001، وشاهد مقر قناه الجزيره حيث سال بدهشه: "هل كلّ هذه المشاكل تاتي من علبه ثقاب كهذه؟".

من جانبه تقول الخبيره في الشؤون الخليجيه جاين كينينمونت: "عليك ان تنظر الي موقع قطر علي الخارطه لتدرك انّها بين جيران لهم ثقلهم". وتضيف: "هنالك شعور في انّها تحتاج الي الكثير من الحلفاء. لذا فانّ قطر تسعي الي تحالفات مع الدول الاكبر والاصغر علي حد سواء لتتمكن من الاعتماد عليها في اماكن كالجمعية العامة للامم المتحدة".

اما مدير الابحاق في معهد بروكنغز بالدوحه شادي حميد فيقول انّ قطر تقودها سياسه خارجيه "خلاقه" مكنتها من اكتساب الصداقات.

ومع ذلك فانّ هذا لا يفسر صعود قطر كلاعب دولي اكبر من وزنه. والواقع انّ قطر استفادت من مجموعه من الاحداث المعقده اجتمعت سوياً من جانب الشخصيات القويه لامير قطر حمد بن عيسى ورئيس وزرائها حمد بن جاسم. وهي تركيبه تتجاوز الحديث عن التباهي بالتحقق الذاتي الذي تعلنه.