المحتوى الرئيسى

تاريخ اليورو | إنجلترا 1996، ماكينات تؤلم وتُحطم الأحلام

06/02 21:28

بطولة أقل ما يُقال عنها رائعة وممتعة في معظم مبارياتها، فالمنتخب الإنجليزي قدم للمرة الأولى كرة قدم خالية من الكلاسيكية التي اعتاد تقديمها في المسابقات الأخرى.

وبدا واضحاً تيقن رفاق بول جاسكوين بأن أسلوب الكر والفر سيبقيهم محلك سر، فكان عليهم التغيير، وهذا ما أوصلهم عن جدارة واستحقاق وبعد عدد وافر من الأهداف إلى الدور قبل النهائي للمرة الأولى في تاريخهم بعد تطبيق نظام دور المجموعات.

لكن ألمانيا التي حطمت أحلام الطليان في دور المجموعات ثم أخرجت كرواتيا من ربع النهائي استطاعت انهاء الحلم الإنجليزي بفضل الركلات الترجيحية التي سبق وأنهت به حلم تأهل إنجلترا لنهائي مونديال 1990 في إيطاليا، وفي نهائي البطولة حدثت المعجزة لأول مرة في التاريخ برأسية بيرهوف.

البلد المضيف - إنجلترا، مهد كرة القدم

مسمى "يورو" لم يكن ملتصقاً ببطولة كأس أمم أوروبا منذ عام 1960 وكانت لبطولة 1996 الشرف في أن يطلق على كأس أمم أوروبا لقب اليورو في بلاد مهد كرة القدم حين اتحدت دول أوروبا في اتحاد ضخم سُمي بالاتحاد الأوروبي ومن ثم تم توحيد العملة التي سببت خلال السنوات القليلة الماضية بعض المشاكل الاقتصادية لدول كاليونان وإسبانيا.

ولم تحصل إنجلترا على حق استضافة أي بطولة من البطولات الكبرى منذ استضافتها لنهائيات كأس العالم 1966 والتي ظفرت بلقبها لأول مرة في التاريخ على حساب ألمانيا.

واستبعدت البلاد رغم وجود أفخم الملاعب وأعلى وسائل المواصلات مع الشغف الجماهيري الكبير بهذه اللعبة لمدة 30 عاماً من تنظيم أية أحداث من هذا القبيل بسبب الشغب وانتشار ظاهرة الهوليجانز، وزادت الأمور تعقيداً بعد حادثة ستاد هايسل حين توفى حوالي 34 مشجعاً إيطالياً من جماهير يوفنتوس في نهائي دوري أبطال أوروبا على يد جماهير ليفربول في بلجيكا عام 1985.

لكن المرأة الحديدية "مارجريت تاتشر" - رئيسة الوزراء نهاية الثمانينيات- أبت أن يستمر الوضع على هذا المنوال وتمكنت من اعادة الهيبة للمملكة التي لا تغيب عنها الشمس وتسبب النظام الكبير الذي فرضته على الأمن ومن ثم في البريميرليج لفوز البلاد بحق تنظيم اليورو عام 1996.

ورغم المخاوف الكبيرة من وقوع أعمال شغب إلا أن التنظيم كان رائعاً بأتم معنى الكلمة، ولقى اشادات كبيرة من كل أنحاء العالم، وتضاعفت حلاوة المسابقة مع الأداء الجميل للمنتخبات المشاركة، لتوضع بطولة يورو 96 ضمن خانة أفضل البطولات التي لعبت في تاريخ القارة العجوز.

بالإضافة لاسم اليورو الذي أطلق للمرة الأولى على المسابقة، فقد حدث توسع كبير في عدد المنتخبات المشاركة إذ وصلت لـ16 منتخب بدلاً من ثمانية.

واستطاع الإنجليز تسجيل أعلى حضور جماهيري لمباريات بطولات كأس أمم أوروبا بوصول عدد الذين شاهدوا المباريات الـ31 من الملعب لمليون و276 ألف مشجع، بمعدل 41،158 ألف مشاهد للمباراة الواحدة، وهو مُعدل لم تستطع أياً من الدول التي نظمت المسابقة فيما بعد تحقيقه.

وكانت الملاعب والمدن الثماني اللتي استضافة الحدث هي:

(ويمبلي-لندن)، (أولد ترافورد-مانشستر)، (أنفيلد روود-ليفربول)، (فيلا بارك-بيرمنجهام)، (سان جيمس بارك-نيوكاسل)، (جروند سيتي-نوتنجهام فورست)، (هيلزبروه-شيفيلد)، (آيلاند روود-ليدز).

أهم أخبار وأحداث سنة 96

*شركة موتوريلا تتطرح أصغر وأخف هاتف خلوي في العالم للمرة الأولى في التاريخ، وحمل الهاتف اسم ستارتاك.

*الدوري الأميركي للمحترفين ينطلق للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية بعد عامين من كأس العالم 94، وأول مباراة جمعت سان خوسيه ودي سي يونايتد وانتهت بفوز سان خوسيه، وسجل أول هدف في تاريخ هذه المسابقة اللاعب "إريك وينالدا".

*نجمة التنس الألمانية "شتيفي جراف" هزمت خلال يورو إنجلترا اللاعبة الإسبانية "آرانشا سانشيز فيكاريو" في أطول نهائي سيدات في تاريخ بطولة رولان جاروس (فرنسا المفتوحة) لترفع شتيفي عدد بطولاتها لـ19 في مسيرتها.

*الملاكم العظيم "محمد علي كلاي" الذي ظفر بالميدالية الذهبية في الملاكمة خلال دورة الألعاب الأوليمبية 1960 قام في عام 1996 بإضاءة شعلة دورة الألعاب الأوليمبية في أطلنطا.

بصرف النظر عن تأهل الدولة المضيفة بشكلٍ تلقائي إلى النهائيات، شهدت مرحلة التصفيات مباريات غاية في الصعوبة خلال مرحلة الملحق، ولعبت المباريات الفاصلة على ملاعب مُحايدة في إنجلترا، من مباراة واحدة، علماً بأن هذا النظام قد تغير فيما بعد.

ولعبت جمهورية آيرلندا مباراة صعبة ضد هولندا على ملعب أنفيلد روود، لكنها خسرت وودعت لتتأهل الطواحين الهولندية للعب في المجموعة الأولى مع "إنجلترا، اسكتلندا وسويسرا"، ورغم تأهل رفاق بيركامب بالملحق إلا أنهم انتزعوا المركز الثاني خلف إنجلترا وتجاوزوا مع المدرب جوس هيدينك المحن التي مَروا بها أمام إنجلترا حيث خسروا بأربعة أهداف لهدف.

الاتحاد الأوروبي كان قد قرر بعد بطولة أمم أوروبا 1992 التي تُوج بها المنتخب الدنماركي مضاعفة عدد المنتخبات، بدلاً من ثمانية لـ16، بسبب التميز الكبير الذي طرأ على الكرة الأوروبية وتوسيع الاتحاد الدولي للعبة رقعة التنافس على كأس العالم وطلبه من اليويفا لـ14 منتخب أوروبي للمشاركة كل أربعة أعوام في المونديال.

وساهمت بعض التغيرات السياسية والجغرافية في أوروبا في انجاح عملية اضافة المزيد من المنتخبات حيث تفككت دول الاتحاد السوفيتي وكذا تشيكوسلوفاكيا ويوجوسلافيا، ليزيد عدد أعضاء الاتحاد الأوروبي، ليرتفع عدد المنتخبات في التصفيات من 33 فريق لـ48 في عام 1996.

وظهر في يورو 1996 عدد من المنتخبات للمرة الأولى في التاريخ أمثال "جمهورية التشيك" و"كرواتيا" التي تصدرت المجموعة الرابعة في التصفيات و "روسيا" التي تصدرت المجموعة الثامنة.

وتواجدت أيضاً بلغاريا التي حلت ثانية للمجموعة السابعة في التصفيات، وظهرت أخيراً "سويسرا" في النهائيات تحت قيادة المدرب الإنجليزي روي هودسون حين احتل المركز الأول في المجموعة الثالثة في التصفيات على حساب تركيا الثانية.

وتأهلتا رومانيا وفرنسا عن المجموعة الأولى، وكذلك إسبانيا والدنمارك من المجموعة الثانية، وترشحت إيطاليا كوصيفة للمجموعة الرابعة، وكالعادة تأهلت ألمانيا كمتصدرة للمجموعة السابعة، وعادت اسكتلندا للظهور في المسابقة بعد احتلالها المركز الثاني في المجموعة الثامنة للتصفيات.

كل شيء في النهائيات كان فريداً من نوعه...عدد المجموعات للمرة الأولى 4، وعدد المنتخبات للمرة الأولى 16، وهناك ابتكارات أخرى كالعمل بشوطين اضافيين وخلال أحدهما إذا تمكن فريق ما من تسجيل هدف التقدم في أي وقت تنتهي المباراة ويصبح فائزاً بها.

بدأ المنتخب الإنجليزي مباريات دور المجموعات بتعادل إيجابي مع سويسرا 1/1، يوم الثامن من يونيه.

لكن بعد أسبوع واحد استطاع رفاق شيرار تجاوز الجار الاسكتلندي بهدفين نظيفين وسجل بول جاسكوين واحد من أجمل أهداف بطولات كأس الأمم الأوروبية في التاريخ.

تعقدت المنافسة في المجموعة الأولى حيث استطاعت اسكتلندا التعادل في الافتتاح مع هولندا بدون أهداف، وفي الختام تفوق الإنجليز برباعية مُبهرة مقابل هدف لهولندا، ليتصدروا المجموعة الأولى برصيد 7 نقاط بأداء رائع من الثلاثي شيرينجهام، شيرار وبول جاسكوين بالاضافة لصانع الألعاب أندرتون وستيف ماكمانمان.

ولولا الهدف الذي سجلته هولندا في الدقائق الأخيرة أمام إنجلترا لودعت أمام اسكتلندا التي كان لديها نفس رصيد نقاط الطواحين "4" لكن فارق الأهداف أنقذ رأس هيدينك.

  وسار الإسبان والألمان والفرنسيين على نهج الإنجليز في الدور الأول بعدم تعرضهم للخسارة، ليتأهلوا جميعاً إلى مرحلة الدور الاقصائي عن جدارة واستحقاق بفوزين وتعادل.

وودعت إيطاليا البطولة بعد احتلالها للمرتبة الثالثة في المجموعة الثالثة خلف جمهورية التشيك الثانية بنفس رصيد النقاط "4" لكن فارق الأهداف رجح كفة رفاق بافيل نيدفيد ليترشحوا لمواجهة البرتغال في الدور ربع انلهائي.

واستطاع المنتخب الفرنسي تجنب مقابلة إنجلترا في الدور ربع النهائي بفوزه الأخير على رومانيا خلال منافسات دور المجموعات، ليصطدم صاحب المرتبة الثانية في المجموعة الثانية "الغضب الأحمر الإسباني" بالأسود الثلاثة.

اللقاء الأول في ربع النهائي بين إنجلاند وسبان انتهى بالتعادل السلبي وابتسم التوفيق لمخترعي كرة القدم في ركلات الجزاء الترجيحية 2/4، وهي نفس الطريقة التي تأهلت بها الديوك الزرقاء لنصف النهائي حيث فاز الفرنسيون بفارق 5 ركلات ترجيحية مقابل 4 للطواحين البرتقالية.

وانهت التشيك وألمانيا مواجهاتهما مع كرواتيا والبرتغال في غضون 90 دقيقة، حيث فازت ألمانيا بهدفين لهدف على كرواتيا للترشح لمواجهة إنجلترا في الدور قبل النهائي، وتألقت التشيك بهزيمة أحفاد فاسكو دي جاما بهدف دون رد لتقابل ديوك فرنسا.

واستخدم المنتخب التشيكي سلاح ركلات الجزاء الترجيحية أمام نظيره الفرنسي للتأهل إلى النهائي للمرة الأولى في التاريخ حيث انتهت المباراة بالتعادل السلبي وفي ركلات الترجيح قاد النجم "بيرجر" زملائه للفوز بنتيجة 6/5.

وبنفس نتيجة ركلات ترجيح التشيك وفرنسا فعلتها ألمانيا وحطمت أمال إنجلترا أمام جماهيرها العريضة بعد انتهاء المباراة في وقتها الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي 1/1.

واصلت البطولة تفردها واختلافها عن بقية البطولات التي سبق ولعبت، فالنهائي سيقام للمرة الأولى بين فريقين سبق لهما مواجهة بعضهما في النهائي عام 1976 حين كانت التشيك تُشارك باسم "تشيكوسلوفاكيا"، وسبق لهما التنافس في دور مجموعات البطولة.

ألمانيا تسلحت في هذا اللقاء بفوزها على التشيك بهدفين خلال المباراة الافتتاحية للمجموعة الثالثة، لكن التشيكيون كانوا قد تعافوا من الانتكاسة وساهموا في ابعاد الأتزوري ليُولد الحصان الأسود أثناء المسابقة، وارتفع سقف طموحاتهم من مُجرد اللعب في مرحلة دور الثمانية للعب في المربع الذهبي أمام فرنسا ومن ثم لمواجهة ألمانيا في اللقاء الأخير بفضل مجموعة متميزة من اللاعبين أمثال "كاريل بوبورسكي، بافيل نيدفيد، باتريك بيرجر وفلاديمير سميتشر".

ولم يكن للمدرب الألماني بيرتي فوجتس يمتلك الكثير من الحلول في هذا النهائي بسبب إصابة عدد من لاعبيه كتوماس هاسلر، ومشاركة مهاجم توتنهام والإنتر الأسبق "يورجن كلينسمان" بالإصابة، وقرر التشيكيون تعميق مِحنه بتسجيل الهدف الافتتاحي في الدقيقة 58 إثر ركلة جزاء مثيرة للجدل تحصل عليها بوبورسكي بذكاء حاد من المدافع الشهير (ماتياس سامر) وأحرزها لاعب ليفربول وأستون فيلا الأسبق (بيرجر).

وكعادة الألمان، لعبوا دون استسلام، وحاولوا تعويض الهدف بشتى السبل وساعدهم على تحقيق التعادل التبديل الذي أجراه فوجتس بسحب ذو الأصول التركية "محمد شول" والدفع بالمهاجم طويل القامة "أوليفر بيرهوف" لاعب نادي أودينيزي الإيطالي، ليتمكن بيرهوف من إحراز هدف التعديل في الدقيقة 72.

هكذا تحولت المباراة إلى وقت إضافي استطاع بيرهوف قبل نهايته بخمس دقائق إحراز الهدف الذهبي الذي قتل المباراة، لتعانق الماكينات عديمة الرحمة لقبها الثالث في تاريخ مشاركاتها ببطولة أمم أوروبا، وتعوض الاخفاق المدوي لها في نهائيات مونديال 1994 حين ودعت أمام بلغاريا في ربع النهائي.

ظهر عدد لا بأس به من اللاعبين المتميزين في هذه الدورة، من إنجلترا شيرار وبول جاسكوين، ومن ألمانيا بيرهوف وكلينسمان وماتياس سامر، ومن التشيك بوبورسكي، ومن إسبانيا جوارديولا وهييرو، ومن فرنسا يوري جوركييف، ومن بلغاريا ستويشكوف، ومن هولندا باتريك كلويفرت وبيركامب، إلا أن الخبراء تُوجوا الحارس الإنجليزي الممتاز "ديفيد سيمان" بلقب أفضل لاعب في البطولة بفضل العروض الرائعة التي أظهرها أمام اسكتلندا، هولندا وإسبانيا.

وحصل سيمان الذي حرس مرمى ليدز يونايتد، كوينز بارك رينجرز، بيتربروه، بيرمنجهام سيتي آرسنال ومانشستر سيتي في السنوات الـ25 الماضية، على جائزة أفضل لاعب من الراعي الرسمي للبطولة، شركة فيليبس للاجهزة الكهربائية والإلكترونية.

وعن تسلمه لجائزة أفضل لاعب في يورو 1996 يقول سيمان "إنه لشيء عظيم أن تحصل على الكثير من الثناء لمُجرد القيام بعملك بشكلٍ جيد، وأنا أعتبر هذه الجائزة حافز جيد لأواصل العطاء واللعب بنفس المستوى في بطولات أخرى".

وسارت أمور سيمان في الاتجاه الصحيح بعد تتويجه بهذه الجائزة المرموقة لعدد من السنوات حيث أصبح أحد ألمع حراس المرمى الإنجليز برصيد 75 مباراة دولية، وصار أبرز حراس بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز مع ناديه "آرسنال"، وقد استطاع الفوز بعدد من الميداليات مع المدفعجية، من بينها الدوري والكأس والترشح لنهائي كأس الاتحاد الأوروبي سنة 2000 أمام جلطة سراي التركي.

 وبعد فترة من التألق مع آرسنال قرر المغادرة في صمت إلى مانشستر سيتي 2003، لكنه لم يلعب سوى 19 مباراة في الدوري بالقميص السماوي وقرر بعدها التقاعد بسبب إصاباته المتكررة في الكتف.

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل