المحتوى الرئيسى

بعد "ميركوزي": هل تستمر الصداقة الفرنسية الألمانية الناجحة؟

05/15 18:05

نزهات وديه علي الشاطئ في دوفيل، اجتماعات سريه ومكالمات هاتفيه، وتبادل للنظرات المعبره في المؤتمرات الصحفيه. كل هذه الصور تذكر علي الفور بـ "ميركوزي"، اي بالثنائي الالماني الفرنسي، المؤلف من المستشاره الالمانيه انغيلا مركيل والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي. سيتذكر المرء كيف انهما بقيا في اجتماعات ليليه طويله يبحثان عن حلول لازمه اليورو، وكيف حاولا معا دفع قاطره اوروبا خارج مستنقع الديون.

"ميركوزي" بات جزءا من التاريخ

لكن تلك اللحظات باتت الان جزءا من الماضي. فساركوزي المحافظ خسر الانتخابات لصالح الاشتراكي فرانسوا اولاند. والان سنري، ما اذا كان من الممكن ان يحل الثنائي "ميركولاند" كبديل لـ "ميركوزي". مثل هذه الثنائيات التي تجمع بين الاسماء ليست بالامر الجديد. فعندما ساند الرئيس الاشتراكي الفرنسي فرانسوا ميتيران، علي سبيلالمثال، المستشار هيلموت شميت، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في القرار المزدوج بشان حلف شمال الاطلسي، اطلقت الصحافه علي الثنائي السياسي لقب "شميتيران".

بعد تعثر البدايه، تطورت العلاقات الالمانيه-الفرنسيه الي الاحسن

وحينها عمل قائدا الدولتين بشكل وثيق في كل المجالات، رغم انهما لا ينتميان الي نفس الاتجاهالسياسي. وذلك يعود الي ان الاختلافات بين المانيا وفرنسا تكون ايجابيه علي صعيد التعاون الاوروبي، كما توضح كليرديميسماي، المسؤوله عن العلاقات الالمانيه الفرنسيه لدي جمعيه السياسة الخارجية في برلين: "نحن نتعاون معا بشكل جيد، لاننا نمثل مواقع مختلفه، وبالتالي نمثل الإتحاد الاوروبي بالكامل".

والشيء المهم هو القدره علي الوصول الي تسويات، كما تري الباحثه، اضافه الي انه لا يمكن الحديث عن تطابق في السياسه بين المحافظين الالمان والمحافظين الفرنسيين، تماما كما هو الامر عند الحديث عن الاشتراكيين في كلا البلدين. وتقول ديميسماي: "فيما يخص التعاون بين حكومات من الطيف نفسه، هناك خطر يتمثل في حدوث وهم التقارب، الذي يؤدي الي حالات من سوء الفهم". فعلي سبيل المثال ينظر الاشتراكيون الفرنسيون الي دور البنك المركزي الأوروبي بشكل يختلف تماما عن رؤيه الحزب الاشتراكي الديمقراطي في المانيا: فالاشتراكيون الفرنسيون يرون بانه علي البنكالمركزي الاوروبي ان يدفع اموالا للدول، بينما يعتبر نظراؤهم الالمان هذا الامر غير قابل للتصور.

الصداقه الالمانيه الفرنسيه هي الاساس للاندماج الاوروبي، كما اوضح ذلك، عام 1950، روبرت شومان، وزير الخارجيه الفرنسي الاسبق الذي اصبح بعدها اول رئيس للبرلمان الاوروبي، بقوله: "لا يمكن توحيد الامم الاوربيه الا بالقضاء اولا علي التعارض التاريخي بين فرنسا والمانيا. ويجب ان تستوعب، اولا، فرنسا والمانيا هذا المشروع".

اديناور وديغول ومرحله المصالحه الالمانيه-الفرنسيه ...

المستشار الالماني كونراد أديناور بدا حكمه بالتزامن مع رونيه كوتي وفنسنت اوريول، وكلاهما رئيسان مستقلان لفرنسا. ثم جاء بعدهما شارل ديغول. "اديناور وديغول، شرعا بالمصالحه ووضعا القاعده للعلاقات الفرنسيه الالمانيه، وبالتالي لاوروبا"، كما تقول كلير ديميسماي. وفيمطلع عام 1963 وقع الزعيمان علي معاهده الاليزيه، التي شكلت حجرالاساس للتعاون الالماني الفرنسي، وخصوصا في السياسه الخارجيه والامن، وكذلك في السياسه الاوروبيه. وتمثلت احدي المواضيع الاساسيه الاخري في التركيز علي السياسه المشتركه في مجالي الثقافه والشباب.

وعاصر شارل ديغول نظيريه الالمانيين كورت غيورغ كيزنغر، وكذلك لودفيغ إيرهارت، وعلي الرغم من التوجه المحافظ لكلا الجانبين، الا ان العلاقات لم تكن مثاليه ووثيقه. وكذلك الامر مع المستشار الإتحادي فيلي برانت، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لم يجد خطا مشتركا مع الرئيس الفرنسي المحافظ جورج بومبيدو.

حقبه جديده في العلاقات الفرنسيه الالمانيه بدات في عام 1974، عندما تولي هيلموت شميت، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، منصب المستشار، وعاصر علي الجانب الفرنسي الرئيس فاليري جيسكارديستان، من حزب يمين الوسط (الاتحاد من اجل الديمقراطيه الفرنسيه). وكان علي الزعيمين ان يكافحا ضد أزمة النفط وتداعياتها، وان يسلكا، علي الرغم منالاتجاهات السياسيه المختلفه، استراتيجيات متشابهه فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية. ولهذا السبب قاما بتاسيس ما يسمي بقمه السبعه، التي طغت عليها الدردشات الدافئه في قصر رامبوييه. ووضعا بذلك حجر الاساس لعده قضايا هامه، من بينها النظام النقدي الاوروبي الذي ادي في النهايه الي ولاده العمله الاوروبيه الموحده، اليورو.

... وكذلك الامر مع هيلموت كول وفرانسوا ميتران اللذين وطدا المصالحه بين البلدين

تقارب اوثق بين الدولتين حققه كل من هيلموت كول وفرانسوا ميتران، اللذان كانا ينتميان لتيارين سياسيين مختلفين ايضا. فتحتاشرافهما تاسست الهيئات والمؤسسات الاوروبيه المتقدمه: في عام 1986 تم وضع الاليات التنفيذيه للحريات الاقتصاديه الاساسيه، حريه انتقال السلع والخدمات، وحريه تنقل الاشخاص وحريهانتقال رؤوس الاموال، اي السوق الاوروبيه الموحده. وحتي اليوم ما تزال هذه الاسس تشكل الاساس الاقتصادي للاتحاد الاوروبي.

وعبر معاهدة ماستريخت عام 1992 تاسس الاتحاد الاوروبي، وحصل ذلك ايضا في عهد كول ـ ميتران، وتم كذلك توسيع التعاون الامني الذي ُوضعت أسسة في معاهده الاليزيه: ومنذ عام 1988، يجتمع بشكل نصف سنوي، في اطار المجلس الالماني –الفرنسي للامن والدفاع، كل من وزراء الخارجيه والدفاع لكلا البلدين، ومعهم كل من رئيس هيئه الاركان الفرنسيه والمفتش العام للجيش الالماني. وفي هذا السياق تم ايضا اطلاق المجلس الاقتصادي والمالي المشترك. واخيرا وليس اخرا، ناقش الزعيمان معا عقبات الماضي الصعبه بين البلدين.

وخلال الفتره، التي تولي فيها القياده كل من الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الالماني غيرهاردشرودر، تطور التعاون المؤسساتي بشكل اكبر: فما تسمي بلقاءات "بليزهايم" بين رئيسي حكومتي البلدين، اصبحت منذ عام 2001، تعقد كل ثمانيهاسابيع، ومازالت مستمره حتي اليوم. شيراك وشرودر اختلفا حول معاهده نيس واصلاح المؤسسات الاوروبيه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل