المحتوى الرئيسى

حنيناً إلى الحرية بقلم:مروان صباح

09/11 21:57

حنيناً إلى الحرية

كتب مروان صباح / لا بد من الإعتراف لهؤلاء الذين اغتصبوا بأسم الديمقراطية المغشوشة ، أن تمسكهم بالكرسي بهدف إطالة أمد حكمهم له مردود من الفوائد الكبيرة التى كانت تغيب عنا كشعوب ، ألا وهي إختيار طريقة السقوط ، فمثلاً لدى الرئيس الأسد اليوم خيارات عدة قد توفرت من غير قصد أو به لا تختلف كثيراً بحيث النهاية واحدة .

لقد فر الرئيس التونسي ليتحول برمشة عين زين الفارين إلى مدينة جدة بعد أن تعثر محموله إلتقاط لو شبه صديق سابق في نادي الرؤساء ، يحمل معه ملايين الدولارات التى إختلسها من عرق المطحونيين ولكنه في اللحظة الأخيرة أبا أن يغادر قلعة الإستبداد إلا ويعترف أنه كان لا يفهمهم ، ونرى صاحب الفلسفات والنظريات التى تقول أمشي الحيط الحيط يارب تنجينى قابع خلف القضبان ملقي عن قصد بنفسه على سرير المرضى كي يستعطف قلوب الجماهير ويلتف حوله أبناءه اللصين التى لم تشبعهم مقدرات الشعب المصري بل تلاعبوا بقضايا تحيط بجغرافية مصر وأمنها القومي بهدف إبرام صفقات مشبوهة لإشباع بطونهم التى لا تملئها إلا التراب .

طبعاً لا يغيب عن مراجعتنا المهرج الأقدم في المسرح العربي وهشاشة خشبته التى لم تتحمل ساعات قليلة وسقطت بل يضاف إلى هذه الهشاشة خداع الكلمات التى طرب مسامعنا عبر أربعة عقود من الزمن ليأكد للتاريخ المتجاهل عند هؤلاء والغير مقروء بسبب إعتقادهم بأنهم ليسوا بحاجة له وأنهم ذائبون في صنع مزبلة جديدة سيكتب عنها مؤرخون جدد بكامل السخرية ، بأن بطانتهم المقهورة لا يمكن لها أن تدافع عن طاغيتها .

عندما يخرج الرئيس مرة جديدة نافياً بشكل قاطع كل الإتهامات التى توجه له من الشعب السوري المنتفض عليه ، ومن الجهة الاخرى وعبر الإعلام الإجتماعي ينشر الشعب السوري ويقول يا جزار مازالت آلة القمع والقتل تعمل بشكل كبير ومنظم وبأعلى درجات الحقد ، وما دام الإصرار على عدم وجود أزمة ذلك يعني شيىء واحد بأن البناء الإصلاحي الذي يتطلع إليه النظام سيكون من الرمل وعلى الرمل وأن كرامة الإنسان لن تتجاوز سعر كيلو الخيار لأن ما يمارس عبر الشبيحة وعناصر الجيش يدلل بأن التعامل مع حبّة خيار أفضل بكثير من الإنسان الحي .

المسألة تتعلق بالتكوين النفسي الذي أُفتضح أمره بعد ما خرج الشعب عن صمته الطويل ليقول كلمته المبحوحة بغض النظر إن جاءت متأخرة ويحاسب من لفقوا بأثر رجعي وأتاحوا مهزلة التوريث دون أن ترف لهم رمشة عين بأن هناك شعب تمَ تجاهله تماماً ، وفي الوقت الذي يسعوا على الدوام إخفاء الحقائق خوفاً من إصلاح يؤدي إلى إنقلاب على الذات ، فيلجأوا إلى تضليل ينعكس على من يدغدغو نرجسيته ليصاب بالحّول ويجد من حوله يبررون نمطه الأعور الناتج عن تربية أفقدته أن يرى الأخرين ولكنه قارد على رؤيه نفسه ونفسه فقط ، بينما يزرعون الوهم في عقله إذا تبقى له عقل ويقولون له بأن طفولته جاءت دون حبو بل العبقرية كانت منذ الطفولة وأن ما صَنعَ للشعب كان الأجدر أن يقابل بالإحترام والإمتنان ولكن هؤلاء ليسوا مواطنين صالحون بل مرتبطون بالخارج وبأجندات مختلفة وعلى رأسها الناتو المحمل بأفكار الماضي الإستعماري المتجدد ليصبح من يجرؤ ويغرد خارج الدائرة الأمنية إرتباطاً متآمر أو يهرول وراء المتآمرين دون أن يعلم ، مما يعني أنه لا مساحة للإصلاح ما دام التمرد أخذ بالتصاعد .

الرئيس السوري الفاقد شعبيته ينفي بشدة قتل وتعذيب وإمتهان كرامة الإنسان السوري وفي حين يقف في حفل إفطار رمضاني أمام علماء الشام محاولاً تخليص الأئمة الذين غابوا عن الحاضر بصمتهم مذكراً بأنهم يخشون من فقدان رصيدهم الشعبي إن دافعوا عن النظام ، بالضرورة أن هناك موقفين متباعدين إن لم يكونا متناقضين بحيث تتساقط منه الكلمات لتتحول إعترافات دون أن يشعر بأن هناك شعب يخافه العلماء ويسعى بصمته لعدم إغضابه ليؤكد بأن كل النفي الذي قدمه عبر لسانه غير صحيح وينطوي على كثير من التلفيق .

شعباً لا يكف عن تقديم التضحيات حنيناً إلى حرية لم يسبق له أن أحس برياحها لكنه يسعى إليها كالمبتكر من الدماء الحمراء ، مطراً سبقتها الرياح والعواصف ، لم يعد يحتمل ظالمه وكظم الغيظ لعقود أدت إلى تفجير جميع الشرايين فتدافع الدم الذي إختلطَ بالبارود ليلتصق وصمة عار على جبين قاتليهم ، لا بد للحكام بعد هذه العواصف التى نزعت عنوةً جميع الأقنعة الكذابة والتى جاءت بعد صمت مغمود بالوعي والصبر أن يقتنعوا بقوة الشعب وإرادته التى لا يمكن كسرها أمام آلة عسكرية قمعية مهما كان حجمها ، ولكن من لم يعتبر من قراءة التاريخ أو ما يجري في العواصم المتأخية ، عليه أن يجرب من كيسه ولن تسنح له الفرصة أن يعانق المستقبل التى زرفت الدموع شوقاً له ، لأنه لا يملك حلول إصلاحية بقدر ما يملك من حلول قمعية .

والسلام

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل