المحتوى الرئيسى

الدنيا ربيع.. والجو بديع

04/10 21:42

ما إن علمت بحفل الفنان «صفوان بهلوان» على مسرح الأوبرا حتّى أسرعت والأصدقاء لحجز أماكن لنا بين زحام عشّاق الفن الراقى.. أمَنّى النفس بمنفذٍ أستنشق من خلاله نسيم السكون.. وفن أُطهّر به السمع من أصواتٍ «أنْكَر من الأنْكَر» وما يفصّل لها من كلمات كأنها بقايا «تبن» تتطاير على فضلات ألحان.. منفذ يكاد يكون معبد همس غارقاً بسحابات سموّ وتهليل إعجاب خافت من الروح.. كان موعدى مع الأوبرا كموعد حبيب رق لحبيب.. مهاب كهيبة الزمن الجميل.. ولكن!!

ما كلّ ما يتمنى المرء يدركه.. فأول الغيث كان صدمة.. حين فوجئنا بعدم السماح للسيارة بالدخول إلى باب وساحة المسرح الكبير التى تعجّ بسيارات «فلان وابن فلان» تحت معيار «الواسطة» التى تتجاوز معيار الإنسانية والعدل والمساواة وغسل الصدور من شعور تفرقة بين هذا وذاك على الرغم مما حصل من تغيير لا يجعل فضلاً لهذا على ذاك.. خاصة وقد كانت بمعيّتنا سيدة طاعنة فى السنّ لا تقوى على قطع المسافة بين «موقف السيارات العام» وباب المسرح. ولا أدرى لماذا لا تخصص أماكن بمقابل مادىّ أعلى قليلا فى ساحة المسرح الكبير يصبّ عائده فى ميزانية الأوبرا؟

المهم أننا ما إن دخلنا إلى المسرح حتى انزوت الصدمة بين طقوس طمأنينة أخذتنى إلى عالم سلام مضاء بشموع نشوة، ترك للروح العنان فى التجلّى بعيدا عن فوضى الرغبات المحمومة وتحقيق ما تصبو إليه على حساب دين ووطن ومواطن.. وما إن بدأ الفنان المبدع بتحية الجمهور بـ«سلام من صبا بردى أرقّ ودمع لا يكفكف يا دمشق»، تلتها كلمة حب تفيض ألماً وشجناً بين بوح ونوح وشكوى لمصر والنيل مما ألمّ بسوريا حتى ضجّ المسرح بتصفيق زادته حرارة قصيدة «أخى جاوز الظالمون المدى» التى أبدع فى أدائها وأبكانا، حتّى أحسست بناقوس يقظة ينهال بدقاته فوق هدأة الروح ليأخذها عنوة إلى فوضى ربيع يتفتح عن براعم صبر.

وهكذا يتربص بى الوجع رافضا ترياقاً مؤقتاً جئت أنشده بين رومانسيات عبدالوهاب وشجن «كل ده كان ليه»، ويستبدله بغضب قومىّ وعتب وطنىّ استفزته أغنية «حب الوطن فرض علىّ» لأتساءل كعادتى: ترى! هل فكرت النخبة المتنافسة على المجالس والرئاسة فى أبعاد هذا الفرض وما يترتب عليه؟ خاصة وبحر الوطن تتلاطم أمواجه منذرة.. ولا عاصم غير الله توحّد النوايا والهدف بجهاد النفس والترفع عن الشبق السلطوى.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل