المحتوى الرئيسى

فعلها وزراء العدالة والتنمية وبعض الانتهازيين والمتملقين "ما عندهومش الوجه اللي يحشمو عليه" بقلم : سعيد فردي

01/12 21:41

فعلها وزراء العدالة والتنمية وبعض الانتهازيين والمتملقين

"ما عندهومش الوجه اللي يحشمو عليه"


بقلم : سعيد فردي

لست هنا في موقف أو موقع الدفاع عن وزراء العدالة والتنمية وإن كنت اختلف سياسيا مع الحزب الإسلامي في عديد من القضايا والمواقف التي يتباناها، وبالرغم من أنني ظليت احتفظ بعلاقة طيبة مع العديد من الإخوة مناضلي حزب العدالة والتنمية. ولكن لأول مرة في تاريخ الحكومات المغربية المتعاقبة أشعر كمواطن، بغض النظر عن توجهي السياسي وانتمائي الحزبي، ويشعر معي الكثيرون من المواطنين المغاربة، بنوع من الارتياح والاطمئنان على أن هذه الحكومة التي جاءت بعد الدستور الجديد، سيكون فيها الخير لهذا الشعب الذي جرب كل الحكومات وكل الوصفات ولا زال الحال هو الحال.

هي إجراءات لم تكلف خزينة الدولة سنتا واحدا، إشارات قوية بعث بها الوزراء المسحوبون على حزب العدالة والتنمية إلى الشعب وإلى من يهمهم الأمر من الذين تعودوا على "حليب" المال العام من "بزولة" الوزارة ودواوينها وملحقاتها بدون موجب حق، وتبذير أموال الشعب أموال دافعي الضرائب المغاربة.

تخلى وزراء العدالة والتنمية عن استعمال سيارة الدولة إلا في مهامهم الوزارية الرسمية، وتنقل وزراؤهم عبر القطار، حيث جرت العادة أن كل وزير داخل الحكومة يسلم سيارتان، واحدة رسمية عبارة عن "أودي"، قيمة كل واحدة منهما تعادل 80 مليون سنتيم، أما السيارة الثانية فهي عبارة عن "بوجو" للاستعمال الخاص. لكن علمتنا الحكومات المتاعقبة أن أغلب الوزراء لا يكتفون بسيارتين، حيث يقوم أغلبهم بمصادرة سيارات تابعة للوزارة التي يرأسها لتكون تحت تصرفه وفي خدمة أسرته.

وحرصوا على أن يظلوا في مساكنهم الأولى واستغنوا عن المساكن الوظيفية للدولة، وهذا يحسب لهم انسجاما مع ما جاء في البرنامج الانتخابي للعدالة والتنمية، كتخليق الحياة العامة وترشيد النفقات والحد من سلوكات تبدير المالية العامة بدون حسيب ولا رقيب. خاصة إذا علمنا أنه يصرف تعويض عن السكن بمعدل 2.5 مليون سنتيم شهريا، لكل عضو من أعضاء الحكومة، فيما تخصص للوزير الأول إقامة خاصة عبارة عن فيلا فاخرة توجد بحي السويسي بالرباط.

مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة ، وجه رسالة بمثابة صفعة إلى من يهمهم الأمر، من مدراء مركزيين في الوزارة ومن مدراء للقنوات التلفزية والإذاعية التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة خلال أول زيارة له لها بعد تعيينه وزيرا للاتصال في حكومة عبد الإله بن كيران، وهي إشارات وإجراءات لقيت استحسانا كبيرا.

منها عدم استعماله لسيارة الخدمة خلال زيارته للقناة الثانية "دوزيم" بالدار البيضاء، إذ طلب من الكاتب العام ومسؤولين في الوزارة، كانوا برفقته، أن يستعملوا القطار، واستغناء الخلفي عن المصعد الذي كان مخصصا في السابق للوزير في وزارة الاتصال، إذ أصبح جميع الموظفين يستعلمونه وحتى المواطنون، ودعوته إلى التخلي عن الحلوى والورود التي كانت في الندوات الصحافية، حيث درجت العادة المخزنية على أن في ديوان كل وزير توجد ميزانية خاصة بـ "التشريفات"، و"البروتوكول"، لاقتناء الأكل والشراب والورود والشكولاطة والحلوى والهدايا وغيرها من مستلزمات الاستقبال والضيافة.

وبقناة "دوزيم"، فاجأ الوزير العاملين عندما تناول معهم الغذاء، بل وبادر إلى أخذ بلاطوه في الصف مثل الجميع.

وأثناء مراسيم تعيين وزراء الحكومة رقم ثلاثين في تاريخ الحكومات المتعاقبة بالمغرب في ظل مقتضيات الدستور الجديد ، حكومة عبد الإله بن كيران مريد الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي التاغي المزابي، كانت أول الإشارات التي بعث بها وزراء حزب العدالة والتنمية خلال بروتوكول التعيين هو عدم الانحناء للملك، اعتبرت هذه الإشارة في حينه رسالة قوية تروم القطع مع التقاليد البالية التي لا علاقة لها بالإسلام أو بالحداثة، وبالتالي كسر البروتوكول المعتاد في تعيين الوزراء وكبار مسؤولي الدولة.

وكما يقول المثل الشعبي المغربي الشهير" النهار كي يبان من صباحو"، فإنه على الأقل الإجراءات والإشارات التي أرسلها وزراء العدالة التنمية بشكل جماعي فور تعيينهم الرسمي، هي ما بعثت في نفوس المغاربة الاطمئنان والثقة، على أن حكومة عبد الإله بنكيران سوف لن تخذل هذا الشعب الذي وضع فيها ثقته وفي حزب العدالة والتنمية الذي بوأه المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية ل 25 نونبر الماضي ب107 مقعدا. هي مسؤولية صعبة ولكنها ليست مستحيلة التحقيق، مسؤولية ثقيلة بحجم ثقل انتظارات الشعب المغربي وأمله في التغيير الحقيقي الملموس على أرض الواقع، التغيير الذي ينعكس على حياته اليومية الاجتماعية والاقتصادية والخدماتية، والتغيير الذي يلمسه في جيبه وفي مستوى تحسن ظروفه المعيشية والحياتية. في الشغل وفي الصحة وفي التعليم وفي الخدمات والبنيات التحتية ورفع التهميش والإقصاء الذي رزح فيه لعقود من الزمن، ووضع حد للسياسات الارتجالية التي تفقر الفقير وتزيد في إغناء الغني.

ولعل أكبر تحدي سيواجهه طاقم عبد الإله بن كيران هو ملف الفساد المستشري في دواليب الإدارة وفي القطاعات والمجالات الحيوية للبلاد، يضيق المجال هنا لتحديدها والتفصيل في مظاهر حجم الفساد الذي ينخر ماليتها ويعطل مواردها وطاقاتها البشرية والتي تتوفر على ميزانيات يسيل لها اللعاب، إلى درجة أن الفاسدين والمفسدين الذين عاثوا فسادا لعقود في المال العام واستحوذوا على إمكانيات وترواث البلاد بكل الطرق والسبل المشروعة منها وغير المشروعة، وبتخريجات وآساليب في إطار استفادهم المتواصل من الريع واقتسام المال العام فيما بينهم، أحرجتهم وأغاظتهم الإجراءات والإشارات التي أطلقها وزراء العدالة والتنمية، وأصيبوا بنوع من الزلزال الذي زلزل كيانهم خوفا على ما راكموه من أموال وترواث وامتيازات.

ترى هل سيواجه وزراء العدالة والتنمية بمقاومة شديدة من قبل الفاسدين والمفسدين ومن جيوب مقاومة التغيير وتخليق الحياة العامة، أم أن إرادة التغيير لدى الشعب المغربي ولدى من يمثل الشعب المغربي ستكون أشد وأقوى من مقاومة الفاسدين والمفسدين بموجب مقتضيات الدستور الجديد الواضح في هذا الباب؟؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل