اليابانيون يحتفلون بالربيع مجددا تحت أغصان الكرز المزهرة

بدأ موسم إزهار أشجار الكرز في اليابان، فراح اليابانيون يقومون بنزهاتهم التقليدية التي يحتفون خلالها بقدوم الربيع، بعدما كانوا قد اضطروا في العام الماضي إلى التخلي عنها على خلفية موجة التسونامي التي ضربت البلاد.

إلى جانب زوجته، يفتح تاكاو يوشييا سلة الطعام في أحد منتزهات حي أساكوسا التقليدي (شمال شرق طوكيو). ويقول مبتهجا "يمكننا الاستمتاع من جديد بأشجار الكرز المزهرة. فالأمر كان مستيحلا في السنة الماضية".

ويروي وهو يتأمل صفا من الأشجار المزهرة، أنه كان ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر. وقد حجز بطاقتين له ولزوجته للقيام بجولة على متن حافلة، في أرجاء المدينة.

يضيف مبتسما "هذه الجولة تأخذنا إلى ثمانية مواقع في طوكيو، تشتهر بفضل أشجار الكرز فيها. إلى ذلك، أستطيع أن أتناول الكحول، الأمر الذي لم أكن لأقوم به لو كنت أقود سيارتي".

الجمعة، أعلن رسميا عن افتتاح الموسم في طوكيو، عشية نهاية أسبوع يسجل درجات حرارة معتدلة بحسب توقعات الأرصاد الجوية.

تشكل احتفالات "هانامي" (أي "تأمل الأزهار") مؤسسة قائمة بحد ذاتها في اليابان. ويحتفل بها عادة في كل عام عندما تتفتح الأزهار البيضاء أو الزهرية المزروعة في كل مكان.

وهذه الأشجار التي يطلق عليها اسم "ساكورا"، تزهر بسرعة جدا كما تسقط بتلاتها بسرعة أيضا، خلال أسبوع واحد على أبعد تقدير. وهذا الجمال قصير الأجل، يطال اليابانيين في أعماقهم. وهم يعمدون إلى الاحتفاء بهذه اللحظات المؤقتة منذ قرون.

في العام الماضي، ألغيت جميع الاحتفالات. ففي 11 آذار/مارس 2011 اجتاح زلزال ضخم بقوة 9 درجات على مقياس ريختر بالإضافة إلى موجة تسونامي عملاقة، شمال شرق البلاد، وأدى إلى مقتل 19 ألف شخص وبدد الرغبة بالاحتفال.

وعندما تفتحت البراعم كان القلق يسيطر على اليابانيين بسبب حادثة محطة فوكوشيما داييتشي النووية التي تقع على بعد 22 كيلومترا شمال شرق طوكيو.

وتتذكر تاتسوكو سوزوكي أن "الأجواء السائدة لم تكن توحي بإمكانية الابتهاج تحت الأزهار". وتشير هذه الموظفة البلدية التي ترافق السياح في أساكوسا، أنه في تلك الفترة لم تضأ المصابيح الحمراء والبيضاء المعلقة على الأشجار للمناسبة، بسبب نقص في التيار الكهربائي نجم عن الكوارث التي وقعت.

وبعد مرور عام من الزمن، لم تختفي كليا ندوب الكوارث الثلاث، لكن الحياة استعيدت بشكل شبه طبيعي في الأرخبيل، باستثاء المناطق الأكثر تضررا. وقد استعاد السكان الرغبة بالترويح عن أنفسهم.

تتوقع تاتسوكو سوزوكي أن يتوافد عشرات آلاف الزائرين يوميا إلى منتزهات الحي. فعشرات ملايين المواطنين يحتفلون بعيد "هانامي" في أرجاء البلاد.

تحت الأغصان المزهرة يجلس اليابانيون مع عائلاتهم أو زملائهم أو أصدقائهم. ويحضر كل واحد منهم المأكل والمشرب أحيانا، فيتشاركونهما وسط أجواء من الدردشة والضحك والغناء.