المحتوى الرئيسى

الفن التشكيلي الفلسطيني واستعادة النكبة

01/08 13:11

أحمد الشريقي-الدوحة

أعوام قليلة كانت قد مرت على النكبة الفلسطينية، وفيما كانت جموع المهجرين والمقتلعين تتوزع في المنافي ومخيمات اللجوء، كان الفنان التشكيلي إسماعيل شموط واثقا حينها كغيره من عودة قريبة، فأطلق لألوانه العنان لصرخة –لوحة- عنوانها "سنعود"، مجاورا بألوانه نشيد الشاعر الفلسطيني الكبير عبد الكريم الكرمي في قصيدة حملت العنوان نفسه.

وعندما كانت النكبة تبتعد زمانيا في ذاكرة الفلسطيني ويتعرض الشعب بدوره لمعاناة لا مثيل لها، مثلت حكمة الصبر والصمود إحدى أبرز صفات الشعب الفلسطيني، فجاءت لوحة سليمان منصور مبرزة اللاجئ الفلسطيني يحمل على كتفيه القدس، كما جاءت لوحات الصبار ضمن إطار فن الطبيعة الصامتة رمزا أثيرا يشير إلى الفلسطينيين.

ومنذ تلمس الوعي الفلسطيني المؤامرة، وآثارها المحتملة على فلسطين، والتي توجت بالنكبة في العام 1948 ونكسة يونيو/حزيران 1967، لم يتخلف المبدعون التشكيليون الفلسطينيون في خوض نضالهم إلى جانب الخطاب الفلسطيني في تأكيد الهوية من جهة، والتحريض على النضال ضد المحتل، والصراع على جبهة الفعل الثقافي بوصفه إحدى أدوات المعركة ضد المغتصب الصهيوني من جهة ثانية.

أيقونات الهوية

وطيلة مراحل النضال الفلسطيني، كان فن الملصق السياسي إلى جانب أشعار درويش وسميح القاسم وعز الدين المناصرة وغيرهم ركيزة أساسية في أدب المقاومة.

ومع تحولات القضية كان الفن التشكيلي الفلسطيني أيضا يرقب تحولات قضيته ويعاين بعين أخرى تحولا الإبداع في العالم ويواكب مآلاته. بيد أن الركيزة الأساس كانت جوهرية قضيته وحضورها في اللوحة، حسب الباحثة والناقدة التشكيلية د.مليحة مسلماني التي تؤكد حضور القضية والنكبة في أعمال الرواد التشكيليين الفلسطينيين، لافتة إلى أن النكبة بأبعادها وانعكاساتها على الإنسان شكلت الهاجس الأول للفنان الفلسطيني في مختلف مراحل القضية.

وفي الوقت الذي تزايد فيه التنظير حول تراجع "أدب المقاومة" على مستوى الخطاب السردي والشعري فإن مسلماني ترى -في حديث أجرته معها الجزيرة نت أثناء مشاركتها في إحدى الفعاليات الثقافية بالدوحة أخيرا– أن الفن التشكيلي شأنه شأن الأدب الفلسطيني بقي متورطا في القضية، سواء استخدم منحوتة أو لوحة ومتابعا تحولات القضية الفلسطينية، التي أصبحت ظروفها أكثر تعقيدا، مشيرة إلى أن الفن التشكيلي الفلسطيني يحول اليوم النكبة إلى قضية ذاتية، دلالة على عمق الإحساس الفلسطيني وتأثره بها على مختلف الأصعدة.

لوحة الفنان سليمان منصور" الحب والسلام" (الجزيرة نت)

وعي مبكر
وإذا كانت صدمة الصهيونية ظهرت مبكرا في الخطاب الثقافي الفلسطيني، شعرا ورواية وفكرا، فإن الفنان الفلسطيني عبر عن وعيه مبكرا وفي ثلاثينيات القرن الماضي، عندما أقامت الفنانة زلفى السعدي معرضا توسطت فيه القدس المحتلة لوحات بورتريهات لصلاح الدين الأيوبي وجمال الدين الأفغاني في أعمال غلب عليها الوعي السياسي حسب ما تشير المسلماني.

وترى أن توفيق الصايغ كان أول من استخدم فاكهة الصبار، باعتبارها رمزا للشعب الفلسطيني، والتي أصبحت بعد ذلك رمزا في لوحات رنا بشارة وعاصم أبو شقرا. وهناك فنانون كثيرون عملوا على الصبار في لوحاتهم كإشارة إلى الهوية الفلسطينية، وكرمز يدل على الصبر والصمود. وهي الفاكهة التي في خارجها شوك وفي باطنها مذاق حلو.

غير أن المرحلة الأهم التي ترصدها مسلماني عن الفن التشكيلي الفلسطيني هي مرحلة فن الثورة -استنادا إلى عبد الرحمن المزين- حيث غلبت على أعمال تلك الفترة رموز: "الكوفية"، و"الرشاش" و"الشمس" رمزا للأمل، والحصان رمزا للانطلاق.

وشكلت هذه الأعمال الثيمة الأساس للفترة (1965-1971)، فيما كانت الفترة الواقعة (1971-1982) المرحلة الأهم، إذ ترافق معها الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، وامتازت بتوظيف التراث الفلسطيني، حسب ما تنقل المسلماني عن المزين الذي يشير بدوره إلى تحول ثالث هو مرحلة الجداريات، التي ترافقت مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان وارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني.

الباحثة والناقدة التشكيلية الفلسطينية د. مليحة مسلماني (الجزيرة نت)

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل