الربيع العربي يعرقل مشروع "ديسرتيك" لتوريد الكهرباء إلى أوروبا

بدت رؤيه مشروع ديسيرتيك منذ البدايه مثيره ومقنعه في نفس الوقت، فهي تقوم علي فكره إنتاج الكهرباء من الطاقه الشمسيه في صحاري "منطقه مينا" (وتشمل دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا). وتقوم خطه المشروع علي اقامه محطات شمسيه وهوائيه في دول المنطقه لتزويد الساكنه المحلية بالكهرباء، بل وتصديرها الي اوروبا، ما سيمكن من تخفيض انبعاث ثاني اكسيد الكربون. الخطوات الاولي لانجاز هذا المشروع تم اتخاذها فعلا، فقد قام كونسرتيوم ـ ديسيرتيك الراعي للمشروع بالتعاون مع الوكاله المغربيه للطاقه الشمسيه بتنفيذ مشروع نموذجي بهذا الصدد سيمكن المغرب ابتداءا من عام 2014 من تصدير طاقه خضراء نظيفه الي اوروبا عبر الكابل البحري الذي يربطه باسبانيا. كما ان مشاريع مماثله مبرمجه في كل من الجزائر وتونس.

فهل يتعلق الامر بمجرد بدايه مشجعه، ام بانطلاقه حقيقيه لهذا المشروع العملاق؟ سورن شولفين من معهد لايبنتز للدراسات الجهويه والعالميه، ابدي شكوكه بهذا الصدد حين قال "الحاله الجزائريه تثير اشكالات من الان، لان علاقات الجزائر بالجار المغربي ليس علي ما يرام". فالجزائر ستكون في حاجه، علي الارجح، الي المغرب كبلد عبور لتصدير الكهرباء الي اوروبا. "انها مشكله حقيقيه، فلابد من اطار سياسي عام ملائم لانجاز مشروع ديسيرتيك في المنطقه".

جموع منطقه مينا المعنيه نظريا بمشروع ديسرتيك

تتجاوز هذه الرؤيه اطار محطات الطاقة النموذجيه، فحينما يتامل المرء خارطه المنطقه التي يشملها مشروع ديسرتيك، فسيري اجزاءا من اوروبا وشمال افريقيا والشرق الاوسط مرتبطه فيما بينها بشبكه من الخطوط، تتخللها محطات للطاقه الشمسيه والهوائيه. ان تشبيكا من هذه الدرجه يحتاج الي حد ادني من التعاون بين دول منطقه "مينا". وحينما تمت بلوره المشروع لم يكن احد يتوقع الحراك السياسي الشعبي الذي يعرفه العالم العربي حاليا والذي عصف بانظمه عده، وجعل دولا اخري تدخل في دوامه من عدم الاستقرار.

هذا التطور جعل عددا من اعضاء كونسرتيوم ـ ديسيرتيك يقللون من اهميه هذه الخارطه الاوليه، كما يوضح ذلك سورن شولفين "حينما نطرح السؤال، مثلا علي شركه (ميونيخ لاعاده التامين)  يقولون ان خطوط الكهرباء عاليه الضغط في الشرق الاوسط كما تبدو في الخارطه، ليست لها راهنيه من حيث التخطيط". بمعني اخر فهذه الخارطه ليست الا سيناريو يمكن ان يتحقق في المستقبل.

ويري سورن شولفين ان مشروع ديسرتيك لا يمكن القول لحد الان بانه يشمل فعليا كل منطقه "مينا". "في الوقت الراهن هناك مشاريع مع دول محدده، كالمغرب وبالتالي فان البعد الاقليمي في هذه المرحله ليس مهما". ويضيف شولفين ان دولا مثل ليبيا ومصر مهمه في مشروع ديسيرتك علي المدي البعيد باعتبار عدم اليقين السياسي الذي تعيشه هذه البلدان حاليا. الا ان الخبير الالماني لا يذهب الي حد وصف رؤيه ديسرتيك بعدم الواقعيه، خصوصا وان الدول المصدره للغاز والبترول لا تنعم كلها بالاستقرار. وعلاوه علي ذلك اضاف شولفين "حسب علمي لا توجد قوي سياسيه وازنه حتي في الدول الإسلامية تعارض مشروع ديسرتيك بقوه".

كهرباء الصحراء للاكتفاء الذاتي اولا؟

الطاقه الشمسيه خيار لا مفر منه في المستقبل بالنسبه لدول منطقه مينا

ويري الخبراء ان خيار الطاقه الشمسيه مفيد في جميع الاحوال لدول منطقه "مينا" لتلبيه حاجتها المتزايده من الكهرباء، بغض النظر عما تخطط له اوروبا كما يوضح ذلك فولكر كفاشنينغ، استاذ الطاقات المتجدده في المدرسه العليا للتقنيه والاقتصاد في برلين. وتشير كل التوقعات الديموغرافيه الي زياده في سكان منطقه "مينا" خلال الاربعين سنه المقبله، قدرها 45%. وبهذا الصدد يوضح فولكر كفاشنينغ قائلا "ان سعر تقنيه الطاقه الشمسيه في المتناول نسبيا، ومن المنطقي والمفيد جدا انفتاح (دول منطقه مينا) علي مصدر الطاقه هذا". وبغض النظر عن وجود مشروع ديسرتيك من عدمه، فان هذه البلدان ستكون مضطره، في جميع الاحوال، الي تطوير قدراتها في مجال الطاقه الشمسيه. ويبقي التساؤل قائما حول ما اذا ستكون هذه الطاقه موجهه بالدرجه الاولي لتغطيه الحاجيات المحليه، ام انها ستنقل الي اوروبا؟. "من الصعب تقدير هذا الامر علي المدي المتوسط" ،يري فولكر كفاشنينغ.

يعمل المغرب من الان علي تنفيذ برنامج طموح للطاقه الشمسيه يسعي لتغطيه 14% من حاجيات البلاد من الطاقة الكهربائية في افق عام 2020 بقوه قدرها 2000 ميغاواط. واضافه الي ذلك هناك مخطط لبناء محطات للطاقه الهوائيه. والهدف هو انتاج 42% من حاجيات البلاد من الكهرباء بشكل نظيف خلال 18 عاما.

غيرهارد كنيس الأب الروحي وصاحب فكره ديسرتيك

بغض النظر عن حالات عدم الاستقرار السياسي في بعض دول "مينا"، هناك تطورات قد تجعل ديسرتيك مشروعا غير ضروري علي المدي البعيد بالنسبه للاوروبيين. فهناك انخفاض مطرد في اسعار الطاقه بواسطه الخلايا كهروضوئيه " "Photovoltaik ، في اوروبا. ولذلك يري عدد من الخبراء ان استيراد الطاقه الكهربائيه من الصحراء، رهين في المدي البعيد بمستوي اسعار الطاقة المتجددة في اوروبا.