كلام تكتيكي | صفقة مبروكة وصفقة مشكوكة - 3 ليفربول
يا لها من أيام مليئة بالمباريات والأحداث المضغوطة، ويا له من صيف امتلأ عن بكرة أبيه بالصفقات والمفاوضات الليفربولية..!
أعود إليكم بعدما هدأت الأجواء مرة أخرى في الملاعب الأوروبية - استعداداً لتصفيات المونديال واليورو - لتحليل الصفقات المبروكة والمشكوكة للعملاق الإنجليزي في أوروبا "ليفربول" والذي فقد بريقه ويحاول جاهداً العودة للواجهة بواسطة تلك الصفقات التي أجراها الصيف الماضي والأموال والتضحيات التي أظهرها المالك الجديد ليس من أجل عيون الجميلة "ليندا بيزيوتي".
إنما لعشاق هذا الفريق صاحب أشهر أغنية في تاريخ المستديرة..أغنية يقشعر لها جسدك حين تسمعها في أنفيلد روود..وتُجبرك إن كنت مُشجعاً لأي فريق مهما كان لترديدها مع هؤلاء المجانين الذين أدمنوا وزاد ادمانهم للريدز مع كل اخفاق من اخفاقات الفريق..ليؤكدوا انهم رجال بالافعال لا بالاقوال بكلمات تلك الأغنية الرنانة "لن تسير وحدك أبداً"...وهو بالفعل لا يسير وحده أبداً!.
متى يعود ليفربول؟
العملاق الأحمر كان لديه صيفٌ صاخب، قبل أن يبدأ سمعتُ أن المالك الجديد "جون دابليو هنري" مع صاحبة العيون الجميلة والشعر الغجري المجنون "ليندا" ورجل التعاقدات داميان يريدون الانفاق أثنائه بسخاء، ولكنني لم أصدقه وحاولت تكذيب ما أراه وما أسمعه، بسبب الصورة المأخوذة سلفاً عنه في شهر يناير، ببيع توريس بـ50 مليون إسترليني لا كي يَدعم خزينته بل ليشتري مهاجمين بنفس المبلغ الذي حصل عليه من تشيلسي، أي أنه باع لاعب من أجل اثنين، بل ربما أضاف بضع ملايين من "جيبه" الخاص لاتمام صفقة أندي كارول صاحب هدف يتيم في البريميرليج أمام إيفرتون المنقوص بعد الطرد الظالم للموهبة المتفجرة.
للحق، شعرت منذ يناير أن جون هنري ليس معه ما يكفي من مال للانفاق أو يخاف الاندفاع كما يُنفق ويندفع عمالقة سوق الانتقالات، فلم يظهر نية الاحتفاظ بلاعبيه القدامى وضم جدد لبناء دكة بدلاء محترمة للمنافسة على أكثر من بطولة، لاستعادة الماضي الجميل...والمنطق يقول: دكة عارية = فريق بنفس ضعيف لا يستطيع اكمال المشوار حتى النهاية!.
رأينا جميعاً ريال مدريد يشتري الجديد دون بيع عناصره القديمة (المؤثرة) فرغم فشل كاكا ظل في الفريق لأنه لاعب كبير سيستعيد عافيته في أي وقت كان، ومانشستر سيتي أضاف عناصر مدهشة لتشكيلته وترك عناصر أخرى، ويكفي ابقائه على كولو توريه المتهم في قضية منشطات، فلو كان أطاح به لما لامه أحد، ولا حتى شقيقه يحيى بطل كأس الاتحاد.
السيتي أضاف سمير نصري وسيرخيو أجويرو رغم أنهما سيُلصقان آدم جونسون وجيمس ميلنر مع بالوتيلي أكثر وأكثر على الدكة، لكن الهدف واضح وهو المنافسة على كافة الأصعدة فتوفير أكثر من عنصر في نفس المركز يتيح للمدرب فرص إراحة اللاعبين ويُقلل من عدد المصابين، وقد لا تنجح هذه الخطة مع مانشستر سيتي أو مع بولتون لانهما من طينة واحدة -مع احترامي للجماهير المستجدة-، لكنها تنجح وتنجح مهما كانت العناصر مع ليفربول لأنه فريق كبير فاز قبل سنوات برباعية على ريال مدريد وأخرج البرسا رونالدينيو!. وفي جعبته ثلاثية كأس اتحاد وخماسية أبطال أوروبا.
ليفربول مع جون هنري من الواضح أن أكثر طموحاته هذا الموسم المنافسة فقط على مقعد مؤهل للأبطال الموسم المقبل وليس الفوز بشيء ما، وإذا الحظ لعب لعبته ربما يفوز بكأس كارلينج، لأنه لا يوجد بدائل مناسبة للعناصر الأساسية، ولا يوجد انسجام واضح بين عدد من العناصر الجديدة والقديمة...ودالجليش أزاد الطين بلة بتكتيكاته التي سنوضحها في سياق هذا التحليل.
كيف ولماذا هذه النظرة المُتشائمة؟
الصفقات التي أجراها ليفربول لها دور كبير في هذه النظرة السوداوية للمستقبل القريب للنادي، فبعض العناصر التي غادرت لم يكن لها لتغادر وعناصر أخرى كان لابد من تركها ولم تترك.
دالجليش كان بإمكانه إضافة عناصر واسماء أخرى غير تلك التي إنضمت ولم تحقق المأمول منها حتى الجولة السابعة من البريميرليج...وظهر فكره العقيم جلياً على تخطيطه، فلا يزال يلعب بالطريقة الإنجليزية القديمة.
نبدأ بتحليل الصفقات:
 |
 |
 |
 |
تشارلي آدم: لاعب وسط مُحنك، يُمرر كرات طولية نموذجية، وعرضيات لا غبار عليها، وتصويباته جميعها دقيقة لا تخيب إلا فيما ندر، ولعل عارضة تيم هاورد أخر الشاهدين.
أروع ما في الصفقة، المرونة التكتيكية التي يمتاز بها بقدرته على شغر أكثر من مركز أثناء سير المباراة، وبالطبع سنه مناسب للفريق مع السعر المتوسط الذي انتقل به من بلاكبول، وطموحاته الكبيرة لتعلم المزيد مع نادٍ كبير بحجم ليفربول واضحة منذ اليوم الأول حين قال "أتيت للأنفيلد روود كي أتعلم، وأنا فخور لأنني سأكون أحد اللاعبين الذين سيهتفون لهم هذه الجماهير الرائعة".
كما يكفي أنه كان لاعباَ ضمن صفوف رينجرز وتخلى عنه من أجل خوض تجربة الإحتراف في الدوري الإنجليزي مع فريق درجة أولى كبلاكبول أي أننا أمام رجل عصامي بمعنى الكلمة.
هذا الأسكتلندي لديه ما يكفي من مميزات لتجعله أحد نجوم ليفربول في المستقبل العاجل، وأهم ميزة قوة قدميه اليمنى واليسرى، ولكن دالجليش حتى وقتنا هذا لم يستغل تلك الميزة، فرأس مال اللاعب هي (عرضياته النموذجية من الركلات الثابته وتصويب الركلات الحرة في شباك الخصوم)، وأدناه فيديو بسيط يوضح تخصصيته في ذلك الأمر، ودالجليش لايزال غافل عن هذه الخاصية مثلما كان غافلاً عن أشياء أخرى سنوضحها في هذا التحليل، تخيلوا ربما تشارلي أفضل من ستيفن جيرارد الذي فَقد اللمسة السحرية في العامين الماضيين لتكرار إصاباته، نهايك عن سواريز وبيلامي وأي لاعب أخر يحاول (الابتكار) في شيء لا يفقه فيه أكثر من آدم.
اضغط هنا لمشاهدة الفيديو 1
اضغط هنا لمشاهدة الفيديو 2
اضغط هنا لمشاهدة الفيديو 3
أخيراً، الطرد الذي تعرض له مايسترو البريميرليج أمام توتنهام ليس مقياساً لمجمل أداء اللاعب، فكثيراً ما تحصل جيرارد على بطاقات وصَبرت عليه الجماهير حتى جلب لها دوري أبطال أوروبا سنة 2005 من أسطنبول، ويُمكنني إطلاق لقب "صفقة مبروكة" على تشارلي.
 |
كوتس بات من الأعمدة الرئيسية للمدرب المحنك "تاباريز" جوار المخضرم لوجانو على حساب أسماء إنضمت قبله بسنوات في المنتخب ككاسيراس ودييجو جودين، وفوزه بجائزة أفضل وجه صاعد في كوبا أميركا كان العلامة الفارقة في سيرته الذاتية والذي دفع ليفربول لاتمام التعاقد معه لتأكدهم على أن هذا اللاعب الذي احتك بأعلى مستويات كرة القدم في أميركا اللاتينية سيكون حقاً مدافع المستقبل في البريميرليج.
والمدافعون اللاتينيون الذين حققوا نجاحات في البريميرليج ما أكثرهم خلال الـ10 سنوات الأخيرة ويمكن لكوتس تحقيق نفس نجاح دافيد لويز وأليكس دا كوستا مع تشيلسي وألكاراز مع ويجان أثلتيك وكوديتشيني مع نيوكاسل وزاباليتا مع مانشستر سيتي، ومن قبل هؤلاء البرازيلي سيلفينهو مع آرسنال والأرجنتيني جابريل هاينزه مع مانشستر يونايتد
كوتس /20 عاماً/ لديه خفة حركة وسرعة تمكناه من أداء دور قلب الدفاع الصريح، والظهير الأيمن أو حتى الأيسر إذا حدثت إصابات إعتاد عليها ليفربول في تلك المراكز، لتكرار مشاكل "آجير، جلين جونسون، مارتن كيلي، سكرتيل وكاراجر"، ويجب على دالجليش أن يلعب بكوتس بدلاً من كاراجر الذي تقدم في العمر وأصبح ثغرة واضحة في دفاع الفريق مثلما كان توني أدمز في أخر أيامه قبل الإعتزال مع آرسنال، وإجلاس آجير على الدكة لكثرة إصاباته والاستعانة به في مباريات الكأس فقط.
ربما لا يمتلك كوتس الخبرة في البريميرليج لكنه لاعب أساسي في منتخب أوروجواي وفاز بلقب الأفضل خلال كوبا أميركا، وهذه أمور ترجح كفته للعب كأساسي، وتدفعنا لنقول أنه "صفقة مبروكة لليفربول".
 |
اللاعب السابق لنيوكاسل وفياريال يمتاز بالعرضيات المقوسة من الوضع راكضاً، ويمكنه التسديد بعيد المدى، لكن تدخلاته ضعيفة بعض الشيء على الخصم أثناء عملية افتكاك الكرة، وقد تكون هذه السلبية الوحيدة فيه لهذا باعه فياريال عن طيب خاطر لنيوكاسل عام 2007 لجلب الظهير الإسباني التاريخي "خوان كابديفيلا" الذي يستطيع الموازنة بين الدفاع والهجوم ورأينا أداؤه في كأسي أوروبا والعالم 2008 و2010 كيف كان!.
بالنسبة لحاجة ليفربول؟ خوسيه إنريكي صفقة مبروكة بالنسبة للفريق، وبسعر متوسط، ويمكن لشخصية اللاعب أن تتطور أكثر في أنفيلد روود، ويتعلم من بعض اللاعبين الخبراء هناك وينقل خبرته في الجهة اليسرى للظهير الشاب الاحتياطي "روبنسون".
 |
داونينج لايزال يحتفظ بسرعته التي عهدناه عنه منذ أيام ميدلسبروه، وأتذكر أهدافه المؤثرة في عمالقة البريميرليج، وتمريراته المتقنة لزملائه في كأس الاتحاد الأوروبي في قبل النهائي عام 2004 والتي أهلت الفريق للنهائي أمام إشبيلية.
سعره "18 مليون إسترليني" مبالغاً فيه من جانب إدارة أستون فيلا لكثرة إصاباته في الآونة الأخيرة، فأي لمسة على ركبته أو فخذته يسقط ويدخل في غيبوبة مع البرامج التأهيلية مثل مواطنه جيرارد!.
الصفقة مبروكة من الناحية الفنية..لكن هناك علامات استفهام حول المبلغ الذي انفقه مدير التعاقدات داميان كومولي اخصائي التعاقد مع النجوم بمبالغ بخسة ..لكن هذا أيام توتنهام فقط أما مع ليفربول فقد عبس ببعض الملايين ولم يكن في "الفورمة" أثناء التفاوض !
 |
لكن لو إنضمام بيلامي بمبلغ مالي ضعيف وراتب معقول والتسليم بموافقته على الجلوس بصورة متواصلة على الدكة ليكون بديل طواريء فإن هذا أمر جيد بالنسبة للريدز...ونستطيع هنا الحكم عليها بصفقة مبروكة.
لا أحد يختلف على إمكانيات بيلامي الذي كان أنشط لاعبي مانشستر سيتي موسم 2009/2008، لكن رغم كل ما قدمه للفريق تمت إعارته بغرابة لكارديف سيتي بحجة عدم وجود مكان له!.
يُمكن لبيلامي لعب دور رأس الحربة، والمهاجم المتأخر وكذلك الجناح الأيسر وفي هذا المركز بالذات كان خارق للعادة وتسبب في الكثير من الأهداف والمشاكل لخصوم السيتي..
السعر والراتب وطموح اللاعب مع إمكانياته المتميزة أمور تجعل هذه الصفقة مبروكة للريدز...فهو البديل الأفضل لستيوارت داونيج في حالة إصابته.
هل كان يحتاج ليفربول لهندرسون؟
 |
السؤال الأهم: هل يستحق من أجله الإطاحة بالثنائي الخبير "أكويلاني وميريليش" من تشكيلة الفريق بإعارة الأول لميلان وبيع الثنائي لتشيلسي؟ أكويلاني قدم موسماً متوازناً مع يوفنتوس، وميريليش أبهر العالم في موسمه الأول بالبريميرليج وخطف لقب أفضل لاعب في الدوري باختيار الجماهير في استفتاء الاتحاد الإنجليزي 2011؟
 |
 |
| أعار أكويلاني وباع ميريليش من أجل لوكاس وهندرسون!؟ |
 |
يجب أن يعلم دالجليش أهمية حضور اللاعبين المهرة في خط وسطه، ورحيل لاعبان بوزن أكويلاني وميريليش أمر قاتل للغاية لوسط الفريق نظراً لحاجة لويس سواريز لأمثالهم كي يصل بسهولة للمرمى بدلاً من العودة للخلف لبناء الهجمات بنفسه بما أن هناك مهاجم طويل القامة ينتظر في منطقة الجزاء الإمدادات اللازمة لتسجيل الأهداف هو أندي كارول..
ليفربول يواجه خَطر عدم الإنسجام على طريقة اللعب الإنجليزية التقليدية التي حاول وحاول الابتعاد عنها، وتعلم عدد من لاعبيه الحاليين على الطرق الإسبانية واللاتينية والتمرير السلس ومن الصعب عليهم مهما كانت مرونتهم استيعاب الانقلاب الذي أحدثه المدرب دالجليش على خط وسط الفريق.
طريقة لعب ليفربول كانت مزيجاً ما بين الكرة اللاتينية المهارية والأوروبية القوية بالاعتماد على الاختراق والأطراف لسابق وجود عدد ضخم من اللاعبين الإسبان، وتحويل الأسلوب بهذه السرعة من اللاتينية للأسكتلندية الإنجليزية الكلاسيكية قد تعيده للخلف 3 سنوات، وحتى إذا أراد دالجليش تطبيق هذا الفكر كان عليه الإبقاء على ميريليش لامتلاكه اللياقة البدنية ودقة التمرير والقدرة على لعب عدة أدوار فضلاً عن مهاراته التقنية العالية كونه لاعب برتغالي لاتينية أصيل.
فمهما كانت قوة اللاعب الأسكتلندي أو الإنجليزي عزيزي "دالجليش" في التصويب والتمرير حين تنخفض لياقته البدنية أو تطوله بعض الإصابات يصبح وجوده مثل عدمه عكس اللاعب الأوروبي اللاتيني أمثال ميريليش المهم جداً في خط الوسط، والأمثلة على ذلك فليتشر مع مانشستر يونايتد مُختفي منذ موسم كامل لا يلعب الكثير بسبب الإصابات ثم فيروس المعدة..وجيرارد مع حبي واحترامي الشديدين له وبكل واقعية يصعد إلى الهاوية منذ نهاية مونديال 2010 في تكرار لسيناريو السنوات الأخيرة لسكولز!.
سيقول قائل: لقد أشدت في فقرة سابقة بتعاقد النادي مع كوتس وهو لاعب صغير السن ليست لديه خبرات هندرسون على أقل تقدير في الدوري الإنجليزي..، الإجابة سهلة: راجع كوبا أميركا .. وراجع تشكيلة منتخب إنجلترا..واسأل نفسك؟ من كان عمود فقري في هذا الفريق وذاك ..من نال لقب الأفضل في بطولة يشارك فيها أعتى مهاجمي العالم؟ موقف كوتس مختلف تماماً عن موقف هندرسون.
من الممكن أن تشتريه ..وبمبلغ أعلى لكن دون أن تنسف فريقك بالكامل.. وحتى الآن هندرسون لم يثبت نفسه على التشكيل الأساسي، سواء كلاعب وسط إرتكاز أو صانع ألعاب أو حتى جناح أيمن أو أيسر ففي كل تلك المراكز فشل، ومباريات كبولتون واكستر وبرايتون ليست مقياساً على لاعب دُفع من أجله 14 مليوناً وطٌرد لعيونه لاعب بحجم ميريليش !!!.
لكن .. ربما التحليل السابق يعيدنا للنقطة الأولى التي ذكرتها في المقدمة، بأن مالك ليفربول ليس معه المال الكافي، فقد اشترى هندرسون بهذا المبلغ ثم عانت خزينته بسببب الرواتب المرتفعة لنجوم الفريق فقام ببيع ميريليش...في تكرار لصفقة بيع توريس من أجل شراء اثنين في خط الهجوم للتخلص من العقيم نجوج فيما بعد الذي لا يصلح حين يتعرض توريس للإصابة..وهو مبدأ اقتصادي جيد لكنه يؤدي لضياع نجوم بأتم معنى الكلمة من بين يديك.
Comments