نبذة- مهمة ضخمة امام رئيس مصر الجديد المتمسك بجذوره

 يتجول الجاموس علي الطرق الترابيه بالقريه التي ينتمي لها محمد مرسي وتقع علي بعد اقل من ساعتين بالسياره من القصر الذي بدا الرئيس المصري المنتخب ممارسه عمله فيه بالقاهره.

وبخلاف الرئيس المخلوع حسني مبارك لايزال مرسي قريبا من اصوله المتواضعه بدلتا النيل وربما يستطيع ان يضيق الهوه بين الحاكم والمحكوم والتي اتسعت كثيرا في عهد سلفه.

علي الاقل هذا ما يعتقده اخوه الاصغر.\nوقآل سيد مرسي الذي ارتدي جلبابا في منزل العائله الريفي الذي يشبه منازل اخري كثيره وتبرز من سقفه اسياخ الحديد حتي يتسني اضافه دور جديد حين تدعو الحاجه او تسمح الظروف الماديه "مش عايزين رئيس يعيش في كوكب والشعب في كوكب تاني."

وقال مرسي (60 عاما) مرشح جماعة الإخوان المسلمين التي كانت محظوره ذات يوم عقب اعلان فوزه بالانتخابات في 24 يونيو حزيران بعد 500 يوم من الانتفاضه الشعبيه التي اسقطت مبارك انه لا يعتزم الانتقال من منزله بالقاهره الي قصر الرئاسه.

وقال سيد (49 عاما) والذي لم يتوقف هاتفه المحمول عن الرنين منذ اصبح اخوه اول رئيس مدني ينتخب في انتخابات حره "الماضي مش ممكن يرجع."

ورفض مسؤولون عسكريون التعليق علي شخصية مرسي او قدرته علي قياده مصر لكنهم عبروا في احاديث خاصه عن خيبه املهم من تجاهله فيما يبدو للبروتوكول حين اختار ان يبدا ممارسه عمله من القصر الرئاسي هذا الاسبوع قبل ان يؤدي اليمين الدستوريه.

درس مرسي - وهو ابن موهوب لفلاح - في مدينتي القاهره ولوس انجليس قبل ان يقود كتله الاخوان المسلمين المعارضه بمجلس الشعب في عهد مبارك من عام 2000 الي 2005.

لم تثر تجربه الحياه العامه بداخله اي طموحات في تولي الرئاسه فيما يبدو. وقال احد المساعدين انه حين تم ابلاغ مرسي باستبعاد خيرت الشاطر الذي اختارته الجماعه للترشح للرئاسه في البدايه دفن وجهه بين كفيه للحظات ليستوعب الخبر.

وفوجيء الكثير من المصريين بتوليه ارفع منصب في البلاد وان كان الجيش قد قلص من صلاحياته بالفعل كما ازعج الشباب العلمانيين الذين لم يثوروا علي مبارك ليمهدوا الطريق كي يتولي الاسلاميون الحكم.

وبعد منع الشاطر من الترشح وصف البعض مرسي بانه "الاستبن" اي الاطار الاحتياطي للسياره.

ويعتبره منتقدون موظفا لدي جماعه الاخوان يفتقر الي الكاريزما وهي صفه كانت غائبه ايضا عن سلفه مبارك الذي تناقض اسلوبه الصارم مع انور السادات الذي خاض مجازفات سياسيه وجمال عبد الناصر الذي خلبت فصاحته الباب العالم العربي.

بدا مرسي جامدا ومرتبكا في بدايه حملته الانتخابيه.

وليس امامه الكثير من الوقت ليتكيف مع دور الرئيس في مواجهه تطلعات 82 مليون شخص يريدون حكومه امينه تتجاوب معهم اضافه الي تحقيق الامن وتخفيف المعاناه الاقتصاديه.

ويشيد اصدقاء وافراد من العائله وزملاء بمرسي بوصفه مجتهدا صاحب عزيمه بل ومرحا بعيدا عن الحياه العامه ويري الكثير من المصريين انه واجهه للجماعه التي كانت خصما للجيش علي مدي عقود.\nوقآل محمد سلامه (24 عاما) وهو طالب هندسه بجامعه الزقازيق التي قام مرسي بالتدريس فيها من عام 1985 الي عام 2010 "هو رجل يتبع منظومه. حتي لو كان قياديا فهو يتبع منظومه."

واضاف سلامه الذي وصفه بانه استاذ جامعي محترم والتقي به في نوفمبر تشرين الثاني بعيد المكاسب الكبيره التي حققتها جماعه الاخوان في انتخابات مجلس الشعب ان الرئاسه "اكبر" من مرسي. وقال مثل كثير من المصريين ان قيادات الاخوان واعضاء المجلس العسكري هم من سيتمتعون بالنفوذ.

وقال سلامه "بصراحه شايف ان دكتور مرسي مش هيحكم اولا: لان المجلس العسكري مش هيخليه يحكم ثانيا: هو تابع لجماعه الاخوان" وذلك علي الرغم من ان مرسي استقال من الجماعه ليصبح "رئيسا لكل المصريين."

ومن المستشارين المحتملين واللاعبين الرئيسيين من وراء الكواليس نائب المرشد والمخطط والممول الرئيسي للجماعه خيرت الشاطر. وحال حكم جنائي في عهد مبارك - يطعن هو في صحته - دون ترشحه للرئاسه.

ويري البعض ان الولاء للجماعه هو ما سيحدد ملامح رئاسته.

وقال محمد حبيب الذي كان عضوا بمكتب الارشاد لقرابه ربع قرن في فتره كان الرئيس المنتخب عضوا فيها بمكتب الارشاد ايضا ان مرسي مكرس للتنظيم ومحافظ جدا وغير منفتح علي القوي السياسيه والوطنيه لكنه شخص ذكي.

واضاف حبيب الذي استقال من جماعه الاخوان العام الماضي بسبب سياساتها بعد الانتفاضه ان علي صعيد التفكير الابتكاري او الابداعي فانه ربما لا يتمتع بهذا.

ويرفض زملاء مرسي بالجامعه الحديث عن رجل يفتقر الي القدره علي القياده او لا يتمتع بعقليه مستقله.\nوقال اسحق ابراهيم (66 عاما) وهو زميل مسيحي واستاذ للمنشات المعدنيه والكباري "ممكن ياخد قرار منفرد... مش هيرجع تاني يستشير محمد بديع (مرشد الجماعه) او يستشير خيرت الشاطر."

ووصف مرسي بانه مجتهد ويهنئه في الاعياد المسيحيه ومتمسك بمبادئه.

وقال حسام عطيه (56 عاما) الذي كان مرسي رئيسا له في كلية الهندسة بجامعة الزقازيق ان مرسي اكاديمي مثابر وكان صارما مع اي طالب غير ملتزم.

وقال عطيه ان مرسي كان من الممكن ان يصبح عميدا لكليه الهندسه لولا ان اعضاء جماعه الاخوان كانوا ممنوعين من تولي هذه المناصب.

وكان مرسي مشرفا علي رساله الماجستير لعطيه في جامعة القاهرة منتصف السبعينات وقال عطيه انه كان يكتب له تعليقات مفصله واضاف انه بذل معه جهدا كبيرا لكنه عاد عليه بفائده كبيره.

وقال عطيه ان مرسي في ذلك الحين كان متدينا مثل معظم المصريين يؤدي الصلاه في اوقاتها ويصوم رمضان. وتغير هذا حين سافر مرسي الي كاليفورنيا للدراسه في اواخر عام 1978.

واضاف "هو تعرف علي الاخوان في امريكا. لان امريكا فيها فساد وفيها تدين... جهات التدين عنده كانت مجموعه من الاخوان احتوته."

وقال اخوه سيد في غرفه صغيره بمنزل العائله المكون من ثلاثه طوابق الذي بني في العدوه عام 1981 حين كان مرسي في امريكا "سافر طبيعي ورجع إخوان مسلمين."

وسلك اسلاميون اخرون طريقا مماثلا. ومن الامثله الشهيره وان كانت متطرفه المفكر الاخواني سيد قطب الذي انتقد المجتمع والثقافه الامريكيه بشده بعد ان درس هناك في اواخر الاربعينيات. ويشار الي ارائه المتشدده في كثير من الاحيان باعتبارها مصدر الهام للجماعات الاسلاميه المتطرفه المعاصره مثل تنظيم القاعده.

وبالنسبه لكثيرين في الخارج كان التواصل مع جماعه الاخوان او غيرها من الجماعات مجرد وسيله للعثور علي الالفه في ارض غريبه.

غير ان الاستاذ الجامعي فرغلي محمد وهو اكاديمي مصري المولد قام بالتدريس لمرسي وصادقه خلإل آلسنوات الثلاث التي درس فيها في جامعه جنوب كاليفورنيا ان الرئيس الجديد لم يبد مرتاحا قط في الغرب.

واضاف ان تدينه كان واضحا لكن في اختلاف عن البعض لم يبد منزعجا من حريه الحياه في لوس انجليس. وقال محمد ان شخصيه مرسي العامه الان تختلف تمام الاختلاف عن الرجل المرح الذي كان يلعب مع طفليه الصغيرين.

وقال محمد بالهاتف من جامعة كاليفورنيا في ايرفين حيث يعمل الان "كان يضحك ويمزح وكانت ابتسامته عريضه. حزنت حين اختفت هذه الابتسامه. حين يتحدث الان مع الناس يبدو جامدا جدا وغاضبا."

كان مرسي في امريكا عام 1978 حين كانت مصر تتفاوض علي معاهده السلام مع اسرائيل التي توسطت فيها الولايات المتحده ووقعت في العام التالي.

لم تحظ المعاهده بتاييد الاسلاميين وكلفت مهندس الاتفاق انور السادات حياته عام 1981 علي ايدي اسلاميين متطرفين فتولي مبارك الذي لم يكن مشهورا الرئاسه.

ولا يتذكر محمد وقتا تسبب فيه السلام مع اسرائيل في اي مناقشات حاده خلال زيارات مرسي.

اعد مرسي رساله الدكتوراه في هندسه المواد واجري ابحاثا قال ان اداره الطيران والفضاء الامريكيه (ناسا) استفادت منها واجريت بمنحه من الحكومه الاتحاديه الامريكيه. انتقل فيما بعد الي جامعه نورث ريدج ليقوم بالتدريس فيها حتي عام 1985.

خطب زوجته نجلاء قبل ان يسافر الي الولايات المتحده ثم انضمت له هناك. ولد اثنان من ابنائهما الخمسه في الولايات المتحده ويحملان الجنسيه الامريكيه.

وقال مرسي لرويترز ان زوجته لن تلعب دورا جماهيريا مثل الذي لعبته سوزان زوجه مبارك والتي اتهمها منتقدون بانها كانت تناور لتضمن خلافه احد ابنائها لوالده.