المحتوى الرئيسى

أفلام الحافظة الزرقاء.. كلاب المستودع

06/07 15:49

لست ناقدا سينمائيا؛ لكني اعرف جيّدا تلك الافلام التي هزّتني او ابكتني او اضحكتني او جعلتني افكّر طويلا.. اعرفها واحتفظ بها جميعا في الحافظه الزرقاء العتيقه التي تمزّقت اطرافها، وسوف ادعوك لتشاهدها معي لكنها اثمن من ان اقرضها! معظم هذه الافلام قديم مجهول او لا يُعرض الان، لكنها تجارب ساحره يكره المرء الا يعرفها مَن يحب.

في العام 1992 كان هناك شاب "مرووش" يعمل بائعا في نادٍ للفيديو، ولم يدرس السينما قط.. هذا الشاب راح يقابل المنتجين حاملا سيناريو عجيبا كتبه بنفسه ويريد ان يخرجه؛ الاغرب ان السيناريو يبدا بجمله صادمه "اغنيه مادونا هي اغنيه عن رجل شديد الفحوله".. طبعا يقولها بالفاظ بذيئه جدا.. كان هذا صادما للمنتجين وبدا لهم انه من الجنون فتح الباب لهذا الفتي اصلا، بعد اعوام عرف العالم ان هذا الشاب المجنون اسمه "كونتين تارانتينو" الذي كتب واخرج بعد عامين فيلما بالغ الروعه اسمه (خيال شعبي) الذي قدّمناه هنا.

فقط مع هذا الفيلم ادرك الناس ان تارانتينو جاء ليبقي وانه ظاهره حقيقيه في عالم السينما، وهكذا عادوا ليشاهدوا "كلاب المستودع" الذي حقّق نجاحا ساحقا.

ان الفيلم يندرج تحت نوعيه افلام اسمها "جريمه سطو فاشله" او Heist gone wrong؛ ومنها: "لوك ستوك وفوهتان يتصاعد الدخان منهما" و"عصر يوم حار" و"عندما يعرف الشيطان انك ميت" و"القتل".

كانت خطه تارانتينو تصوير الفيلم بميزانيه 30 الف دولار، لكن الممثّل هارفي كيتل ساعدهم في تمويل الفيلم لتبلغ الميزانيه مليونا ونصف المليون.

السيناريو الممتع الذي كتبه تارانتينو يحوي كالعاده مساحات هائله من الحوار، وهو حوار غريب في حد ذاته.. هناك كذلك بذاءه غير مسبوقه.. الكل يشتم.. في مشهد البدايه نري افراد العصابه يتناولون الافطار في كافتيريا، فيدور بينهم جدل حول اغنيه مادونا "مثل العذراء". بين الممثلين تارانتينو نفسه الذي يطرح نظريه مثيره للجدل حول مغزي الاغنيه، ثم يقرّرون جمع بقشيش للساقيه فيدور جدل حول قيمه البقشيش.. انها عاده تارانتينو في ان يبدو رجال العصابات اشخاصا عاديين جدا واقرب للاطفال السخفاء احيانا.

في النهايه ينهضون.. فيما بعدُ سنعرف انهم ذاهبون لعمليه سطو علي ماس لدي مصرف، ولقطات البدايه تعتبر من اجمل افتتاحيات السينما عندما يمشون بالسرعه البطيئه مع اغنيه "الحقيبه الخضراء الصغيره"..

سوف نعرف ممثّلي الفيلم، وهم المجموعه التي صاحبت تارانتينو في افلامه كلها تقريبا بعد ذلك: هارفي كيتل، وستيف بوشيمي، وتيم روث، ومايكل مادسين.. وبالطبع تارانتينو نفسه، وهو ممثّل متواضع المستوي لكنّ شيئا في ادواره يعلق بالذاكره.

في هذا الفيلم لا يتم استخدام اسماء، ولكن كل واحد من العصابه يحمل اسم لون: مستر ازرق، ومستر وردي، ومستر بني، ومستر برتقالي... الخ، وهم يعملون تحت امره جون كابوت رجل العصابات وابنه. منوع تبادل العناوين او الاسماء الحقيقيه، علي كل حال سوف نجد موضوع استعمال الوان بدلا من الاسماء مسروقا من فيلم الاكشن العظيم "الاستيلاء علي بلهام 1-2-3".

هناك مشهد ظريف يرينا المشكله التي تحدث عندما تعطي الناس فرصه الاختيار.. كل واحد لا يروق له لونه؛ مستر بني -ويلعب دوره تارانتينو نفسه- يشعر كان اسمه هو "مستر براز"، بينما مستر وردي يشعر ان اسمه ذو ايحاء جنسي.. في النهايه يشخط فيهم كابوت "لا اختيارات هنا".. ليست هذه مدرسه اطفال.. كل واحد سياخذ اسما ويلتزم به بالقوه، لو ترك لهم الحريه فلسوف يتقاتلون علي لقب مستر اسود ومستر ابيض..

شاهد هذا المشهد الظريف هنا

بعد المقدمه يبدا الفيلم الحقيقي الذي يدور كله في مستودع؛ لم نرَ السرقه.. لم نرَ ما حدث.. فقط ندرك انهم فشلوا وانهم تورطوا.. هنا تاتي براعه السيناريو حينما نجمع ببطء من افواه اللصوص حقيقه ما حدث بالضبط، في المستودع يجتمع مستر ابيض ومستر وردي مع مستر برتقالي الذي ينزف بغزاره.. من الواضح ان الشرطه كانت تتوقع السرقه وقد امطرتهم بوابل من الرصاص..

شاهد فرار مستر وردي هنا

كان مستر برتقالي هو الممثّل تيم روث، وقد ظلّ طيله الفيلم علي ارض المستودع ينزف.. قال فيما بعد انهم كانوا يسكبون عليه شراب البرقوق الاحمر الذي يبدو كالدم؛ لهذا كانوا "يسلخونه" سلخا من الارض في نهايه يوم التصوير.

المشكله الالعن ان مستر اشقر اطلق رصاصا علي الناس بشكل مجنون مما زاد الجريمه خطوره، بل انه اعتقل رجل شرطه جاء به الي المستودع.. عندما ينفرد المستر اشقر السادي برجل الشرطه يتسلي بتعذيبه؛ لدرجه انه يرقص علي الموسيقي في المذياع وهو يقطع اذن الشرطي.

هذا من المشاهد الشنيعه جدا في تاريخ السينما، وبرغم هذا يكتشف المرء في دهشه انه لم يرَ اي اذن تقطع.. لقد اوحي تارانتينو بالامر ولم يرينا اي شيء.

يُوشك كذلك علي حرق الشرطي ويغمره بالجازولين، لكن البرتقالي يتدخّل في هذه اللحظه ويقتله بالرصاص، وهنا نعرف ان البرتقالي هو شرطي سري متنكر، وهو من ابلغ الشرطه بتفاصيل السطو قبل ان تقع، لكن هذا يكلّفه حياته تقريبا.

الان تتكاثر الشكوك حول مستر برتقالي، ويدافع عنه مستر ابيض، مؤكّدا انه من المستحيل ان يكون جاسوسا او مخبرا لدي الشرطه، لكن جو ابن الزعيم يصل.. يخبرهم ان مستر ازرق قد مات اثناء الهرب، وهو يعرف يقينا ان البرتقالي مخبر شرطه.

يتمّ تبادل اطلاق رصاص علي طريقه الوقفات المكسيكيه

تنطلق الرصاصات في كل صوب.. والنتيجه لخبطه هائله.. يموت فيها الكل تقريبا.. مستر وردي يحاول الفرار بالمسروقات لكن الشرطه تعتقله خارج المستودع، يحتضن مستر ابيض مستر برتقالي مواسيا مطمئنا؛ فيكشف هذا الاخير عن شخصيته وعن انه شرطي.. اكتشف مستر ابيض انه كان احمق وانه وضع ثقته في شخص خانهم.. يخرج مسدسه لقتله بينما نسمع صوت اقتحام الشرطه للمستودع.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل