المحتوى الرئيسى

ثمن التغيير

07/26 04:10

محمود الزيودي

تقلقنا حسبة الاحتجاجات العربية التي تعرض لها البعض وقد مرّ عليها صفحا .. أجهدت نفسي بمساعدة الالات الحاسبة الحديثة لحساب أيام التعطيل عن العمل ( بغض النظر عن يوم الجمعة) التي فقدها الوطن العربي في كل من تونس ومصر واليمن وسوريا ..لأن ما يجري في ليبيا مشروع حرب أهلية .. أكثر منه اعتصام واحتجاج .. منذ بداية الثورة التونسية وحتى يومنا هذا وجدت ان أيام الاعتصام قد زادت عن ألف وخمسمائة يوم .. سواء كانت ايام جمعة أو ايام عمل رسمي ترك فيه الطلاب والموظفون والتجار وربّات المنازل والسواقين والعمال .. تركوا أعمالهم وبيوتهم وجلسوا في الميادين والساحات يهتفون لإسقاط النظام في بلدانهم ..

واذا قدّرنا أن المعتصمين في الوطن العربي يبلغون حوالي مليون في اليوم الواحد فقد وصلنا الى رقم فلكي يساوي مليار ونصف يوم عمل أو راحة منزلية أو صف دراسي ضاعت من رصيد العمل اليومي للأوطان العربية .. وكل هذا بسبب تعنّت الرئيس وبطانته من الرجال الحاكمين ومقاومتهم لمطالب الاصلاح والتغيير التي يجهر بها الملايين في الوطن العربي .. ولأن نفقات الجيش والشرطة هي من اموال الشعب أصلا .. سواء كانت مساعدات أجنبية أو اعطيات عربية أو ضرائب يدفعها المواطن العادي أو تحسم من موازنة الخدمات التي يجب ان تقدم له .. فإن أيام عمل الجنود ورجال الشرطة . وأدوات القمع . وتشغيل السيارات والدبابات . بالإضافة الى الذخيرة . تساوي رقما فلكيا مماثلا للرقم الاول الذي اجتهدت بحسبته وأنا اظن نفسي مبالغا .

ولكن الالات الحاسبة أثبتت انني متواضع في حسبة الارقام وجمعها .. ولأن العملة العربية في كل بلد تقاس بحسبة الدولار . فقد قدرت متوسط أجرة يوم العمل بعشرة دولارات . فتوقف عقلي عن حساب مليارات الدولارات التي أهدرت أو ضاعت من الخزانة الحكومية وجيوب المعتصمين والمتظاهرين خلال هذه الفترة . ومثلها نفقات الجيش والشرطة .. لم ننس القتلى في معارك التظاهر والاعتصام الى حين يجمع العلماء والمجتهدين على اعتبارهم شهداء . ولكننا بأية حال خسرناهم . يضاف الى كل هذا تراجع الاستثمار العربي والاجنبي في بلدان الهدف .. فكثير من المستثمرين توقفوا حتى عن التفكير في الاستثمار داخل بلدان تموج بحركات الغضب .. والذين استثمروا قبل بداية الثورات . توقفوا عن العمل في مشاريعهم حتى ينجلي الامر عن مصير اموالهم .. حتى الانتاج التلفزيوني الذي يملأ الفضاء العربي في شهر رمضان كل عام تراجع الى الربع أن لم يكن أقل ... يضاف الى كل هذا شطب الموسم السياحي في أكبر بلدين عربيين يستقبلان السواح على مدار العام وهما تونس ومصر وتشكل السياحة في هذين البلدين مصدر دخل يرفد الموازنة السنوية لكل دولة بالاضافة الى تشغيل ملايين العاملين في هذه المهنة . يضاف اليهما سوريا ولبنان. فالسياحة كانت ناجحة في سوريا قبل أن تلحق بركب الربيع العربي والسياحة العربية في لبنان ( موسم الاصطياف ) تمر عبر سوريا بسيارات رعايا دول مجلس التعاون الخليجي .. هذه الارقام مرعبة تذكرنا بأرقام الخسائر في الثورة الفرنسية وأرقام الخسائر في الحرب الاهلية الأمريكية .. وكلاهما غير في المعمورة .. نقول أن هذا ثمن التغيير في الوطن العربي.



* نقلاً عن "الدستور" الأردنية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل