المحتوى الرئيسى

بعد عام حزين فنيًا.. الثورة بريئة من الكسل السينمائى

01/25 11:47

كيف نقوم بالإنتاج فى ظل هذه الظروف؟ ـ«يجب أن نتوقف حتى نشاهد ماذا سيحدث»، مقولات عديدة رددها العديد من المنتجين المصريين بعد ثورة ٢٥ يناير  مبررين توقفهم عن الإنتاج وتراجع الكثير  منهم فى المشاريع المقررة للعام الماضى ٢٠١١ وهو ما أدى لتراجع الإنتاج السينمائى للنصف تقريبا فبعد أكثر من ٤٠ فيلما للعام 2010 لم تقدم السينما المصرية  أكثر من ١٨ فيلما وكان عدد الأفلام التى تم تصويرها بعد الثورة منها لا يتجاوز الـ١٠ أفلام، ومع انطلاق دعوات لخفض أجور كل عناصر الصناعة لتستمر وهو ما حدث بالفعل حيث تم تخفيض أجور الأبطال بما يزيد على خمسين بالمائة. لكن ذلك لم يسهم فى زيادة الإنتاج و هنا نفتح ملف السينما العربية فى عام الثورات وكيف تعاملت سينمات الربيع العربى  مع أزمتها؟ 

 

أول هذه السينمات التى نفتح ملف إنتاجها هى السينما التونسية التى وإن كانت أمدت السينما العربية بمجموعة من كبار المخرجين أمثال ناصر خمير الذى قدم لنا ثلاثية «الهائمون» و«طوق الحمامة» و«بابا عزيز» وعبداللطيف كشيش صاحب جائزة سيزار من خلال فيلمه «أسرار الكسكسى» ونورى بوزيد. ولكن الغريب والعجيب أن الإنتاج السينمائى التونسى لم يكن يزيد على عدد قليل يتراوح ما بين فيلمين لـ5 أفلام فى مرحلة ما قبل الثورة وهو ما تضاعف بعدها ليصبح إنتاجهم 10 أفلام هذا العام وهو ما يعنى طفرة كبيرة رغم كل الظروف العصيبة التى مرت بها تونس.

 

ومثلما انتعشت السينما التونسية ها هى السينما السورية أيضا تواصل صحوتها التى بدأتها قبل عامين ويرتفع إنتاجها من فيلمين عام 2010 لتصل لخمسة أفلام هذا العام مع كونه عددا قليلا أيضا ولا يتناسب مع هذه السينما التى قدمت لنا مصطفى العقاد مخرج «الرسالة» ومحمد ملص.

 

وكان آخر أفلام العام الماضى هناك هو فيلم «صديقى الأخير» الذى يواصل مخرجه جود سعيد تصويره حاليا  بدمشق واللاذقية.

 

المخرج عمرو سلامة أكد انه ومنذ ان عرف  بالوضع السينمائى التونسى والسورى فى مقابل الوضع المصرى وهو يبحث عن سر هذا الوضع ويقول: ربما يكون السبب فى الظروف الإنتاجية والتكلفة التى  يتكلفها الفيلم هناك مختلفة بكل تأكيد لكن ربط هذه الحقائق بالثورة هو ما يجعلنا نحتار فى انخفاض الإنتاج السينمائى المصرى فى الوقت الذى انتعشت فيه أو قل لم تتأثر السينما فى تونس مثلا وهو أمر يحتاج إلى دراسة فعلا.

 

أما المنتج والسيناريست محمد حفظى فأشار لاختلاف طريقة الإنتاج بين مصر وتونس وسوريا ففى مصر الاعتماد الرئيسى فى التمويل يكون على القنوات التى تشترى الأفلام بنسبة أكثر من ٥٠ فى المائة من تكلفة الإنتاج وهى قد قللت تمويلها نتيجة لانخفاض نسبة الإعلانات بالإضافة لتخوف المنتجين من إنفاق أموالهم فى ظل حالة عدم استقرار لا يعرف متى ستعود له نقوده التى أنفقها.

 

الناقدة ماجدة موريس أشارت إلى أنها كانت منذ وقت فى برنامج عن السينما والثورة مع المخرج رضا الباهى وهو تونسى والمخرج المصرى داوود عبدالسيد وأخبرهم الباهى عن أنه وقبيل الثورة كانت الدولة هناك قد قررت إنتاج ٣٥ فيلما روائيا طويلا ولكن توقف البعض بسبب الثورة ومن هنا تم تكملة المشروع وأنتجوا الأفلام العشرة. أما الموقف فى مصر فهو مختلف فالعدد الضخم كان للسينما المستقلة والقصيرة والتسجيلية والدليل على الطفرة هو وجود ٨ مهرجانات لهذه النوعية من الأفلام خلال العام الماضى ولكن مشكلتنا الحقيقية طبقا لموريس هو فى بيئة السينما المصرية ورؤية المنتجين والموزعين لهذه الأفلام وكيف يرون جمهورهم وعدم تغييرهم لأفكارهم.

 

والأزمة الحقيقة ان تكون الدولة المصرية قد رفعت يدها عن الإنتاج السينمائى إلا بفيلم واحد يتيم طوال ١٠ سنوات ويجب وضع نص واضح وصريح يلزم وزارة الثقافة بالإنتاج ودعم السينما ولكن رأسمالية السينما رأسمالية عاتية لا يمكن التغلب عليها الا بتجارب كتجربة شركة يوسف شاهين وتجارب إبراهيم البطوط فى البحث عن تمويلات خارجية وتتعجب موريس أن مخرجا كعاطف حتاتة يبحث منذ أكثر من ١٠ سنوات عن تمويل لفيلمه الثانى. لقد أصبحنا فى ذيل الدول العربية إنتاجا.

 

وتشاركها  وجهة النظر  نفسها الناقدة ماجدة خير الله قائلة إن هذا حدث لأن هذه هى طريقة تفكير الشركات المصرية التى تنتج للمكسب فقط ولا استعداد لديها للمجازفة وتلعب نفس اللعبة بنفس النجوم والموضوعات وأقصى تمرد لديهم هو وضع كلمتين عن الثورة فى أفلام لهم وهم ليسوا جادين فى هذا وربما يكون هناك بعض الأمل فى الشركات الجديدة والصغيرة ولكنهم لا يملكون إمكانيات إنتاجية كثيرة والشركات الكبيرة لن تعود للسوق مرة أخرى إلا بعد استقرار الأوضاع من وجهة نظرها وبنفس الأبطال ولكن تونس أكثر وعيا وأكثر ثقافة منا ربما لقربهم من الغرب ولديهم طموحات أكثر مما لدينا والأزمة الحقيقية فى مصر أن من يصنع الأفلام يصنعها ليرضى من يسود وليس من أجل الفن.

 

ميسون حافظ المسئولة الإعلامية للمجموعة الفنية أكدت أن الأمور تختلف كثيرا بين مصر وتونس وسوريا فنحن لدينا عدد صالات عرض أكبر بكثير من تونس وسوريا بالإضافة لاختلاف الناحية الثقافية بين مصر وبين تونس وأنا شخصيا ــ تقول ميسون ــ أتمنى أن نصبح مثل تونس أما فى سوريا فالقصة مختلفة فالثورة هناك فى مناطق محددة وليست موجودة مثلا فى دمشق وهى مركز الصناعة هناك بالإضافة لمشكلة التمويل التى نواجهها هنا فى مصر فالقنوات المصرية مثلا أصبحت عاجزة فى معظم الأحوال عن شراء الأفلام لعرضها فكل هذه العوامل قد أثرت علينا بكل تأكيد.

 

وشاركها ذلك التأكيد نفسه عبدالجليل حسن المستشار الإعلامى للشركة العربية الذى أضاف أنه لا يوجد مجال من أصله للمقارنة بيننا وبين تونس وسوريا فتكلفة أكبر فيلم لديهم لا تتجاوز حاجز الـ٢٠٠ ألف دولار أى أن الـ١٠ أفلام التى نتحدث عنها فى تونس بتكلفة فيلم مصرى واحد وهو ما ينطبق على سوريا والمغرب والأردن أيضا.

 

أما صناع هذه الأفلام فى تونس وسوريا فيؤكدون أن هذه الأفلام التى تم صنعها فى بلادهم لهى فرصة لتقديم العديد من الوجوه الجديدة لعالم السينما مثل مرام بن عزيزة الموديل والممثلة التى تشير لزيادة الإنتاج هناك بعد الثورة وهى شخصيا شاركت فى فيلمين منها، هما «هروب» وهو فيلم مغامرات يحاكون فيه فيلم «tomb raider» وتلعب فيه مرام  نفس الدور الذى لعبته انجلينا جولى وشاركت ايضا فى فيلم «حكايات تونسية»، ونفت مرام  وجود أية تخفيضات فى أجورهم هناك.

 

وتفسر المطربة والممثلة التونسية ياسمين عزيز الإنتاج المتزايد أنه تمرد متزايد وأن بن على كان يخضع كل شىء لسيطرة الدولة وبعد هروب بن على كان لدى كل فنان شىء يريد أن يحكى حكاية ويقص شىء لم يكن  يستطيع أن يقصه.

 

المخرج التونسى الكبير نورى بوزيد انتهى من فيلم جديد من قصته وإخراجه عن الفترة التى مضت منذ هروب بن على وحتى رحيل أول وزارة بعد الثورة وتشير بطلة الفيلم سهير بن عمار إلى أنها تلعب فى الفيلم شخصية فتاة محجبة فى مرحلة ما قبل الثورة وبمرور الوقت تفهم حقيقة الأحداث ويزيد وعيها وتفتحها مما يدفعها لخلع الحجاب مع نهاية الفيلم وهو ما يعتبر دعوة وصرخة ضد محاولات الظلامية التى يحاول البعض دفع المجتمعات العربية نحوها.

 

السيناريست فارس الذهبى مؤلف فيلم «صديقى الأخير» فأكد أن تصوير الفيلم فى هذه الفترة هو أمر غاية فى الصعوبة وغاية فى الجهد إلا أن قلق فريق العمل الشديد على تطورات الأحداث فى سوريا ورضوخ كل فريق العمل للحدث الكبير فى سوريا وحزنهم الشديد على الدم المراق فى بلادهم ومن هنا تأتى أهمية السينما فى تسجيل الواقع ورصده والمساهمة فى توثيق الحدث.

 

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل