المحتوى الرئيسى

استنساخ الماموث يثير جدلاً واسعاً في أوساط الباحثين

03/16 14:30

قبل سنوات ادعى هوانغ وو سوك بأنه نجح في استنساخ جنين بشري وأنه استخلص منه خلايا جذعية جنينية. لكن ثبت لاحقاً أن الباحث قام بالتزوير. والآن يعود الطبيب البيطري والباحث المثير للجدل إلى الأضواء مجدداً، إذ يريد أن يعيد حيوان الماموث إلى الحياة مجدداً، عبر استخدام نسيج الماموث المجمد.

 

وقد وقع هوانغ، وهو مسؤول صندوق التكنولوجيا الحيوية في كوريا الجنوبية، اتفاقاً مع مسؤولين من ولاية ياقوتيا الروسية يهدف لبعث الحياة في حيوان الماموث المنقرض. وفي هذا الجزء من سيبيريا تم اكتشاف العديد من جثث الماموث، التي بقيت لأكثر من 10.000 سنة محفوظة في طبقات من الجليد، والآن أصبح بالإمكان استخراجها بسبب ذوبان جزء من الجليد بفعل التغير المناخي. وحتى يتمكن هوانغ وو سوك من استنساخ الماموث يحتاج إلى نواة خلية سليمة، لأنه سيجد فيها الشفرة الوراثية للحيوان، كما يأمل.

 

وبعدها سيتم زرع نواة خلوية من نسيج الماموث في بويضة قريبته المعاصرة. وأنسب الفيلة لذلك هي الفيلة الهندية. فمن حيث المبدأ فإن الأمر ممكن، فقد تمكن باحثون يابانيون، قبل ثلاث سنوات، من استنساخ حيوان وذلك باستخدام خلايا فأر مجمد لمدة 16 عاماً.

 

خلايا ممزقة وأحماض نووية مفتتة

 

المتخصص بالاستنساخ هوانغ وو سوك والكلب المستنسخ سنوبي

الباحث البيولوجي ألكس غرينوود، من معهد لايبنتس لبحوث الحيوانات البرية في برلين، يدرس دائما مثل هذه المشاريع، وهو لا يرى أي فرص لنجاح هذا المشروع. ورغم أن النظرة الأولية عبر المجهر يمكن أن تعطي بعض الأمل، لأن أنسجة الماموث تتيح للعلماء أن يستخلصوا منها خلايا وجزئياً نواة الخلية أيضاً. ولكنها ليست ذات بنية سليمة، وإنما مجرد آثار لخلايا متجمدة جداً، كما يقول غرينوود.

 

وحول إمكانية وجود أنسجة سليمة تحوي خلايا صالحة للاستخدام في سيبيريا، يرى ألكس غرينوود بأن هذا الأمر غير ممكن أبداً: "عشرة آلاف سنة من التجمد أمر مختلف كلياً عن تجميد اصطناعي لمدة 16 عاماً فقط". لأن درجة الحرارة الموجودة في سيبيريا ليست ثابتة.

 

أنسجة الماموث تتعرض للتجمد القاسي ثم ينفك الجليد قليلاً، ويعود الثلج من جديد، وبهذا تحطمت كل ملامح الخلايا، بما فيها الشفرة الوراثية. أما الحمض النووي فهو مفتت، وبالتأكيد غير قابل للاستخدام، يؤكد غرينوود.

 

الالتفاف على الجينات

 

وحتى عالم البيولوجيا الجزئي الألماني الأصل ستيفان شوستر، من جامعة بنسلفانيا الأمريكية، لا يرى أي فرصة لإعادة بعث الماموث. لكن يمكن التفكير بإيجاد طرق التفافية، كما يرى. فقد نجح في 2009 مع فريقه في إعادة هيكلة 70 بالمائة من الشفرة الوراثية لأحد حيوانات الماموث. وهنا لم يستخدموا نواة الخلايا وإنما جزيئات صغيرة من المادة الوراثية الموجودة في فراء الحيوان المتجمد.

 

وتمكنوا بمساعدة الكمبيوتر من وضع أجزاء الشفرة الوراثية في ترتيبها الصحيح. وقد يمكن خلال السنوات القادمة فك الشفرة الوراثية بشكل كامل للماموث، كما حصل مع حيوانات أخرى أو مع الإنسان، كما يعتقد شوستر. وما ينقص هو فقط التمويل.

 

تم العثور على طفل الماموث هذا في الطبقات الجليدية لياقوتيا الروسية

 

من البكتيريا إلى الماموث

 

وقد تمكن باحث الجينات الأميركي كاريغ فينتر عام 2010 من بناء الحمض النووي لبكتيريا. وقد يكون من الممكن تطبيق نفس الخطوات على الماموث. ولكن الحجم الإجمالي للحمض النووي لدى الماموث أكبر بعشرة آلاف مرة من نظيره لدى البكتيريا. وطالما بقي أمر بناء الشفرة الوراثية صناعياً غير ممكن، فيجب على الباحثين أن يبحثوا عن طريقة أخرى، كما يقترح ستيفان شوستر.

 

باحث الجينات الآخر جورج شارش من مدرسة هارفارد الطبية في بوسطن يعمل على إيجاد طرق مناسبة. وقد تمكن مساعدوه من اختراع آلة تطور البكتيريا. والآلة تقوم بتسريع تطور وتحول البكتريا لمئات الأجيال خلال وقت قصير. وبهذا تمكنوا من إنتاج ديزل حيوي من السكر. ويعتقد جورج شارش بأنه يمكن أيضاً التعامل مع الماموث بنفس الطريقة.

 

ويعترف ستيفان شوستر بأن هناك الكثير من العقبات التي ينبغي تجاوزها. "قبل ثلاث سنوات ظننت بأن الأمر مستحيل. ولكني اليوم لم أعد أستبعد إمكانية نجاح هذا الأمر". لكن محاولة استنساخ بسيطة، كالتي يخطط لها هوانغ وو سوك، لن تجلب الحل. لأن الطريق أصعب بذلك من كثير، كما يؤكد شوستر. قد يستمر الأمر لقرون حتى يتمكن الباحثون من تقديم ماموث قابل للحياة. ولكن حتى ولو تمكنوا من ذلك، فلن يعود الماموث كما كان قبل آلاف السنين، وإنما عودته ستكون إلى حديقة الحيوان في أحسن الأحوال.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل