المحتوى الرئيسى

ماذا يعني رومني رئيساً لأميركا؟

01/10 03:50

إميل أمين

حقا أنها بلد العجائب.. أميركا التي تأتيك بكل مثير وغريب وما هو غير متوقع، لماذا الاندهاش؟ حكماً أن السبب هو تقدم ميت رومني الحاكم السابق لولاية ماساشوستس الأميركية، في السباق الأولي للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة الذي جرى في ولاية ايوا، وذلك لأن رومني ينتمي عقائديا إلى طائفة المرمون.

يطرح فوز رومني العديد من الأسئلة؛ بداية من هم المرمون؟ وما الذي يحمله رومني في جعبته؟ وما دلالة نجاح رومني بالنسبة لأميركا وللعالم، إذا قدر له بالفعل أن يصل إلى الرئاسة، أي أن يتفوق على المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية في 2012 الرئيس باراك أوباما؟

تبدأ قصة المورمونيين، والذين لا يعدون في نظر الكنائس المسيحية التقليدية مسيحيين في الأصل، العام 1830 على يد شخص يدعى جوزيف سميث والذي يعتبر عند اتباعه نبيا.

كيف يفوز رومني في ايوا ولو بفارق ضئيل (8 نقاط)، ويتوقع له أن يحصد لاحقا فوزاً سهلاً وبفارق 20% على الأقل على منافسيه في ولاية نيوهامشير، في حين أن النظرة الروحية لطائفته قليلة العدد جداً، والذي لا تتجاوز 12 مليوناً حول العالم نصفهم فقط في أميركا، نظرة متدنية جداً؟

الجواب ربما يقودنا إلى ما يجري في الداخل الأميركي من تغيرات جوهرية واهتمامات أولية، ما بين الاقتصاد المتدني والسياسة الخارجية الأميركية، التي فقدت حضورها حول العالم، والتي تشهد الآن بدايات للانسحاب الامبراطوري حول العالم.. كيف ذلك؟

بداية، فإن رومني عرف كيف يدغدغ ومن جديد أحلام الأميركيين، وخاصة أهل اليمين منهم أو الغالبية فيهم، عبر رؤاه الامبراطورية لأميركا. ففي كلمة أخيرة له بمناسبة الذكرى العاشرة للحرب الأفغانية، قال رومني في الكلية العسكرية في ساوث كارولينا: "إن الرب خلق أميركا لتكون أمة يتبعها الآخرون، وليس قدرها أن تكون إحدى القوى المتساوية في العالم، وإن لم تقد واشنطن العالم فإن غيرها سيفعل".. ليس هذا فقط، بل إن رومني تعهد بأنه: "إذا ما تم انتخابه فإنه سيناضل من أجل قرن من التفوق العسكري الأميركي أمام عدد من القوى الصاعدة كالصين"، مشيرا إلى أن "العالم يكون أكثر أمنا عندما تكون أميركا قوية".

هل نحن إزاء طبعة مورمونية جديدة من الغرور الامبراطوري للمحافظين الجدد، كما ظهروا في وثيقة القرن الأميركي نهاية التسعينات؟

يبدو أن ذلك كذلك بالفعل، وليس أدل على صدق ما نقول، من موقف الرئيس الأميركي السابق جورج ووكر بوش من رومني.. ماذا عن ذلك الموقف؟

قبل أن ينفض العام السابق بنحو أسبوع، صرح بوش لصحيفة "كرونيكال" بأنه يعتقد أن "رومني أفضل خيار لأميركا، وذلك لما يتمتع به من اتزان وخبرة ومبادئ، وأنه شخص بارع ناضج وعقلاني وليس قاذف قنابل.. يبدو انه سيحقق قفزة إلى الأمام.. أريد أن أرى أوباما مهزوما".

لكن تصريحات رومني تؤكد أنه سيكون بالفعل قاذف قنابل، وأن إيران ربما تكون مجالا لإظهار قدراته العسكرية، لا سيما وأنه ككل رئيس أميركي، يعرف أن مكانته بين ساسة بلاده وفي تاريخها، لا تكتمل إلا بأن تكون له حربه الخاصة التي يثبت فيها رجولته، ويظهر للشعب الأميركي أنه وفي لعقيدته وممثل لفحولة هذه العقيدة، وقادر على الاختيار بين نار أميركا ودم الآخرين.

في هذا الصدد يفهم المرء تصريحات رومني، الذي اعتبر أن القيادة الإيرانية شريرة، وأن "إيران تحاول من جديد بناء امبراطورية قائمة على الشر وتعتمد على ثروات الشرق الأوسط".

والثابت أن رؤية رومني "قاذف القنابل"، تتفق وتتسق مع التقسيم المانوي لبوش الابن للعالم إلى قسمين؛ الأخيار والأشرار. ففي مقابلة صحفية له مع صحيفة وول ستريت جورنال العتيقة، قال "هناك أشرار.. هناك أناس هدفهم إخضاع وقمع الآخرين، إنهم أشرار.. أما أميركا فهي طيبة".

أما بالنسبة للمسلمين والعرب فخيار رومني كارثي ولا شك، فالرجل يرى أن عدد المسلمين في أميركا لا يؤهلهم لأن يعين واحد منهم في إدارته حال فوزه، وهو تصريح سابق على اختياره شخصية عربية معروفة كأحد مستشاري حملته الانتخابية الأخيرة.

وعلى جانب العلاقات مع إسرائيل، فقد تعهد بتوثيق تلك العلاقات، وأكد أنه يرفض أي حدود لا تؤمن دولة إسرائيل، في إشارة إلى حدود عام 1967. والمرمونيون بشكل عام، يؤمنون حرفيا بضرورة إعادة جميع أسباط بني إسرائيل الاثني عشر إلى أرض صهيون التاريخية.

يتسلح رومني بنجاحات اقتصادية وخبرة في القطاع الخاص الأميركي، راكمت له ثروة تتجاوز الخمسمئة مليون دولار، غير أنه من المبكر القول بإزاحته لكثير من المنافسين، فهو لا يقنع عموم المسيحيين الإنجيليين الذين يشكلون قاعدة الحزب الجمهوري، لا سيما وأن انسحاب بعض المرشحين سيوحد الأصوات حول منافسه سانتوروم.

هل رومني هو طبعة أخرى من بوش الابن؟

الشاهد أن أموال نفط تكساس كانت قد وحدت الجميع حول بوش، لكن الجمهوريين الآن منقسمون بين اشتراكيين ومحافظين مثقفين، ومحافظين ماليين، لا وحدة تجمعهم على شخص، لكن قد يكون رومني بالفعل هو الجواد الأسود لهم، وهذا معناه أن أميركا على موعد مع المتطرف اليميني من جديد.


أهم أخبار مصر

Comments

عاجل