المحتوى الرئيسى

الدكتور عبد الجبار عبد الله ..رئيس جامعة بغداد في ذكراه المئوية بقلم:أ‌. د.إبراهيم خليل العلاف

11/26 22:05

الدكتور عبد الجبار عبد الله ..رئيس جامعة بغداد في ذكراه المئوية

أ‌. د.إبراهيم خليل العلاف

أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل

لااعتقد أن ثمة أمرا يتفق عليه العراقيون جميعا مثل اعتزازهم وتقديرهم وإعجابهم بالأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله .فالرجل كان عالما في تخصصه ،مربيا متميزا ،وباحثا نشيطا ،ومؤلف ثبتا وإنسانا فاضلا ودودا متواضعا .نهض بجامعة بغداد وذاعت سمعتها الطيبة في إرجاء العالم .كتب عنه الكثير وكرم في حياته وبعد رحيله لكن الحاجة إلى التذكير به ما تزال مطلوبة خاصة في مرحلتنا الحاضرة واقصد بها مرحلة إعادة بناء العراق .ولد سنة 1911 في قلعة صالح بالعمارة (محافظة ميسان حاليا ) وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدينته وفي سنة 1930 أكمل الثانوية ببغداد وقد أرسلته وزارة المعارف في بعثة علمية للدراسة في الجامعة الأميركية ببيروت وهناك نال البكالوريوس في العلوم سنة 1934 .

وفي بيروت أسهم مع عدد من زملائه أمثال محمد حديد وعبد الفتاح إبراهيم وعلي حيدر سليمان في تشكيل جمعية طلابية عراقية .كما أسس هو وعبد الفتاح إبراهيم ،وحسين جميل، ومحمد حديد ،وطه باقر ،وكوركيس عواد ،وفاضل حسين، وخدوري خدوري ، وجمال عمر نظمي وناظم الزهاوي وكامل قزانجي وعبد القادر إسماعيل وغيرهم " جمعية الرابطة الثقافية " في بغداد سنة 1943 والتي أصدرت مجلة الرابطة وصار سكرتيرا لتحريرها .أرسل ثانية إلى الولايات المتحدة الأميركية للدراسة ودخل معهد ماسوشست للتكنولوجيا وتخرج سنة 1946 حاملا لشهادة الدكتوراه في العلوم الفيزياوية ،وكان تخصصه الدقيق قي الأنواء الجوية . عاد إلى وطنه وعين في دار المعلمين العالية مدرسا وبعدها اختير رئيسا لقسم الفيزياء .وفي سنة 1958 أصبح أمينا عاما لجامعة بغداد ثم رئيسا لها بعد سنة ،واستمر في منصبه حتى شباط-فبراير 1963 .

كان الرجل حرا في تفكيره ،تقدميا في نظرته، ولم يكن منتميا لأي حزب سياسي بل كان من المؤمنين بأستقلالية أستاذ الجامعة ،وحيادته ،وتمسكه بالعلم وكانت علاقته بزملائه متميزة وقد أحبه الطلبة .اعتقل بعد خروجه من رئاسة الجامعة وفصل من وظيفته ثم أحيل إلى التقاعد وبعد إطلاق سراحه غادر العراق ليقيم في الولايات المتحدة الأميركية حتى وفاته فيها عندما كان يعمل أستاذا لعلم الأنواء الجوية في جامعة نيويورك .وقد استطاع خلال عمله ان يدخل تخصصا جديدا يعرف اليوم ب( علم الميزوميترولوجيا ) ، والذي أصبح فرعاً مهماً في علم الأنواء الجوية، كما كتب الدكتور عبد الجبار خلال حياته القصيرة نسبياً، العشرات من البحوث العلمية في الأعاصير والزوابع وفيزياء الضباب والسحب، وكل ما له علاقة بهذا الميدان، وترجم خمسة كتب في الفيزياء وعلم الأنواء الجوية إلى العربية منها ترجمته لكتاب الصوت وكتاب مقدمة في الفيزياء النووية والذرية لمؤلفه هنري سيمات ..كان الدكتور عبد الجبار عبد الله احد أربع تلاميذ لاينشتاين وقد نال أوسمة كثيرة في الولايات المتحدة منها "وسام مفتاح العلم"، وكان يجيد خمس لغات .

لقد أسهم في بناء جامعة بغداد الفتية ورصن توجهاتها البحثية ،وخلق نوعا من العلاقات الأخوية بين منتسبيها ،وقام بأعادة كل زملائه من الأساتذة الذين فصلوا في العهد الملكي الهاشمي .

لم يكن من أولئك الأساتذة الذين حصروا أنفسهم في دواخل اختصاصاتهم العلمية الصرف، بل كان متعدد الاهتمامات ومنها عشقه للأدب العربي وللشعر والتاريخ وله آراء مهمة في التقدم العلمي الإنساني ومن ذلك قوله أن التحولات التي شهدتها البشرية بعد الحرب العالمية الثانية تميزت " بفيض من المنجزات التكنولوجية التي يسرت ما كان في عداد المستحيلات وأضافت إلى سيطرة الإنسان على القوى الطبيعية ومكنته من ترويضها والتحكم بطاقاتها حتى كاد الإنسان ...أن يحقق ما ادعاه لنفسه قبل آلاف السنين من سيادة لممالك الطبيعة ومن هيمنة عليها " .

وكان يؤكد بأن العلم يتقدم بمراحل واضحة الحدود تنقله من مرحلة إلى أخرى وان الباحثين استطاعوا الاهتداء إلى الكثير من النظريات وان "مدنيتنا العلمية الراهنة كانت بعض نتاج الجامعات ومعاهد البحث" .ومما أذهله –وهو العالم الفيزياوي –إن ثمة إهمالا للعلوم الإنسانية تلك العلوم التي كان واجبها التعاون مع العلوم الطبيعية لاستكمال صورة الكون بعالميه الداخلي والخارجي وللتوصل إلى تثبيت الوعي الصحيح ورسم المخطط العام لبناء المدنية الفاضلة وعندي أن مثل الجامعة التي تعنى ببعض نواحي المعرفة وتهمل سائر النواحي كمثل من يعدم بعض حواسه فتنمو سائر الحواس .فهو قد عجز عن استيعاب الصور الكاملة لما حوله فخلق لها في مخيلته صورا مشوهة ناقصة " .

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل