المحتوى الرئيسى

«نورا إيفرون».. الأميرة النيويوركية

06/27 18:11

كان هُناكَ مَعني مُختلف في ان تُشاهد، وهي بالثامنه والثلاثين من عمرها، المَشهد الافتتاحي من فيلم «مانهاتن»، في احدي دور السينما بحيّ «مانهاتن»، عن ان تُشاهده خارجها.

الانوار المُبهره التي تُضيء المَدِينه لَيلاً، كُل تِلك الازقَّه والاحياء التي تَعرفها، المَباني القَدِيمه، الجِسر الكلاسيكي، مَنظر الجَليد في الشتاء، وزِحام الاشكال المالوفه في الصَّيف، قبلات المُحبّين الخاطِفه في ساعاتِ الغروب، بَهجه الألعاب النارية في سَماءِ المَدينه، وموسيقي «جورج جيرشوين» علي لقطاتها المتفرقه، وحده صُوت «وودي الان» استطاع وَصف ما تشعره في تِلك اللحظه: «انه يحب نيويورك، هي مَدينته، وستظل كَذلك دوماً».

في ذلك الوقت، لم يَكُن «الان» قد قَدَّم فقط احد اعظم الافتتاحيات في تاريخ السينما، ولكن هُناك الاهم.. تاسيساً لـ«سلاله نيويوركيه» تُشبه مَدينتها، قاسيه وشاعريه كما وَصفها في كَلماته، تَجعل المَدينه جزءً من الحِكايه التي تُرْوَي، «نورا ايفرن» كانت الاميره في تِلكَ السلاله.

قَرار جري بان تَترك الطريق الذي كانت قد بداته بالفعل في كتابه الروايه وتتجه نَحو السينما بعد مُشاهدتها لـ«مانهاتن» في هذا الصيفِ البعيد، النتيجه اتت سريعاً مع ترشيح للاوسكار عن سيناريو فيلم «سيلكوود»، ولكن لم تَكُن تِلك الميلودراما الحادَّه هي حَقاً ما تريده، كانت ترغب في شيءٍ ابسط واكثر قرباً من الناس، واستغرقت نورا اربع سَنوات لِتَصل الي سيناريو اخر يَحمل اسم «حينما التقي هاري بسالي».

السيناريو الذي كان تَحيَّه مُفرطه في كافه تفاصيله الي استاذها «وودي الان»، مَنحته الي احد افراد سلالته النيويوركيه «روب راينر» ليخرجه عام 1989، ويُصبح واحد من اهم افلام الكوميديا الرومانسيه، بفضلِ دِقه «نورا» في تناول الفروق بين الصداقه وبين الحُب، وتَطورات العلاقات العاطفيه بين الناس، وفي خَلفيَّه كل هذا كان هُناكَ المَدينه، التي لا يُشار اليها ولا تشارك في الاحداث بشكلٍ مُباشر، ولكنها موجوده دوماً، في لَحظات التَّجَوّل او النَّظر من شرفه عاليه او الاحاديث الليليه اثناء السفر بالعربه، كان هُناك دائماً اجواء ساحِره للمِدينه.

وحين اتخذت «نورا ايفرون» قرارها ببدءِ الاخراج، كان تِلك «المَدينه المُؤَانِسَه» هي بطله حكايه فيلم «ارق في سياتل»، تبدو فيه «الاميره» وَفيَّه ايضاً لكل ما تعلمته من «الان»، حتي في عِشقِ الراديو الذي تَقوم عليه قصه الفيلم الاساسيه حين يتصل الطفل «جوناه» باحدي برامجه ويَروي حِكايه والده الذي يعيش متاثراً بعد وفاه والدته منذ ثمانيه عشر شهراً، وهو يرغب مُساعدته في ان يجد «نصفه الاخر» ليكمل حياته، وعلي الناحيه الاخري من المَدينه كانت «اني ريد» تستمع الي الراديو، وتَقَع في حُب هذا الرجل، وبتفاصيلٍ ساحره، للشخوصِ والمَدينه، تَنسج «ايفرون» خيوط فيلمها الذي كان مُلهماً في الكثير من تفاصيله للكثير من افلامِ الفئه التي قُدّمت بعده.

المَدينه في افلام «ايفرون»، وبتاثر من «الان»، دائماً ما تَكون طَيّبه، تُساعدنا علي الحَياه، المَدينه هي مكان مُناسب لحكاياتِ المؤانسه وايجاد الحَبيب مَهما بدا بعيداً.

خَمس سنوات اخري كانت كافيه لـ«ايفرون» كي تُعيد سَرد قِصه اخري مُشابهه عن المَدينه في «لَديك بريداً» عام 1998، تَجمع فيه للمره الثانيه ثنائي «ارق في سياتل» «ميج رايان وتوم هانكس»، في حِكايه عن صداقات المراسله التي تَتحول الي قِصصِ حُب عَظيمه، وعن مؤانسه الغرباء التي تجعلنا نَعرف انفسنا، وعن معرفتهم لنا اكثر احياناً من الاقربين، وعن الراسماليه التي تغيَّر الكثير من التفاصيل الحميميه للمدينه، ولكن رغم ذَلك تبقي حياتنا كلها مُعلقه بها، ويَجعلنا فيلماً كهذا اكثر مَحبةً لها، تماماً كالمستخدم «TjMulyadi» الذي رَفع المشهد الاخير من الفيلم علي موقع «اليوتيوب»، وكتب تحته انه صُورَ في «ريفر بارك».. 91 غرب نيويورك، ووضع ابتسامه وهو يَقول «مَدينتي»، ياء المِلكيه تِلك هي الحِكايه كلها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل