المحتوى الرئيسى

شظايا أوروبا .. والحل

06/08 07:12

في حين يناضل زعماء اوروبا بعد قمه فاشله اخري، يتعين عليهم ان يفكروا ملياً في الهيئه التي قد تبدو عليها قارتهم - والعالم - اذا استمروا في انتاج حلول غير مرضيه للمشاكل الماليه والاقتصاديه التي تواجهها اوروبا. وما الذي قد يحدث في اعقاب تفكك منطقه اليورو - الذي يكاد يكون مؤكداً الان - وتفكك الاتحاد الاوروبي؟

ان افضل مكان للنظر في هذه المساله لن يكون بروكسل، بل تيراسبول عاصمه الكيان الذي يطلق علي نفسه جمهورية بريدنيستروفيه المولدافية، او ترانسنيستريا. نشات هذه الشظيه الإقليمية التي يسكنها نحو نصف مليون نسمه في اوائل تسعينيات القرن العشرين، بعد تفكك الاتحاد السوفياتي (وعدد سكانه 300 مليون نسمه تقريبا)، عندما انفصلت عن جمهورية مولدوفا (وعدد سكانها اربعه ملايين)، التي انفصلت في اربعينيات القرن العشرين عن اوكرانيا (وعدد سكانها 50 مليون نسمه).

وتتمتع ترانسنيستريا بحكومه وبرلمان وجيش ودستور وعلم، ونشيد وطني حماسي علي غرار النشيد الوطني السوفياتي؛ وبطبيعه الحال تظل سيادتها القوميه منقوصه من دون عمله خاصه بها. ان هذا الكيان السياسي يُعَد النظير الدقيق في العالم السياسي لظاهره ماديه معروفه تتمثل في الانشقاق او الانشطار. فعندما يُجهَد اي سطح فانه يتفتت الي قطع كبيره، ولكن التفتت يستمر الي شظايا اصغر واصغر.

ومن بين دول الاتحاد الأوروبي الست الاكبر حجما، فان فرنسا وحدها التي تتمتع بنظام سياسي مركزي واضح المعالم حقا. وتاتي مركزيه بولندا قريبه من النظام الفرنسي، ولكن تظل بعض الاختلافات الاقليميه القويه قائمه ــ تاركه الانظمه الامبراطوريه الكبري الثلاثه المختلفه الي حد كبير، والتي شملت بولندا في القرن التاسع عشر.

وكانت ايطاليا والمانيا في القرن الثامن عشر بمثابه الادماج لمجموعه متنوعه ملونه من الوحدات السياسيه الصغيره والمتوسطه الحجم. وتبدو المملكة المتحدة اقدم واكثر استقرارا، ولكن اسكتلندا اليوم يسيطر عليها حزب سياسي يريد الغاء قانون الاتحاد لعام 1707، علي ان يتم تحديد المستقبل بموجب استفتاء اسكتلندي في عام 2014. ولقد نجحت اسبانيا بعد دكتاتوريه فرانكو في جلب الاستقرار لنفسها بمنح مناطقها الحكم الذاتي، والتي تتصرف باكثر من نحو اليوم وكانها وحدات مستقله.

لا شك ان الالمان الذين يفكرون في احتمال تحويل الاموال الي جنوب أوروبا يتذكرون اعاده توحيد شطري بلادهم بعد انهيار المانيا الشرقية الشيوعيه اثناء الفتره 1989-1990. ولقد تمت بالفعل تحويلات هائله، كما تم تكريس موارد وطنيه لمشاريع البنيه الاساسيه الهائله. ولم يكن هذا كافياً لوقف تفريغ الولايات الشرقيه، مع رحيل العديد من اقدر الناس واكثرهم حباً للمغامره التجاريه ــ وهي التجربه التي فرضت ضغوطاً هائله علي التضامن الوطني.

ان مشاكل التحويلات في اي وحده سياسيه كبيره تكمن في صميم النظام الفيدرالي. ولقد هيمن علي تاريخ الولايات المتحدة المبكر مناقشه محتدمه دارت حول قضيه التضامن. ففي عام 1970، عندما زعم الكسندر هاملتون ان الحكومه الفيدراليه الجديده لا بد ان تتحمل ديون الولايات المتراكمه عليها منذ حرب الاستقلال، واجه هجوماً شرسا. ووفقاً لزعم جيمس ماديسون في "الاوراق الفيدراليه" فان الوسيله الوحيده لدعم مثل هذا النظم السياسي الجديد كانت تتلخص في التاكد من ان السلطات الفيدراليه قليله ومحدوده.

والان تعيش اوروبا لحظه مماثله. فهي الان غارقه في ازمه وجوديه اشد عمقاً من اي وقت مضي منذ عام 1945. وفي حين يُعَد التخبط استجابه تتسم بها الانظمه السياسيه المعقده، فانه مدمر للغايه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل