المحتوى الرئيسى

أبرز خمسة حيوانات شاركت في الحروب

01/26 14:59

بالرغم من أن الحروب هي من صنيعة البشر على مدار التاريخ والتي استخدموها طويلا سواء لاستعادة الحقوق أو اغتصابها، أو حتى لفرض السيطرة والهيمنة على الأرض، أو للاستحواذ على الموارد الطبيعية، وبغضّ النظر على سبب الحرب؛ فإنها في أغلب الأحيان يخوضها البشر، إلا أن هذا لم يمنع الاستعانة بالحيوانات على اختلاف أنواعها للقيام بمهام مختلفة أثناء الحرب اعتمادا على قدراتها الخاصة، وهو ما أبرزه مؤخرا فيلم ستيفن سبيلبيرج الأخيرWar Horse، وفي السطور المقبلة سنرصد أهم خمسة أبطال للحروب من الحيوانات...

5- الدب Wojtek
بدأت قصة الدب البني الأسطوري Wojtek (المحارب المبتسم باللغة البولندية) عندما عثرت عليه كتيبة بولندية كانت متواجدة في إيران أثناء الحرب العالمية الثانية، وتحديدا في بداية عام 1942، وقرّر جنود الكتيبة الاحتفاظ بالدب الصغير وإطعامه ورعايته، وبمرور الوقت تحوّل الدب إلى تميمة الحظ للكتيبة التي سجّلت انتصارات ونجاحات متتالية في العديد من الدول التي انتقلت إليها أثناء وجود الدب معهم.

سافر Wojtek مع الكتيبة لتلتحق بالجيش البولندي الذي يخوض معارك قوية بجانب القوات البريطانية في إيطاليا؛ ولكن القيادة رفضت استعماله كتميمة حظ، وقررت إلحاقه بالجيش البولندي، وتسجيله كجندي في السرية رقم 22 المختصة بتزويد القوات بالمؤن والذخيرة، وكان للدبّ دور بطولي في معركة "مونتي كاسينو" تحديدا؛ حيث قام بنقل الذخيرة إلى المحاربين دون أن يوقع طلقة واحدة.

بعد انتهاء الحرب في عام 1945 تمّ إرسال الدب Wojtek إلى مقاطعة Berwickshire في اسكتلندا مع بعض من الجنود رفاقه في الكتيبة الذين قرروا العيش هناك، وتمّ تكريم الدب نتيجة لإسهاماته في نجاح القوات البريطانية والبولندية من خلال اعتبار صورته الشعار الرسمي للسرية 22، كما أُقيم له تمثال من البرونز في مدينة أَدِنْبرة بتكلفة 200 ألف جنيه إسترليني تكريما له.

قضى Wojtek أيامه الأخيرة في حديقة حيوان أدنبرة، وكان العديد من زملاء السلاح يزورونه بصورة متواصلة، وتُوفّي في ديسمبر من 1963 عن عمر 22 عاما، ومنذ ذلك الحين لم يعد Wojtek مجرد بطل حرب؛ بل إنه مثّل رمزا للبطولات التي قام بها البولنديون في الحرب العالمية الثانية.

4- الحمامة Cher Ami
تعتبر هذه الحمامة السوداء من أبرز الحيوانات التي شاركت في الحرب العالمية الأولى، ولكنها تميّزت عن آلاف الحمائم التي استخدمها سلاح الإشارة في جيش الولايات المتحدة أثناء تلك الحرب، وتحديدا الفرقة رقم 77 التي كان يقودها الرائد تشارلز ويتيلسي.

بطولات Cher Ami بدأت عندما تعرّضت الفرقة لحصار شامل من جميع الجهات لمدة خمسة أيام في أكتوبر عام 1918، وهي المعركة التي عُرِفت باسم "الكتيبة المفقودة"، والتي تعتبر من أشهر المعارك، وتمّ تخليدها في فيلم سينمائي حمل نفس الاسم.

قاتلت الفرقة الأمريكية بشراسة طوال أيام الحصار؛ ولكن القوات الألمانية تمكّنت من القضاء على نصف الفرقة العسكرية الأمريكية، وهنا لجأ ويتيلسي إلى ثلاث حمامات زاجلة طلبا للنجدة؛ ولكن القوات الألمانية كانت بالمرصاد لأول حمامتين وكانت الحمامة الثالثةCher Ami هي التي استطاعت أن تصل إلى مقر القيادة الأمريكية وتوصل الرسالة التي قام ويتيلسي فيها بكتابة إحداثيات مكان الفرقة؛ حيث إن قذائف المدفعية الأمريكية كانت تصيبهم وتقتلهم طالبا في الوقت نفسه قوات تنقذ الفرقة من وضعها الحرج.

ما قامت به Cher Ami لم يكن بالأمر السهل؛ حيث إنها واجهت نيران الألمان بكل شجاعة، وحتى بعد إصابتها الشديدة في قدميها واصلت الطيران لأكثر من 25 ميلا، واستطاعت أن تصل إلى القاعدة الأمريكية في 65 دقيقة، وعلى الفور قامت الولايات المتحدة بإرسال التعزيزات الضرورية، وأنقذت الفرقة من قبضة القوات الألمانية.

وبالرغم من تلقّي Cher Ami لعلاج فوري ومنحها قَدَما جديدة خشبية؛ فإنها عانت لفترة الإصابة القاتلة، وتوفيت بالفعل في 13 يونيو 1919، وتخليدا لذكرى Cher Ami تمّ تحنيطها والاحتفاظ بها في معهد Smithsonian في العاصمة الأمريكية (واشنطون) حتى اليوم، بل وتمّ تدريس قصتها للأطفال في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.

3- الكلب Stubby
كلب من نوع "بولدوج" نال شهرته الواسعة كونه الحيوان الأول الذي يحظى برتبة عسكرية في الجيش الأمريكي، لمع اسمه من خلال الفرقة القتالية رقم 26، تمّ تدريبه في معسكر Yale واصطحبه معه الجندي جون روبرت كونروي لينضمّ إلى القوات المقاتلة في فرنسا في فبراير 1918، وكانت بدايته تحديدا في معركة Chemin des Dames.

بالرغم من إصابة Stubby إصابتين قويتين (واحدة عبر شظايا إحدى القنابل والأخرى من خلال قنبلة غاز)؛ فإنه تمكّن من خوض 17 معركة مختلفة، وتميز Stubby بقدرته القوية على السمع؛ بحيث يمكنه سماع صوت القنابل قبل أن تصل إلى رفاقه؛ بل إنه كان يمكنه أن يميّز بين قنابل الغاز والقذائف التفجيرية، وكان يستطيع أن يتواصل مع الجنود نظرا لتلقيه تدريبا خاصا لإدراك وفهم اللغة الإنجليزية.

تميز كلب البولدوج أيضا بقدرته على تحديد أماكن المصابين من الجنود الأمريكيين في أراضي العدو؛ بل إنه كان يستدعي الأطباء من خلال النباح بطريقة معينة.

قدرات Stubby تجاوزت ذلك الأمر؛ بل إنه استطاع أن يقوم بأسر أحد الجنود الألمان، وكان يقوم برسم خريطة للخنادق التي يحتمي بها الأمريكان؛ فقام بالهجوم عليه وإصابته والنباح على أصدقائه الجنود ليقوموا بأسر الجندي الألماني، وهي الحادثة التي دفعت قيادة القوات الأمريكية لتمنحه رتبة رقيب.

حظي Stubby باهتمام واسع من وسائل الإعلام لدى عودته إلى أمريكا؛ حيث التقى الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون، والتقى أيضا الرئيسين اللذين خلفاه، وأثناء تلك المقابلات وغيرها من المقابلات الرسمية كان يحضرها بثوب عسكري عليه الأوسمة والنياشين التي نالها، وهو الثوب الذي حاكته له خاصة سيدة فرنسية تقديرا لما قام به.

ظل Stubby حتى آخر أيامه مع الجندي كونروي؛ حيث تُوفّي على يديه في عام 1926، وقررت الحكومة الأمريكية تحنيط جثته وعرضها على الأمريكيين في قاعة "ثمن الحرية" في معهد Smithsonian بجوار الحمامة Cher Ami، وقرّرت جامعة "جورج تاون" -التي انضمّ إليها كونروي- أن تجعله التميمة الرسمية للجامعة.

2- الكلب Chips
كلب أمريكي آخر لمع بقوة في الحرب العالمية الثانية، ينتمي لنوعية كلاب الحراسة "الراعي الألماني"، تبرّع به صاحبه إدوار وارين إلى القوات الأمريكية، وتمّ تدريبه ليكون كلب حراسة للمنشآت والأفراد؛ حيث تمّ إرساله إلى مركز تدريب كلاب الحرب في فرجينيا عام 1942.

بعد التدريب، خدم Chips ضمن قوات الفرقة الثالثة للمشاة وصاحبها أينما ذهبت في شمال إفريقيا وفرنسا وألمانيا؛ ولكن بطولاته ظهرت تحديدا عند غزو صقلية؛ حيث واجهت القوات الأمريكية صعوبات في اقتحام قلعة صغيرة كانت تحمي نقطة استراتيجية استهدف الأمريكيين السيطرة عليها؛ ولكنها استعصت عليهم لوجود مدفع قوي يحميها من دشمة محصنة بشدة؛ ولكن Chips هو من تمكّن أن يخليها من الجنود باقتحامه لها بطريقة غير متوقعة حتى للأمريكيين الذين اندهشوا تماما لما قام به الكلب غير المدرب على هذا الفعل، وفي نفس اليوم استطاع أن يساعد في أسر 10 جنود إيطاليين؛ بالرغم من أنه تعرض لإصابات في فروة الرأس وحروق متنوعة.

إسهامات Chips البطولية منحته العديد من الأوسمة العسكرية الرفيعة مثل Silver Star و Purple HeartوService Cross؛ إلا أن هذه الأوسمة تمّ سحبها في وقت لاحق نظرا لسياسة مستحدثة في الجيش الأمريكي التي تمنع منح الحيوانات أوسمة أو نياشين؛ إلا أن الوحدة التي خدم فيها قامت بمنحه أوسمة أخرى بصورة غير رسمية، وفي ديسمبر من عام 1945 قرّر الجيش صرفه من الخدمة، وإعادته إلى عائلة وارين مجددا.

تمّ تكريم Chips من خلال فيلم تلفزيوني من إنتاج ديزني في عام 1990 حمل اسم Chips, the War Dog (تشيبس: كلب الحرب).

1- الحمامة Mary of Exeter
التنافس على المركز الأول كان قويا للغاية وتحديدا بين الحمامة الفائزة وحمامة أخرى تسمّى Winkie (استطاعت أن تنقذ طاقم قاذفة بريطانية في الحرب العالمية الثانية؛ بعد أن تمكنت من الطيران لمسافة 130 ميلا تقريبا دون توقف؛ بالرغم من أن أجنحتها كانت مشبّعة بالزيت)؛ ولكن الحمامة Mary of Exeter حسمت المنافسة لصالحها؛ لأنه يمكن وصفها بأنها الحمامة التي لا تموت.

استطاعت Mary of Exeter أن تشارك في العديد من المهام الحربية الحساسة؛ بحمل الرسائل من ميدان المعركة إلى عشها في مدينة إكسيتر في بريطانيا، وكانت أحد أهم الحمائم في المنظمة الوطنية لطيور الحمام (منظمة مدنية تطوعية تأسست عام 1938 لمساعدة القوات البريطانية في الحرب العالمية الثانية، وضمت أكثر من 16 ألف حمامة قدمها أصحابها لخدمة الوطن)، عملت Mary of Exeter ضمن المنظمة على مدار خمس سنوات من 1940 وحتى 1945؛ وذلك بعد أن تطوع بها صاحبها الإسكافي ومربي الحمام الهاوي تشارلي بريوير.

"الحمامة المعجزة" -كما أطلقوا عليها- لم تكن مستعدة للموت طوال فترة خدمتها العسكرية، وتحديدا في الرحلات الطويلة التي كانت تقوم بها؛ حيث سافرت إلى العمق الفرنسي في أربع مرات كانت شديدة الخطورة؛ ولكنها عادت سالمة منها جميعا، ففي إحدى المرات تعقبها صقر ألماني (قامت ألمانيا بتطوير برنامج متطور لتدريب الصقور على تعقب الحمائم الأمريكية والبريطانية وقتلها قبل أن تصل لأهدافها)، وبالرغم من أن الصقر استطاع أن يجرحها بشدة في عنقها والجزء الأيمن من صدرها؛ فإنها تمكنت من مواصلة طريقها، وبعد أن تلقت العلاج اللازم عادت مرة أخرى إلى الخدمة بعد أقل من شهرين.

لم تكن الصقور وحدها هي الخطر الذي واجهته الحمامة الشجاعة Mary of Exeter، ففي إحدى المرات تمّ إطلاق النار عليها، وفقدت جزءا من أحد جناحيها؛ إلا أنها واصلت الطيران، وبعد وصولها فوجئ الأطباء المعالجين عندما استخرجوا من جسدها 3 رصاصات؛ ولكنها سرعان ما عادت للخدمة بعد مجموعة بسيطة من اختبارات الطيران دون الجزء المنقوص من جناحها.

خروجها من الخدمة كان بسبب شظية أصابتها تسببت لها في ضرر بالغ في عضلات الرقبة، وهو ما استدعى من صاحبها القيام بتفصيل طوق جلدي ليحافظ على وضعية رأسها مرفوع، وعلى مدار خدمتها تلقت الحمامة نحو 22 غُرزة في أنحاء شتى من جسدها؛ ولكنها في النهاية نجت، وفي عام 1942 قررت على ما يبدو ألمانيا النازية الانتقام منها فتم قصف منزل صاحبها في مدينة إكسيتر وتدمير عشها، وبالرغم من مقتل أغلب الحمائم التي كانت موجودة في العش؛ فإن Mary of Exeter ظلت على قيد الحياة.

نالت Mary of Exeter ميدالية Dickin تكريما لها عن أعمالها البطولية في نوفمبر 1945، وتُوفّيت في العام 1950 وتمّ دفنها في مقبرة Ilford للحيوانات.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل