المحتوى الرئيسى

«يا خيل الله» يعبّر عن 11 سبتمبر المغرب ويواجه الإرهاب باسم الإسلام

05/20 23:14

عرض في مسابقه «نظره خاصه»، من برامج مهرجان كان الرسميه، الفيلم الفرنسي المغربي البلجيكي «يا خيل الله» اخراج نبيل عيوش، وهذا هو العنوان المطبوع باللغة العربية علي الفيلم ذاته، وسادس فيلم طويل للمخرج الذي ولد في فرنسا عام 1969 من اب مغربي مسلم وام تونسية يهودية، وجمع بمولده واصوله العرقيه والدينيه تعدداً ثقافياً ثرياً، وبدت موهبته كفنان سينمائي منذ اول افلامه، خاصه فيلمه الطويل الثاني «علي زاوا» الذي شاهدته في عرضه العالمي الاول في مهرجان برلين 2001.

التعدد الثقافي الطبيعي مع الموهبه جعلا عيوش يتنقل بسهوله من الدار البيضاء في المغرب في «علي زاوا» الي بيروت في لبنان والقاهره في مصر في فيلمه الروائي الطويل الرابع «كل ما تريده لولا» عام 2007، والي فلسطين واسرائيل في فيلمه الخامس «ارضي» عام 2010، وهو التسجيلي الوحيد بين افلامه الطويله حتي الان. وها هو يصل بفيلمه الجديد الي مهرجان كان، وفي مسابقه موازيه للمسابقه الرئيسيه، والذي يؤكد انه من اهم المخرجين المغاربه في العقد الاول من القرن الميلادي الواحد والعشرين، والذي شهد نهضه حقيقيه جعلت السينما المغربيه تعيش عصرها الذهبي بعد 50 سنة من انتاج اول فيلم طويل عام 1958.

في 16 مايو عام 2003 قام 14 شاباً من حي سيدي مومن في الدار البيضاء بعمليه انتحاريه في اكثر من ناد ومطعم وفندق ادت الي مصرع وجرح العشرات من المسلمين والمسيحيين واليهود فيما اصبح يعرف بـ«11 سبتمبر المغرب».

ومن المعروف ان الدار البيضاء او كازابلانكا مثل طنجه من المدن المغربيه التي تعبّر عن التعدد الثقافي المغربي الضارب بجذوره في اعماق المجتمع وتاريخه العريق.

وعن هذه الجريمه المروعه اصدر الروائي والفنان التشكيلي ماحي بينبين روايه بعنوان «نجوم سيدي مومن»، وعن هذه الروايه كتب جميل بلماحي سيناريو «يا خيل الله» الذي اخرجه عيوش، واستمد العنوان من مقوله مشهوره في الدعوه الي «الجهاد» تحث المجاهدين علي القتال، وبانهم يمتطون خيول الله التي تذهب بهم الي الجنه اذا استشهدوا.

والفرق كبير بالطبع بين الجهاد في الإسلام والعمليات الانتحاريه التي قام بها اعضاء تنظيم القاعدة في 11 سبتمبر 2001 في امريكا، والتنظيمات المماثله، او فروع القاعده هنا وهناك. فالمجاهد يخرج للقتال وليس للموت، والاسلام وكل الاديان تنهي عن الانتحار، ولذلك فالعنوان الثاني لفيلم عيوش، او مقوله الفيلم تحت عنوان «لا احد يولد شهيداً». ويعرض الفيلم بالصدفه في نفس العام الذي حصل فيه الاسلام السياسي علي الاغلبيه في الانتخابات البرلمانيه في المغرب، وبعد سنه من حركه 20 فبراير التي طالبت بمزيد من الديمقراطيه في المغرب، وكانت من انعكاسات ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن.

«عيوش» مؤلف سينمائي له اسلوب خاص، هو مزيج فريد وممتع من ثلاث مدارس سينمائيه هي: مدرسه هوليوود ذات الطابع الكوزموبوليتاني، الذي يتوجه الي مختلف طبقات الجمهور، ومدرسه باريس التي تهتم بالطابع الذاتي لفنان السينما كفرد، ومدرسه السينما المصرية التي تاسست من 1933 الي 1963 التي تاثر بها جمهور السينما في كل العالم العربي، وبما في ذلك المغرب بالطبع. و«يا خيل الله» نموذج لاسلوب «عيوش» في تعبيره عن احداث كازابلانكا بعد نحو عشر سنوات من وقوعها، وتامل معناها واسبابها ودوافعها والنتائج التي ترتبت عليها.

الفيلم يعتبر الفقر العنصر الاساسي، ويتمثل باوضح واقسي صوره في الاحياء العشوائيه، ومنها حي سيدي مومن في كازابلانكا، ففي هذه الاحياء يجد دعاه العنف والارهاب باسم الاسلام الشباب الذين يقنعون عقولهم الفارغه اصلاً بتلك الافكار الضاله عن الاستشهاد، وان هناك حرباً يقودها اليهود والمسيحيون ضد الاسلام، ولذلك فاللقطه الوحيدة التي تتكرر طوال الفيلم «لايت موتين» والوحيده المصوره من طائره، هي لقطه بانوراميه تصور الحي العشوائي وتعبر عن حجمه الكبير وتعاسته المطلقه، وبدايه الفيلم مباراه كره قدم بين صبيه الحي تتحول الي معركه ومطارده وحشيه بين الفريقين بسبب الخلاف حول هدف من اهداف المباراه، ومن بينهم حميد «13 سنه» وشقيقة ياشين «10 سنوات» وصديقاهما نبيل وفؤاد المماثلان في العمر.. انهم وبسبب الخلاف حول امر تافه علي استعداد تام لمحاربه العنف من دون حدود ولا قيود ومن دون كوابح عقليه او اخلاقيه.

يتحرك الفيلم بين تواريخ تُكتب علي الشاشه من اول مشهد بعد العناوين، وهو مشهد مباراه الكره، حيث يكتب تاريخ «يوليو 1994»، وبعد المباراه ندخل الحي، ثم بيت حميد وياشين لنري الاب المكتئب الصامت طوال الفيلم، والاخ سعيد شبه الابله الذي لا يفعل شيئاً سوي الاستماع الي الراديو والتليفزيون، والام التي تحاول جاهده استمرار الحياه، وهناك حديث عن اخ رابع متطوع في الجيش ولا نراه ابداً، وفي هذا المقطع حفل زفاف تغني فيه والده نبيل وترقص.

والتاريخ الثاني «يوليو 1999» ووفاه الملك الحسن الثاني، حيث يتم استخدام الوثائق التسجيليه للتعبير عن ذلك الحدث، وفي هذا المقطع اشارات الي فساد الشرطه، والي مضايقه اصحاب اللحي للنساء، وعقب احدي جرائمه الصغيره ورفضه التعاون مع الشرطه يُقبض علي «حميد» ويُحكم عليه بالسجن لمده عامين. وللمره الثانيه يستخدم «عيوش» الوثائق التسجيليه للتعبير عن احداث 11 سبتمبر 2001 في امريكا عبر اذاعتها في التليفزيون، ونري رد الفعل عن الاسلاميين الذين يوزعون منشورات بان «القاعده» قام بالواجب «الشرعي»، وتترك والده نبيل الحي حيث لم يعد لها مكان للرقص او الغناء.

يخرج «حميد» من السجن عام 2001 وقد اصبح شاباً «عبدالاله رشيد»، لكنه مختلف تماماً، فقد اصبح من اعضاء جماعة إسلامية ويدين بالولاء لاميرها، ويلتقي مع اخيه ياشين «عبدالحكيم رشيد»، والصديقين نبيل «حمزه صوديك» وفؤاد «احمد الادريس عمراني»، ويحاول «حميد» دعوه الثلاثه للانضمام الي الجماعه، وينجح، خاصه عندما يحاول «ابوموسي» صاحب الورشه، التي يعمل بها ياشين ونبيل اغتصاب نبيل، فيضربه ياشين ضربه قاتله، وعندما يراه لايزال يتنفس يجهز عليه بقسوه وضراوه، وعندما تاتي والده نبيل الي الحي وتحاول ان تراه يرفض حتي مجرد رؤيتها بنفس القدر من القسوه والضراوه.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل