المحتوى الرئيسى

مائتا عام من حكايات الأخوين غريم

04/28 20:22

تحتفل ألمانيا هذا العام بمرور قرنين على إصدار المجلد الذي ضم الحكايات الشعبية الخيالية والأساطير الساحرة التي جمعها الأخوان غريم وأعادا كتابتها من جديد سنة 1812. وإلى جانب جمعهما للأساطير والحكايات الشعبية وإعادة كتابتها، كان الأخوان ياكوب وفيلهِلم غْريمّ من المغرمين باللغة الألمانية، ومن الباحثين الجدِّيين فيها، إذ يعتبران من مؤسسي علم اللغة الألمانية "الجيرمانيستك".

وعاش الأخوان غريم في مدينة كاسل الألمانية بينالقرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وبادرا في عام 1838 بإعداد قاموس للغة الألمانية. ولكنهما لم يتمكنا من إنجازه خلالحياتهما، فقد توصلا فقط إلى حرف "F"، غير أن القاموس تم إنجازه بعد 122 عاماً من ذلك، في وقت كانت فيه ألمانيا مشطورة إلى دولتين، أي تحديداً بعد الحرب العالمية الثانية. ولأهمية العمل قامت الألمانيتين بتشكيل مجموعة باحثين لإتمام القاموس الذي أنجز سنة 1960 في 32 مجلداً، والذي ما زال يعتبر القاموس الأوسع والأكثر شمولاً حتى يومنا هذا.

"الأميرة بياض الثلج والأقزام السبعة"

أجيال كثيرة سُحرت بحكايات مثل "الأميرة النائمة" و"الأميرة بياض الثلج والأقزام السبعة" و"سندريلا"و"موسيقيو مدينة بريمن"، وبغيرها من الحكاياتوالأساطير الجميلة. وأجيال كثيرة حلمت من خلال تلك الأساطير بالأمراء والأميرات الجميلات، وتعاطفت مع الطفلين هانزِل وغريتيل، اللذان تاها في الغابة.

يعرف الكثير من القراء هذه الحكايات الشعبية التي انطلقت من ألمانيا عام 1812، لكن هل من الضروري أن يعرف هؤلاء مَن الأخوان "غريم" اللذان جمعا تلك الحكايات والأساطيروأعادا كتابتها من جديد؟ الحقيقة أن الكثير من الكتَّاب في العالم اقتبسوا تلك الحكايات وصهروها في لغاتهم وألبسوها الثوب المحلي. وكمثال على ذلك حكاية "بياض الثلج" والأقزام السبعة، التي تحولت في دمشق من "بياض الثلج" إلى فتاة غنية تدعى "فلّة".

هذه الفتاة تاهت في غابات جبل قاسيون هرباً من شاب فقير كان يحبها... لكن الحكاية الأصلية تدور حول أميرة تتوه في غابات جبل "شْبِسارت" في مدينة "لور أم ماين" في ألمانيا هرباً من زوجة أبيها الشريرة، وتلتقي بالأقزام السبعة الذين يؤونها ويقدمون لها كل المساعدة.

وهناك حكايات كثيرة تحولت نتيجة الاقتباس إلى حكايات شعبية يتداولها الناس على أنها من حكايات مناطقهم. وقد حاول كتّابها الجدد أن يقدموها بطريقة تعكس واقع مجتمعاتهم، وبشكل يختلف عن أصلها الألماني. إن حكاية "ذات القبعة الحمراء" للأخوين غريم والتي يسميها العرب "ليلى والذئب" خير مثال على ذلك.

يحدثنا الكاتب السوري حسين حبش قائلاً: "قرأت حكايات كثيرة في صغري ولكن لم أكن أعرف أن منشأ بعضها من ألمانيا، بلد غوته وشيلر. كنت أعتقد أن هذه الحكايات هي من بيئة مجتمعاتنا، لكن عندما أتيحت لي فرصةالاطِّلاع على الآداب العالمية تأكد لي أن هذه الحكايات رغم تداولها وانتشارها في أغلب لغات العالم، فان أصلها يعود إلى ألمانيا."

أساطير جمعت بين المدرستين الواقعية والخيالية

لم تكن أساطير الأخوين غريم وكل أساطير العالم وحكاياته الشعبية بعيدة عن الواقع، رغم ما تحملها من خيال واسع يفوق تصور الإنسان؛ فمن تجارب الناس وواقع المجتمعات استمدتتلك الحكايات مادتها. ومثال على ذلك حكاية "الأميرة بياض الثلج"، ففي مدينة لور أم ماين،وبحسب رأي سكان المدينة يمكنك تتبُّع أثر الأميرة الجميلة في المدينة. وحسب ما يشاع في منطقة نهر الماين فإن بعض التحقيقات والدراسات كشفت أن الأميرة كانت تعيش بالفعل في مدينة لور أم ماين.

حكاية الأميرة "بياض الثلج"... نسج خيال أم واقع؟

رحلة إلى لوبيك حيث يلتقي الأدب بعبق التاريخ

هيرمان هيسه: عبقرية أدبية خالدة

في حديث مع الحكواتي والكاتب اللبناني يوسف نعوم الذي يعيش في ألمانيا منذ أكثر من خمسين عاماً يؤكد لنا أن خيال الحكايات هو دائماً ما كان من الواقع أو رداً عليه بأحسن الأحوال. ويضيف نعوم قائلاً: "كان الكتاب ينسجون الواقع ضمن حكايات وأساطير على أنها من عهود مضت، لكنها في الحقيقة تعكس واقع المجتمع. وهذا ما فعله تماماً مخترع حكايات "كراكوز وعواظ". وكذلك فعل ابن المقفع في كليلة ودمنة، وذلكبنسجه الحكايات والقصص على لسان الحيوانات".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل