المحتوى الرئيسى

نص البلاغ الذي يتهم «مبارك وسليمان وشفيق» بـ«الخيانة العظمى»

05/21 13:42

لقد اختار المصريون في دستور عام 1971، أن يكون النظام الجمهوري الذي يحكمهم ديمقراطيًا، السيادة فيه للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، وسيادة القانون أساس الحكم، وخضوع الدولة للقانون، وأن تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، وأن يقوم النظام السياسي على أساس تعدد الأحزاب، والفصل بين السلطات، ويقوم الاقتصاد على تنمية النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، مع حماية الملكية العامة، وأوجب الدستور في المادة 73 على رئيس الجمهورية أن يسهر على تأكيد سيادة الشعب، واحترام أحكام الدستور، وحماية الوحدة الوطنية، وأن يرعى الحدود بين السلطات لضمان تأدية دورها الوطني. وألزمه في المادة 79 أن يؤدي أمام مجلس الشعب ـ قبل أن يباشر مهام منصبه يمينًا" يقسم فيها بالله العظيم ".

 "أن يحافظ على النظام الجمهوري، وأن يحترم الدستور والقانون، وأن يرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن يحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه" ولضمان قيامه بهذه المهام على أكمل وجه، منحه الدستور صلاحيات هائلة، فجعله على رأس السلطة التنفيذية والهيئات القضائية وهيئة الشرطة والقوات المسلحة، وخصه بتعيين رئيس الوزراء والوزراء، وناط به  ـ بالاشتراك مع الوزراء ـ وضع السياسة العامة للدولة. وفي المقابل أكد الدستور في المادة 85 مبدأ تلازم السلطة مع المسئولية، فأجاز محاكمة رئيس الجمهورية عن جريمة الخيانة العظمى أو أية جريمة جنائية أخرى، وهو ذات المبدأ الذي اعتنقه من قبل دستور 1956وصدر نفاذًا له القانون رقم 247 لسنة 1956 الذي عاقب في مادته السادسة رئيس الجمهوري بالإعدام أو بالسجن المؤبد أو المشدد إذا ارتكب عملاً من أعمال الخيانة العظمى أو عدم الولاء للنظام الجمهوري، وحرص دستور 71 في المادة 191 منه على إبقاء كل

ما قررته القوانين اللوائح من أحكام قبل صدوره صحيحًا ونافذًا، ولم يصدر أي قانون بعد الدستور الأخير ينظم اتهام أو محاكمة رئيس الجمهورية، بما يعني أن القانون247 لسنة 56 مازال نافذًا ومعمولاً به حتى الآن.

      وقد ابتلى الله عبده  محمد حسني مبارك ( المتهم) فجعله فجأة ـ إثر اغتيال الرئيس السادات في أكتوبر 81 ـ رئيسًا لمصر، واستطاع الرجل أن يجلس على عرشها ـ كما أراد ثلاثين سنة كاملة، وخلال هذه المدة، بان جليًا للمصريين أن هذا الرجل لم يشغله شيء آخر من شئون البلاد قدر انشغاله باستمرار بقائه في السلطة لأطول فترة ممكنة، ولما بدأ يشيخ راح يفكر في نقل السلطة لابنه من بعده، ولعلمه من تاريخه وتجربته أن الشعب المصري لن يرضى بما ابتغاه، فقد ناصب الشعب العداء، واختار عدوه الصهيوني بديلاً عنه باعتباره الممر الوحيد لعقل أمريكا أعظم قوة في العالم، وقد حمت مستبدين كثراً في العالم قبله، فراح يرضي إسرائيل وأمريكا بكل الطرق الممكنة - ولو على حساب الشعب المصري وكرامته ومقدراته، مضيعًا أبسط معاني الاستقلال والسيادة الوطنية، ولم يعد مهمًا لديه أن تبقى سيادة للوطن، بل المهم أن تبقى السيادة للرئيس، ولم يعد مهمًا لديه الوفاء بما التزم به في دستور البلاد وأقسم اليمين  على أدائه، فهمَّه  الأساس حياة الملوك والسلاطين وأبهة الحكم، وهو ما دعاه بعد أن وضع مقدرات مصر تحت رحمة أمريكا والكيان الصهيوني، إلى أن يعتمد في الداخل على جنود من الفاسدين والمفسدين اختارهم بعناية ضمنت  أن يكونوا رهن مشيئته طالما تحقق لهم ما طمعوا فيه من متاع الدنيا الذي يملكه، فأغدق عليهم من ذهب المعز وولاهم الوزارات، وعينهم على رئاسة أجهزة الدولة ومؤسساتها، ليديروها وفق هواه -  لاوفق الدستور والقانون ـ وظل ملوحًا بسيف المعز واستعداده لاستخدامه إذا ما عادوا لرشدهم، ونتيجة لذلك تمكن من الامساك بكل السلطات التي لم تعد مستقلة وفق الدستور، ولم يعد ثمة مجال لأن يرعى الحدود بينها، إذ باتت كلها في يده بعد أن صار تزوير الانتخابات العامة كلها معتمدًا ورؤساء الهيئات القضائية يختارون بتقارير جهازه الأمني وكذلك النائب العام، والأجهزة الرقابية كانت تابعة له، والجامعات فقدت استقلالها وأضحى قادتها معينون بذات التقارير الأمنية التي تضمن ولاءهم، وكذلك الإعلام والصحافة. ولم يفُت الرئيس وقد بات مسكونًا بعقدة أمنه وأمن عائلته أن يحيط بيت العائلة بسياج أمني ضخم ومروع بناه وزراء داخليته وأجهزتهم الأمنية، فتم عزله عن الشعب، ولم يعد يسمع نصح المخلصين من أبنائه، ولا صيحات المقهورين والمظلومين والمستضعفين، ولا حتى دعاوي الإصلاح التي تبناها علماء ومفكرو ومجاهدو هذه الأمة، واستخدمت القوة المفرطة من اعتقال وسجن وتعذيب في قمع المعارضين والخصوم السياسيين، والذين حرموا من ممارسة حقهم في التعبير وتكوين الأحزاب وإنشاء الصحف.

وانتهى الأمر بما هو متوقع بانتشار الفساد الاداري والمالي في كل أجهزة الدولة، وعمت الرشوة والمحسوبية ربوع البلاد، وزاد الفقر إلى حد سكن المقابر والعشش، وتفشي الخوف والجهل والمرض، وتم تجريف الطبقة المتوسطة، فيما مُكِّنت عائلة الرئيس وحواريوه وجنوده من نهب ثروات مصر، ولمّا اطمأنوا، وظن أهل بيت الرئاسة أنهم - بذلك - أصبحوا قادرين عليها، أتاهم أمر الله يوم 25 يناير 2011، وجاء طوفان الشعب المصري في ثورة عارمة أغرقت البيت وأهله، فأسقط حكمه وأزاحه عن السلطة، ولم يفلح معه - حينئذ - تهديد رب البيت للشعب، "إما أنا أو الفوضى" أو قتله لألف وإصابة الآلاف من الثوار، وانتهى الأمر به أن وصل ممددا على سرير طبي دخل به إلى زنزانة حديدية مع ولديه ونفر من أعوانه حكمه إلى قاعة المحكمة في تهم قتل والشروع في قتل الثوار، والتربح والاضرار بالمال العام، ولم تكن هذه التهم فقط هي التي ثار الشعب من أجلها ونادى بمحاكمته عنها. بل لعلها كانت الأخيرة، فيما كان يتعين أن يوجه إلى رئيس دولة ثار شعبه عليه وهو ارتكابه لجريمة الخيانة العظمى وعدم الولاء للنظام الجمهوري المعاقب عليهما في المادة السادسة من القانون 247 لسنة 56 المشار اليه وقانون العقوبات. وهما موضوع هذا البلاغ على التفصيل الآتي:

لم يشأ المشرع حصر جريمة الخيانة العظمى في أفعال معينة، وإنما ترك تحديد هذه الأفعال لتشمل كل الجرائم الواردة في قانون العقوبات أيا كان موضعها فيه، إذا ارتكبها رئيس الجمهورية، فضلا عن مسئوليته عن الأفعال التي أخل فيها بإلتزامه الوطني والسياسي والأخلاقي وأساء بها إلى شعبه، وذلك بالنظر إلى السلطات الواسعة التي يملكها والتي قد يستخدمها في تسخير إمكانات الدولة الهائلة فيما يحقق مصالحه الخاصة ويتعارض مع الصالح العام من ناحية، وجسامة الأضرار التي تصيب – ولاشك – كل المقومات السياسية والاجتماعية التي يقوم عليها المجتمع المصري من ناحية أخرى.

          وقد أتى الرئيس المخلوع افعالا يصعب حصرها تندرج في وصف الخيانة العظمى وذلك في غضون فترة حكمه التي امتدت من أكتوبر 81 وحتى فبراير سنة 2011 من هذه الأفعال:

أ-  موالاة المتهم الأول للكيان الصهيوني على نحو يمس باستقلال الوطن وأمنه القومي وسلامة أراضيه:

    لقد بات جليًا للعامة والخاصة أن المتهم الأول منذ أن جلس على عرش مصر 1981 لم تكن له رؤية محددة لما يجب أن تكون عليه سياسة مصر الداخلية والخارجية كما لم يشغله شيء آخر قدر انشغاله باستمرار بقائه في السلطة لأطول فترة ممكنة، فقدَّر أن أمريكا وإسرائيل هما الأكثر ضمانًا لتحقيق هذا الهدف وليس الشعب المصري الذي أقسم على رعاية مصالحه، فواصل وضع مقدرات مصر تحت رحمته بغير إبطاء ولا تحسُّب، وظل كذلك حتى بدأ يشيخ، فراح يفكر في نقل السلطة لابنه من بعده، وللمرة الثانية لم يجد وسيلة تضمن تمرير مشروعه لتوريث السلطة ـ رغم معارضة الشعب المصري الواضحة له - سوى واشنطن، وأدرك بحكم تاريخه وتجربته أن الطريق إلى عقل واشنطن يمر دومًا بقلب إسرائيل، فراح يرضي إسرائيل بكل الطرق الممكنة ـ ولو على حساب الشعب المصري  وكرامته ومقدراته، فأفرج عن جاسوسها (عزام عزام)، ورحب بالشراكة التجارية معها في إطار اتفاقية الكويز وباع الغاز الطبيعي بثمن بخس في صفقة العار التي طالب القضاء الاداري بتعديلها، ولم يكن غريبًا في سياق كهذا أن وافقت مصر الرسمية على حرب اسرائيل على لبنان أملاً في تصفية "حزب الله"، وحربها على قطاع غزة أملاً في تصفية "حماس" وفصائل المقاومة الأخرى، وأن تشترك معها في فرض الحصار على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وكانت قد شاركت في حرب الكويت ضد العراق تحت القيادة الأمريكية، وشاركت بدعم المجهود الحربي الأمريكي لغزو العراق عام 2003، وطوال مدة حكمه لم يجرؤ على طلب إعادة النظر في الشروط المجحفة لمصر بمعاهدة السلام، ربما باستثناء متواضع جرى مؤخرا في اتفاق على وضع 750 جندي حرس حدود عند محور صلاح الدين، وبهدف كان لصالح إسرائيل نفسها وهو مكافحة تهريب السلاح للفلسطينيين عبر أنفاق الحدود، ورفضت إسرائيل زيادة العدد إلى 3500 جندي، فبقيت سيناء الحبيبة مرهونة لاسرائيل تحت يد المصريين وبات فندق طابا – وهو معظم مساحة طابا – تحت إدارة مصرية إسرائيلية، والعلم المصرى يرفوف على الفندق إعلاناً للسيادة، والشراكة الإسرائيلية فى داخلها ضماناً للأمن المنفصل عن السيادة، دون أن يشعر أى من السياسيين والدبلوماسيين – الذين حملوا على صدق قرار التحكيم لصالح مصر – بما وقع من ترتيبات على الأرض، لأن المسألة انتقلت من وزارة الخارجية كقضية، إلى وزارة السياحة كشركة وفندق وشاطئ، وظل التزام مصر بمعاهدة " الدفاع العربي المشترك" موقوفًا نتيجة المادة السادسة في الوثيقة الرئيسية، كذلك فإن الرئيس المخلوع لم يستطع طلب تعويض عن دفن أسرانا أحياء في الصحراء باعتراف قادة الكيان الغاصب، بينما أسرع بدفع التعويضات التي طلبتها إسرائيل لذوي مجموعة الصهاينة الذين دنسوا أرض مصر في استفزاز للجندي المصري البطل سليمان خاطر  ولم يستجيبوا لتحذيراته وإذا هو يطلق النار يقتل واحداً ويصيب ستة منهم وقد حوكم عسكريًا في مصر ثم وجد مقتولاً داخل زنزانته ولم يجر تحقيق موضوعي لاستجلاء ظروف مقتله (استشهاده) والكل يعرف أيضًا بالعلم العام أن إسرائيل قتلت مواطنين مصريين حتى بعد معاهدة السلام دون أن يطالبها أحد في مصر بتعويضات.

كذلك فقد أورد الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل في أحدث كتبه " مبارك وزمانه " عن مسألة أشرف مروان أمارات ودلائل قوية موثقة تشير إلى أن أشرف مروان كان جاسوسًا مصريًا لصالح إسرائيل وقد أخطر الموساد الاسرائيلي بتوقيت نشوب الحرب في أكتوبر 73 ومن بين المعلومات أن الهجوم سوف يكون على الجبهتين المصرية والسورية، وقد رفض الرئيس المخلوع إجراء أي تحقيق في هذا الخصوص، وسارع بإعلانه قرار براءة أشرف مروان من هذه التهمة. هكذا وبدون تحقيق رسمي، وهو لا يملك هذا الحق، وهكذا استحق الرئيس المخلوع بحق أن يصفه قادة الكيان الصهيوني بأنه الكنز الاستراتيجي لإسرائيل، لاسيما انه كان قد ترك لهم الساحة الإفريقية خالية وجمّد علاقات مصر التاريخية مع دول أفريقيا ـ بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا، وتمكنت بذلك إسرائيل من التأثير على دول حوض النيل ودفعتها إلى تخفيض حصة مصر من مياه النيل، ومنذ أربع سنوات وحتى الآن فإن مصر تسحب من بحيرة ناصر بعض مخزونها لتعويض النقص في المياه، وعلى من يريد الدليل أن يقيس منسوب المياه الحالي في خزان السد في بحيرة ناصر، كما تحقق هدفها في انفصال جنوب السودان عن شماله، وبات لها الجنوب خالصًا باعتراف سلفاكير نفسه الذي زار إسرائيل بعد الانفصال وشكرها منبهًا أنه لولا مساعدتها لما تم هذا الانفصال، ويعلم الله مدى تأثر الأمن القومي المصري بما وقع في السودان.

          وقد أورد الأستاذ هيكل فى كتابه سالف الذكر أدلة كافية ضد المتهم الأول على اشتراكه بصفته فى عملية لغزو إيران بتمويل سعودى مع جماعات معارضة إيرانية لاجئة فى باريس، وبالفعل تم وضع خطة الغزو، وشاركت فيها أجهزة عربية، وكان للسياسة المصرية دور نشيط فى هذه العملية، وكان التمويل جاهزاً وكذلك الأسلحة وكلف اللواء عبد السلام المحجوب بمسئولية معينة ضمن هذه السياسة، فقام بدراسة الخطة واستطلع مواقعها.. ثم التقى فى واشنطن بخبراء وكالة المخابرات المركزية بغرض التنسيق وتذليل العقبات، وحضر اجتماعات فى مقرها رؤسها مدير الوكالة نفسه، وقد أبدى المحجوب فيها شكوكه فى إمكانية نجاح العملية بعدما بان له من استكشافه العملى أن قبائل اليختيار الذين يفترض أن يقودوا الغزو ضد نظام الثورة الإيرانية ليست لديهم نية المشاركة فيما يجرى تدبيره، ولا شك أن مثل هذا العمل من شأنه لو تم اكتشافه، - ولابد أن يكون قد اكتشف أمره – أن يوقع بعداوة بين حكومتى البلدين بما يخشى معه رد فعل يؤدى إلى المساس باستقلال البلاد وسلامة أراضيها – وهو ما يوفر الجريمة المنصوص عليها فى المادة 77 من قانون العقوبات.

ويبدو أن المتهم كان قد عرف الخيانة ومارسها مبكرا، فمنذ كان قائدًا لسلاح الطيران عام 1970 شارك في اغتيال زعيم المهدية السوداني الهادي المهدي لصالح الرئيس جعفر نميري  ووجدت ضده أمارات ودلائل قوية موثقة أشار إليها الأستاذ هيكل في كتابه مبارك وزمانه، كما تقاضى عمولات في صفقات سلاح عام 71 من شركة داسوالفرنسية المنتجة للطائرة المقاتلة  (ميراج) ثم وبعد توليه منصب رئيس الجمهورية، قام بتأسيس شركة في عام 78 مع كل من صديقه حسين سالم، وصهره منير ثابت (مسئول مكتب المشتريات العسكرية في واشنطن في ذلك الوقت واللواء محمد عبد الحليم أبو غزالة وكان ملحقًا عسكريًا في واشنطن، فضلاً، نيودورجرينبرج المسئول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وتوم كلاينير الأمريكي الجنسية وآخرين، سميت الشركة المصرية الأمريكية للخدمات والنقل وكانت غطاء لأنشطة غير مشروعة دوليًا لصالح الاستخبارات الأمريكية والسعودية هدفها نقل الأسلحة إلى متمردي الكونترا في نيكاراجوا ونقل وبيع أسلحة كانت مقررة طبقًا لبرنامج المعونة العسكرية الأمريكية لمصر، إلى متمردي أفغانستان بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية والسعودية والباكستانية، وتحصل على عمولات نظير أدائه لهذا الدور لصالح أجهزة الاستخبارات الأجنبية المشار إليها، وهو ما جعله عبدًا لهذه الأجهزة بعد سيطرتها عليه ولما نشرت هذه التفاصيل في الصحف الأمريكية بعد توليه رئاسة الجمهورية حرصت الإدارة- الأمريكية إثر اجتماع بالبيت الأبيض ضمَّ عددا من قيادات وكالة  الاستخبارات المركزية ومن وزارة الدفاع وهيئة مستشاري الأمن القومي ووزارة الخارجية ـ على تصنيف هذه القضية باعتبارها من قضايا الأمن القومي الأمريكي بما جعلها خارج تداول وسائل الإعلام والصحافة الأمريكية. وتبين من واقع التحقيقات التي أجرتها بعض الأجهزة الأمريكية ووزارة العدل أن هذه الشركة التي يديرها :حسين سالم" في الظاهر، هي غطاء لأنشطة استخبارية أمريكية وسعودية، وهو ما وضع الرجل فيما بعد طوع هذه الأجهزة الاستخباراتية، ولعل ذلك يضيف تفسيرًا آخر لتبعية قراره وإدارته للإدارة الأمريكية (يراجع كتاب - احداهم مؤرخي وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية والمعنون:

بما يوفر قبله جريمة المساس باستقلال البلاد وسلامة أراضيها المعاقب عليها بالمادة 77 من قانون العقوبات فضلا عن جناية التربح المعاقب عليها بالمادة 115 عقوبات.

وكان آخر مشهد ظهر فيه حسين سالم على الساحة المصرية، هو ركوبه لطائرته الخاصة عن مطار شرم الشيخ بعد أيام من قيام ثورة 25 يناير، ومع مجموعة صناديق تحتوى على أربعمائة وخمسين مليون يورو نقداً وجديدة، ولا تزال بنفس التغليف الذى صرفت به من البنك المركزى الأوروبى، وحطت طائرة سالم فى مطار أبو ظبى، ولما أدرك مأمور المطار أن هذه الصناديق تحوى أوراق نقد وأخطر سلطات مسئولة فى أبو ظبى أصدرت قراراً بالاتصال بالقاهرة لسؤالها فى الموضوع، وكان مبارك شبه معتزل فى شرم الشيخ لكنه لم يكن قد تخلى عن السلطة بعد – وجرى اتصال بنائبه الجرير عمر سليمان فأشار بالإفراج عن الرجل وعدم إثارة ضجة فى الوقت الحاضر. ولازال الغموض إلى الآن يكتنف مصير هذه الصنادق ومحتواها ومن هو صاحبها الحقيقى؟!! وماذا جرى لها ؟ وأسئلة أخرى بغير نهاية (الأستاذ هيكل فى كتابه "مبارك وزمانه").

ب - الإضار العمدى بأموال ومصالح الدولة ومعاقب عليه بالمادة 116 مقرر من قانون العقوبات:

1- لقد اهتم الرئيس المخلوع بأمنه وحده وأمن عائلته فيما ضحى بأمن شعبه وكرس كل أجهزة الدولة الأمنية تقريبًا لحمايته، فيبدو أنه بات مسكونًا بعقدة الأمن، بعد أن شهد أحداث 18، 19 يناير عام 77 وكان نائبًا للرئيس، ثم حادث اغتيال الرئيس السادات في أكتوبر عام 81 وكان جالسًا بجواره، ثم تمرد الأمن المركزي في عهده من  فبراير عام 86، وهو يريد أن يبقى في الحكم مدى حياته، فكان أول اجتماع حضره بعد اعتلائه عرش مصر مع مسئولي أمنه وتأمينه، وفي اجتماعات توالت، تولى بنفسه وبتجربته الخاصة إضافة إجراءات أوسع وأبعد على الخطة التي وضعها كسينجر (وزير خارجية أمريكا)!! لتأمين الرئيس السادات وفحواها أن يكون البلد كله تحت مظلة منظومة الدفاع الاقليمي الذي تشرف عليه القيادة  المركزية الأمريكية المكلفة بمنطقة الشرق الأوسط، وأن تتواكب مع هذه المظلة  الأمريكية مظلة أمنية هي شبكة المخابرات الكبرى في المنطقة التي تتلاقى في إطارها جهود الوكالتين الرئيسيتين وهما وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية العاملة مع مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، ثم وكالة الأمن الوطنى العاملة في إطاره وزارة الدفاع الأمريكية.

ولم يقتنع المتهم الأول بهذه الخطة الهائلة وإنما أضاف إليها ضرورة إغلاق المجال الجوي وقت تحليق طائرته وعلى طول الطريق، وإغلاق الشوارع من الجانبين أثناء مرور أي موكب رئاسي، وأن تكون شرم الشيخ مقر إقامته الأساس للمزايا الأمنية التي توفرها وغير ذلك من إجراءات رآها ضرورية،وقد صَّرح ذات يوم بعفوية معبرًا عن فهمه لوظيفة الدولة حين ثار على مدير مرور القاهرة وقائد قوات الاصطفاف عندما فتح الجانب الآخر من الطريق بناء على طلب مُلح من مسئولي مطار القاهرة عندما سمع عبارة "تأمين وصول سياح إلى المطار" ورد غاضبًا "ليس هناك هدف للدولة المصرية أكثر أهمية من تأمين الرئيس " وقد بلغ حجم تكاليف وجوده في شرم الشيخ ما مقداره مليون جنيه بالزيادة يوميًا عن المصروفات العادية للرئاسة، كما أن تكاليف كل يوم سفر له خارج البلاد كانت تزيد أحيانًا عن مليون دولار يوميًا، وحين كان الرئيس المخلوع يسافر إلى شرم الشيخ أو غيرها من القاهرة فإن عشر جهات على الأقل كانت تخطر بمسئولياتها في حماية سفره، وفيها الحرس الجمهوري بالطبع والأمن الخاص والدفاع الجوي ووزارة الداخلية ووزارة الطيران المدني والمخابرات العامة وغيرها، وكانت كل جهة من هذه الجهات تتخذ ما ترى من إجراءات التأمين المباشرة والخاصة بها ثم لا يعرف أحد في النهاية أي طريق سوف يتخذه إلا فبل أن يخرج من بيته فعلاً، وكثيرا ما حدث اصطفاف كثيف على طرق ممتدة باعتبار أن مبارك سوف يسافر بالسيارة، ثم تظهر الهيلوكوبتر فجأة تنقله من داخل بيته إلى المطار وتنتهي  مهمة طوابير الاصطفاف بعد أن تكون قد  انتظرته على الطرق عشر ساعات وأحيانًا أكثر. كل هذا وغالب الشعب المصري  لا يجد عيشًا آمنًا أو مسكناً يأويه، وجرائم القتل والاغتصاب والسطو المسلح والسرقة بالإكراه، والدولة كلها منشغلة بأمن الرئيس!!!!!!!!!!!!!

(راجع كتاب بوب وورودد ........... وفيه وقائع مفزعة عن أمن الرئيس وتكاليفه، وكتاب مبارك وزمانه للأستاذ محمد حسنين هيكل) وهو مايوفر قبلة جريمة الإضرار العمدي بأموال ومصالح الدولة الاجتماعية والإقتصادية المعهود بها إليه والمعاقب عليها بالمادة 116 مكرر من قانون العقوبات.

2-     نتيجة لتعيين المنحرفين وغير الصالحين من أهل الثقة فى مراكز القيادة بكل أجهزة الحكومة والمحليات، انتشر الفساد الإداري المعطل لمصالح الشعب في كل هذه الأجهزة:

 مما جعل كثيرا من الناس يعانون حيث لا تنقضي مصالحهم ولا يتم معاملتهم إلا إذا حفيت أقدامهم أو أتوا بوساطة أو توصية من شخصية يعمل حسابها أو دفعوا رشوة إلى القائمين بالعمل مما أدى إلى الإضرار بالمواطنين والإفتئات على حقوقهم.

وقد أدى انتشار المحسوبيات والوساطات والجري وراء المصالح الشخصية ومراعاة الشللية إلى وصول المنحرفين وغير الصالحين إلى العديد من مراكز القيادة الأمر الذي أصاب النفوس بروح الضجر والإحباط والجري وراء المنافع الذاتية، وجعل هذه القيادات عاجزة عن تحقيق الإدارة الصالحة، ونذكر مثالا هو تعيين الدكتور يحيى حسن محافظًا للمنوفية بعد اتهامه بالتلاعب في أموال الهيئة العامة للثروة السمكية، وحبس على ذمة القضية، وقدم للمحاكمة ثم صدر الحكم فيها بالبراءة بناء على الشهادة التي أدلى بها يوسف والي وزير الزراعة لصالحه، ولم يلبث أن اتهم مرة أخرى في منصبه الجديد بالتلاعب في حصة الردة المخصصة لمحافظته وحبس احتياطيًا وقدم للمحاكمة مع مستشاره الفني، وحكم بتبرئته بعد أن مثل صديقه يوسف والي مرة أخرى أمام المحكمة وشهد بما ينفي التهمة عنه بينما حكم بالإدانة على مستشاره.

ولم تتم مساءلة جادة لكبار المنحرفين الذين نهبوا الملايين وأفلتوا بما استولوا عليه وهربوا خارج البلاد ليستمتعوا بما اقتنصوه من مال الشعب دون أن يمنعهم أحد من الهرب أو يتعقبهم حيث يكونون، بل كثير ما وجدوا من يسر لهم سبل الإفلات من بعض أصحاب السلطة والأمثلة على ذلك كثيرة ومعروفة للجميع، ولم يكشف عن مصير التحقيقات التي جرت في بعض القضايا وأشارت أصابع الاتهام فيها إلى بعض الكبار من ذوي الحيثية، كتحقيقات قطاع البترول في عهد الوزير عبد الهادي قنديل، وتحقيقات فضيحة التعاقد الذي تم بين جامعة القاهرة واتحاد بعض المقاولين الفرنسيين حول مشروع بناء مستشفى القصر العيني منذ عام 83 وتولي د.رفعت المحجوب ـ عندما كان مستشاراً للجامعة ـ المشاركة في مرحلة البت في قبول عطائه بالمخالفة لكراسة الشروط ومواد التعاقد، وتولت نيابة الأموال العامة التحقيق فيه، وتعطل سيره أثناء توليه رئاسة مجلس الشعب لتمتعه بالحصانة البرلمانية، ولا زالت القضية حبيسة أدراج النيابة العامة رغم وفاة المحجوب وانقضاء الدعوى بالنسبة له. وكذلك فقد أغلقت التحقيقات التي لم تكد تبدأ فيما تبادله وزيرا الداخلية السابقان زكي بدر وعبد الحليم موسى، من تهم استغلال النفوذ وغيرها مما يمس النزاهة والحرص على المصلحة العامة للشعب.

3- وتفاقم ظاهرة الفساد لم يواجه بتشريعات تسد المنافذ الميسرة للانحراف والفساد، بل إن مجلس الشعب ـ نفسه ضم بين صفوفه من اتُهم بالإتجار في المخدرات والنصب، ومن تهرب من أداء الخدمة العسكرية، وحرص المجلس على عدم رفع الحصانة عن المشكوك في تصرفاتهم رغم عدم ثبوت الكيدية من جانب السلطة العامة وهي الحكمة التي استوجبت فرض هذه الحصانة ولم تصدر القوانين التي تحظر قبول الهدايا التي تزيد عن حد معين وتوجب تسليمها للدولة. بل عمل الدكتور رفعت المحجوب عندما كان رئيسًا لمجلس الشعب على عدم موافقة لجنة الاقتراحات على اقتراح بقانون في شأنها، وعدم التعامل مع الشركات المصرية والأجنبية التي تقدم العمولات والسمسرات للمسئولين، ولم تستجب السلطة التشريعية للأخذ بما أوصت به الأحكام القضائية من تعديل بعض القوانين التي يتسلل منها الفساد، وخاصة قوانين تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والتهرب الضريبي وقانون العيب وتمكين النيابة العامة من إقامة الدعوى الجنائية على المتهمين دون توقف ذلك على موافقة وزير الاقتصاد أو المالية كما تقضي بذلك القوانين القائمة. ولم تتم الاستجابة لتوصيات الهيئات القضائية بطلب تعديل قانون السلطة القضائية بحيث يكون اختيار النائب العام من اختصاص مجلس القضاء الأعلى، لأن تعيينه في الوضع الحالي يتم بقرار من رئيس الجمهورية دون عرض على المجلس القضاء بالرغم من سلطته الخطيرة في الجمع بين سلطتي التحقيق والاتهام وإن جميع أعضاء النيابة العامة على اختلاف مستوياتهم يعتبرون وكلاء عنه في التصرف في التحقيقات وما يتخذ بشأنها من إجراءات وقرارات، وذلك ضمانًا للحياد التام وعدم التدخل من أيه جهة وحتى يصبح جميع المواطنين سواء أمام القانون.

4- أما عن الدور الرقابي لمجلس الشعب على الحكومة والأجهزة التنفيذية حفاظًا على الأموال العامة وحماية لحقوق الشعب، فإنه تعدي التقصير إلى حد التستر، ولنتذكر في هذا شأن ما حدث في الاستجواب المقدم من النائب جلال غريب إلى وزير الثقافة فاروق حسني حول أسلوب أدائه في وزارته حيث أقر بعرض لوحاته الفنية في معارض وزارته وطرحها للبيع دون أن يسائله مجلس الشعب عن مخالفته للمادة 158 من الدستور التي تحظر على الوزير أثناء تولي منصبه أن يزاول مهنة حرة أو يمارس عملا تجاريًا كما نذكر ما حدث في الاستجواب الذي اتهم فيه النائب الوزراء أصحاب الفيلات المقامة على لسان الوزراء بالبحيرة المرة في محافظة الاسماعيلية بأن شركات المقاولات التابعة للقطاع العام قامت بتشييدها لهم مقابل مبلغ رمزي وهو الأمر الذي ساهم في زيادة خسائرها.

5- ومن دواعي الأسى أن السلطتين التنفيذية والتشريعية في عهد المخلوع لم  تستجيبا إلى مطالب الإصلاح للإدارة الحكومية، ولم تكن هذه المطالب لتتم في ظل وجود رؤساء ووزراء يعطون المثل السيء لمرؤوسيهم في الجري وراء تحقيق المنافع الشخصية من مراكزهم والتعالي على الناس ورغبة في الاستمتاع بالمظاهر الكاذبة، ومن الصور التي سادت ذلك العهد والتي تدل على الفساد والانتفاع من وراء المنصب واستغلال النفوذ، صور التربح من وراء الاستحواذ على الشقق والشاليهات المملوكة للحكومة والهيئات العامة والقطاع العام. من ذلك القصور المنشأة فيما يسمى ب " لسان الوزراء" الممتد على البحيرات المرة بناحية أبو سلطان بمحافظة الإسماعلية المملوكة لعدد من الوزراء وكبار المسئولين الذين حصلوا على الأرض فيه بطريق التخصيص بأبخس الأسعار وبالتقسيط المريح، ومن هؤلاء ولدا الرئيس المخلوع جمال وعلاء اللذين اشتريا مساحة 40238 متراً مربعاً بثمن بخس قروش معدودة بلغت خمسة وسبعين قرشاً فقط للمتر فيما كان البائع وهو رئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق (لواء فى ذلك الوقت) عام 1993 وكانت جمعية الضباط الطيارين التى يمثلها الأخير فى العقد قد اشترت ذلك الأرض ضمن مساحة أكبر بسعر ثمانية جنيهات للمتر!!!! وتتكرر نفس أسماء الوزراء والأكابر في كل قرية ومنتجع سياحي، ويتكرر الأمر بتخصيص الصفوف الأولى من الشاليهات والفيلات المواجهة للبحر مباشرة على طول شواطئ الساحل الشمالي لعدد من الوزراء والأكابروعتاولة القطاع العام، فهم يحصلون على هذه المواقع المتميزة بأقل الأسعار، بينما بيعت الصفوف التالية الخلفية والشقق المرتفعة بأسعار مضاعفة للناس العاديين وذلك تعويضا عن السعر البخس الذي بيعت به أفضل الوحدات، وهو ما يدل على أن عدد من المصريين ذوي النفوذ قد استولوا لأنفسهم على اعظم ما يملك شعب مصر بسعر مدعم من خزانة الشعب وأمواله التي يحصل عليها بشق الأنفس، بينما ألغى الدعم المادي عن كافة السلع الضرورية حتى الفول والطعمية مما يعتبر غذاء عامة الشعب وضرورياته، على أن الأمر لم يقتصر على هذه الفيلات الفاخرة ذات المواقع المتميزة لأشخاصهم فحسب بل أمتد الأمر إلى حصولهم على عقود ملكية لهذه الأماكن لأبنائهم وأحفادهم، وهي وإن كانت في ظاهر الأمر للتصييف إلا أن الحقيقة الصارخة تقول إنها للاستثمار لأن ما يدفع لهذه الوحدات  بالسعر المدعم بنفوذهم سوف تباع بأسعار مضاعفة في الوقت المناسب كما أن الأمر لم يقتصر على قصور لسان الوزراء بالإسماعيلية وشاليهات الساحل الشمالي الممتد من الإسكندرية إلى السلوم، بل تضمن أيضا ما حدث من تملك الشقق في العمارات التي تنشئها المحافظات والهيئات المختلفة والمجتمعات المدنية، ليس بقصد السكن ولكن بقصد التأجير من الباطن والبيع مستقبلا بأثمان مرتفعة. هذا مع العلم بعدم قانونية جميع عقود البيع الصادرة للوزراء إذا لا يجوز للوزراء أثناء تولي مناصبهم أن يشتروا أو ستأجروا شيئا من أموال الدولة (م 158 من الدستور) وجاء نص مماثل في المادة 95 بالنسبة لأعضاء مجلس الشعب والشورى. ومما لا شك فيه أن الحكومة والرئيس المخلوع الذين أقسموا على احترام الدستور والقانون والحفاظ على أموال الشعب ومصالحه أدركوا هذه المخالفة الصارخة للدستور ولكنهم اطمأنوا إلى عدم مساءلتهم عن أية تجاوزات من جانب من يملكون المساءلة القانونية ولا شك أيضا أن أحدا من أعضاء مجلس الشعب المعارضين المستأنسين أو المستقلين لم يتقدم بطلب تصويب هذه الأوضاع المعوجة، لأن  الحرص على تلبية طلبات الناخبين اقتضى السكوت على الفساد والتربح ومخالفة الدستور.

6- ولا شك لدى الجميع بأن تخلف الإدارة في عهد المخلوع هو أساس الروتين والبطء والخلل الموجود في الجهاز الحكومي، وهو السبب الرئيسي لفشل القطاع العام وهو ما جعل القطاع الخاص عاجزا عن منافسة مثيله الأجنبي، وقد بلغ الفساد قمته في أكاديمية القادة الإداريين التي أنشئت بقصد الارتقاء بمستوى الإدارة وتدريب القادة الإداريين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل