الأطماع النهمه للرأسماليه بقلم:عبدالكريم صالح المحسن

عبدالكريم صالح المحسن

باحث في الشؤون الاستراتيجية والدولية

www.almohsun.com

نشأت الولايات المتحده الامريكيه على قاعدة اخلاء الاراضي وابادة السكان الاصليين "الهنود الحمر" وتطورت كدوله رأسماليه صناعية متطوره على اساس استثمار ظروف استغلاليه سديدة الخصوصيه سواء على جانب الموارد الاقتصاديه "اراضي وخيرات العالم الجديد"او على جانب استغلال القوى العامله المجانيه ،عمل الزنوج العبيد الذين جلبوهم من افريقيا بعد ان تم تحويلها الى مورد للعبيد بفضل الرأسماليه الاوربيه،هكذا وفرت ظروف فريده للولايات المتحده الفرصه التاريخيه لتكوين مركز رأسمالي حديث عالي الثراء والذي واصل نموه على اساس قوانيين التطور الرأسمالي وصولاَ الى سيطرة الاحتكارات بما تبعه من طموح التوسع والسيطره والعدوانيه،من هنا نجد ان النشأه التاريخيه قد لوثت سلوك السياسه الامريكيه منذ ظهورها وفرضت قانونها "قانون انكار الاخر وجزداَ او اختزاله الى مجرد محل للتصرف"،تلك السياسه التي استندت على الفلسفه البراغماتيه "العلميه"والتي عرفها العالم عبر الفكر الامريكي المرتبط ارتباطاَ وثيقاَ بهذه السياسه ،الفكر الذي ينكر تاريخية العالم والظواهر وينتصر للقوه الماديه وعلي مبدأ"البقاء للأقوى"،كما لم تكن رفرفة رايات الحريه وحقوق الانسان والمباديء الاخلاقيه ومساعدة الشعوب الضعيفه والدين كظهير للسياسه الخارجيه الامريكيه أمراَ حديثاَ بل يجدها المتتبع لتاريخ علاقة الولايات المتحده بالعالم منذ بدايو القرن التاسع عشر اقنعة فجه متلونه لتلك السياسه الجامحه نحو السيطره والاخضاع، ومع اول بروز لها خارج الحدود بعد الاستقلال السياسي والتكون المستقل لررأسمالية مركزيه هادفه لتوسع في الاسواق الخارجيه ونظرت السياسه الامريكيه الى الدول الناشئه في امريكا الجنوبيه باعتبارها المزرعه الخلفيه لأقتصادها التي يجب تنفرد وحدها بأستثمارها في اطار هيمنتها على ماعرف بنصف الكره الغربي وعلى هذا الاساس ظهر "مبدأ منرو Monroe Dectrine"في العام 1823م الذي يتكون جوهره من مقطعين الاول هو عزلة الولايات المتحده عن المشاكل العالميه وخاصة مايخص القاره الاوربيه والثاني هو مايعطيها وحدها الحق في التصرف في مشاكل الامريكيتين لان مايخص العلاقه مع اوربا اقدم من اعلان المبدأ،وقد تمسكت الولايات المتحده الامريكيه بعنصري المبدأ معاَ عندما كانت محدوده القوى وتعاني مشاكلها الداخليه وخاصة الحرب الاهليه "1861م-1865م"ومع احساسها بقوتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أخذت تطبق المبدأ على اساس جزئه الثاني فقط"تفردها بشؤون الامريكيتيين"رفعت الولايات المتحده الامريكيه شعار الحريه لدول امريكا الجنوبيه وضرورة تحررها من الاحتلال الاسباني وغيره من الاستعمار القديم وتكوين جمهوريات بها على سبيل النموذج الامريكي بينما في واقع الحال عملت على القضاء على ثورات التحرر بتلك الدول او استيعاب حدودها الثوريه وفرضت حكومات مواليه مثلت الركائز الاجتماعيه لسياسات توسعها على الصعيد الاقتصادي كما ظهرت القوه المسلحه وسيله اساسيه لفرض الهيمنه الامريكيه اما عبر الضم بالقوه والحروب او التهديد بهما .

بعد أنهيار الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكيه في أوربا الشرقيه تحول النظام الرأسمالي العالمي بقيادة الولايات المتحده الامريكيه الى النظام الوحيد المتفرد والمتسلط وتحول العالم الى نظام القطب الواحد وهو بطبيعة الحال انتصار هائل للرأسماليه العالمية فقد كان هذا الانهيار خساره كبرى للشعوب وغياب لقطب سياسي عالمي مهم وقف في وجه الامبرياليه الامريكيه،ومع هذا التفرد بدأت الولايات المتحده الامريكيه بالسعي مع هذا التغيير الى اعادة رسم خارطة العالم وبما يتناغم مع المصالح الاسترتيجيه والاقتصاديه والسياسيه لها في الدرجه الاولى وللغرب بشكل عام في الدرجه الثانيه وكما حدث عندما كانت اوربا في القرت التاسع عشر مهيمنه بشكل مطلق عندما صاغت "ايدلوجيه المركزيه الاوربيه"فأن الولايات المتحده قد صاغت "المركزيه الامريكيه"،وهي ليست الاقوى عسكرياَ واقتصادياَ فقط الآن بل هي تخطط الى صياغة ايدلوجيه الهيمنه على العالم وهي بهذا تقوم باقناع العالم بأن ايدلوجيتها هي الايدلوجيه الاكثر حضارة ورقي وانها بلد الحريات،لكن مراجعه سريعه لتاريخ نشوء امريكا نجد انها قامت على اساس الهيمنه واغتصاب حقوق الاخرين ولاادري اي تاريخ من تاريخ البشريه قد حمل اكلح الوان التمييز العنصري فالتمييز على على اساس اللون تجاه الملونين الزنوج اليست امريكا هي الراعيه لهذا التمايز اليست اقوالها والافكار التي تعلنها هي على نقيض من افعالها اليست جرائمها كافيه لأضهار وجهها الكالح .

يقول "فرانك براوننغ Frank Browning " في كتابه "الجريمة على الطريقة الأمريكية" منذ سنة 1960م اخذوا في الولايات المتحدة الامريكية يتحدثون كثيراً عن "سلطة خامسة" هي أحياناً قوية لدرجة ان السلطات الأربع الاخرى تنحني أمامها،كان البعض يقصد بها فيها الجيش، والبعض الآخر المخابرات. ولكننا نعتقد بأن ما وراء كافة هذه القوى الاجتماعية، توجد قوة اخرى "سلطة سادسة" قد ظهرت في الولايات المتحدة. قوة قادرة على التأثير في الحكومة، في القانون، في الاقتصاد، في الشرطة، في الاسعار، في الاذواق، ان هذه القوة تغرز جذورها حتى منبت التاريخ الامريكي، ان تأثيرها عميق وسيطرتها واسعة، وقدرتها متنامية باستمرار.

فأمريكا لا تستطيع اليوم أن تعمل بدونها. ان هذه "السلطة السادسة" هي التي يمارسها عالم محترفي اجرام يعملون في خدمة الصناعيين والسياسيين من غير الشرفاء، أن الافراد الذين ينتهكون القانون يعرفون من الآن فصاعداً أن باستطاعتهم الاعتمافد على حماية "المنظمة" وعلى ضمان اموالها وعلى تعريف كافة مستويات المجتمع للشبهات، هذا التعريف الذي تثبت بواسطته سلطتها. ان "السلطة السادسة" تستعلي على تحالفات الطبقات وعلى الصداقات السياسية التقليدية، ان "السلطة السادسة" تلك الجريمة الممأسسة ليست اذن افساد القوى الاجتماعية الاخرى وحسب. انها تؤلف سلطة مستقلة تقاوم السلطات الاخرى في الوقت ذاته الذي تنفذ به إليها مندسة في مستويات الحياة العصرية كافة. ولكل هذه الاسباب لا يمكن لتاريخ الجريمة في الولايات المتحدة إلاّ ان يكون تاريخ الولايات المتحدة الذي تنتشر فيه مغامرات الخارج على القانون، وقاطع الطريق والمتمرد والمبتز،لنلقي نظره سريعه وخاطفه عن جرائم رأس النظام الرأسمالي العالمي امريكا لنطلع على هذه الجرائم التي هي بحق جرائم ضد الانسانيه لكي نستطيع ان نستكمل دراستنا لحامل مشعل الرأسماليه الولايات المتحده الامريكيه.

في نيسان/ أبريل عام 1916م مشاة البحرية الأمريكية تقمع انتفاضة في "الدومينكان" ثم تحتل البلاد بالكامل في بداية أيار/مايو ويستمرالاحتلال ثمان سنوات، في ايار/مايو1945م قصف الطيران الأمريكي مدينة "درسدن Dresden " الألمانية رغم أن الزحف الروسي كان قد تجاوزها ولم تعد لهذا السبب ان تشكل هدفاً عسكرياً, وقد أدى القصف إلى قتل 150 ألف شخص مدني, كما تهدمت 60% من أبنيتها. وكذلك في أوائل كانون الاول/ديسمبر سنة 1943م البحرية الألمانية تغرق الباخرة الأمريكية ""S/S John Harvey في عرض البحر وتبين أنها كانت محملة بمائة وخمسين طناً من "غاز الخردل" Sulfur mustard فهلك من جراء انتشار هذا الغاز في جو المنطقة ومياهها خمسة وسبعون بحاراً, إضافة إلى خمسة واربعين طناً من الأسماك طفت على وجه المياه. في 6 آب/اغسطس 1945م أمر الرئيس الأمريكي " هارى اس ترومان Harry S. Truman " بإلقاء قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما اليابانية التي أودت بحياة "78150"شخصاً, إضافة لعشرات المشوهين، في9 آب/أغسطس 1945م أمر الرئيس الأمريكي "هارى اس ترومان Harry S. Truman " بالقاء القنبلة الذرية الثانية على مدينة "ناكازاكي" اليابانية فحصدت "73884" قتيلاً, و"60.000"جريح مع آباده كاملة لكل حيوان وحشرة ونبات. في 28أيلول/سبتمبر 1945م صادق الرئيس الأمريكي الأسبق "ترومان" على قرار إنشاء قاعدة جوية للقوات الأمريكية في "الظهران" لتكون أول تواجد عسكري أمريكي في الجزيرة، استولى الأمريكيون سنة 1946م على مائتين وخمسين ألف طن من "غاز التابونTabun " الفتاك في منطقة "جيورجيان" في النمسا, وبدل أتلافها تم نقلها سراً إلى الولايات المتحدة. وفي عام 1949م الولايات المتحدة تشعل حرباً أهلية في اليونان ذهب ضحيتها 154 ألف شخص, أودع حوالي 40 ألف إنسان في السجون, و6 آلاف اعدموا بموجب أحكام عسكرية. وقد اعترف السفير الأمريكي الأسبق في اليونان "ماكويغ" بأن جميع الإعمال التكنيكية والتأديبية الكبيرة التي قامت بها الحكومة العسكرية في اليونان في الفترة ما بين عام 1947 م- 1949م كانت مصدّقة ومهيأة من واشنطن مباشرة. في3 أذار/مارس 1949م وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تنفذ انقلاباً عسكرياً في سوريا بقيادة "حسني الزعيم" وقد تم التخطيط للانقلاب في السفارة الأمريكية في دمشق. في 14آب/أغسطس 1949م قامت مجموعة من الضباط السوريين بتوجيه من السفارة الأمريكية في دمشق بمحاصرة بيت "حسني الزعيم "وقتله بعد أن تمرد على أو آمرهم. في2 حزيران/يونيو 1950م تدخلت الولايات المتحدة عسكريا ضد كوريا الشماليه لصالح كوريا الجنوبية،في 10 آذار/مارس 1952م الولايات المتحدة تدعم الجنرال "باتيستا" للقيام بانقلاب ضد الحكم الجمهوري في كوبا. وبعد استيلائه على السلطة فرض على البلاد حكماً دكتاتورياً متخلفاً ومرتبطاً بالولايات المتحدة،في9 آب/أغسطس 1953م تنفذ وكالة المخابرات المركزية انقلاباً ضد حكومة مصدق الوطنية في إيران. قام بالتخطيط والتنفيذ "كيم روزفلت" حفيد "تيودور روزفلت" رئيس الولايات المتحدة في سنوات 1901 - 1909م، في 27 حزيران/يونيو 1954م نفذت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية انقلابا عسكرياً في "غواتيمالا "بعد أن قامت طائراتها بقصف العاصمة وبعض المناطق بطائرات "ب - 26". في 25 تموز/يوليو 1958م تم احتلال لبنان عسكرياً من قبل الأسطول السادس الأمريكي لتأييد حكومة" كميل شمعون "على اثر قيام الانقلاب العراقي في اليوم السابق. في 16 نيسان/أبريل 1961م الولايات المتحدة تحاول غزو كوبا بواسطة بعض المنفيين الكوبيين بمساندة الطائرات الأمريكية وبدعم مباشر. والعملية سميت "معركة خليج الخنازير" والتي فشلت فشلاً ذريعاً. وفي 1تشرين الثاني/نوفمبر 1963م قتلت المخابرات الأمريكية"نيجو دين ديم" رئيس وزراء فيتنام الجنوبية عميلها السابق و في عام 1964م قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالأعمال العدوانية المسلحة ضد "لاوس" بهدف دعم الحكومة الموالية لها. شارك في هذا العدوان" 50 ألف" جندي وضابط من الجيش الأمريكي و1500 طائرة, و 40 سفينة حربية, واستخدمت أمريكا أيضاً السلاح الكيماوي بصورة كبيرة. وفي30 تموز/يوليو 1964م قامت المخابرات المركزية الأمريكية بعملية في خليج "تونكين" الفيتنامي ضمن الخطة (34أ) لإيجاد مبرر للتدخل في فيتنام, وضمن هذه الخطة شنت الولايات المتحدة 64 غارة جوية على 4 قواعد بحرية لزوارق الطوربيد الفيتنامية ومستودعات للوقود. وعلى أثر ذلك أعطى الكونغرس الأمريكي صلاحيات للرئيس الأمريكي "جونسون" باستخدام القوة المسلحة في جنوب شرق آسيا إذا اقتضت الضرورة ذلك وبموجب هذا بدأت الولايات المتحدة حربها الجوية والبحرية والبرية ضد فيتنام. في 28 نيسان/أبريل 1965م، الولايات المتحدة تتدخل عسكرياً في "الدومينكان" على اثر قيام حركة ثورية في البلاد. وفي 1أيار/مايو 1965م نقلت السفن والطائرات الأمريكية 1700من مشاة الأسطول, و2500 من الجنود إلى "الدومينيكان"، وفي4أيار/مايو 1965م أمر الرئيس"جونسون" بإرسال 14 ألف جندي لاحتلال "سان دو منجو "إلى اجل غير مسمى.وفي 12نيسان/أبريل 1966م رفضت الولايات المتحدة الموعد النهائي "أول نيسان/أبريل 1967م" الذي حدده الجنرال" ديجول" لسحب القوات الأمريكية وعددها 26 ألف جندي من فرنسا. وفي 24كانون الاول/ديسمبر 1966م القوات الأمريكية تقتل 125 من المدنيين الفيتناميين رغم أنها أعلنت عن وقف القتال لمدة 48 ساعة بمناسبة أعياد الميلاد.وفي عام 1968م دبرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية انقلاباً عسكرياً يقوده "سوهارتو" ضد رئيس إندونيسيا "سوكارنو" الذي قاد البلاد نحو التحرير من اليابانيين ومن ثم الهولنديين. وقد تبع هذا الانقلاب حفلات إعدام راح ضحيتها مليون شخص. في 4نيسان/أبريل 1968م المخابرات المركزية الأمريكية تقتل الثائر "مارتن لوثر كنج" المناضل من أجل حقوق المظلومين.