المحتوى الرئيسى

الجزائر: شهادة الباكالوريا هل تصبح وسيلة لشراء السلم الاجتماعي؟

07/21 09:47

أنهى الطلبة الجزائريون حاملو  شهادة البكالوريا (شهادة الثانوية العامة) الجدد نهاية الأسبوع الماضي تسجيلاتهم الأولية للالتحاق بالجامعة، وسط تخوف أغلبهم من عدم الحصول على مقعد في التخصص الجامعي الذي يرغبون فيه، ويخشى بعضهم  أن تكون بداية الموسم الدراسي بالجامعة هذا العام مضطربة على غرار ما عرفته الجامعات الجزائرية العام الماضي. ولا تزال نسبة النجاح في البكالوريا التي تجاوزت هذا العام العام لأول مرة في تاريخ الشهادة عتبة 60 بالمائة، تثير الكثير من الجدل وسط الأوساط التعليمية، التي انقسمت بين فريق مهلل للنتائج واعتبرها ثمرة جهود الاصلاح الممتدة على مدار العقد الأخير، وفريق يطعن في مصداقيتها ويشكك في أن يكون الاصلاح قد حقق هذه النتائج "المعجزة" وبهذه السرعة.

وفي حوارمع دويتشه فيله، قال الباحث في العلوم السياسية بجامعة عنابة زهير بوعمامة أن النتائج المرتفعة في شهادة البكالوريا لهذا العام تعتبر نوعا من شراء السلم الاجتماعي القائم على توزيع الأشياء القيّمة على أوسع الفئات دون الاهتمام بمعيار الأحقية"، وأضاف الدكتور بوعمامة معلقا على تفاخر وزير التعليم الجزائري بالنتائج "عندنا لازالوا أسرى المنطق التقليدي الذي يرى بأن معيار فشل ونجاح سياسة ما مرتبط بالمقاربة الكمية، بينما المطلوب هو دمج المؤشرات الكمية بالنوعية".

 

جدل حول نتائج الباكالوريا

جامعة الجزائر شهدت هذا العام احتجاجات عديدة Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:  جامعة الجزائر شهدت هذا العام احتجاجات عديدة وقد اعتبر وزير التعليم الجزائري أبوبكر بن بوزيد ان نتائج الباكالوريا "ليست نتاج صدفة، بل جاءت في سياق عملية إصلاح واسعة للمنظومة التربوية" وأضاف بن بوزيد بمناسبة حفل تكريم الطلبة المتفوقين بأن "النسبة المسجلة في البكالوريا هذه السنة نسبة صافية غير مدعومة باجراءات موازية كما هوالحال في بعض الدول المتقدمة، فهو نجاح غير مسعف يحق لأبنائنا الاعتزاز والافتخار به". وعزا الوزير التحسن الذي عرفته نتائج نظام التعليم في الجزائر إلى "مسار الاصلاح الجذري" الذي انطلق مع بداية الألفية، والذي ساهمت فيه الكثير من العوامل من أهمها؛ كما يقول الوزير الجزائري، إعادة النظر في نظام التربية بشكل عام بإدماج برامج تعليمية عصرية جديدة، وتحسين نوعية التأطير التربوي لمعلمي وأساتذة التعليم الابتدائي والمتوسط برفع مستواهم الأكاديمي إلى شهادة الإجازة.

غير أن نقابات التربية طعنت في النتائج المقدمة من طرف وزارة التعليم واعتبرتها تلاعبا مفضوحا بمصير التلاميذ، وجاء في بيان نقابة مجلس ثانويات العاصمة أن "تباهي الوزير بنسبة أكثر من 60 بالمائة من النجاح في البكالوريا، هدفه تأكيد نجاعة الإصلاحات التربوية دون القيام بتقييم موضوعي مع الفاعلين والمختصين في القطاع". وأشارت النقابة بأن"هناك نسبة 40 بالمائة رسوب في السنة الأولى من التعليم المتوسط و50 بالمائة رسوب في السنة الأولى ثانوي، وأكثر من 60 بالمائة رسوب في السنة الأولى جامعي".

وأكد مسعود عمراوي الناطق باسم إتحاد عمال التربية في حوار مع دويتشه فيله "بأن النتائج المعلن عنها مضخمة ولا تعبر عن المستوى الحقيقي للتلاميذ" ولا وجود شكاوى متكررة من الاساتذة من "تدني المستوى". وأضاف "إن اعطاء الصبغة السياسية علي نتائج امتحان البكالوريا سوف يضر بالجزائر مستقبلا، لذلك وجب الفصل بين السياسة والتعليم لتحقيق الإصلاح الحقيقي المنشود ".

 

"ماذا أفعل بشهادة الباكالوريا؟"

وتساءل أحد أساتذة ثانوية حامية بالقبة في الجزائر العاصمة، عن السر الذي يجعل التلميذ الذي يحصل في الامتحانات العادية خلال السنة على معدل لا يتجاوز 8 من 20 ينجح في شهادة البكلوريا بمعدل 12 من 20، وأضاف" لا تعتقدوا أن هذه النسبة ستفرحنا نحن الأساتذة، على العكس نحن نشعر بالقهر لأن ما تحقق ليس ثمرة جهودنا بل جهود الإدارة، وخاصة عندما نرى من لا يستحق الشهادة يحصل عليها بملاحظة قريب من الجيد.

ومن جهته اعتبر يوسف، الناجح في شهادة البكلوريا شعبة علوم تجريبية، ان نجاحه لا معنى له لأنه لن يحقق له حلمه في أن يكون صيدليا، رغم حصوله على معدل 14.04، وأضاف يوسف لدويتشه فيله " إن الطلب كبير على هذا التخصص، وبكالوريا هذا العام حصل الآلاف على معدل يفوق 15 من عشرين"، أما عبد القادر الراسب في الشهادة فقد تحسر كثيرا على عدم جديته في الإجابة على الأسئلة، وقال "الكثير من زملائي الأقل مستوى مني حصلوا على معدل 11 من عشرين" وأضاف معلقا "هذا العام النجاح للجميع إلا من رفض".

 

"ترحيل مشاكل التعليم إلى الجامعة"

طلاب جزائريون يحتجون في شوارع العاصمة الجزائر على نظام جديد لمعادلة الشهادات الجامعية Bildunterschrift: طلاب جزائريون يحتجون في شوارع العاصمة الجزائر على نظام جديد لمعادلة الشهادات الجامعية يرى الباحث في العلوم السياسية بجامعة عنابة زهير بوعمامة أن النتائج المرتفعة في شهادة البكلوريا المحققة هذا العام تعتبر نوعا من شراء السلم الاجتماعي، وفي تفسيره لما يحدث داخل النظام التعليمي الجزائري يقول بوعمامة "لا يمكن لعاقل تصديق أن ما تحقق هو ثمرة إصلاحات جاءت بهذه السرعة وبهذه النتائج المبهرة، وفي إعتقادي ان ما يحصل هو بمثابة "ترحيل لمعضلات المنظومة التربوية ومشاكلها للجامعة"، التي أصبحت مجبرة على التعاطي مع المأزق التي نسجته وزارة التربية في استقبال أعداد هائلة بمستويات متدنية غير قادرة على تلقي تكوين عال في الاختصاصات التي وجهوا لها"..

ويعزو بوعمامة سبب هذه الوضعية إلى "غياب استراتيجية وطنية عبر قطاعية في هذا المجال"، ويشير بذلك إلى "التناقض الحاصل بين سياسة الاصلاح في وزارة التربية بتحويل أكبر عدد من التلاميذ للجامعة وسياسة الاصلاح في الجامعة القائمة على تطبيق نظام LMD الذي يعتبر نظاما صمم خصيصا للنوعية وللأعداد القليلة من الطلبة في الصف وليس العكس"، ويضيف بوعمامة "وهذا ما لمسناه في السنوات القليلة الماضية، حيث تجاوزت نسبة الرسوب في الجامعة عتبة 60 بالمائة خلال امتحاني السداسي الأول والثاني وهي نسبة تقارب نسبة الناحجين في البكلوريا هذا العام".

 

توفيق بوقاعدة ـ الجزائر

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل