المحتوى الرئيسى

رئاسة مصر بين المغنم والمغرم (1/3)

07/20 16:07

تولى مسئولية مصر قضية كبيرة، ليست بالأمر الهين، كما يظن أغلب هؤلاء الذين يتجاسرون ويعلنون نيتهم للترشح للرئاسة، وكأن رئاسة مصر دور يؤديه أحد الممثلين على المسرح، أو وظيفة هينة في أحدى الوزارات أو الهيئات.

 

وأغلب الظن أن هؤلاء الذين يتكالبون على الترشح للرئاسة، إلا ما رحم الله، ينظرون الى ما في هذا المنصب الرفيع من مغنم وسلطة وجاه، ويغضون الطرف عما فيه من مغرم ومسئولية كبيرة وعظيمة أمام الشعب أولا، ثم أمام الله سبحانه وتعالي، ولا يدركون أن من يصل إلى سدة الحكم في مصر سوف يكون مسئولا عن 87 مليون مصري.. عن فقيرهم وغنيهم، عن مريضهم وصحيحهم، عن صغيرهم وكبيرهم، عن رجالهم ونسائهم وأطفالهم وشيوخهم، عن مظلومهم وظالمهم.

فتولي مسئولية شعب بأكمله ليست بالمهمة السهلة، بل هي مسئولية كبيرة وأمانة عظيمة، تلك المسئولية والأمانة التي جعلت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يحس بمسئوليته تجاه بغلة تتعثر في أرض العراق، ويدرك أن الله سوف يسأله عنها، لأنه لم يمهد لها الطريق، فما بالنا بآلاف الجوعى والعراه والمعوزين والفقراء الذين يتضورون جوعا كل ليلة في طول مصر وعرضها ولا يجدون من يوفر لهم لقمة العيش، ويرفع عن كاهلهم غول الأسعار والغلاء ؟!

وما بالنا بعشرات الأطفال الذين يموتون في بلاعات الشوارع المفتوحة؟.. وما بالنا بالدماء البريئة التي تراق كل يوم على أيدي المجرمين واللصوص والمسجلين خطر الذي أطلقوا في الشوارع لترويع المواطنين ومص دمائهم؟.. وما بالنا بملايين الشباب من حملة الشهادات الجامعية الذين تقتلهم البطالة ولا يجدون عملا يقتاتون منه؟.. وما بالنا بملايين العوانس والعانسات الذين تعدوا سن الزواج ولا يجدون المأوى ولا السكن العائلي، ناهيك عن متطلبات الزواج التي ترهق كاهل الشباب؟!

أليست مسئولية هؤلاء وهؤلاء كبيرة، أم أنها مجرد تشريف لمن يجلس على الكرسي ويعيش في واد وشعبه في واد آخر؟.. إن الوظيفة العامة في المجتمع الإسلامي أمانة كبيرة لها تبعات كثيرة، فهى ليست تشريفا لمن يتولاها ولا وسيلة لرفعه فوق رؤوس أفراد الشعب ولكنها تكليف يتبعه مسئوليات.

ثم إن القاعدة الإسلامية التي أصلها النبي، صلى الله عليه وسلم، «إنا والله لا نولي هذا العمل أحداً طلبه أو أحداً حرص عليه»، فما بالنا بهذا الكم الكبير من رجال مصر ونسائها الذين يطلبون الرئاسة ويسعون إليها ويبذلون من أجلها الغالي والثمين، ومنهم من لا يستطيع أن يدير شئون نفسه أو بيته، فما بالنا بشئون شعب بأكمله!!.. ألا يتعظ هؤلاء بما آل إليه مبارك وأولاده ورجاله ونظامه، ليعلموا ما في حكم مصر من مغرم كبير؟ أم أنها نشوة السلطة والجاه، وأن انتهى بهم الأمر إلى غياهب السجون أو مشانق الإعدام.

كنا نود ألا نجد من يترشح للرئاسة في مصر، فيسعي العلماء وقادة الفكر والرأي إلى ذوي العلم والفضل والقدرة على تحمل مسئولية مصر وشعبها، ويطالبونهم بالترشح، بحيث تسعى الرئاسة إلى من لديه القدرة والعلم والأمانة على حكم البلاد، ولا يسعى هو اليها.

ولكن، للأسف الشديد، وجدنا من يتكالبون على الرئاسة ويطلبون السلطة ويسعون اليها، وهم في الواقع لا يقدرون على تولى وظيفة صغيرة في وزارة من الوزارات.

وقد يقول قائل: إن نبي الله يوسف طلب الوزارة والرئاسة.. ولكم أين أنتم يا من تنوون الترشح للرئاسة وتطلبونها من نبي الله يوسف ابن الأنبياء، فأبوه وجده وجد أبيه أنبياء، فهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.. أين أنتم من يوسف الحفيظ العليم، المخلص العفيف، الذي كان يكثر الصيام وهو عزيز مصر، وفي يده مفاتيح خزائنها، وعندما سئل لماذا يكثر من الصوم، قال: أخاف أن أشبع فأنسي الجائع.. يوسف الذي أخرج مصر من سنوات سبع عجاف شداد بسياسته الحكيمة وتدبيره العظيم.

(وللحديث بقية في الأسبوع القادم إن شاء الله)

 [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل