خائنة الأعين وما تخفى الصدور

أسلم عبدالله بن أبى السرح، ثم ارتد، فلما كان فتح مكة جاء به عثمان بن عفان، وهو أخوه فى الرضاعة، ليشفع له عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأنه سوف يفتح صفحة جديدة وعهداً جديداً، وقبل النبى- صلى الله عليه وسلم- شفاعة عثمان، لكنه أعرب عما كان فى نفسه، بأن يقوم أحد من المسلمين بقتله، فقالوا له: لو أشرت إلينا يا رسول الله لفعلنا، فقال: ما كان لنبى أن تكون له خائنة عين، يعنى لا يليق بالنبيين وخاتمهم- عليهم جميعا الصلاة والسلام أن يشير أحدهم بعينه إشارة يفهم منها أن تقتلوا أحداً أو غير ذلك، إنما شأنهم وما يليق بهم أن يكون كلامهم بلسان مبين، افعلوا كذا، أو لا تفعلوا كذا، وهكذا.

وخائنة العين معناها الإشارة الخفية التى باتت مصطلحاً بين الناس يفهمون دلالاته، فالمديد يزوره ضيف ما، فينادى ساعيه، ويصرخ فيه: أين كنت أهكذا تترك ضيفى الكريم دون أن يشرب شيئاً، هات أحلى ما عندك، ثم يغمض عينيه أو إحداهما بمعنى تدرب عليه الساعى، ومعناه اذهب ولا تعد بمشروب ولا بمأكول، ولا بغيره، حتى يستأذن الضيف غير المرغوب فيه، وساعتها ربما يقول له، هكذا، دون أن تشرب شيئاً، ملعونون سعاة هذه الأيام، والله لأفصلنه، والرجل ما جاء ليشرب، وإنما جاء لقضاء حاجة، لا يهمه إلا قضاؤها، وقد يكون على علم بخائنة العين، وقد يكون جاهلاً بها، لكنه يسترحم المدير، ويشفع للساعى، علشان خاطرى معلهش، والنبى الغالى: لا تؤذه، إنه مسكين،

وقد يكون ذا عذر، وأنت تعلم أزمة أنابيب الغاز، وقد تكون أنبوبته فارغة، أو عطله شىء فى الطريق إن كان قد ذهب لشراء مياه غازية، أشكرك، سلام عليكم، والرجل قد يصحب طفله إلى مكان ما، فإذا عاد وسألته زوجته، قال كنا عند أمى، أليس كذلك يا حمادة، وبخائنة العين يشير إليه أن قل: نعم فيقول: نعم، ندرب أبناءنا على خائنة العين منذ نعومة أظفارهم، كما تقول أمه ذلك إن كانت عند صاحبة لها نصح لها زوجها وهددها بعدم الزيارة لمثلها فهى خرّابة بيوت، أو غير لينة معه، أو بسبب ما من الأسباب، فتقول لولدها، أو ابنتها: ألم نكن عند خالتك، فيقول نعم نعم، لكننى نسيت، بأمارة أنها أعطتنى شيكولاته، وكما يحدث من السادة الوزراء وغيرهم فيما عرف عندهم بأن لهم تأشيرتين، واحدة نافذة، والأخرى فالصور وهناك تعليمات لمرؤسيهم بذلك، فإن جاءت التأشيرة الحقيقية نفذوا،