المحتوى الرئيسى

محسن الخفاجي :طائر يخفق جناحاه ولَه بقلم:محمد نوري قادر

12/15 22:12

محسن الخفاجي : طائر يخفق جناحاه وَله

محمد نوري قادر

محسن الخفاجي ، واحد من أجمل الروائيين العراقيين ، كتب القصة والرواية في سن مبكرة ، فاحتل بجدارة الصف الأول ، وأصبح واحدا من الذين يشار اليهم بالبنان .

ومحسن الخفاجي واحد من الأقلام التي لم تنل الشهرة وفق استحقاقها كما هو معروف ، لابتعاده عن المشهد الثقافي العراقي ، بعد عام 2003 نتيجة النكسات التي واجهته ، ووقوعه أخيرا في قبضة المرض .

هو طائر يخفق جناحاه ولَه, مبللا حدقاتنا دهشة وهديله يسفح عطرنا ولِد في مدينة الناصرية قبل أن يرتدي( ثياب حداد بلون الورد) مجموعته القصصية الأولى ليعلن وفائه ويمنح أعشابها ما يرويها وما تستحقه ويقول بصوت عال إني كنت هنا , ويحلق فوق مدينة يشطرها الفرات بصمت عاشقا كما هو , يسكب من غنائه فيها ومن لهاثه في أزقتها, وعمق جذورها ليروي ظمأ غربته وغربتنا في مدينة لم يفارقها أبدا إلا قسرا حين اعتقل في معسكر بوكا لمدة ثلاث سنوات دون أن توجه إليه أي تهمة تذكر,دفع ثمنها غاليا خلف الأسلاك الشائكة , ربما كانت وشاية من احد , ولم يقوى على مفارقتها كأنه يخشى أن لا يعود إليها أو أن لا يراها كما هي , ارثها السومري العريق ,سماءها الحارقة , ضجيجها , صخبها , انفعالاتها وأهوائها , شاطئها الحزين وغبارها الذي احمرت منه الجفون وعشا دافئ في كل الفصول , تعيش معه كظله , وشم اسمه بأسوارها وعلى جدرانها, أحبها جدا بكل ما فيها , يغازلها من معسكر بوكا ويكتب إليها , وهي بحق شهادة ما يغمره من شجن كأنها حبيبته وانه يدعوها للقائه كما هي وكما أحبها ليطمر أوجاعه عندما يفك قيده , وهو واثقا جدا حيث يقول

انتظريني ..

ــــــــــــــــــــ

انتظريني في اليوم العائلي

انتظريني في المهرجان الكبير

سنرمي الزمان برمح مسموم

وندفن حثه الماضي في قبر عميق

انتظريني مثل باقة خزامى في أنية

سال عطرها في المكان

انتظريني بثياب عتيقة، وبوجه خال من الزينة

وشعر غير مرتب

أريدك حقيقة مثل نرجسه برية

أريد بهجتك

وسأمسح عن عينيك دمعات الفرح بمنديل نظيف

اعلم أن دموعك في انتظاري

واعلم اتها ستنتحر في قماش المنديل

انتظريني هناك على أريكة الفرح

عندما ينتهي كل شيء

وأفك القيود

هو رافد من روافد الثقافة المتميزين الذين بصموا حضورهم بالإبداع فيما كتبوه , حاضرا دائما في كل مهرجاناتها الأدبية والثقافية , بسيط حد الدهشة في واقع تتلاطم أمواج الكراهية والصخب والانفعال , متواضع جدا أمام كل من يعرفه وقريبا منه , منذ انطلاقه جعل الحقيقة نصب عينيه وجسدها في كتاباته في ضمير المتكلم حيث يجعل من قارئه جزأ لا ينفصل عنه , ويشاركه ما يحدث ويتحدث به . شخوصه تبقى عالقة في الأذهان ولها طعم ورائحة لذيذين .

يرى البعض قصصه بعيدة عن الواقع وهو رأي فيه كثير من المغالطة ويفتقر إلى الموضوعية , من خلال ما يستخدم من لغة لم يستخدمها كاتب آخر كأنه اختار من قرائه من هو شديد الملاحظة ومتبصرا في كتابته , وآخرين يجدونه عكس ذلك تماما فهو ينقل بصدق ما يراه ويعرفه وما يحيط حوله , لكنه يبرر ذلك في أحاديثه ولقاءاته إن الكاتب يجب أن يوقظ مهاراته اللغوية ويسلط الضوء بمساحة كافية حول ما يريد بلوغه ويجب أن تبلغ وتصل إلى الجميع بلا استثناء ,ذلك حلم كل كاتب , وحين نتعمق في نصوصه نجد ذلك واضحا وله أولوية عند كتابته القصة ويطوع حرفه والمفردة كي تكون سهلة عند قارئه وعذبة ولها دلالات عميقة .

ففي قصة الدمية نجد قيم رمزية عالية يجسدها في براهين ومشاعر إنسانية رائعة , كأنه يقول إن العالم الذي يدور حولك لا يمنحك الوقت الكافي كما تريد لتحقيق أحلامك وان تتمتع بما تراه وترغب فيه .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل