المحتوى الرئيسى

سعود القصيبي يكتب: نواة ثورة الكرامة .... مدونة حدث

09/02 19:23

تخالطت الاخبار واختلف الرواة عن بدايات الثورة السوريه ضد نظام عائلة الاسد, فمنهم من ذكر بدايات المظاهرات الحقوقية التي اعتقل فيها الحقوقيون ومجموعة من المحامين, ومنهم من ذكر حادثة المسجد الاموي حيث تم اعتقال عدد من المتظاهرين من داخل المسجد, ومنهم من اعتبر أن شرارة الثورة انطلقت من مدينة درعا.وعلينا أن لا ننسى سقوط النظام المصري الذي كان له تأثيرعلى تأجيج فكري بين صفوف الشعب السوري.  إلا مما لا شك فيه أن العنصر الغائب للدعوة الى القيام بمظاهرات في شهر فبراير والدعوة التالية لتحديد موعد في شهر مارس, تظل نواتها العديد من المشاهد لاعتقالات تعسفيه وتعذيب وقتل ابرزها المسلسل الذي بدأ منذ اعوام باعتقال طل دوسر الملوحي المدونة الشابة عن عمر لم يناهز وقتها الخامسة عشرة.  و كما أصبح معلوما فإن النظام الاسدي ومنذ سنوات ظل يتحدث عن الاصلاحات كسياسة خارجية, الا انه فور المطالبة بتفعيلها داخليا يتم اعتقال وتعذيب الساعين لها.

 هذه الدراما السورية, والتي بطلتها طل الملوحي بدأت قصتها في عام 2006 عندما ناشدت في مدونة عامة بشار الاسد للإسراع في عملية التحول الديمقراطي بالبلاد، قائلةً إنه "كرئيس يحتم عليه منصبه وقف الفساد المستشري"، مذكرةً إياه "بما قطعه من وعود",  استدعيت علي اثرها من الجهات الامنية للتحقيق معها عدة مرات. وفي نهاية صيف 2007، قررت الأسرة مغادرة سوريا إلى مصر للابتعاد و الخلاص من مضايقات أمن النظام السوري لطل الطفلة  وللاسرة بشكل عام.هذا وتعد اسرة الملوحي من العوائل المرموقة والمعروفة والتي كانت لها إسهامات واضحة في جلاء الجيش الفرنسي عن سوريا.

 في منتصف عام 2009 قرر والد طل العودة الى وطنه سوريا  , بعد تاكيدات من السفارة له بألا أحد سيمس أمنه و سلامته هو و ابنته  وعند قدوم طل  مع والدها من مصر وفور وصولهم إلى أرض المطار السوري تم اعتقال الإبنة مجددا. وسعيًا لنفي أن تكون طل الملوحي قد أوقفت لأسباب تتعلق بحرية التعبير، وبعد العديد من المطالبات ومناشدة اسرتها وعدد من جمعيات حقوق الانسان لاطلاق سراحها, اصدرت محكمة امن الدولة العليا في فبراير من هذا العام حكما بالسجن لمدة خمس سنوات في محاكمة سرية بتهمة افشاء معلومات لدولة اجنبية أدت الى محاولة قتل وضرب ضابط عسكري سوري يعمل لدى السفارة السورية في القاهرة، مما أدى لإصابته بعاهة دائمة حسب رواية الحكومة السورية.

 ومن قمة استخفاف واستهتار النظام السوري في عقلية مواطنيه بعد ان ثار المجتمع الحقوقي والقانوني والمجتمع لحداثة سنها لا سيما منظمات حقوق الانسان الدولية , تم الدعوة لمؤتمر صحفي لعرض تفاصيل القضية و في هذا المؤتمر اتهمت تلك الابنة بالخيانة لوطنها ووسمت في العهر من ضمن عدد من التهكمات وسيناريو كوميدي مضحك لسرد للاحداث لا يرقي حتى لكتابة ومخيلة راوي مبتدئ.

 أثار ذلك حفيظة بعض الحقوقين و الناشطين السياسين و أهالي معتقلي الرأي, فقاموا بمظاهرة صامتة  مطالبين بالاصلاحات في الخامس عشر من شهر أذار ( مارس) أمام مبنى وزارة الداخلية في دمشق, فطالهم الاعتقال, تلاها إقتحام الأمن السوري للجامع الاموي إثر قيام المصلين برفع شعارات مطالبة بالحرية . و توالت الأحداث متسارعة و بنهاية شهر أذار طفت على السطح حادثة درعا المعروفة والتي كتب اطفال لم يتعدو الثانيه عشرمن عمرهم على احد جدران المدينه " الشعب يريد اسقاط النظام" فعذبوا واقتلعت اظافرهم كدرس لهم ولأهاليهم.  وتعامل  النظام الاسدي مع اهالي درعا بكل وحشية فتدخل الجيش لقمع الأهالي بأسلوب دموي لم تشهده سوريا ولم يراه العالم قاطبة منذ مجازر حماه في زمن الاسد الاب و توالت على أثرها المظاهرات في انحاء سوريا بالكامل.

إن هوس النظام الاسدي بنفسه واستخفافه بمواطنيه وممارساته الوحشية من إعتقال وتعذيب واغتصاب وقتل و انتهاك للمعتقدات الدينية, هو ما دعى هذا الشعب الكريم النبيل إلى ثورة الكرامة, وإلى المطالبة باسقاط النظام وعدم شرعيته , بعد فقدان الامل بتحقيق وعود النظام الاصلاحية و التي أطلقها كذر الماء لإسكات المجتمع الدولي و مع استمرار شراسة تعامل النظام مع من يدعو و يطالب بالحرية التي يناضل من أجلها السوريين و يبذلون دمائهم من أجلها. و مع تفشي الفساد و الطغيان وضعف الاقتصاد, خرج  المواطن السوري إلى الشارع بعد أن استعاد هيبيته و انكسر حاجز الخوف. مكذبا إدعاءات النظام بالعمالة الاجنبية او بنظريات المؤامرة الكونية.  وما قصة الحدث طل الملوحي الا خيرشاهد من الاف القصص المشابهة. الا انها اتت كنواة لما نشاهده من احداث بعد ان مل المواطن السوري من كذب النظام واستهتاره بمواطنيه واستلاب كرامته.

وتذكرنا طل تلك الموهبة الشعرية بتلك الكرامة المسلوبة النابغة في قصيدة لها كتبتها في مدونتها لا زالت كلماتها تدوي, قالت فيها.... حضارة كم تمنيت, في عصر الحضارة , أن أعود الى أبي وجدي, والعباءة, أن استشعر يوما, طعم الكرامة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل