المحتوى الرئيسى

مبادئ حقوق الانسان في الخطاب السياسي للقائد أبو عمار إعداد الباحث: هاني حسن عودة

12/04 21:07

دراسة بحثية حول الخطاب السياسي للقائد أبو عمار


مبادئ حقوق الإنسان

في الخطاب السياسي للقائد أبو عمار

وأثرها في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني


إعداد

الباحث/ هاني حسن عودة

مشرف أكاديمي متفرغ في جامعة القدس المفتوحة

غزة

2011





المبحث الأول

خلفية الدراسة



محتويات المبحث الأول

( خلفية الدراسة )



تناول المبحث الأول الأقسام التالية:

· المقدمة

· مشكلة الدراسة

· أهداف الدراسة

· أهمية الدراسة

· منهج الدراسة

· حدود الدراسة

· مصطلحات الدراسة



( خلفية الدراسة)

مقدمة

تقتضي حكمة القائد أن يكون ملما بكل مفردات القيادة , وعند الحديث عن قائد بحجم أبو عمار لابد من معرفة بعض الجوانب في شخص هذا القائد الذي أدار الصراع مع أخطر احتلال عبر التاريخ, بحنكة القائد الفذ ليحول الهزيمة إلى نصر في عدد من المعارك مع العدو الصهيوني , القائد الذي حير قادة الاحتلال والسياسيين في العالم بقدرته على مواجهة الأزمات وإدارتها رغم الظروف السياسية العالمية المعقدة .

أثبت أبو عمار أن "القائد المميز يشبه رجل الإعلام الذي يأخذ في اعتباره طاقات الجمهور وقدراته يتحرك صوب هدف واضح ومحدد".(1)

بعد قيام الثورة الفلسطينية في أوائل الستينات التي أنشأت لتحرير الأرض والإنسان وفق أبسط قواعد ومبادئ حقوق الإنسان, برز دور القائد أبو عمار كواحد من أهم رجالات حقوق الإنسان في العالم, وذلك بتأكيده الدائم في كل خطاب له, وفي كل المحافل ,مؤكدا على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني والتي أقرتها وأكدت عليها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.

يعاني الشعب الفلسطيني من ظلم القوى المستكبرة التي تكيل بمكيالين منذ بداية الانتداب البريطاني على فلسطين, "ورغم أن التطورات السياسية اللاحقة لم توفر للشعب الفلسطيني إمكانيات ممارسة سيادته الكاملة الفعالة على أرضه ، بسبب الاحتلال العسكري البريطاني والانتداب سنة 1922م ،إلا أن ذلك لم يؤثر في السيادة القانونية للسكان الفلسطينيين على ارض وطنهم وفق نصوص متنوعة في القانون الدولي حول هذه المسألة ،تؤكد في جوهرها أن السيادة على ارض موضوعة تحت الانتداب تعود إلى السكان أنفسهم ،وقد أشار إلى هذا الجانب ،"فان ريس Van Rees " نائب رئيس اللجنة الدائمة للانتدابات والتابعة لجمعية الأمم بقوله "إن السيادة تعود إلى الجماعات والسكان الأصليين في الأراضي الموضوعة تحت الانتداب " (4)

ومن خلال هذه الدراسة عمد الباحث على إظهار العبارات ذات الصلة بحقوق الإنسان في الخطاب السياسي للقائد أبو عمار , واستوضح الباحث في هذه الدراسة تطلعات الشعب الفلسطيني في خطاب القائد أبو عمار.

أن بعض المفردات مثل حق العودة ,وحق تقرير المصير ,والحق في السيادة والاستقلال والعيش بسلام ,والحق في المقاومة للشعوب التي تخضع للاحتلال , لهي من المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي كفلتها الشرائع السماوية , والدولية , فالمتتبع لخطاب القائد أبو عمار يجد فيه هذه المفردات واضحة , وصريحة.

فهذا القائد التاريخي ومن على منبر الأمم المتحدة رفع غصن الزيتون في يد والبندقية في اليد الأخرى وذلك لفهمه الواضح لمبادئ حقوق الإنسان , واحترامه للمواثيق والاتفاقات الدولية , ففي حياته النضالية كان مدافعا عن حقوق الإنسان ومناصرا لحقوق الشعوب المضطهدة و لم يقف عند هذا ,بل تعدى ذلك , فلم يسجل عليه أنه انتهك حقا من حقوق الإنسان في حربه مع عدوه.

كان أبو عمار صادقا مع نفسه و قضيته, "فان تحقيق هذا الصدق يحتاج إلى إيجابية من الإنسان فهو يجب أن يبدأ بنفسه وأن يأخذ بما يدعو إليه قبل أن يدعو الآخرين إليه ".(2 ).

القائد ياسر عرفات كان في خطابه بعدا حقوقيا استخدمه ليظهر شرعية وعدالة الثورة الفلسطينية , "فإن السيادة لا تنطفئ ولا تزول بفعل الاحتلال القسري للوطن أو بفعل الفتح والاغتصاب والاستيطان ، ومن ثم يجب التفريق بين السيادة القانونية والسيادة السياسية لان الأخيرة تعني السيطرة والإشراف الواقعي –بدوافع القوة والإكراه- بينما الأولى تشير إلى الحق الشرعي الذي لا يجوز التفريط فيه لشعب ما في أرضه" (3).

فمن يمعن النظر للفقرات المتضمنة لحقوق الإنسان التي استخدمها القائد أبو عمار يرى بما لا يدع مجال للشك أن القضية الفلسطينية , قضية عادلة عمادها الأساسي مبادئ حقوق الإنسان.

الباحث

هاني حسن عودة






مشكلة الدراسة مشكلة الدراسة

تتمحور مشكلة البحث في التساؤل الرئيسي التالي:

ما مبادئ حقوق الإنسان التي اشتملها الخطاب السياسي للقائد أبو عمار وأثرت في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني؟

وانبثق منه التساؤلات الفرعية التالية:

1.ما هي المفردات التي ذكرت في الخطاب السياسي للقائد أبو عمار ؟

1. ما هي الثوابت الفلسطينية التي صمد من أجلها الشعب الفلسطيني ؟

2. من هو القائد أبو عمار؟

أهداف الدراسة

تهدف هذه الدراسة إلى ما يلي :

1. إبراز مبادئ حقوق الإنسان في الخطاب السياسي للقائد الرمز أبو عمار

2. تسليط الضوء على أثر الفقرات المتعلقة بحقوق الإنسان في خطاب القائد أبو عمار

3. إظهار الهدف الذي قصده القائد أبو عمار في تناوله لمبادئ حقوق الإنسان

أهمية الدراسة

تكمن أهمية الدراسة فيما يلي :

1. تظهر مبادئ حقوق الإنسان في خطاب الرئيس التاريخي أبو عمار

2. قد يستفيد منها الباحثين والمهتمين بشخص السيد الرئيس ياسر عرفات

3. تأتي مدافعة عن حق شعب مورس بحقه الظلم على يد من يدعون أنهم رعاة حقوق إنسان

منهج الدراسة

تم استخدام المنهج الوصفي والتحليلي نظرا لملائمته مع الدارسة الحالية لاتساقها مع طبيعة المشكلة

حدود الدراسة

الحد الزماني: أجريت هذه الدراسة في عام 2011

الحد المكاني: أجريت هذه الدراسة في قطاع غزة

الحد النوعي : تناولت الدراسة شخصية تاريخية على مستوى العالم وهو أبو عمار







مصطلحات الدراسة:

حقوق الإنسان: تعددت المفاهيم والمصطلحات التي استخدمت للدلالة على حقوق إنسان ونذكر منها :

· (الحقوق الطبيعية ) فقد أطلق على هذه الحقوق الإنسانية في بداية القرن الثامن عشر بـالحقوق الطبيعية تأثراً بما كتبه أنصار مدرسة الـقانون طبيعي.

· (حقوق قانون الشعوب) وسميت أيضاً بـحقوق قانون الشعوب باعتبار أن هذه الحقوق اعترفت بها القوانين الوضعية للدول المختلفة في عصرنا الحديث.

· (الحريات العامة)

· (الحريات الفردية الأساسية)

· (الحقوق أساسية للفرد).

(الحقوق والواجبات الأساسية) أطلق هذا الاسم في عدة دساتير مثل الدستور العراقي المؤقت الصادر عام

1970. (5)

التعريف الإجرائي لحقوق الإنسان: هي تلك الحقوق الأصيلة اللازمة لكن فرد في المجتمع الإنساني، والتي بدونها لا يستطيع العيش كأحد أعضاء الجنس البشري.

الخطاب السياسي: ويعرف الخطاب السياسي

· بكونه شكلا للتخاطب بالواسطة يسعى، عن طريقه، متكلم ما (فرد، أو جماعة، أو حزب،.. الخ)، للظفر بالسلطة عبر خوض صراع سياسي ضد أفراد، أو جماعات، أو أحزاب أخرى". (6)

· هو كلام مباشر أو غير مباشر شفوي أو مكتوب، ويلقى على المستمعين قصد التبليغ والتأثير، ويختلف نوع الخطاب باختلاف مضمونه والمواقف التي يلقى فيها.. ومن هنا يتحدد الخطاب فمنه: الخطاب السياسي، الاجتماعي، الديني، العلمي، التعليمي..الخ. (7)

· الخطاب السياسي كما عرفه د.مازن الوعر "هو تركيب من الجمل موجه عن قصد إلى المتلقي بقصد التأثير فيه وإقناعه بمضمون الخطاب عن طريق الشرح والتحليل والإثارة ويتضمن هذا المضمون أفكارًا سياسيةً، أو يكون موضوع هذا الخطاب سياسيًّا” ويهدف السياسي من خطابة إلى تغيير النفوس والعقول والأفكار والواقع مما يجعله في حالة لها صفات وسمات وهيئة معينة . (8)

التعريف الإجرائي للخطاب السياسي: هو كل أشكال الخطاب الذي ألقاه القائد أبو عمار سواء كان شفويا أو مكتوبا في كل المحافل المحلية والإقليمية والدولية وسعى من خلاله التأثير وكسب الرأي العام لصالح القضية الفلسطينية.




الصمود :

"إن مفهوم الصمود، الذي تعود جذوره إلى علم المواد وعلم البيئة، ازداد جاذبية في مجالات التخصصات الاجتماعية المختلفة. وفي حين أن هناك فروقاً دقيقة في استخدام المفهوم، يصف الصمود عموماً القدرة على التوقع والتحمّل والتعافي من الضغوط والصدمات الخارجية – سواء كانت جسدية أو عاطفية أو اقتصادية، أو كانت مرتبطة بالكوارث أو النزاعات – بطرق تقي من خسارة الهوية الأساسية والحفاظ على الوظائف الأساسية . وتسلط بعض التفسيرات الضوء على التكيف باتجاه التغيير، بدلاً من مقاومة التغيير، باعتباره السمة المميزة للصمود ؛ وهنا يمكن أن تصبح الشدائد عاملاً مساعداً على التحول. وبالنسبة لمجتمع العمل الإنساني، فإن فهم الصمود يمكن أن يقدم منظوراً مفيداً لدراسة سياقات الأزمات المتزايدة التعقيد والتصدي لها". (9)


التعريف الإجرائي للصمود : كل فلسطيني بقيً فوق أرضه متمسكا بحقه مواجها كل الصعوبات فيها , بحيث واجه عدوا في صراع غير متكافئ .





المبحث الثاني

(مفردات حقوق الإنسان في خطاب أبو عمار)

تناول المبحث الثاني الأقسام التالية:

1- خطاب القائد أبو عمار أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 13/11/1974

2- خطاب أبو عمار أثناء إعلان الاستقلال الصادرة يوم 15 تشرين ثاني 1988 في الجزائر

3- خطاب القائد أبو عمار في اجتماع القمة العربية / الدورة العادية الثالثة عشر المنعقدة في 27- 28 /3/2001 في عمان / الأردن

4- خطاب أبو عمار أمام لجنة القدس 2002

5- خطاب الرئيس ياسر عرفات لمناسبة الذكرى ال38 لانطلاقة الثورة والعام الجديد 2003

6- خطاب ياسر عرفات عبر الفيديو إلى القمة العربية ال15 في البحرين 2003

7- خطاب الرئيس ياسر عرفات أمام مؤتمر القمة العربية السادسة عشرة في تونس22/5/2004

8- تعقيب











مفردات حقوق الإنسان في خطاب أبو عمار


في هذا المبحث نستعرض الفقرات التي تضمنها خطاب القائد أبو عمار ذات الصلة بحقوق الإنسان , وذلك تحقيقا لهدف الدراسة .

1. خطاب القائد أبو عمار أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 13/11/1974

دعا أبو عمار في خطابه إلى الوقوف مع نضال شعبنا من أجل حقه في تقرير مصيره , كما طالب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن يمكنوا شعبنا من العودة من منفاه الإجباري الذي دفع إليه تحت حراب البنادق وبالعسف والظلم, وأن يمكنوا الشعب الفلسطيني من إقامة سلطته الوطنية المستقلة وتأسيس كيانه الوطني على أرضه باعتبار ما جاء في هذا الخطاب من حقوق للشعب الفلسطيني , حقوقا شرعية مقدسة غير قابلة للتصرف وفق قرار 194 بتاريخ 11/12/1949 ويعتبر من أهم القرارات الخاصة بحق العودة للاجئين الفلسطينيين ،بل انه يمثل حجر الزاوية بالنسبة للحقوق الفلسطينية بارتباطها بقرارات الأمم المتحدة ،وقد أكد على وجوب السماح بالعودة في اقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم .

ومن الجدير بالذكر هنا ،"أن "إسرائيل" تدرك الأهمية المنشأة للقرار 194 وكذلك الالتزامات الدولية الناشئة عنه ولهذا فإنها لم تقم بإلغاء حق اللاجئين الفلسطينيين في أملاكهم داخل "إسرائيل" ،بل وضعت لها إطارا قانونيا خاصا بها ،تطور هذا الإطار القانوني ،عندما أقرت الكنيست "قانون المناطق المتروكة لعام 1948" الذي جرى تعديله بـ"أنظمة طوارئ بشأن أملاك الغائبين في 12/كانون الأول /1948" ،والتي جرى تعديلها ب"قانون أملاك الغائبين لعام 1950".وفحوى هذه القوانين ،أنها وضعت أملاك اللاجئين الفلسطينيين تحت "إدارة" الحكومة الإسرائيلية ،التي أنشأت لذلك "دائرة حارس أملاك الغائبين" . وما يزال هذا الإطار القانوني قائما حتى هذه اللحظة.

ومن جانب آخر القرار التاريخي للأمم المتحدة رقم 3236 بتاريخ 22/11/1974 الذي يؤكد على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني إذ جاء في الخطاب ما يؤكد ذلك :( إنني كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية وكقائد للثورة الفلسطينية أتوجه إليكم أن تقفوا مع نضال شعبنا من أجل تطبيق حقه في تقرير مصيره، هذا الحق الذي كرسه ميثاق منظمتكم وأقرته جمعيتكم الموقرة في مناسبات عديدة.. وإنني أتوجه إليكم أيضاً أن تمكنوا شعبنا من العودة من منفاه الإجباري الذي دفع إليه تحت حراب البنادق وبالعسف والظلم ليعيش في وطنه ودياره وتحت ظلال أشجار حراً سيداً متمتعاً بكافة حقوقه القومية ليشارك في ركب الحضارة البشرية وفي مجالات الإبداع الإنساني بكل ما فيه من إمكانات وطاقات وليحمي قدسه الحبيبة كما فعل دائماً عبر التاريخ ويجعلها قبلة حرة لجميع الأديان بعيداً عن الإرهاب والقهر. كما أتوجه إليكم بأن تمكنوا شعبنا من إقامة سلطته الوطنية المستقلة وتأسيس كيانه الوطني على أرضه).( 10)

2. خطاب أبو عمار أثناء إعلان الاستقلال الصادرة يوم 15 تشرين ثاني 1988 في الجزائر:

بين أبو عمار في وثيقة إعلان الاستقلال , الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني بتشريده وبحرمانه من حق تقرير المصير اثر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 عام 1947 .( ومع الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب العربي الفلسطيني بتشريده وبحرمانه من حق تقرير المصير، إثر قرار الجمعية العامة رقم 181 عام 1947م الذي قسم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، فإن هذا القرار ما زال يوفر شروطًا للشرعية الدولية تضمن حق الشعب العربي الفلسطيني في السيادة والاستقلال الوطني).

وأكد أبو عمار في وثيقة الاستقلال أن احتلال القوات الإسرائيلية للأرض الفلسطينية وما نتج عن ذلك يعتبر انتهاك صارخ لمبادئ الشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تعترف وتؤكد شرعية حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة . وتضمن الخطاب ذلك :( إن احتلال القوات الإسرائيلية الأرض الفلسطينية وأجزاء من الأرض العربية واقتلاع غالبية الفلسطينيين وتشريدهم عن ديارهم، بقوة الإرهاب المنظم، وإخضاع الباقين منهم للاحتلال والاضطهاد ولعمليات تدمير معالم حياتهم الوطنية، هو انتهاك صارخ لمبادئ الشرعية ولميثاق الأمم المتحدة ولقراراتها التي تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، بما فيها حق العودة، وحق تقرير المصير والاستقلال والسيادة على أرضه ووطنه.) (11)

3. خطاب القائد أبو عمار في اجتماع القمة العربية / الدورة العادية الثالثة عشر المنعقدة في 27- 28 /3/2001 في عمان / الأردن .

في هذا الخطاب أكد القائد أبو عمار على الحقوق الفلسطينية بشكل عام وهو يؤمن و يدرك جيدا أن هذه الحقوق مستمدة من الشرعية الدولية المتجسد في القرار التاريخي للأمم المتحدة رقم 3236 بتاريخ 22/11/1974 الذي يؤكد على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وخاصة أنه يوجه الخطاب للزعماء العرب ,وبحضور السيد كوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة السابق حيث جاء في خطابه :

(وإنني أيها الأشقاء الأعزاء لعلى يقين من أن أحد الأبعاد الظاهرة للحرب الشرسة التي يشنها الإسرائيليون ضد شعبنا يتمثل في محاولة النيل من انتمائنا العربي ومن تمسكنا المبدئي بالحقوق والمقدسات التي هي وقبل أن تكون حقوقا فلسطينية ومقدسات فلسطينية تظل عربية , إسلامية , مسيحية). (12)

4. خطاب أبو عمار أمام لجنة القدس 2002

( ولا يفوتنا في هذا المقام يا أخي جلالة الملك أن نعرب لكم عن عظيم اعتزازنا بأواصر الأخوة بيننا والتي نحن على يقين تام بأنها تحظى بجليل عنايتكم ورعايتكم مثلما نوليها جل عنايتنا ورعايتنا مثمنين عاليا مواقفكم وتأييدكم وتأييد إخواننا في الدول الإسلامية وجميع المسيحيين والأصدقاء في العالم لحقوق شعبنا الفلسطيني العادلة في العودة وتقرير المصير للعيش بسيادة واستقلال فلسطين في الأرض المقدسة وعاصمتها القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومهد المسيح عليه السلام مثله في ذلك مثل كافة شعوب ودول العالم ). (13)

نلاحظ أن القائد ياسر عرفات ثمن في هذا الخطاب موقف الأصدقاء في العالم لتأييدهم للحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني موضحا حقوق الشعب الفلسطيني والتي تعتبر مبادئ أساسية لحقوق الإنسان وفقا لمواثيق الشرعية الدولية فالأعراف والأحكام والقواعد والمبادئ التي تشكل منظومة قانونية دولية شاملة ومترابطة لحماية وضمان جملة الحقوق الأساسية للفرد والشعوب ،فهي تسمى ب"الشرعة الدولية لحقوق الإنسان". والمسألة المركزية في هذه المنظومة إنها تقوم على "قاعدة الحق في استقرار الإنسان في إطار حياته وحقه في البقاء في بلده ومغادرته والعودة إليه ، وان حق العودة الى الوطن يعتبر حقا طبيعيا لصيقا ومطلقا لا يمكن تجاوزه أو وقفه أو انتهاكه أو نكرانه ،حتى في حالات الطوارئ والاحتلال"وبالنسبة لأي سلطة احتلال فقد نصت هذه المنظومة على "إلزام السلطة المحتلة ،إضافة الى التزاماتها المنصوص عليها في اتفاقيات لاهاي لعامي 1897و1907 واتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها عام 1977 ،تلتزم وتتقيد أيضا بالمبادئ والقواعد الواردة في الاتفاقيات الدولية لحماية وضمان حقوق الإنسان ،وفي حال مخالفة ذلك ،ينبري القانون الدولي الجزائي ليفرض عقوبات على سلطات الدولة المنتهكة لها.

5. خطاب الرئيس ياسر عرفات إلى الشعب الفلسطيني والعالم لمناسبة الذكرى ال38 لانطلاقة الثورة والعام الجديد 2003

استند ألرئيس أبو عمار في خطابه هذا إلى قرارات الشرعية الدولية لتأكيد الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني و الميثاق الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 ،والذي وقعته "إسرائيل" ،فانه يستمد سلطته من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،بل وتتطابق نصوصه مع العديد من نصوص ذلك الإعلان فيما يتعلق بحقوق الفرد في مغادرة وطنه أو العودة إليه أو التنقل بكل حرية .... الخ . وتشكل اتفاقية جنيف الرابعة في 12/آب/1949 ركنا أساسيا هاما في هذا السياق ،إذ أنها "عالجت في مادتها (49) ، قضية إبعاد وترحيل المواطنين عن ديارهم وأوطانهم إبان الحروب ،أو الاحتلال ، واعتبرت المادة (147) من الاتفاقية الرابعة أن أعمال الإبعاد والترحيل ،تشكل خروقا جسيمة لأحكام المادة (49) ،وجاء البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 ،ليؤكد في الفقرة الرابعة (أ) من المادة(85) على الانتهاكات الجسيمة ،معتبرا أن الأبعاد والترحيل وحرمان الشخص من العودة لدياره ووطنه ،أحد تلك الانتهاكات ومعتبرا إياها بمثابة جرائم حرب" وطالب اللجنة الرباعية بالإشراف والتنفيذ على حماية عملية السلام . حيث تضمن خطابه ما يلي :

( واني أدعو الله أن يتحقق الأمن والسلام في هذا العام الميلادي الجديد في هذه الأرض المباركة المقدسة على أساس قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات ومبدأ الأرض مقابل السلام والمبادرة العربية السعودية لسمو ولي العهد الأمير عبد الله التي تبنتها القمة العربية ببيروت بقيام السلام العادل والشامل والدائم وبالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية والعربية والحل العادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار الدولي 194 ومن أجل أطفالنا وأطفالهم ونرجو أن تسرع اللجنة الرباعية لإرسال مراقبين فاعلين للتنفيذ وللإشراف على حماية عملية السلام على هذه الأرض المقدسة لكل المؤمنين في العالم ولكل الأحرار والشرفاء على الأرض).(14)

6. خطاب ياسر عرفات عبر الفيديو إلى القمة العربية ال15 في البحرين 2003 .

تتضمن الخطاب تأكيد القائد ياسر عرفات على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه وعن وجوده ومقدساته بأنه حق مقدس ومشروع باعتبار أن حق المقاومة حق من الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني فقرار الجمعية العمومية رقم 2787 بتاريخ 6/12/1971 الذي يؤكد على شرعية نضال الشعوب في سبيل تقرير المصير والتحرر من الاستعمار والتسلط والاستعباد الأجنبي بما في ذلك شعب فلسطين . حيث حاء في الخطاب ) : إن حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه وعن وجوده وعن مقدساته وعن مستقبله هو حق مقدس تكفله كل المواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان ).(15)

7. خطاب الرئيس ياسر عرفات أمام مؤتمر القمة العربية السادسة عشرة في تونس22/5/2004 .

وجه القائد ياسر عرفات خطابه من قلب حصار المقاطعة في رام الله إلى الرؤساء العرب في القمة مجسدا انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي الفاضحة المخالفة لكل الأعراف والمواثيق الإنسانية ,إذ وضح ذلك بقوله :

( كما وان حكومة إسرائيل تستخدم كما تعرفون مختلف أسلحة ترسانتها العسكرية بما فيه الأسلحة المحرمة دوليا مثل اليورانيوم المستنفذ والغازات وغيرها وتشن حربا مفتوحة وتصعيدا عسكريا آثما ضد الشعب الفلسطيني , ان ما حدث هذه الأيام في مدينة رفح يعد من أبشع جرائم العصر الحديث ومنافيا لكل الأعراف الإنسانية والأخلاقية لحجم عدد الضحايا من الشهداء والجرحى من أبناء شعبنا أطفالا ونساء ورجالا وقوة التدمير الهائل لمساكن ومنازل مواطنينا وبنيتنا التحتية الشعبية والرسمية وكأنه زلزال , وضاربة عرض الحائط بكل المواثيق والاتفاقات والأعراف ).(16)


تعقيب :

في قراءة للخطابات السابقة نجد أن القائد أبو عمار لم يغفل عن حق من حقوق الإنسان في خطاباته وهي نابعة من الثوابت التي أجمع عليها الشعب والحقوق التي كفلتها الشرائع الدولية .

الثوابت الفلسطينية التي أجمع عليها الشعب الفلسطيني:

في هذا الجزء من البحث نتناول الثوابت الفلسطينية بالدراسة والتحليل:

شهدت منتصف السبعينيات من القرن العشرين نجاحات دبلوماسية فلسطينية كبيرة على صعيد الأمم المتحدة باتجاه إقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها الحق في تقرير المصير والاستقلال.

وكانت الأمم المتحدة قد أشارت لأول مرة للفلسطينيين باعتبارهم شعباً في قرارها 2535/أ،ب،ج الصادر في 10 كانون أول / ديسمبر 1969 عندما ذكرت لأول مرة "حقوق شعب فلسطين الثابتة". وفي نهاية 1970 اعترفت الأمم المتحدة لأول مرة بحق شعب فلسطين في تقرير مصيره، وعدَّت ذلك عنصراً لا غنى عنه في إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط. وقد اتخذ هذا القرار بأكثرية غير كبيرة من 47 ضد 22 وامتناع 50. ثم أخذت قرارات الأمم المتحدة تزداد قوة ووضوحاً وتأييداً عالمياً. كما في القرارين: 2787، و2792/د في 6 كانون أول / ديسمبر 1971، وقرار 2963/هـ في 13 ديسمبر 1972، وقرار 3089/ج، د في 7 كانون أول / ديسمبر 1973.

ويُعدُّ قرار 3210 في 14 تشرين أول / أكتوبر 1974 تطوراً ذا أهمية، إذ اعتبر أن الشعب الفلسطيني هو الطرف الأساسي المعني بقضية فلسطين. وقرّر دعوة م.ت.ف "الممثلة للشعب الفلسطيني للاشتراك في مداولات الأمم المتحدة"، وصوَّت مع القرار أغلبية ساحقة من 105 ضد 4 وامتناع 20. ودُعي أبو عمار ياسر عرفات لإلقاء خطاب م.ت.ف في الأمم المتحدة حيث ألقى كلمته في منتصف تشرين ثاني / نوفمبر 1974، والتي لقيت اهتماماً وتجاوباً عالمياً كبيراً.

وصدر إثر ذلك "قرار تاريخي" للأمم المتحدة يحمل رقم 3236 في 22 تشرين الثاني / نوفمبر 1974 بأغلبية 89 صوتاً مقابل 8 وامتناع 37، ويحمل هذا القرار عنوان "حقوق الشعب الفلسطيني" وفيه يؤكد الحقوق الثابتة لشعب فلسطين، وخصوصاً:

- الحق في تقرير مصيره دون تدخل خارجي.

- الحق في الاستقلال والسيادة الوطنية.

- الحق في عودة اللاجئين، والمطالبة بإعادتهم.

- الاحترام الكلي لحقوق الشعب الفلسطيني، وأنه أمر لا غنى عنه لحل قضية فلسطين.

- أن الشعب الفلسطيني طرف رئيسي في إقامة سلم عادل ودائم في الشرق الأوسط.

- حق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكافة الوسائل، وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.

وناشد القرار جميع الدول والمنظمات الدولية مدّ يد العون للشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه، كما طلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقيم اتصالات مع م.ت.ف في كل الشئون المتعلقة بقضية فلسطين.

وبموجب قرار الأمم المتحدة 3237 (22 تشرين الثاني / نوفمبر 1974) مُنحت م.ت.ف مركز مراقب دائم في الأمم المتحدة. وفي السنة التالية قررت الجمعية العامة تأليف لجنة من 20 دولة للبحث في ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الثابتة وفق قرار 3236 حيث تقوم اللجنة بتقديم تقرير سنوي حول ذلك.

وقد رفضت الجمعية العامة 1979 اعتماد ما جاء في اتفاقية كامب ديفيد المصرية "الإسرائيلية" حول فلسطين. وفي 15 ديسمبر 1980 أصدرت قرارها 35/169 أكدت توصياتها السابقة في قرار 3236، وطالب مجلس الأمن الدولي بوضع جدول زمني لانسحاب الكيان الإسرائيلي من الأرض المحتلة سنة 1967، وتسليم الأرض للأمم المتحدة التي تسلمها بدورها إلى م.ت.ف بالتعاون مع جامعة الدول العربية.

وتكمن أهمية هذه القرارات في تحوّل قضية فلسطين من قضية لاجئين إلى قضية شعب له الحق في تقرير مصيره وتحرير أرضه، كما أنها ترفع الشرعية عن اغتصاب الصهاينة للأرض المحتلة سنة 1967 بما فيها القدس، فضلاً عن حق الفلسطينيين في العودة للأرض المحتلة سنة 1948. كما أصبح للفلسطينيين من يتحدث باسمهم باعتراف عربي ودولي باعتباره ممثلهم الشرعي الوحيد (أي م.ت.ف). ورغم أن هذا الأمر قد زاد من "إقليمية" القضية الفلسطينية، إلا أنه جعل هذه القضية عصيَّة على التذويب أو القفز عن حقوق الشعب الفلسطيني وفق أي تسوية قد تشارك بها أطراف عربية أخرى. ثم إن هذه المكاسب السياسية قد حققت تعاطفاً دولياً واسعاً، وعزلت الكيان الصهيوني سياسياً، بالإضافة إلى قطع معظم دول العالم علاقتها به.



المبحث الثالث

( أبو عمار ومشاريع التسوية )



تناول المبحث الثالث الأقسام التالية:

1- القائد الرمز أبو عمار المولد والنشأة

2- صدى خطاب القائد وأثره في عملية السلام

3- مؤتمر مدريد للسلام (أكتوبر 1991)

4- اتفاق أوسلو (سبتمبر 1993)

5- المفردات التي أكد عليها القائد أبو عمار في خطابه السياسي

6- النتائج والتوصيات


أبو عمار ومشاريع التسوية

منذ اللحظة الأولى التي تسلم فيها القائد أبو عمار قيادة منظمة التحرير وجه خطابه السياسي الذي يحمل بين ثناياه دفاعا عن حقوق الإنسان الفلسطيني , وكي نتعرف على شخص الرئيس من خلال هذه الدراسة:

القائد الرمز أبو عمار

يتناول هذا الجزء من الإطار النظري رحلة القائد الرمز أبو عمار منذ الولادة حتى الاستشهاد في رحلة تاريخية هي رحلة العظماء والقادة الذين رسموا واقع وكتبوا تاريخ وأصبحوا أسطورة من الأساطير التي يتناقلوا الناس والمهتمون بهذا الرجل جيلا بعد جيل.

المولد والنشأة:

أجمع المؤرخين أن أبو عمار ولد في الرابع والعشرين من أغسطس 1929 بالقاهرة في 5 شارع طور سيناء بحي السكاكني طبقا لشهادة ميلاده, وسمي محمد عبد الرحمن(أسم مركب منحه إياه والده ) عبد الرؤوف (أسم والده ) عرفات القدوة الحسيني ( أسما أسرتي الأب والأم ) .

وأضيف إليه فيما بعد أسم ياسر, الذي تلاه فرع عرفات , ولكنه يَذكر من وقت لأخر فخورا , بأنه ينتمي للحسيني من جهة والده ومن جهة والدته ويذكر هنا أن عائلة الحسيني تنحدر من نسل النبي محمد وأسمها مثبت في حوليات القدس منذ القرن الثالث عشر .

ولعبت هذه الأسرة الكبيرة دورا جوهريا أبان ثورتي 1929 و 1936 ضد الانتداب البريطاني وضد المشروع الصهيوني لإقامة دولة يهود في فلسطين , كانت أسرة الأب تعيش في خان يونس في منطقة غزة , وكانت أسرة الأم, تحظى باحترام يصل حد التبجيل في القدس (17 ).

صدى خطاب القائد وأثره في عملية السلام:

في دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة لـ م.ت.ف للمشاركة في أعمالها، وإلقاء عرفات لخطابه الشهير فيها في 13 تشرين ثاني / نوفمبر 1974,والذي تضمن عبارات واضحة ذات دلالات أبرزها( لقد جئتكم يا سيادة الرئيس بغصن الزيتون مع بندقية ثائر.. فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي),لقد كانت إشارة صريحة للذهاب إلى عملية السلام لحل القضية الفلسطينية مع حماية الحقوق الفلسطينية المشروعة, فاستطاع القائد أن يوجه الإستراتيجية الفلسطينية اتجاه الحل السلمي مواكبا و مستندا إلى المتغيرات المحلية , الإقليمية والدولية آنذاك , حيث كان المطلب الفلسطيني الشعبي والرسمي الذي لا يقبل التنازل أو المساومة هو تحرير فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، وإخراج المهاجرين اليهود الصهاينة منها. وقد أخذ هذا الموقف بالتبدل من الناحية الرسمية أو من ناحية متصدري العمل الفلسطيني منذ 1968. إذ عرض أبو إياد صلاح خلف في 10 تشرين أول / أكتوبر 1968 هدف فتح الاستراتيجي وهو إنشاء دولة ديمقراطية في فلسطين يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود في مساواة تامة وتكافؤ كامل. وهو ما تم تبنيه في م.ت.ف في المجلس الوطني الخامس في شباط / فبراير 1969.

يعني ذلك أن الفلسطينيين لم يعودوا يُصّرون على خروج المهاجرين اليهود المعتدين من فلسطين، مهما كان عددهم وسنة هجرتهم، مع إعطائهم حق المواطنة الكاملة فيها.

وإثر الخروج الفدائي الفلسطيني من الأردن، والأوضاع المحلية والدولية بعد حرب تشرين / أكتوبر 1973، أقر المجلس الوطني الفلسطيني برنامج النقاط العشر "البرنامج السياسي المرحلي" في دورته الثانية عشر في 1 - 8 حزيران / يونيو 1974 في القاهرة. وقد أفسح هذا البرنامج مجالاً هاماً للتحرك السياسي الفلسطيني، ووضع عبارات مبهمة تُهيِّئ لاحتمال المشاركة في التسويات السياسية.( فقد نصَّ ميثاق م.ت.ف على أن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، بينما ذكر برنامج النقاط العشر أن "منظمة التحرير تناضل بكافة الوسائل وعلى رأسها الكفاح المسلح، لتحرير الأرض الفلسطينية، وإقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة على كلّ جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها". فلم يعد الكفاح المسلح طريقاً وحيداً للتحرير، كما وافق البرنامج لأول مرة على تجزئة مشروع التحرير خطوة خطوة، ورفض المنهج السابق الذي يؤكد على شمولية التحرير كأمر لا يقبل التنازل) (18).

وقد أعطى هذا البرنامج انطباعاً لدى البلاد العربية والعالمية أن م.ت.ف قد أصبحت أكثر "إيجابية" وأكثر "واقعية"، وهو ما أعطى القيادة الفلسطينية مجالاً أكبر للمناورة السياسية. وقد تحققت نتائج ذلك عاجلاً في قمة زعماء الدول العربية في الرباط في تشرين أول / أكتوبر 1974 الذي اعترف بـ م.ت.ف ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني.

غير أن الحملات العسكرية الشديدة التي تعرضت لها المنظمة في الأردن ولبنان وداخل فلسطين، مُترافقةً مع التوجه العربي، وخصوصاً المصري، نحو التسوية، قد أضعف من إمكانات التأثير العسكري الحاسم الذي يمكن أن تقوم به م.ت.ف وفصائلها ضد الكيان الصهيوني ...، وهو ما فتح المجال أكثر لمزيد من النشاط السياسي على حساب غيره من خطوط العمل. ولأن أي تسوية سياسية هي عملياً انعكاس لحالة موازين القوى، فقد تضاءلت مع الزمن قدرة م.ت.ف على فرض شروطها وتصوراتها، وأخذت تتنازل تدريجياً عن مطالبها، كما سنرى لاحقاً.

وقد ترافق التحرك السياسي مع تنازل متعلق بالاتصالات السياسية باليهود (وخصوصاً داخل فلسطين) والتي كانت تعدُّ قبل ذلك نوعاً من الخيانة. إذ سمح المجلس الوطني الفلسطيني الثالث عشر (القاهرة 12 - 22 آذار / مارس 1977) بذلك مؤكداً على "أهمية العلاقة والتنسيق مع القوى اليهودية الديمقراطية والتقدمية المناضلة داخل الوطن المحتل وخارجه ضد الصهيونية كعقيدة وممارسة".

وتبعا لذلك توالت المشاريع السياسية لحل القضية الفلسطينية , ومن أبرزها مؤتمر مدريد للسلام (أكتوبر 1991), واتفاق أوسلو (سبتمبر 1993) اللذان جاءا تتويجا لكل المشاريع السياسية السابقة ولأهمية هذين المشروعين في تاريخ العمل السياسي الفلسطيني سأتناول بالشرح والتحليل المشروعين المذكورين :

- مؤتمر مدريد للسلام (أكتوبر 1991):

سعت الولايات المتحدة إلى استثمار حالة التمزق والتشرذم العربي التي أعقبت حرب الخليج، فدعا الرئيس الأمريكي جورج بوش، بعد بضعة أيام من إجبار العراق على الانسحاب من الكويت، في 6 آذار / مارس 1991 إلى عقد مؤتمر دولي لتسوية الصراع العربي - "الإسرائيلي". وقام وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر بست جولات مكوكية في الشرق الأوسط أثمرت عن إقناع جميع الأطراف بقبول المشاركة في مؤتمر مدريد بعد أن قدَّم لهم عدداً من التطمينات والضمانات الأمريكية. وكانت الدعوة مبنية أساساً على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242.

وقد انعقد "مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط" في 30 أكتوبر 1991 برعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (الذي كان يعاني حالة انهيار وأفول ألقت بظلالها على دوره الخافت في عملية السلام)، وبحضور أوربي شكلي. وقد ألقى اختيار مدريد بظلاله عند بعض الذين ربطوا بين الأفول الإسلامي في الأندلس، وما يمكن أن يحصل من أفول إسلامي في فلسطين نتيجة هذا المؤتمر. وشاركت أكثر البلاد العربية في المؤتمر (مصر، الأردن، سوريا، لبنان، المغرب، تونس، الجزائر، ودول مجلس التعاون الخليجي الستة). وتمكن الكيان الصهيوني من فرض شروطه على التمثيل الفلسطيني، فتمَّ استبعاد المشاركة الرسمية لـ م.ت.ف في المؤتمر، وشارك ممثلون فلسطينيون عن الضفة والقطاع (بمباركة م.ت.ف) تحت الغطاء الأردني، وضمن وفد أردني - فلسطيني مشترك.

- اتفاق أوسلو (سبتمبر 1993):

ربما نسترجع قبل الحديث عن هذا الاتفاق بعض خيوط الأحداث التي دفعت باتجاهه. ففي عام 1990 عُقد اجتماع سرِّي في فيلا خاشقجي بباريس بين أريل شارون وبسام أبو شريف ومروان كنفاني كان على جدوله إقامة حكم ذاتي فلسطيني في قطاع غزة. وقد دخلت النرويج على خط المفاوضات عبر تيرجي ود لارسن، وهو رئيس معهد نرويجي يبحث في ظروف وأوضاع الفلسطينيين في الأرض المحتلة. وقد تعرف على يوسي بيلين - أحد المقربين من بيريز - وعرض عليه في نيسان / إبريل 1992 عقد مباحثات سرية مع م.ت.ف. وقد أصبح بيلين بعد الانتخابات "الإسرائيلية" نائباً لوزير الخارجية (بيريز). وقام أحد الدبلوماسيين النرويجيين في أيلول / سبتمبر 1992 بتقديم عرض على بيلين بأن بلاده على استعداد لتكون المعبر السري للاتصال مع م.ت.ف. وفي ديسمبر 1992 بدأت الترتيبات العملية للمفاوضات السرية، فالتقى عن "الإسرائيليين" البروفيسور يائير هيرشفيلد أستاذ التاريخ بجامعة حيفا، مع أحمد سليمان قريع (أبو علاء) رجل الأعمال والقيادي في حركة فتح، في فندق سانت جيمس بلندن.

( وفي 20 كانون ثاني / فبراير 1993 عُقد أول اجتماع بينهما، من أصل 14 اجتماعاً، في مدينة ساربسبورغ على بعد 60 ميلاً إلى الشرق من أوسلو، في أجواء سرية مطلقة. وفي نيسان / إبريل 1993 رفعت "إسرائيل" مستوى تمثيلها في المباحثات فعيّنت يوري سافير، مدير عام وزارة الخارجية، رئيساً للوفد "الإسرائيلي"، وانضم إليهم يوئيل زنجر وهو محام خبير في القانون الدولي. أما "أبو علاء" فساعده مستشار قانوني اسمه طاهر شاش. وكانت الجلسات تنتقل من مكان إلى آخر ويمتد الاجتماع بضعة أيام. وسافر بيريز في 19 آب / أغسطس 1993 إلى النرويج حيث وقع في الليلة نفسها على مسودة الاتفاق. وقد استمر عقد هذه المفاوضات في أثناء انعقاد المفاوضات الرسمية المعلنة بقيادة حيدر عبد الشافي، ودون علم أيٍّ من أعضاء هذا الوفد الرسمي. كما أن مفاوضات أوسلو استمرت حتى بعد أن قام الوفد الرسمي بتعليق المفاوضات، إثر إبعاد الكيان الإسرائيلي لـ415 فلسطينياً من حماس والجهاد الإسلامي إلى مرج الزهور في جنوب لبنان).(19)

وقد تم التوقيع الرسمي على اتفاق أوسلو في واشنطن في 13 أيلول / سبتمبر 1993، ووقعه عن الجانب الفلسطيني محمود عباس أمين سر اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح آنذاك، والذي تولى متابعة هذه المفاوضات السرية بنفسه. ووقعه عن الجانب "الإسرائيلي" شمعون بيريز وزير الخارجية، كما وقعه وزيرا خارجية أمريكا وروسيا كشاهدين. ويُعدُّ هذا الاتفاق بحقٍّ منعطفاً تاريخياً في مسار القضية الفلسطينية، فهو أول اتفاق يوقعه الفلسطينيون و"الإسرائيليون" ويتم بموجبه تنفيذ تسوية سلمية. وهو يعكس مدى التنازلات الهائلة التي اضطرت قيادة م.ت.ف إلى تقديمها حتى تحصل على اتفاق شبيه في جوهره باتفاق كامب ديفيد 1978، والتي وصفت مُوقِّعه (السادات) يوم ذاك بالخيانة والاستسلام، ودعت شعب مصر لإسقاطه. وهو يعكس بالتأكيد مدى الانتكاسات والتراجعات والضربات التي عانى منها مشروع تحرير فلسطين خلال الفترة 1978 - 1993. وقد كرَّس هذا الاتفاق الانفصال التام بين مسار المفاوضات الفلسطيني - "الإسرائيلي" ومسارات المفاوضات العربية الأخرى، مما أفقدها القدرة على تنسيق المواقف والعمل المشترك. وتسارعت بعد ذلك وتيرة المفاوضات الأردنية - "الإسرائيلية" والتي أدت في نهايتها إلى عقد تسوية سلمية بين الجانبين في 26 تشرين أول / أكتوبر 1994، والتي عرفت بمعاهدة وادي عربة. أما المسارين السوري واللبناني فبقيا متعثّرين طوال السنوات الثماني التالية (حتى الآن).

وقد عُرف اتفاق أوسلو "باتفاق إعلان المبادئ الفلسطيني - الإسرائيلي" أو باتفاق غزة - أريحا أولاً. ووقعت كافة الاتفاقات التالية بين م.ت.ف. وبين الكيان "الإسرائيلي" بناء على هذا الاتفاق. أما أبرز النقاط في اتفاق أوسلو فهي:

1. إقامة سلطة حكم ذاتي محدود للفلسطينيين في الضفة والقطاع لفترة خمس سنوات.

2. تبدأ قبل بداية العام الثالث من الحكم الذاتي المفاوضات على الوضع النهائي للضفة والقطاع، بحيث يفترض أن تؤدي إلى تسوية دائمة تقوم على أساس قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338.

3. خلال شهرين من دخول الاتفاق حيّز التنفيذ، يتوصل الطرفان لاتفاقية حول انسحاب "إسرائيل" من غزة وأريحا، تشمل نقلاً محدوداً للصلاحيات للفلسطينيين، وتغطي التعليم والثقافة والصحة والشئون الاجتماعية والضرائب المباشرة والسياحة.

4. بعد تسعة أشهر من تطبيق الحكم الذاتي، تجرى انتخابات مباشرة في الضفة والقطاع لانتخاب مجلس فلسطيني للحكم الذاتي، وتقوم القوات الإسرائيلية قبيل الانتخابات بالانسحاب من المناطق المأهولة بالسكان وإعادة الانتشار في الضفة.

5. يتم تشكيل سلطة فلسطينية انتقالية ذاتية تشمل الضفة والقطاع، على أن صلاحياتها لا تشمل الأمن الخارجي ولا المستوطنات الإسرائيلية، ولا العلاقات الخارجية، ولا القدس، ولا "الإسرائيليين" في تلك الأرضي.

6. "لإسرائيل" حق النقض "الفيتو" ضد أي تشريعات تصدرها السلطة الفلسطينية خلال المرحلة الانتقالية.

7. ما لا تتم تسويته بالتفاوض يمكن أن يتفق على تسويته من خلال آلية توفيق يتم الاتفاق عليها بين الطرفين.

8. يمتد الحكم تدريجياً من غزة وأريحا إلى مناطق الضفة الغربية وفق مفاوضات تفصيلية لاحقة.

9. وقد أكد الاتفاق على نبذ م.ت.ف والسلطة الفلسطينية "للإرهاب" و"العنف"، والحفاظ على الأمن، ومنع العمل المسلح ضد الكيان الإسرائيلي.





المفردات التي أكد عليها القائد أبو عمار في خطابه السياسي

1. حق تقرير المصير

2. الحق في الاستقلال والسيادة

3. حق العودة

4. حق المقاومة ضد الاحتلال

إن هذه الحقوق لا تقوم إلاّ على أساس ثوابت منهجية نضالية وهي:-

1. وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، ردا على محاولات تجزئته وتقسيمه.

2. رفض كل التغييرات التي أحدثها الاحتلال الصهيوني في المناطق التي تم احتلالها، قبل العام 1948 وبعده، سواء على صعيد تهجير الشعب الفلسطيني،واستجلاب المهاجرين اليهود، أم على صعيد بناء المستوطنات.

3. القدس بشطريها الغربي والشرقي جزء من الوطن الفلسطيني. ويكتسب التمسك بها عاصمة لفلسطين، معنى نضاليا عمليا ورمزيا بخاصة لما تمثله من مكانة دينية وتاريخية وسياسية.

4. التأكيد على ضرورة وجود قيادة سياسية موحدة للشعب الفلسطيني. ومن هنا التمسك بضرورة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها إطار الوحدة الوطنية الفلسطينية والقيادة المنشودة.

5. التأكيد العميق والدائم على أن قضية فلسطين هي قضية عربية وإسلامية، وأن الكيان الصهيوني يشكل خطرا على الأمة العربية والإسلامية، مثلما يشكل خطرا على الشعب الفلسطيني.

6. التأكيد على البعد ألأممي / الإنساني، فيما يتعلق بعدالة قضية فلسطين.

هذه الحقوق الثابتة، ببعديها التاريخي والنضالي، ليست شعارات جامدة يطلق عليها اسم "الثوابت" , أو "الخطوط الحمر" فقط، ولكنها بمثابة الدستور، وهي ملزمة لا تقبل التأويل أو الإلغاء.

الحقوق الثابتة لشعب فلسطين هي مطالب تاريخية حقيقية وعادلة وهي تشكِّل بمجملها القضية الفلسطينية، والتمسك بها هو نهج راهن وملّح، وليس شعارا ماضويا. وتمثل السياسات والممارسات الحالية في تجسيد الانقسام واستمراره خروجا عن هذا النهج كما في الموقف من تهويد القدس، وحق العودة، ، وفي كيفية التعامل مع الحق والواجب في مقاومة الاحتلال، وفي الموقف من مقاطعة كيان العدو، وفي نمط التعامل مع الوجود الفلسطيني. هذا النهج يعنى أن قضية فلسطين ليست قضية سلطة وكيان، ولا حتى قضية دولة على جزء من الأرض، بل هي قضية أرضِ سٌلبت، وشعب شرد. إنها بالتحديد قضية تحرير الوطن.




النتائج والتوصيات:

برغم أن هذه الدراسة فريدة من نوعها , حيث وجد الباحث صعوبات في الحصول على المراجع اللازمة لهذا البحث لحداثة البحث.

وتمكن الباحث من إجراء الدراسة , وتوصل للنتائج التالية:

النتائج:

توصل الباحث من خلال هذه الدراسة إلى ما يلي:

1. كان القائد أبو عمار ملم بقضايا حقوق الإنسان

2. معظم الفقرات التي تناولها القائد أبو عمار في خطابه لها علاقة بحقوق الإنسان كانت تدعو الشعب الفلسطيني بالتمسك بحقوقه المشروعة.

3. تمسك القائد أبو عمار بالثوابت الفلسطينية كان من ضمن فهمة لمقاصد مبادئ حقوق الإنسان.

4. المستمع لخطاب أبو عمار يخرج أكثر تمسكا بحقوقه وثوابته الوطنية.

5. القائد أبو عمار كان يدعو من خلال الفقرات التي تتعلق بحقوق الإنسان عدم التنازل عن حقه مهما طال هذا الحق.

6. استطاع أبو عمار أن يقنع العالم بأن القضية الفلسطينية ليست قضية إنسانية فحسب بل قضية حقوقية عادلة.

التوصيات:

بعد التوصل للنتائج السابقة أوصى الباحث بما يلي :

1. التنقيب والبحث عن المواقف التي وقفها أبو عمار وتتعلق بحقوق الإنسان .

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل