المحتوى الرئيسى

سمير رضوان فى حوار شامل عن اقتصاد مصر بعد الثورة

04/29 10:37

لم يعد وزير المالية الأسبق، سمير رضوان، الذى عمل فى حكومتى شفيق وشرف، يشتغل فى أى جهة أو مؤسسة الآن، وهو يقضى نصف وقته تقريبا بمنزله فى جنيف بسويسرا مع ابنه وابنته المقيمين هناك. الآن يبدو مسترخيا هادئا، مقارنة بوقت الوزارة، حينما كان يعمل يوميا حتى الساعات الأولى من الصباح، ويعد لكتابه الجديد عن الفترة التى قضاها فى العمل الحكومى.

وبالرغم من الضغوط العنيفة والانتقادات الكثيرة التى واجهها، وبالرغم من أنه «ضحى بالكثير من دخله» بعد انضمامه للعمل الحكومى، يقول رضوان إن إجماليه «لم يتعد وقتها 20 ألف جنيه بعد أن كان أساسى أجره من إحدى المؤسسات الدولية التى كان يعمل بها 10 آلاف دولار شهريا»، فإنه ليس نادما على تلك الفترة، فقد «استمتع بكل دقيقة فيها، بل تمنى لو قضى بها وقتا أطول من ذلك حتى تسنح له الفرصة لإنجاز ما يحلم به»، خاصة أنه «لا يرى حاليا أى فكر أو رؤية تحكم السياسات العامة للدولة، فالأمر لا يتعدى إجراءات وقتية يومية».

6 شهور قضاها رضوان فى المالية خرج خلالها بأول موازنة بعد ثورة فجرتها أوضاع اجتماعية يُرثى لها، وبالتالى توقع العديدون أن تشهد تلك الموازنة، وهى التى طالما انحازت لغير صالح الفقراء ومحدودى الدخل، هى نفسها ثورة، خاصة أن رضوان له خبرة فى مجال السياسات الاجتماعية فقد عمل لفترة بمنظمة العمل الدولية وبرنامج التشغيل العالمى.

الموازنة فى صورتها الأولى جاءت مثيرة للجدل، فبينما رأى البعض أنها مخيبة للآمال، ووصف إياها بـ«موازنة العاشر من فبراير»، فى إشارة إلى أنها لم تشمل أية تعديلات جوهرية عن سياسات النظام السابق، فإن آخرين اعتبروا أنها ليست سيئة كخطوة أولى.

 ولكن أياما قليلة تمر وينضم الفريق الثانى للأول، إذا يخرج رضوان ليعلن عن تخفيض الإنفاق فى الموازنة إلى 490 مليارا بدلا من 512 مليار جنيه كان مخططا لها فى البداية، وذلك مع تعديل أغلبية الإجراءات الثورية التى كان يستند المنحازون له عليها فى دفاعهم عن موازنته. رضوان لأول مرة يكشف أنه لم يكن راضيا عن هذه التغييرات التى «جاءت تحت ضغوط عنيفة».

«الشروق» فتحت مع الوزير جميع الملفات الشائكة بدءًا بضريبة الأرباح الرأسمالية التى تراجعت حكومته عن تطبيقها، وخطة إلغاء دعم الطاقة التى تم تأجيلها، مما اعتبره البعض إشارة واضحة إلى استمرار تدخل رجال الأعمال فى دوائر رسم السياسات العامة للدولة، وانتهاءًا باتفاقية صندوق النقد الدولى التى تم تعليقها فى الدقائق الأخيرة للتوقيع.

حوار على مدى ساعات أربع تطرق لكواليس صنع القرار فى تلك الفترة المهمة. اللقاء، الذى بدأ بابتسامة ترحيب واسعة ودعوة إلى قهوة إسبريسو مع شيكولاتة سويسرية، تعرض أيضا إلى «الأخطاء التى ارتكبها» الوزير الذى خلف يوسف بطرس غالى خلال فترة وجوده فى الوزارة، والتى لو عاد به الزمن ما كان ليفعلها، كما تطرق إلى مستقبل الاقتصاد المصرى ليطالب الرئيس القادم بخطة إنقاذ على مدى عام أساسها رفع دخل الفرد والتعامل مع أزمات الفقراء الأساسية: البوتاجاز والعيش، الطاقة والغذاء، على غرار برنامج الرئيس البرازيلى لولا داسيلفا فى مكافحة الجوع.

لا أرى الآن أى فكر أو رؤية.. بل إجراءات وقتية يومية.. وهناك تذبذب واضح فى صنع السياسة الاقتصادية

صورة للرئيس الأمريكى، باراك أوباما، وهو يحتضن رئيس الوزراء السابق، عصام شرف، من جهة وسمير رضوان من الجهة الأخرى، ويضحك بشدة وكأنه يداعبهما، وأخرى لرئيسة صندوق النقد الدولى، كريستين لاجارد، وهى تتحدث باهتمام معهما، صور أخرى عديدة تضم رضوان مع زعماء العالم وتزين مختلف أركان منزله.. «فترة كانت عصيبة لكن مليئة بالذكريات الممتعة» هكذا يتذكر رضوان الستة أشهر التى قضاها فى الحكومة كوزير مالية.

ولعل أكثر أوقات تلك الفترة صعوبة كان وقت إعداد الموازنة. فالجميع كان فى انتظار موازنة تخفف من أعباء معيشية ضاغطة وصلت بالمجتمع إلى الحالة الثورية التى استمرت لثمانية عشر يوما، برغم الممارسات القمعية التى واجهتها، وفى الوقت نفسه الموارد كانت محدودة للغاية مع نقص جزء ليس بصغير من الإيرادات نتيجة تداعيات المرحلة الانتقالية.

بالرغم من أن «البعض رأى أنه كان يمكننى تخصيص موارد أكبر من ذلك للجانب الاجتماعى، فإنه على الجهة الأخرى، كان الانتقاد الذى يتم توجيهه لى داخل اجتماعات مجلس الوزراء هو الفشخرة المالية»، يقول رضوان.

كان رضوان قد أعلن فى مؤتمر صحفى ضم مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية عن موازنته، التى قال وقتها إنه سيطرحها لحوار مجتمعى واسع. وقد تضمنت عددا من الإجراءات التى اعتبرها البعض خطوة فى طريق تحقيق العدالة الاجتماعية مثل فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية فى البورصة (أى توزيعات الكوبونات)، وفرض شريحة إضافية من الضرائب تقدر بنحو 5% على من يزيد صافى دخله (سواء أفراد أو شركات) على 10 ملايين جنيه، ورفع حد الإعفاء الضريبى إلى 12 ألف جنيه بدلا من 9 آلاف جنيه، وتطبيق خطة تهدف إلى الإلغاء التدريجى للدعم الموجه للصناعات كثيفة الاستهلاك.

كما أشار رضوان وقتها إلى زيادة الحد الأدنى للأجور الحكومية إلى 700 جنيه شهريا، ووضع حد أقصى يساوى 16 ضعف الحد الأدنى، مع تخصيص 2 مليار جنيه لإعانة البطالة فى شكل برامج لتدريب المتعطلين، إلا أنه بعد أيام تم تعديل أغلبية هذه القرارات وغيرها من الإجراءات، «وهذه التعديلات جاءت تحت ضغوط من أطراف متعددة»، كما يبرر وزير الماية الأسبق. واجه رضوان أيضا انتقادات بسبب أنه كان آخر رئيس للجنة الاقتصادية بمجلس الشعب المنحل، وعضوا بالحزب الوطنى، مما وضع عبئا سياسيا إضافيا على وزير المالية، الذى بدأ رحلته مع الحكومة فى وزارة أحمد شفيق قبل التنحى، فلم تتلق السياسات التى دافع عنها دعم الثوار، الذى كان كفيلا بأن يبقيها قيد التنفيذ فى مواجهة معارضيها.

مع إلغاء كل هذه الإجراءات القائمة على إعادة توزيع أعباء الموازنة لدفع الإنفاق الاجتماعى وتمويل توسعات استثمارية حكومية لدفع التشغيل وتحفيز الطلب، توقف رقم الانفاق الكلى عند 490 مليار جنيه فقط بزيادة اسمية 14.7% وإن بزيادة حقيقية لم تزد على 1.2% حولتها لموازنة انكماشية.

يقول رضوان إنه يتذكر جيدا «المناقشة الطويلة التى تمت داخل مجلس الوزراء حول دعم الصادرات، فوقتها عدد من الوزراء قالوا لى كيف ستخفض دعم الصادرات من 4.2 مليار إلى 3.7 مليار جنيه، وفى نفس الوقت تخصص 2 مليار جنيه إعانة للبطالة، فأجبت بأن دعم الصادرات لا يذهب للصادرات، ولكنى هُوجمت عندما قلت ذلك». وفى ظل موارد الدولة المحدودة اعتمدت موازنات الحكومة الأخيرة للنظام السابق على منطق يقول بضرورة دعم القطاع والاستثمار الخاصين كمدخل لدفع النمو الاقتصادى، ولا تخلو حكومات ما بعد الثورة جميعا من أنصار لهذا التصور.

«بعد فترة علمت أن رجال الأعمال كانوا يضغطون بشدة على وزير الصناعة كى يحافظ لهم على دعم الصادرات ويطالب بزيادته»، يقول وزير المالية الأسبق. وتعبر هذه المناقشة عن الجدل والتوتر الذى استمر فيما يتعلق بالمنطق الاقتصادى الرئيسى والفلسفة الاجتماعية التى تحكم موازنة الدولة ودورها فى اقتصاد مصر.

جاءت المقاومة للمشروع الأول لموازنة ما بعد الثورة فى صورتها التوسعية من جهات عدة، كما قال رضوان. وكان على رأس المقاومين جزء من مجتمع سوق المال. «المقاومة فى حالة الضريبة على الأرباح الرأسمالية كانت من السماسرة وهم أصحاب صوت عالٍ وأرهبوا رئيس البورصة، وكانوا يهاجمون رئيس هيئة الرقابة المالية غير المصرفية، فأنا أعتبرهم مجموعة من البشر أشبه بالديابة»، يقول رضوان.

وفى الثانى من يونيو 2011 وبعد يوم واحد من إعلان الضريبة من قبل وزارة المالية، وفى مشهد نادر الحدوث داخل الحكومة، عقد رئيس البورصة وقتها محمد عبدالسلام مؤتمرا صحفيا هاجم فيه الضريبة بشدة قائلا إنها «ضارة جدا بالمستثمر والسوق فى هذا التوقيت».

عقد رضوان وعبدالسلام اجتماعا مشتركا لكنه لم ينجح فى حسم الأمر. يقول الوزير: عندما أعلنت إنى أعتزم تطبيق ضريبة على الأرباح الرأسمالية، ذهب عدد كبير من السماسرة إلى المشير وقالوا له الحق البورصة وقعت منذ أن تم الإعلان عن هذه الضريبة.. وإذا تم تطبيقها الوضع هيسوء أكثر والبورصة هتنهار، والمشير طبعا تخوف من هذا الكلام، وكلمنى وطلب منى تأجيلها».

أجلنا دعم الطاقة لنحمى الفقراء

أما الملف الأكثر تفجرا وهو دعم الطاقة فلم يخل من المقاومة هو الآخر. «لم أكن قادرا على الإقدام على خطوة إلغاء دعم الطاقة دون أن أطمئن أن الفقير لن يتأثر، فقبل أن أتخذ خطوة إلغاء دعم السولار، كنت أريد أن أتأكد بأنه لن يتحجج أحد ويرفع أسعار الميكروباصات. وبالنسبة لأنبوبة البوتاجاز، فبحسب الدراسات التى كنا قد أجريناها، وجدنا أن الأسرة الفقيرة تستهلك ما بين 12 إلى 18 أنبوبة فى السنة، وفكرنا أننا لو أعطينا ثمنها إلى الأسرة لتشترى هى بنفسها ما تحتاجه سيكون ذلك أفضل، ولكن وزارة التضامن لم تكن قادرة فى ذلك الوقت على تطبيق أى نظام جديد. ووقتها جودة عبدالخالق عرض علينا نظام البطاقات الذكية، وهو مشروع هائل، ولكن لم تكن الوزارة بعد قادرة على تطبيقه»، يقول سمير رضوان.

لكن البند الأهم كان يتعلق بدعم الطاقة الموجه للأغنياء والذى استمر فى الموازنة الجديدة، ويجىء فى مقدمته دعم الغاز المقدم للصناعات كثيفة استهلاك الطاقة كالحديد والأسمنت والأسمدة، والذى يقدر بحوالى 7 مليارات جنيه سنويا، بحسب دراسات مستقلة. وتوقف هذا الإجراء الذى تقبلته قطاعات من مجتمع الأعمال بينما قاومته قطاعات أخرى برغم إعلان الحكومات المختلفة مرة تلو الأخرى عن تطبيقه قبل أن تعلن حكومة الجنزورى عن رفع سعر المليون وحدة حرارية من الغاز لهذه الصناعات من حوالى 2.5 دولار إلى 4 دولارات.

بمجرد تنحى مبارك كان اسقاط الديون الخارجية إحدى النقاط الأساسية التى طرحتها حكومة شرف الأولى على الشركاء الدوليين. «نحن كنا نهدف فى البداية إلى إسقاط ديون مصر وليس مبادلاتها، وكنا تكلمنا بالفعل مع عدد من الدول فى موضوع إسقاط الديون، وأخذنا آراء بعض الخبراء الدوليين فى هذا المجال، ووقتها قال لنا عدد كبير منهم، مثل الخبراء اليابانيين على سبيل المثال، إن مصر لو طلبت إسقاط ديونها، فإن ذلك سينعكس سلبا عليها، وسيعطى صورة سيئة عنها، حيث سيكون معناه أنها غير قادرة على السداد مثل اليونان. كما أن الإدارة الأمريكية أبلغتنا وقتها أن الكونجرس ضد الفكرة، فعدلنا عنها، وأصبحنا نتفاوض على مبادلة الديون».

وقد أصدر البرلمان الأوروبى فى مايو 2011 قرارا يدعو حكومات الاتحاد لوقف مطالبة مصر وتونس بسداد أقساط الديون. وبلغ حجم الديون الخارجية لمصر فى يناير 2011 ما يقرب من 34 مليار دولار تسدد عنها أقساط وفوائد سنوية تقدر بحوالى 3 مليارات دولار سنويا أو ما يصل لـ 18 مليار جنيه.

ومع استبعاد التفاوض على اسقاط الديون كانت هناك الأموال الهاربة فى الخارج، والتى شهدت فشلا هائلا حتى الآن حتى فى حصر قيمتها على وجه الدقة ناهيك عن استعادة بعضها.

يقول رضوان: «أعتقد أن التباطؤ فى استعادة الأموال المهربة للخارج يرجع إلى قلة الكفاءة وشىء آخر، وأنا هاحكى واقعة حضرتها بنفسى، كنت قد دعيت فى مايو الماضى من البورصة البريطانية على يوم مخصص فى إنجلترا لدعم الاقتصاد المصرى وكان يوم عظيم بكل المقاييس وفى اليوم التالى رتب لى السفير مواعيد مع مسئولين فى الخزانة البريطانية، وفى أحد اللقاءات سأل السفير مستشار ديفيد كاميرون عن موقف أموال مصر المهربة لديهم، فابتسم وقال نحن لا نتسلم منكم أى شىء يساعدنا، بل مجرد خطابات باللغة العربية غير مفهوم منها أى حاجة، ابعتولنا أى بيانات واحنا تحت أمركم».

وقدرت منظمة النزاهة المالية العالمية الأمريكية غير الحكومية فى مارس 2010 التدفقات المالية غير المشروعة من مصر بحوالى 73 مليار دولار ما بين 1970 و2004 يضعونها فى المرتبة الثانية أفريقيا بعد الجزائر. 32 مليار دولار، من هذه الأموال خرجت فى خمس سنوات فقط من 2004 إلى 2008، وهو ما يقرب من نصف التدفقات الهاربة فى أربعة عقود. ويرفع تقدير آخر للباحثين الرائدين فى المجال جيمس بويس وليونس نديكومانا إجمالى الرقم خلال الأربعة عقود نفسها إلى 105 مليارات دولار، منها 42.5 مليار دولار فى الخمس سنوات الذهبية للرأسمالية المصرية الحرة فى البلاد. وتقول حكومة الجنزورى إن 10 مليارات دولار خرجت من مصر بعد ثورة يناير من محافظ للأجانب فى البورصة وغيرها.

السياسات العامة تعانى من تذبذب واضح

يقول رضوان إنه لا يرى الآن «أى فكر أو رؤية.. بل مجرد إجراءات وقتية يومية، وهناك تسخير للسياسات العامة لخدمة أهداف شخصية، فهى ليست مرسومة على مصلحة البلد، وفيما يتعلق بمجال السياسات المالية، فللأسف بدأنا نتراجع ونتقهقر لمحاصرة العجز ونسينا أهداف الثورة».

وتتصدر قضية عجز الموازنة أولويات الحكومة وبنود دعايتها بينما تقول إنها سوف تستخدم قرض صندوق النقد الدولى لتقليصه ومحاصرته بدلا من تمويل استثمارات جديدة.

«هناك أيضا حالة من التذبذب فى صنع السياسة. سأحكى مثالا بسيطا يشرح ما أقصده: عند إعداد الموازنة كنا فى الحكومة نتحدث عن أهمية الحصول على دعم مالى دولى يساعدنا فى المرحلة الانتقالية، وكان هناك توافق عام على طرق جميع الأبواب. وفى ذلك الوقت كانت أمريكا من الدول التى أبدت استعدادا مبدئيا لتقديم مساعدات لمصر، ووقتها زارت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون مصر، ونظم وزير الخارجية المصرية حينها نبيل العربى، عشاء صغيرا يضم 9 أفراد فقط، أنا ووزيرة التعاون الدولى، فايزة أبوالنجا، والعربى، كلينتون ومساعدتها، وأمريكيين آخرين كانوا ضمن الوفد الذى يزور مصر. وفى بداية اللقاء طلب منى العربى التحدث مع كلينتون وعرض وضع الاقتصاد المصرى عليها وفعلت ذلك وقلت لها نحن فى حاجة إلى دعم مالى دولى، ونأمل فى أن تقف أمريكا بجانبنا، فأبدت استعدادا وسألتنى عن المساعدات التى نأملها منهم، فطلبت 3 مليارات دولار. وعندما وافقت وقالت إنها ستبلغ إدارة أوباما بموافقتها، شكرتها وقلت للسفيرة الأمريكية فى مصر فى اليوم التالى أن تبلغ البيت الأبيض أن حكومتنا سترسل جواب شكر لإدارة أوباما. وأنا صغت الجواب وأرسلته لشرف، ووقع عليه ليتم إرساله إلى السفارة الأمريكية ومنها إلى البيت الأبيض. فأفاجأ أنه تم سحب الخطاب من السفارة فى آخر وقت بذريعة أنه يجب أن يذهب إلى هناك عن طريق وزارة الخارجية. أليست رئاسة الوزراء أعلى من الخارجية؟ وقتها كنت منزعجا جدا لأن السفارة أبلغت البيت الأبيض أننا سنرسل هذا الخطاب، ولم يتم إرساله، وكان من الممكن أن يعجل بالمساعدات، هذه صورة من التذبذب الذى أقصده، وللأسف هذا النمط من التعامل مازال قائما».

يتحدث رضوان عن مصدر آخر كان متوقعا لدعم الاقتصاد. «احنا كنا بنروح نطلب مساعدات وكأننا شحاتين.. والحقيقة كل الدول اللى طلبنا منها دعما أبدت ترحابا كبيرا وكانوا عايزين يشيلونا من على الأرض شيل. ولكن فى النهاية لم نحصل على أغلبية الوعود بسبب توقف قرض الصندوق، الذى كان بيعزز موقف مصر التفاوضى مع كافة المؤسسات والدول»، هكذا لخص رضوان رحلة البحث عن مساعدات.

وخلال زيارة رضوان ورئيس الوزراء السابق، عصام شرف، إلى دوفيل لحضور اجتماعات مجموعة الثمانية فى مايو 2011، قال الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى إنه علاوة على 20 مليار دولار سيقدمها البنك الدولى وجهات إقراض إقليمية أخرى تهيمن عليها القوى الكبرى سيكون هناك مبلغ مماثل من مصادر أخرى عبارة عن 10 مليارات دولار من دول عربية خليجية و10 مليارات من حكومات أخرى.

وجاء فى البيان الختامى لقمة مجموعة الثمانى حول «الربيع العربى»: «نحن، أعضاء مجموعة الثمانى، ندعم بقوة تطلعات الربيع العربى وأيضا تطلعات الشعب الإيرانى».

يرى رضوان أن هذه الرحلة كانت من أهم الرحلات، «فوقتها حسبنا واحنا راجعين حجم المساعدات التى يمكننا الحصول عليها، فوجدنا أننا نقدر نجيب 12 مليار دولار بمنتهى السهولة، وعلى هذا الأساس أعددت موازنة توسعية تراعى بشكل كبير البعد الاجتماعى.

ورحلة دوفيل كانت متزامنة مع ترتيبنا لرحلتنا إلى الدول العربية، والتى كانت أول محطتها المملكة العربية السعودية التى استقبلنا مسئوليها بحفاوة غير عادية».

عرض السعوديون، وفقا لرضوان، 3.750 مليار دولار، «500 مليون هبة لا ترد تحت مسمى دعم الموازنة، والتى وصلت مصر تانى يوم رجوعنا مباشرة، و200 مليون قروض للمشروعات الصغيرة بشروط أكثر من ميسرة، على أن يتم تقسيم باقى المبلغ ما بين وديعة فى البنك المركزى واستثمارات».

المحطة الثانية كانت فى قطر، والتى وعد مسئولوها بـ10 مليارات دولار، «منها 500 مليون دعما للموازنة»، ثم الإمارات التى صدر مرسوم أميرى بها بإرسال 3 مليارات دولار لمصر، «وبالرغم من أنه تم استقبلنا فى الكويت بمنتهى الحفاوة، إلا أنهم رفضوا تحديد مبلغ محدد للمساعدات»، يضيف رضوان.

فى النهاية لم تحصل مصر على التعهدات الدولية والعربية لعدم توقيع قرض الصندوق، فـ«الإمضاء مع الصندوق يعتبر بمثابة شهادة إن عندنا سياسة مالية جادة، ولذلك أنا قلت وقتها خلونا نوقع القرض، وده مش بالضرورة هايخلينا نستخدمه، بس علشان نأخذ التعهدات الدولية والعربية».

يتم تسخير السياسة العامة لخدمة أهداف شخصية.. فهى ليست مرسومة على مصلحة البلد.. وتقهقرنا لمحاصرة العجز ونسينا أهداف الثورة

قرض صندوق النقد الذى كان

«كان الترحيب بنا بلا حدود». يصف سمير رضوان أجواء المباحثات التى كان يجريها مع المؤسسات الاقتصادية الدولية فى مارس وأبريل ومايو 2011، بينما كان زخم انتصار الثورة المصرية يسلب لب العالم ويخيف أصحاب المصالح الكبرى فيه فيدعوهم لإعادة التفكير.

خلال اجتماعات الربيع، التى تجمع الصندوق والبنك الدوليين وعلى هامشها اجتماعات أخرى لمجموعتى الثمانية والعشرين، فى منتصف أبريل العام الماضى، كانت زيارة الوفد المصرى لواشنطن لبحث كيفية «دعم» اقتصاد الثائرين المنتصرين.

«ألغى روبرت زوليك (رئيس البنك الدولى وقتها) كل مواعيده ليجلس معنا. وكان الصندوق مستعدا لإقراضنا مبلغا يصل لـ 9 مليارات دولار، أى 3 أضعاف ما تفاوضنا عليه لاحقا وما نتفاوض عليه الآن».

عاد الوفد المصرى للقاهرة وفى جعبته وعود بحوالى 12 مليار دولار «كانوا فى جيبنا»، على حد تعبير رضوان. وبعد عدة أسابيع استقر التفاوض مع صندوق النقد الدولى على قرض 3.2 مليار دولار بفائدة متغيرة تبدأ من 1.5% ويتم تسديده على مدى 5 سنوات.

يصر رضوان على أن القرض لم يكن مشروطا. «الموازنة التى أعددتها كانت توسعية تماما بعجز 12%. وكان منطقها الرئيسى هو كفالة الوئام الاجتماعى Social Cohesion، وهو عنصر اعترفوا به وقبلوه لأول مرة فى تاريخ علاقة الصندوق بمصر».

ووجهت هذه الموازنة، فى مشروعها الأول، 40 مليار جنيه فى استثمارات عامة فى التعليم والصحة والاسكان.

 وفى 5 يونيو أعلن الصندوق عن التوصل لاتفاق على مستوى الخبراء يقضى بإعطاء تسهيل ائتمانى بالمبلغ لمصر «لدعم برنامج الحكومة الاقتصادى» وفق مشروع الموازنة الذى قدمه رضوان.

«كنا قد وقعنا بالأحرف الأولى على الاتفاق. ولم نكن مضطرين لتنفيذ الاتفاق لكنه كان شرطا لكل باقى الأموال. ولم نكن لنحصل على شىء دون التوقيع، وهو ما حدث بالفعل»، يقول رضوان.

وكان الاتفاق يعطى الحق لمصر فى الحصول على التسهيلات خلال عام من توقيعه دون أن يلزمها بذلك.

يقول رضوان إنه عندما عرض الأمر على المجلس العسكرى كانت الرؤية هى أن «المشير حسين طنطاوى لا يرغب فى أن يخلق تركة دين جديد لحكام مصر الجدد، وأنه من الأفضل انتظار حكومة منتخبة لاتخاذ قرارها فى هذا الشأن».

وبناء على استبعاد الاتفاق مع الصندوق، وهو أمر لا يحظى بتأييد سياسى ولا شعبى، تقرر تغيير مشروع الموازنة ولكن بفلسفة مغايرة تماما. فبدلا من عجز 12% من الناتج المحلى الإجمالى (وهو المعدل الذى رآه الصندوق مقبولا وقتها) وفى وجود الـ18 مليار جنيه من الصندوق تراجع العجز إلى 8.6% من الناتج وفى غياب هذا المورد، وهو ما يعنى أن الموازنة تحولت فى الاتجاه وتمت تخفيضات هائلة فى استثمارات الدولة المخططة خاصة مع إلغاء كافة التعديلات الضريبية التى كانت مقررة على الأغنياء.

يعلق سمير رضوان على عودة الحكومة المصرية مرة أخرى بعد ذلك بأشهر، فى حكومة عصام شرف الثانية، وعلى يد وزير المالية السابق حازم الببلاوى، للتفاوض مع الصندوق بالقول إنه «عندنا هواية إعادة اختراع العجلة»، مضيفا أنه «لم يكن يجب إعادة التفاوض على ما تم الاتفاق عليه».

وفى نهاية أكتوبر 2011 أعلن فى القاهرة عن انطلاق «المبادرة الشعبية لإسقاط ديون مصر»، والتى تضع ضمن أهدافها المعلنة إيقاف التفاوض على القرض مع الصندوق لحين اتمام المرحلة الانتقالية وتولى حكومة ورئيس منتخبين زمام السلطة فى مصر. وترى الحملة أن «الاقتراض لسد العجز لا يخدم بشكل مباشر جهود التعافى الاقتصادى وتوليد النمو وخلق فرص العمل»، وأن «صندوق النقد الدولى كان حاضرا طوال العقدين الأخيرين فى رسم وتطبيق سياسات البلاد المالية والاقتصادية بما عاد على غالبية المواطنين المصريين بتردى مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفقر وتدهور الخدمات العامة والتنمية الإنسانية»، بحسب بيان المبادرة صاحب زيارة وفد الصندوق للقاهرة فى يناير 2012.

وترى المبادرة، التى تتمتع بتأييد عدد من الأحزاب السياسية والمرشحين الرئاسيين، أن الأجدر بالحكومة أن تراجع الموازنة العامة بعد الثورة كى تتدارك العجز، وتعيد هيكلة الموازنة لرعاية مقتضيات العدالة الاجتماعية والتنمية الإنسانية «بدلا من الاستمرار فى نفس سياسات النظام السابق ووزير ماليته بتخصيص ما يربو عن 19% من إجمالى الإنفاق العام لدعم المحروقات التى يذهب جلها لأصحاب رأس المال ولا تفيد الفقراء شيئا، وذهاب خمس آخر لخدمة الدين العام فى مقابل الثبات الحقيقى لأنصبة الصحة والتعليم والضمان الاجتماعى».

وتضع الحكومة قرض الصندوق فى مكان محورى فى برنامجها للتعامل مع الوضع الاقتصادى الراهن بسبب ما تقول إنه فجوة تمويلية كبيرة بفعل الاضطرابات السياسية والأمنية المصاحبة للمرحلة الانتقالية لنقل السلطة وكتابة دستور جديد للبلاد.

ومن زاوية فرص التفاوض يرى رضوان أن الظروف اختلفت فى العام الذى مضى بعد إيقاف الاتفاق الأول. «عندما كنت أتكلم معهم كان احتياطى البنك المركزى من العملة الأجنبية فوق الـ 30 مليار دولار، الآن أقل من نصف هذا المبلغ».

وقد تراجع الاحتياطى من حوالى 36 مليار دولار فى يناير 2011 إلى 15.1 مليار دولار فى نهاية مارس 2012 بفعل تراجع النمو الاقتصادى وعائدات السياحة والاستثمار الأجنبى المباشر وزيادة هائلة فى تدفقات رءوس الأموال للخارج من البورصة وغيرها.

«الصندوق الآن هو اللى رجع خطوة للوراء، ويريد تأجيل توقيع القرض، لأنه يرى تذبذبا فى السياسات المالية، فكل وزير له آراء مختلفة.. أنا مثلا توجهاتى اجتماعية، وحازم الببلاوى معروف إنه نيو ليبرالى حتى النخاع».

ويرى رضوان أن السبب الرئيسى لتمنع الصندوق الآن هو «عدم الاستقرار فى السياسة المالية. كل يوم شايفين واحد بآراء مختلفة وأهم ما يرغبون فيه الآن هو توافق سياسى واستقرار السياستين المالية والنقدية».

ويقول صندوق النقد إنه لن يوقع اتفاق القرض مع حكومة كمال الجنزورى دون موافقة القوى السياسية المنتخبة ومنظمات المجتمع المدنى على الاقتراض. وقد قال وزير المالية ممتاز السعيد فى تصريحات صحفية الأسبوع الماضى إن الحكومة قد أبلغت الصندوق بموافقة حزبى الحرية والعدالة والنور الإسلاميين على إتمامه.

فى بدايات التفاوض مع حكومة الجنزورى قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق مسعود أحمد إن البرنامج الذى قدمته الحكومة ليس واضحا ويحتاج لمناقشات فى التفاصيل. وفى لقاء مع «الشروق» أثناء زيارته مصر فى مارس قال أحمد إن «التحفيز الاقتصادى بزيادة استثمارات الدولة كان مقبولا فى مايو 2011 مع مستويات الاحتياطى وقتها. حينها كان يمكن تحمل التحفيز لكن هناك مساحة أقل لذلك الآن»، معتبرا ذلك «ثمن التأخير، ومصرا على أنه «من المهم عدم المبالغة فى تقدير دور الصندوق».

وبينما قال مسعود أحمد فى نفس المقابلة مع «الشروق» إن «هناك مستوى من الافصاح نطلبه من الحكومة المصرية»، يتوقع المفاوض المصرى فى الاتفاق الأول، سمير رضوان، أن يكون سعر الصرف موضوعا رئيسيا للتفاوض الآن. «لن أندهش إذا فتحوا ملف الجنيه»، على حد تعبيره.

«الضغط على الجنيه المصرى قوى للغاية وغالبا هناك التساؤل حول ما إذا كان من الممكن تخفيض سعر صرفه مقابل الدولار وهو ما لا يرى البنك المركزى مبررا له»، يقول رضوان، مضيفا أن التخفيض سيؤدى لزيادة فى التضخم وارتفاع فى الأسعار يفاقم من أثر الوضع الاقتصادى على الناس».

وتتوقع الحكومة المصرية أن يعود احتياطى العملات النقدية للزيادة ابتداء من مايو بفعل تحسن النشاط الاقتصادى وإيرادات السياحة، وكان معدل التراجع فى الاحتياطى قد تباطأ فى الشهرين الماضيين.

لا نحتاج معجزة لإصلاح الاقتصاد

فى 12 مايو 2011 وفى كلمة ألقاها فى مؤتمر بغرفة التجارة العربية البريطانية، اعتبر سمير رضوان أن الاقتصاد المصرى «سيكون من الاقتصادات الواعدة خلال السنوات الخمس القادمة». وقت هذا التقدير كان اقتصاد البلاد يمر بواحد من أسوأ معدلات نمو ربع سنوية له خلال سنوات حيث انكمش بـ 4.2% فى الربع الأول من العام قبل أن يعود للنمو بعدها وإن بمعدلات أبطأ مما قبل الثورة. وبعدها بأيام وفى حوار آخر مع «الشروق» أكد وزير المالية حينها أنه يحتاج من سنة إلى 14 شهرا للخروج من عنق الزجاجة.

واليوم.. مازال رضوان متفائلا، برغم كل الإجراءات التى لم تنفذ وبرغم ما يصفه بـ«التذبذب فى صناعة السياسة الاقتصادية كخيط مستمر منذ قيام الثورة».

الشرط، وفقا للمفكر الاقتصادى، هو الإجابة عن سؤال: ما هى هوية الاقتصاد المصرى؟ «هذا سؤال يجب تقديم إجابة عليه. السوق مهمة لكن لا يجب أن تترك لحالها»، يقول رضوان مقارنا وضع الاقتصاد بغيطان الفلاحين. «لو أزلت الضوابط تغمر مياه الرى، التى لا حياة بدونها، وتدمر حياة الفلاحين».

وقد تباينت خلفيات وزراء المالية الثلاثة بعد ثورة يناير فى حكومات شرف والجنزورى. فرضوان كينزى من أنصار التشغيل الكامل وتدخل الدولة لتحفيز الاقتصاد وحازم الببلاوى ليبرالى، والاثنان من طائفة المفكرين الاقتصاديين الأكاديميين بينما ينتمى الوزير الحالى ممتاز السعيد للجهاز الفنى البيروقراطى للدولة، وتسير توجهاته بلا تغييرات جذرية واضحة فى فلسفة السياسة المالية عما سبق ثورة يناير. وفى شهر أكتوبر الماضى، شهدت ندوة بوزارة المالية خلافا علنيا بين الوزيرين فى حكومة شرف الثانية، وزير المالية حازم الببلاوى ووزير التضامن الاجتماعى جودة عبد الخالق حول هوية الاقتصاد حيث قال عبدالخالق إنه يجب أن يعاد النظر فى اقتصاد السوق متهما إياه بأنه «هو الذى أدى بنا إلى ما انتهينا إليه الآن»، ورد عليه الببلاوى بتمسكه باقتصاد السوق معتبرا أن ما يحدث فى العالم يؤثر على الجميع، «وبما أن العالم كله حاليا يسير على اقتصاد السوق فمن المنطقى أن نتعامل مع هذا الأمر ونسايره»، بحسب قوله فى حينها.

فى مايو 2011 حدد رضوان رؤيته لاقتصاد مصرى يسير فى طريق مختلف عن طريق الليبراليين الجدد من أنصار تحرير الأسواق ممثلا فى سياسات حكومة أحمد نظيف، التى كانت عنصرا أساسيا فى دفع المصريين للثورة، قائلا إنه « إذا كنا نريد تحقيق أهداف الثورة فى العدالة الاجتماعية يجب أن يكون هناك أساس فكرى مختلف للسياسة المالية. وليس معنى ذلك أن نلعن كل ما سبق، ولكن أن نحرص على الاتساق فى السياسات التى نتبناها، لأن سياسة الترقيع التى تم اتباعها خلال الأربعين سنة الماضية لم تعد صالحة».

واليوم، مازال رضوان مصرا على وضوح الرؤية: «نحن مطالبين بصياغة رؤية واضحة لهذا الاقتصاد وهو أمر ليس صعبا، وأى رئيس قادم أيا كان عليه أن يقدم خطة إنقاذ لمدة سنة».

ورفض مجلس الشعب المنتخب بيان حكومة كمال الجنزورى الذى ركز فى برنامجه الاقتصادى على «الخروج من الوادى الضيق» كمخرج من الأزمة الاقتصادية. ويتساءل رضوان: «من يمكنه أن يختلف مع هذا؟ لكن متى؟ وكيف سيتم تمويل هذا؟ وهل هذه سياسة على الأجل القصير أم الطويل؟»، يقول رضوان معتبرا بيان حكومة الجنزورى «بيانا لإنقاذ الحكومة وليس بيانا لحكومة الإنقاذ».

يشير رضوان لما قام به الرئيس البرازيلى لويس إيناسيو لولا داسيلفا عندما جاء لأول مرة لحكم البرازيل «وجعل هدفه الأول زيرو جوع: لا أحد ينام جائعا فى البرازيل».

وقد تولى داسيلفا رئاسة البرازيل بعد انتخابه فى أواخر عام 2002 ليضخ 2 مليار دولار سنويا لمواجهة الجوع، منشئا وزارة خاصة للموضوع لتخلق شبكة قومية لمساندة الجوعى قامت بانشاء شبكة من المطاعم الرخيصة بطول وعرض البلاد جنبا إلى جنب مع نظام للدعم النقدى المشروط بالصحة والتعليم للأسر الفقيرة. وفى منتصف العام الماضى اختار برنامج الغذاء العالمى داسيلفا، الذى ترك منصبه بعد دورتين «بطلا عالميا فى مواجهة الجوع». «نحن نحتاج لأن نوجه الاقتصاد لتحقيق هدفين أساسيين: زيرو أزمة بوتاجاز وزيرو أزمة عيش بتوصيل الأنبوبة والرغيف لكل الأسر تحت خط الفقر، وهى محسوبة بالورقة والقلم وليست معجزة».

بعد ذلك هناك حاجة لخطة انقاذ فى الأجل المتوسط، كما يضيف سمير رضوان، «لرفع دخل الفرد فى المتوسط بـ 50%». لكن كيف ذلك؟ «من نعم الدنيا علينا ان لدينا اقتصادا متنوعا: لدينا سياحة وزراعة وصناعة ولسنا فى وضع الاقتصادات التى تعتمد على قطاع واحد. من هنا كانت فكرة الطريقة التى تخطط بها للوصول لهذه الدفعة فى دخل الفرد بالنصف». يشير رضوان إلى دراسة للمجلس المصرى للتنافسية تؤكد أن بإمكان مصر استيعاب 30 مليون سائح سنويا بحلول عام 2020، مؤكدا أن «الأفكار والدراسات موجودة». وقال التقرير الصادر عن المجلس فى مايو 2008 بعنوان «مزيد من التنافسية وفائدة تعم الجميع»، إن مصر يمكنها دفع عدد السائحين الأجانب إلى هذا العدد الهائل الذى يوازى 300 ألف ليلة سياحية إذا رفع عدد الغرف السياحية من 264 ألفا عام 2008 إلى 655 ألفا. وبلغ عدد السائحين الذين زاروا مصر عام 2010  12 مليون سائح، تراجعوا إلى ما يقرب من 9 ملايين سائح فى عام 2011، عام الثورة.

«أما قطاع الزراعة فحدث ولاحرج»، يضيف رضوان لكنه يؤكد أن التصنيع محورى.

 «أهم حاجة ان مصر فاتتها ثورتان صناعيتان: التصنيع القائم على رخص اليد العاملة والتصدير، ثم الثورةالثانية التى قامت على أنك تدخل فى الصناعات التى ترحل من العالم المتقدم للعالم النامى. أما الثورة الثالثة فهى ثورة خطوط الإنتاج العالمية. السيارة الآن تنتج فى 27 دولة، حيث ماليزيا وبنجلاديش لهما نصيب. أين نحن من ذلك؟ لكننا لم نفقد فرصتنا بعد برغم ذلك. مازال يمكننا اللحاق بهذه الموجة الثالثة من ثورات التصنيع».

الإجراءات الثورية التى تراجعت حكومة شرف عن تطبيقها

● ضريبة الأرباح الرأسمالية التى كانت ستفرض على توزيعات الأرباح فى البورصة والمقدرة بـ10%.

● رفع حد الإعفاء الضريبى من 9 آلاف جنيه إلى 12 ألف جنيه.

● زيادة الحد الأدنى للمعاش إلى 300 جنيه ومعاش السادات إلى 200 جنيه، ورفع جميع المعاشات التى تقل عن 800 جنيه.

● تطبيق خطة للإلغاء التدريجى لدعم الطاقة الموجه للصناعة كثيفة الاستهلاك.

● توجيه 2 مليار جنيه لبرنامج لتدريب المتعطلين فى مصر، والتى تم تخفيضها إلى مليار.

..وإجراءات أقرت لكن لم تُطبق حتى الآن

● رفع الحد الأدنى للأجر فى القطاع الحكومى إلى 700 جنيه شهريا.

●  وضع حد أقصى للأجور يساوى 16 ضعف الحد الأدنى.

●  فرض شريحة إضافية من الضرائب تقدر بنحو 5% على الأفراد والشركات التى يزيد دخلها على 10 ملايين جنيه.

«تواصلى مع الإعلام لم يحدث بالشكل الكافى بسبب عدم وجود كفاءات حولى تساعدنى فى هذا التواصل.. وأنا سمعت إن ناس كثيرة من الذين كانوا يعملون معى لم يكونوا مقبولين، ولذلك ما عرفتش أشرح للناس احنا بنعمل ايه، وهذا الموضوع أثر فى الشغل، لأن الناس من حقها تعرف ايه اللى بيحصل خصوصا ان المواطنين اتلدعوا كثير من المسئولين قبل كده».

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل