المحتوى الرئيسى

خلاف بين فرنسا والجزائر حول التراث الوطني بعد 50 عاما من الاستقلال

07/05 11:01

الجزائر (رويترز) - حين انسحبت فرنسا من الجزائر بعد اكثر من قرن من الاحتلال لم تخرج خاليه الوفاض. فقد حمل الجنود الفرنسيون معهم قطعا فنيه وكتبا وخرائط تاريخيه وهو تراث وطني ما زال موجودا في المكاتب الفرنسية حتي اليوم وتقول الجزائر ان علي القوه الاستعماريه السابقه اعادته.

وتحيي فرنسا والجزائر هذا الاسبوع الذكري الخمسين لاعلان الاستقلال في الخامس من يوليو تموز عام 1962 والذي انهي الاحتلال الفرنسي. وسيركز كل جانب علي المشكلات التي ما زالت عالقه بينهما.

فالجزائر تريد من فرنسا الاعتذار عن الرق الاستعماري وقتل مئات الالاف ممن ناضلوا من اجل الاستقلال طوال عشرات السنين. في حين تواجه فرنسا جاليه كبيره من اصحاب الاصول الجزائريه تجد صعوبه في الاندماج مع المجتمع الفرنسي.

وفي ظل هذه المشكلات فان الأرشيف الوطني المفقود ليس قضيه خطيره ترتهن العلاقات الفرنسيه الجزائريه لكن هذا الخلاف يظهر الشعور العميق سواء بالحزن او اعتماد كل منهما علي الاخر حتي بعد نصف قرن من استقلال الجزائر عن فرنسا.

وقال عبد المجيد شيخي المدير العام للارشيف الوطني الجزائري ان نظراءه في فرنسا عرضوا حلا وسطا وهو السماح للجزائر بالحصول علي نسخ من الاشياء المتنازع عليها في حالة تخليها عن المطالب باسترجاعها لكنه رفض.

وقال في مقابله بالجزائر "لن نتخلي عن حقنا. لن نتخلي عن ممتلكاتنا... ببساطه لان هذا شئ ملكنا. ما هو ملكي فهو ملكي. لن اتنازل عن تراثنا الوطني."

لكن فرنسا تنظر للمساله من زاويه مختلفه. وقال ايرفيه لوموان مدير الارشيف الوطني الفرنسي انه تم التوصل الي اتفاق عام 1966 لاعاده الارشيف التاريخي للجزائر خاصه الوثائق التي تعود للعهد العثماني ووثائق فنيه من عام 1830 الي عام 1962 لكن الجزائر عادت وطالبت بالمزيد بعد هذا الاتفاق.

ولهذا الخلاف تداعيات عمليه بالنسبه للجزائر لان بعض الوثائق الموجوده في المؤسسات الفرنسيه تحتوي علي بيانات فنيه وخرائط لشبكات الصرف تحت الارض وانابيب الغاز وخطوط الكهرباء.

وفي صيف عام 2009 عثر علماء الاثار علي اطلال كنيسه قديمه تحت ساحة الشهداء وهي ساحه مزدحمه في الجزائر العاصمه لا تبعد كثيرا عن منطقه القصبه التاريخيه.

وكان من بين فريق علماء الاثار الذي ينقب في الموقع عدد من الباحثين من فرنسا. وعندما سئل رئيس بعثه الاستكشاف الجزائري عن سبب وجودهم اجاب "الخرائط معهم."

وقال ان من المعتاد ان تسمح فرنسا بالاطلاع علي الخرائط بشرط مشاركه علماء فرنسيين في المشروع.

وواجه مهندسون يمدون اول نظام لمترو الانفاق في العاصمه والذي انتهي العمل به في وقت سابق من العام الجاري مشكلات مماثله فيما يتعلق بنقص البيانات في الاماكن التي يحفرون بها.

ويقول شيخي ان فرنسا ما زال لديها نحو 50 الف مخطوطه تم خطها علي ارض الجزائر وكذلك اعداد كبيره من القطع التاريخيه.

واكثر القطع التي يتطلع المؤرخون الجزائريون للحصول عليها هي ما يعود منها الي ما قبل الاحتلال الفرنسي عام 1830 .

اذ تمتلك فرنسا مكتبه الأمير عبد القادر العالم الاسلامي الذي قاد تمردا علي الاحتلال الفرنسي خلال العقدين اللذين اعقبا الاحتلال الفرنسي. وقام الجنرال توماس روبير بيجو الذي ارسلته باريس لاخماد التمرد باعتقال الامير ونفيه ومصادره المكتبه.

وتحوي المؤسسات الفرنسيه مئات الابحاث العلميه التي تعود الي فتره ما قبل الاحتلال الفرنسي عندما كانت الجزائر مركزا للعلم الذي اجتذب الدارسين من اوروبا ومنهم ليوناردو فيبوناتشي عالم الرياضيات الايطالي.

ومن القطع التاريخيه الجزائريه الاخري مدفع من البرونز في ميناء بريست الفرنسي والذي يعرفه الجزائريون باسم بابا مرزوق.

وصنع المدفع خصيصا لحكام الجزائر لحمايه ساحل البلاد المطل علي البحر المتوسط من هجمات قوات اوروبيه تحاول القضاء علي القراصنه الذين كانوا يتخذون من الجزائر ملاذا امنا.

كما استخدم في القرن السابع عشر لاعدام قنصلين فرنسيين اثارا حنق الحكام المحليين وهو ما اعطي المدفع اسمه الفرنسي (القنصل). وعندما غزا الفرنسيون الجزائر اعتبروا المدفع من مغانم الحرب. وشنت جماعات المجتمع المدني حمله كبيره لاستعادته.

ويشعر مؤرخو الجزائر بان شحن مثل تلك القطع الي فرنسا كان جزءا من حمله شنها الحكام المستعمرون لمحو اثار الحضاره التي كانت موجوده قبل وصولهم.

ويقولون ان الهدف من ذلك كان القضاء علي فكره الدوله الجزائريه.

وقال شيخي ان نقل هذه القطع التاريخيه خارج الجزائر بدا في مستهل الاحتلال الفرنسي واستمر حتي الاسابيع الاخيره التي سبقت الاستقلال عندما نقلت ملفات الي فرنسا بحجه نقلها علي ميكروفيلم.

واضاف "لم يريدوا ترك اي رمز للدوله.. والارشيف رمز للدوله."

وعلي الرغم من النزاعات فان العاملين في الارشيف الوطني لكل من الجزائر وفرنسا بينهم علاقات عمل جيده.

ووقع الجانبان اتفاقا للتعاون عام 2009 وسمح كل منهما للاخر بدراسه بعض الوثائق بل ونسخها في بعض الاحيان.

وقال لوموان مدير الارشيف الوطني الفرنسي "يفتح هذا الاتفاق... لبلدينا صفحه من التاريخ نامل ان تكون مثمره باكبر قدر ممكن."

لكن المشكلات تكمن في مستويات اعلي. اذ عندما كان المفاوضون يتفقون علي بنود استقلال الجزائر في منتجع افيان الفرنسي قبل 50 عاما لم يضموا في المعاهده اي بند عن الارشيف او القطع التاريخيه.

ومنذ التوصل الي اتفاق عام 1966 الذي تحدث عنه لوموان اصبح هناك مازق سياسي. وتقول فرنسا انه بما ان مسؤولين فرنسيين اخذوا الارشيف والقطع التاريخيه عندما كانت الجزائر جزءا من فرنسا فانها ملكها الان.

وقال لوموان "هذا الارشيف الذي يمثل 15 في المئه فقط من الارشيف العام الذي كان موجودا في الجزائر عام 1962 مصدره موظفون حكوميون ورجال شرطه وجيش... ويعتبر بموجب القانون الفرنسي ارشيف سيادي لا يمكن نقله... لكن هذا لا يستثنيه من اتاحته لاحتياجات البحث والمعرفه."

وترد الجزائر علي ذلك بانه لم يطلب اي احد رايهم عما اذا كانوا يوافقون علي ان تحكمهم فرنسا ام لا. وهم يقولون انه باي حال فانه اذا كان اصل اي قطعه تاريخيه هو الارض الجزائريه فانها من ممتلكات الجزائر.

واثناء تناول الغداء في مقصف العاملين بارشيف الجزائر تحدث شيخي عن كيفيه سجن الفرنسيين له هو ووالده لمساعدتهما الانتفاضه في حرب الاستقلال.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل