المحتوى الرئيسى

رحل ياكيني.. بطل الطفولة

05/06 00:06

في وقت كان اقصي ما يتمناه المشاهد البسيط ان يجلس امام قناه محليه تعرض بطوله عالميه كل اربع سنوات مثل كاس العالم وامم اوروبا.. حين كانت باقات مثل الجزيره وايه ار تي وابو ظبي مجرد خيالات لاباطره بث فضائي لم يكونوا موجودين علي ارض الواقع..  قبل 18 عامًا كان الفرد يجلس وسط عائلته يقترب من شاشه التلفاز يكاد يلتصق بالجهاز ذي المفتاح (الاوكره) المعدنيه في وقت كان "الريموت كونترول" نوعا من الترفيه غير المنتشر.

يتفهم مواليد الثمانينات، بصفه خاصه اواخرها، ما يشار اليه عندما يسترجعون ابطال طفولتهم، مازنجر او كابتن ماجد او ميكي ماوس، ربما كان البعض يعشق روبن هود او سلاحف النينجا، لكن هناك اخرين تعلقوا بكره القدم وجلسوا يتابعون مباريات كاس العالم في امريكا عام 1994 منتظرين رؤية ابطال غير ما داب اصدقاؤهم علي التندر بهم.

ورغم ان مَنْ ولِد في اواخر العقد التاسع مِنَ القرن الماضي كان صغيرا علي تمييز طرق اللعب او الاحتفاظ في ذاكرته باسماء خارج نطاق حسام حسن واحمد شوبير وجمال عبد الحميد، الا ان صوت المعلق اشرف شاكر لا يكاد يبرح ذاكره من استمع الي جُمَل من نوعيه "بيقول له ديجو" و "نموذج للمتابعه" او حماده امام وهو يصيح "خطفها اللص الشريف روماريو يا ولد يا ولد يا ولد".. شعور مثير عند مشاهده كينيت اندرسون يقوم بحركته الاحتفاليه الشهيره عند تسجيل هدف رائع في مرمي تافاريل.. ودهشه لا مثيل لها حين يخبرك شقيقك الاكبر ان روسيا بقياده لاعب يدعي سالينكو دمرت مرمي الكاميرون بسداسيه، يا للهول!.. وقتها كان لا يمكن ان تترك مناسبه يعاد فيها هدف كلينسمان في مرمي الحارس البلجيكي ميشيل برودوم الا وتقترب سريعا من الشاشه لتقفز في غبطه عند رؤيه زجاجات المياه الكائنه خلف الشبكه تطيح بعيدًا بعد اصطدام كره "يورجن" بها.

ولا شك انك عندما شاهدت بيبيتو قبل اشهر قليله يحلل المباريات في استوديو الجزيره الرياضيه مع سعدون الكواري او الأخضر بريش، استرجعت احتفاله الشهير بعد احراز هدف في مرمي هولندا مع روماريو ومازينيو.. حينها كان بيبيتو يحتفل بقدوم مولوده ماتيوس علي طريقته الخاصه.. مرت السنون وماتيوس الان بات لاعبا في فلامينجو، نفس النادي الذي بدا معه والده مسيرته الرياضيه.

في مونديال 94، البعض كان متعاطفا مع البرازيل والاخر كان عاشقا لمارادونا وهناك من يحفظ اسماء لاعبي ايطاليا عن ظهر قلب باجيو وماسارو وباريزي ومالديني وغيرهم.. ابهر ستويتشكوف جمهور المونديال وكذلك فعل هاجي.. الكل لم يكن يتخيل ان ينجح لاعب عربي في تسجيل هدف اسطوري ولكن العويران فعلها.. ومن وسط كل هذه الاحداث لمع ياكيني.. وحده احتفظ لنفسه بمكانه خاصه في عقول المشاهدين خصوصا صغار السن الذين لم يكونوا علي علم به من قبل، ولكنه بالطبع لم يكن جديدا علي قاعده بيانات الجمهور الافريقي والمصري علي وجه الخصوص.

ابعد ما يمكن تذكره لرشيدي ياكيني، من شخص وُلد في اواخر الثمانينات، ذلك الرعب الذي تملّك جمهور الفراعنه قبل مواجهه "سوبر جرين ايجلز" في كأس الأمم الإفريقية 1994، وتسديده قاتله من "رقم 9" في باطن عارضه مرمي احمد شوبير باقدام فولاذيه لم تعرف عيناه مثيلا لها.. اصوات تعالت لتصفه بالقاطره البشريه او اشياء من هذا القبيل غير ان احتفاله بهدفه، في اول مباراه لنيجيريا بكاس العالم، بعد مواجهه مصر السلبيه، باقل من ثلاثه اشهر، ظهر في لقطه تليفزيونيه من الصعب ان تُسقطها ذاكره الصغير قبل الكبير.

مَرّ من زمن المباراه 20 دقيقه وبلغاريا متراجعه امام ابطال افريقيا 94، اموكاشي وإيمانويل "بتاعنا" مع ياكيني يشكلون ضغطًا علي فريق لا يمكن ان يتصور ابرز المتفائلين امكانيه حصوله علي المركز الرابع مع نهايه المسابقه، وبعد كره اولي اضاعها اموكاشي امام الحارس ميخايلوف رافضًا التمرير لياكيني، الذي صنع الهجمه من البدايه، صحح الأول خطأه ولعب كره بينيه للظهير الايمن اوجستين اجوافين، الذي عرفه جمهور "الالفينات" مدربا للنسور، وانطلق الاخير ومرر عرضيه اكملها ياكيني بلمسه في الشباك ليصنع بعدها اللقطه الشهيره.

لم نصل الي الان لمغزي مناجاه ياكيني للشباك التي ارتجفت من الخوف بين اصابع سوداء قاسيه واسنان بيضاء ظلت تتحدث بكلمات تعبر عن فرحه اللاعب ذي الـ30 عامًا باول هدف مونديالي في تاريخ نيجيريا.. مرت بضعه دقائق اخري قبل ان يسدد امونيكي نجم الزمالك يساريه رائعه اصطدمت بالقائم الايسر لمرمي بلغاريا لتعطي مؤشرا بان النسور ستحلق من جديد. وبالفعل ظهر ياكيني مجددا ولكن هذه المره كصانع للعب وليس هدافا.. افضل لاعبي افريقيا 1993 يمر من لاعب او اثنين -لا يوجد ادني مشكله- ويمرر كره مقوسه يخطئها دفاع بلغاريا لتصل الي اموكاشي الذي انهي الامر علي مرتين وذهب للرايه اليسري لكي يقدم عرضة الراقص الشهير.

نيجيريا 3 : بلغاريا 0

الجميع في المنازل والمقاهي يتابع بشغف ما يفعله ابطال القاره، ووجود امونيكي مهاجم الزمالك في الملعب يجعل للمباراه نكهه مختلفه بالنسبه للجمهور المصري الذي طار فرحا بهدف "ايمانويل" بعد عشر دقائق من الشوط الثاني لتنتهي المباراه عمليا، لكن ابدعات ياكيني في المونديال لم تنفد بعد.

في المباراه التاليه كانت الامور مختلفه فمن لم يتابع سابقتها صار مجبرا علي مشاهده منتخب افريقي يبدع وحده في المونديال وسط سقوط مريع للكاميرون والمغرب، لا سيما وان المباراه هذه المره تضع نيجيريا في مواجهه وصيف النسخه السابقه من الكاس.

يهمس احد الاشخاص في اذن رفيقه بتساؤل منطقي عن مدي قدره النسور علي مواجهه مارادونا وكانيجيا وباتيستوتا وريدوندو، وقبل ان يجيب الاخر.. يا رباه! ياكيني يجتاز خوزيه شاموت بسهوله ويلعب الكره لسامسون سياسيا والاخير يتكفل باسكانها مرمي ايسلاس ليفجر فرحه نيجيريه افريقيه عارمه ممزوجه بخليط من الدهشه والاستغراب ما لبث ان خفت بريقها سريعا بايعاز من الثعلب العجوز دييجو ارماندو مارادونا واقدام ساحره لكلاوديو جانيجيا.

الارجنتين 2 : نيجيريا 1

هناك من تمني هزيمه ايطاليا في نهائي تلك البطوله وشعر بالسعاده القصوي لفوز رفاق روماريو وبيبيتو بالكاس لا لشيء الا لتسبب الاتزوري في اقصاء نيجيريا من دور الـ16 في مباراه اقل ما توصف بها بانها دراميه بكل ما تعنيه الكلمه من معني، ومع انسحاب النسور الخضر من امم افريقيا 96 وابعادها عن البطوله التي تليها لم يجد ياكيني فرصه للظهور امامنا من جديد الا من خلال مشاركته كبديل في مباريات نيجيريا بكاس العالم 98 مع تقدمه في السن وظهور ابطال جديده من نوعيه فيكتور إكبيبا وجاربا لاوال ونوانكو كانو.

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل