المحتوى الرئيسى

لماذا حمص ... أو هل يمكن تأسيس دولة علوية؟

06/24 04:03

ليست هي المره الاولي في تاريخ سوريه التي يطرح فيها موضوع الدولة العلوية، المره الاولي كانت في شهر ايلول عام 1923 حين اعلنت دوله الانتداب الفرنسي علي سوريه قيام الدوله العلويه وعاصمتها مدينة اللاذقية علي الساحل السوري ووقتها، وحسب ما اعلنت سلطات الانتداب، كان من المفترض ان تضم تلك الدوله اجزاء من محافظات طرطوس وحمص وحماه اضافه الي اللاذقيه.

اليوم الحديث عاد من جديد عن نيه النظام السوري، الذي يقوده رئيس وضباط ومسؤولون غالب%20بن%20فهر>غالبيه منهم ينتمون الي الطائفة العلوية، تاسيس مثل هذه الدوله، ويضربون امثله علي ذلك ما تتعرض له بعض المناطق في محافظات حمص وحماه واللاذقيه وطرطوس من قمع وحشي وقتل وتهجير للسكان.

وللحقيقه فقد شهدت محافظه حمص وسط البلاد العديد من المجازر التي راح ضحيتها المئات من ابنائها، كمجزره حي كرم الزيتون والحوله اضافه الي الهجوم العسكري الذي دام اكثر من شهر علي حي بابا عمرو وسط 20المدينة%20المنوره>المدينه، حيث تعرض اهالي هذا الحي لحصار محكم من قبل قوات النظام السوري قبل ان تقتحمه وتدمره عسكريا. وكان من نتيجه ذلك ان سقط الالاف من ابناء المدينه ونزح عشرات الالاف منهم باتجاه محافظات حماه وحلب ودمشق وريفها، اضافه الي اولئك الذين فروا الي لبنان. اما اليوم فتبدو العشرات من احياء المدينه او القري والمناطق المجاوره، شبه خاليه من اهلها.

بعض المراقبين يشيرون الي اصرار قوات النظام السوري علي اقتحام وتهجير اهالي مناطق معينه في حمص وريفها مثل سهل الحوله الذي تجاوره بعض القري العلويه والشيعيه اضافه الي مدن الرستن وتلبيسه والقصير ايضا. كذلك تحدث البعض عن عمل قوات ومرتزقه النظام السوري علي تهجير نحو خمس قري من ريف حماه، ويضربون مثالا علي ذلك مجزره القبير التي راح ضحيتها نحو مئه شخص. وفي اللاذقيه شهدت منطقة الحفة «السنيه» ومعها قريه «سلمي» عملية عسكرية لقوات النظام كان من نتيجتها مقتل المئات من ابناء المنطقه من الطائفة السنية ونزوح عشرات الالاف منهم الي مناطق جسر الشغور في ادلب والي الحدود التركيه. هذه الوقائع المؤلمه علي الارض بدات تعطي نوعا من القبول للحديث عن هذا «المخطط»، نقصد تفكير النظام السوري وعمله علي تاسيس دوله علويه في المستقبل.

هناك من يتحمس ويعتبر هذا المشروع كما لو انه قادم لا محاله، وما هي الا مساله وقت حتي تصبح الدوله العلويه واقعا قائما، ويعتبرون تلك الدوله المنشوده بمثابه «الملجا الاخير لتلك العصابه من المجرمين الذين سينفصلون عن سوريه ليعيشوا في بلد لن يلاحقهم فيه احد... يتمتعون بثروات سوريه المنهوبه علي مدي خمسين عاما.. ويحتمون باسلحه سوريه التي دفعنا ثمنها... لتصدير اكبر تهديد لنا». علي حد تعبير احد الناشطين السوريين في مقاله كتبها علي موقع للمعارضه السوريه.

ويري المتيقنون من قيام هذه الدوله وتنفيذ هذا المخطط ان ما يعيق ذلك «هو وجود غالبيه سنيه، فكان الواضح ان تهجير السنه هو الجواب لهذه التساؤلات. وقد بدا التهجير باكراً عندما تم قصف حي الرمل الفلسطيني في مدينه اللاذقيه، ثم كانت البدايه الحقيقيه لتنفيذ التهجير و افراغ المدن هي كلمه بشار الاسد عندما قال ان سوريه تتعرض لمخطط لتقسيمها... فمنذ تلك اللحظه بدا النظام حمله لا تؤدي الي القضاء علي الثوره، وكان القصف والحصار احدي الوسائل».

لكن ورغم كل ما اشيع وما يشاع عن امكانيه قيام مثل هذه الدوله فان للواقع الجغرافي والديموغرافي السوري كلمه مختلفه. فالحقيقه علي الارض سوف تجعل من الصعوبه بمكان تاسيس مثل هذه الدوله حتي لو افترضنا ان هناك نيه او مشروعا معدا لها، بحيث يهرب اليها الرئيس الحالي في حال اجبر علي الرحيل من السلطه بفعل قوي الثوره في الداخل او بموجب حل اقليمي ودولي متفق عليه.

اولي الحقائق علي الارض السوريه هي الحقيقه الديموغرافية او الواقع الديموغرافي السكاني المتعلق بالهويه الطائفيه والدينيه لتلك المناطق التي يفترض ان تكون ضمن حدود الدوله العلويه. وهذا الواقع الديموغرافي هو واقع بالغ التعقيد والتشابك، في كل من محافظات اللاذقيه وطرطوس وحمص وحماه، ففي اللاذقيه يختلط السنه والعلويون والمسيحيون في العديد من المدن والقري، اختلاطا يكاد يكون تاما، مثل مدينه اللاذقيه «وهي العاصمه المفترضه للدوله العلويه المفترضه» التي تسكنها غالبيه سنيه واقليتان علويه ومسيحيه. كذلك مدينه جبله المجاوره التي تسكنها غالبيه سنيه وتحوط بها قري علويه ومسيحيه وسنيه ايضا، وهذا التوزع يشبه تماما ما هي عليه مدينه الحفه «السنيه» التي يحيط بها بعض القري العلويه. الشيء نفسه ينطبق علي مدينه بانياس في طرطوس التي تسكنها غالبيه من «السنه» واقليه من العلويين ومحاطه بقري علويه وسنيه ومسيحيه. ايضا محافظتي حمص وحماه، فهناك غالبيه سنيه في المدينتين وقري ومدن محيطه بهما متعدده ومتنوعه من الناحيتين الطائفيه والدينيه.

ان هذا التداخل يفترض تهجيرا قسريا للملايين من السكان او عمليات تطهير عرقي بحق طائفه معينه، وهي طائفه ليست قليله او اقليه، ان ذلك من الاستحاله تحقيقه واقعيا، لاسباب كثيره اولها، عملي يتعلق بقدرات النظام السوري علي فعل ذلك، وثانيهما ان العالم جميعه يراقب ما يحصل في سوريه، ان قتلا او تهجيرا جماعيا لطائفه او جماعه سوريه ما قد يجمع القوي الدوليه العظمي كلها رغم كل خلافاتها ضد نظام الرئيس الاسد للعمل علي اسقاطه.

السبب الاخر يتعلق بموقف النخب العلويه نفسها من هذا المشروع، حيث لم يسجل الي اليوم ان مثقفا واحدا او رجل دين او جنرالا عسكريا كبيرا عبر عن تاييده لمثل هذه التوجهات، لا بل علي العكس فان رجل دين علويا مثل الشيخ محمود قدور قال حرفيا في لقاء مع تلفزيون «الجديد» اللبناني خلال مقابله مع الصحافي رامي الامين ان «العلويين حاربوا الفرنسيين واسقطوا مشروع الدوله العلويه في الماضي واليوم سنحارب العالم من اجل عدم قيام مثل هذه الدوله».

اما من حيث الحقائق الجغرافيه علي الارض، فيبدو ضربا من المستحيل ان تعيش وتحيا دوله ضمن محيط وحدود كلها معاديه من الناحيه الطائفيه تركيا «السنيه» في الشمال، ادلب وحلب السنيتين في الشرق، حماه وحمص من الجنوب الشرقي، ايضا طرابلس اللبنانيه «السنيه» في جنوبها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل