المحتوى الرئيسى

الاخوان المسلمون هلامية المواقف بقلم هيفاء الأطرش

12/17 23:24

الاخوان المسلمون ( هلامية المواقف )

بقلم هيفاء الأطرش

تعوّدنا على مـَرّ تاريخ حركة الاخوان المسلمين أن نشهد منها ( التحولات المتناقضة في المواقف )والمفاجئة ؛وكان يرجّـَح السبب دائما ً إلى انغلاق هذه الحركة على نفسها وعدم تمرّسها في متاهات السياسة ؛ونتذكّر في هذا المنحى مواقف الاخوان زمن مرشدها الشيخ حسن البنا في مصر ومواقف كثيرة عبر مسيرتها.

فسمة الانقلاب في مواقفها السياسية يشبه اندفاع سيارة تنحرف مسرعة على منعطف الطريق وبشكل ٍ غير متوقـّع ؛مما كان يوقعهم في مطبـَّات كثيرة وصعبة.

هكذا كانت حركة الاخوان المسلمين بفروعها في شتى أنحاء العالم.

وبالرجوع خلفا ً قبل بضع سنوات ؛لمسنا التغيرات الطارئة على سياسة الاخوان من خلال اللقاءات الصحفية ؛وخاصة ً أمام الإعلام الغربي .

وبتسليط الضوء على تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل –قبل عدة سنوات إلى الآن ؛نجد كيف تتحول الكلمات الرّنانة والخطابات النارية ضد إسرائيل والغرب – والتي تشعر وأنت تسمعها أنك على أبواب القدس تدوس جحافل العدو الصهيوني- إلى عبارات ناعمة وهادئة تكاد تصل درجة الغزل السياسي للولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل مثل قوله :( نحن نقول للولايات المتحدة الامريكية أن تتحدث معنا بدلاً من التوجه إلى محمود عباس )؛ وآخر يقول فيه : ( نحن نقبل بدولة فلسطينية على أراضي 1967 )حيث يطرحون أنفسهم كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية ؛ومثلها كثير ؛ هذا غير المفاوضات السرية والتي تكشّف بعضها فوق الطاولة مثل( وثيقة أحمد يوسف مع الاسرائيليين).

وما نريد نقاشه بجدية في هذه الأوقات هو((ما بعد الربيع العربي الضحيّة )) حيث كانت الولايات المتحدة الامريكية قد توصّلت ومنذ سنين عدّة إلى أن : ( لا خوف من التيارات الاسلامية في العالمين العربي والاسلامي)بل على العكس ؛ لقد وجدت ضالـَّتها فيها ؛ خاصة ً بعد دراسة معمّقة لهذه التيارات ؛التي لا تمثّل الاسلام الحقيقي ولا الوسطية في الاسلام – وهنا جوهر القضية – ومن المعروف أن حركة الاخوان المسلمين والتيارات الاسلامية السياسية هي جهات منغلقة ومحكومة بقبضة حديدية تحرّك أعضاءها كيف تشاء ؛ حيث حرية التفكير ملغاة أمام حُكم المرجعيات الديكتاتورية فيها .

ولقد اصطنع الغرب مصطلح (الاسلام فوبيا) أثناء وضع أمريكا وإسرائيل هذه التيارات الاسلامية تحت المجهر بالمعنى المخابراتي ؛واضعين سؤالا ً يريدون الاجابة عليه ( هل هناك إمكانية للتحالف مع هذه التيارات ؟) هذا إذا ما كانت تريدها أداة طيـِّعة ًً لها تحقق أهدافها خاصة بعدما اكتشفت أمريكا وإسرائيل لاحقا ً أنها خطر حقيقي على العرب والمسلمين وليس على الغرب أو على إسرائيل بالتحديد!!!

مستفيدين أي الغرب من نتائج هذا المصطلح ( الاسلام فوبيا) بالضغط على هذه التيارات الاسلامية ؛ولـِجَسّ نبضها عن طريق عملائها السريـّين واتصالهم بقيادات تلك التيارات المحسوبة على الاسلام والمسلمين .

وحال التوصل إلى تقاربات عبر المفاوضات السرية والحوارات الشبه علنية ؛وجد الغرب صوتا ًحليفا ً قويا ً له داخل هذه الحركات المنغلقة؛والتي سرعان ما عبـّر قياداتها عنها : ( أنها منفتحة ولها علاقات مع أمريكا وأوروبا وحتى إسرائيل).

وحالما استوت الطبخة على جمر((الربيع العربي الضحيـّة )) صرحت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون بأن : (لا مانع لدى الولايات المتحدة الامريكية من أن تمارس التيارات الاسلامية الحكم في الدول العربية ).

هناك مـَن صـُدِم بهذا التغير في الموقف الغربي ؛ لأنه لا يزال يعتقد أن الأخير غارق في وهم ( الاسلام فوبيا/ والذي نتج حسب أمريكا بعد الهجوم على مبنى التجارة العالمية)؛ بينما كان هذا ستارا ً وضعه الغرب لتنفيذ مخططاته التي كانت تجري على قدم ِ وساق.

ولعلّ تصريحات مسؤولي حركة الاخوان المسلمين داخل أروقتها وخارجها- منذ قرابة الثلاث سنوات أو أكثر-هي الشاهد على تلك المخططات ؛والتي فحواها : ( أن حركة الاخوان المسلمين سوف تحقق أهدافها في الوصول إلى سدّة الحكم في الدول العربية بسرعة غير متوقّعة )؛ وتصريحات أخرى على لسان مشايخ ودعاة هذه الحركة على الفضائيات الدينية : (أن الاسلام سوف ينتصر قريبا ً جدا ً ) والمقصود بالطبع من هذا هو الوصول إلى مراكز الحكم والسلطة في الدول العربية فقط لا غير؛ لأنهم بعيدون عن تطبيق الاسلام الوسطي الحقيقي.

ويجب أن لا ننسى أن بعض أيادي هذه التيارات الاسلامية قد تلطـُّخت بالدماء العربية المسلمة وغير المسلمة البريئة؛ والدماء الغيرعربية البريئة أيضا ً ؛ أثناء تنفيذ بعض العمليات العسكرية ضد أهداف أعدائها ؛والتي كانت تفتقد إلى التخطيط الهادف والبعيد المدى والنتائج المرجوة منه دون الضرر بالأبرياء أينما كانوا- .

وعلينا أن نتذكّر كيف كانت حركة المقاومة الاسلامية / حماس - ربيبة حركة الاخوان المسلمين وقبل دخولها و فوزها في انتخابات المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية عام 2006م - تـُحـَرِّم المشاركة في هذه الانتخابات ؛ بينما تتراجع وتعمـّم فتواها في أرجاء الضفة والقطاع بعدم حرمانية هذه الانتخابات والحض على المشاركة فيها ؛وذلك عند دخولها تلك المعركة الانتخابية.

وكذلك يحق لنا التساؤل كيف يحق لحركة المقاومة الاسلامية حماس أن تقيم هدنة مع إسرائيل بعد استئثارها بالحكم في قطاع غزة؛عن طريق الانقلاب على الشرعية الفلسطينية ؛ بينما كانت تعتبر -أي حركة حماس -الهدنة التي أعلنها سابقا ًالرئيس الفلسطيني محمود عباس مع إسرائيل لإجراء المفاوضات (خيانة عظمى للشعب الفلسطيني)؛وكانت حماس أيضا ً تقيم الدنيا ولا تقعدها في خطاباتها وعلى لسان قياداتها عندما كان الرئيس أبو مازن ينتقد عبثية الصواريخ التي تطلق من قبل حماس ؛( حيث كانت وجهة نظره تنحصر في عدم جدواها ؛وعدم حصد النتائج المرجوة من إطلاقها ؛سوى تزايد الاعتداءات على شعبنا من قبل العدو؛وتخريب أجواء الوصول لفرص الحل ؛وفي المقابل لاتحصد أي خسارة للعدو).ويجدر بنا الذكر هنا وخاصة أننا تحدثنا عن استئثار حماس بغزة؛ أن حماس قد أثبتت فشلها في حكم قطاع غزة من خلال خنق الحريات وعدم تقبل الآخر ضمن تطبيق الديكتاتورية الدينية الخاصة بها والغير إسلامية ؛وأهلنا في غزة أدرى بما جرى فيها وهم شهود العيان الحقيقيين؛ وأقول الغير إٍسلامية لأن الاسلام الحقيقي يطبق التسامح وتقـَبـُل الآخر ؛ويعطي مساحة واسعة جدا ً من الحريات التي لا تضر بالغير؛والتاريخ الاسلامي حافلٌ بالكثير من الأمثلة المـُشَرِّفة.

وبالعودة إلى ((الربيع العربي الضحيـّة ))نجد كيف استثمرت حركة الإخوان المسلمين نهضة الشعوب العربية الشريفة؛ في تونس ومصروليبية واليمن؛ بركوبها موجة الثورة؛ولا نستغرب ولا نستبعد أنها خطوة على طريق تنفيذ اتفاقيات سريـّة بين الغرب وحركة الاخوان المسلمين برئاسة الولايات المتحدة الامريكية.

ولنمحـِّص جيدا ً في هذه المواقف :

• مواقف حركة حماس :التي تقبل بالمفاوضات مع إسرائيل وتقبل بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967.

• موقف حركة الاخوان المسلمين الأخير في مصر :بالاعتراف باتفاقية كامب ديفيد الموقعة مع اسرائيل .

• موقف حركة الاخوان المسلمين في ليبية؛أثناء رئاستهم للمجلس الانتقالي للثورة الليبية :بتقسيم النفط الليبي بين فرنسا وأمريكا وبريطانيا وروسيا .

وهنا تتجسد جدلية المواقف الهلامية لحركة الاخوان المسلمين والاستراتيجية الحزبية لديهم وهي الوصول للحكم؛ ضاربة بعرض الحائط تصريحاتها الرنّانة – التي طربت لها آذان أنصارها المغلوبون على أمرهم -ضد العدو الامريكي والاسرائيلي السابق والحليف الحالي.

وما خفي أعظم ...ولا تنطلي الأمور إلا على هذه الشعوب العربية المسكينة ؛ التي تعوّدت أن تنقاد خلف أوهام ٍ محبوسة ٍ في أقفاص ٍ من طقوس ٍ غريبة على النقاء العربي ؛ كان آخرها وهم حرية ٍ أسيرة تذهبُ بها في غياهب كهوف الغرب الامبريالي.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل