المحتوى الرئيسى

مصطفى سعيد ياقوت يكتب: يا عزيزى.. كلنا فاسدون

07/18 21:57

قد يتخيل الكثير منا أن الفساد كان مقتصرا طيلة الأعوام الماضية على الرئيس السابق وحاشيته فقط، لكن إذا نظرنا لموضوع الفساد بنظرة أوسع وأشمل نجد أن الفساد كان يغطى مصر كلها ومن هنا جاء القول بأننا كلنا فاسدون، بل وأزيد على ذلك أنى كنت أول الفاسدين.

كثيرا ما كنا نراه بأعيننا ونسمعه بأذننا، بل كانت رائحته تزكم الأنوف ولكننا كنا دائما، نقولها وبنفس التعبير وكأنه شبه اتفاق "يا عم أنا عاوز أربى العيال" "يا عم أنا عاوز أعيش" "يا حيطه دارينى".

وفى النهاية وصلنا إلى أننا أصبحنا نتندر على الشرفاء والأمناء وأصحاب المبادئ، فقد أصبحوا قلة لأنهم تمسكوا بمبادئهم وحافظوا على شرفهم ونزاهتهم.

وهنا السؤال الأهم، أليس السكوت عن الفساد فسادا؟!!.

فى البداية دعونا نعرف الفساد حسب تعريف منظمة الشفافية الدولية بأنه "كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته". أى أن الفساد هو "كل عمل يضر بالمصلحة العامة سواء كان صغيرا أو كبيرا".

ومن منطلق هذا التعريف ألا تتفقون معى أننا كنا كلنا نقع تحت طائلة هذا التعريف ولو بنسبة قليلة إلا من رحم ربى.

إذا أخذنا تعريف الفساد السابق بأنه كل ما يضر بالمصلحة العامة سنجد أن تعيين أبناء العاملين فى المؤسسات الحكومية فساد لأنك بذلك تؤصل مبدأ التوريث الذى قامت الثورة ضده فأنت تحرم من هو أحق من ابنك من حقه.

والموظف الذى يأتى عمله متأخرا ويغادره متأخرا وفى المنتصف يضيع الوقت بين فطار وشاى وكلمات متقاطعة ثم يأتى آخر الشهر يطلب نظره لمحدودى الدخل هو موظف فاسد فلا عمله أتقن ولا ضميره راعى ولا ربه أرضى فكيف يبارك له الله فى رزقه؟!.

وقائد السيارة الذى يقود سيارته بدون أن يراجعها ويفحصها ويتأكد من سلامتها ويقود السيارة بدون حزام الأمان ويسير عكس الاتجاه ويتجاوز السرعة المقررة والحمولة المقررة ويسير بين الحارات على هواه ويسير مخمورا أو مخدرا هو مواطن فاسد، بل إنه بفساده تضيع أرواح أبرياء.

والمواطن الذى يسير فى الشارع فلا يسير على الرصيف ولا يحترم إشارات المرور ولا يحافظ على نظافة الشارع ولا يغيث ملهوفا ولا يساعد كبير السن وراكب المترو أو القطار أو السيارة الذى يتزاحم بدون مبرر إلا أنه لا يعلم سوى ثقافة التزاحم وذلك دون مراعاة كبار السن والمرضى وأصحاب الاحتياجات الخاصة.

والتاجر الغشاش والتاجر المحتكر والتاجر الذى ينقص الميزان والتاجر الذى يستغل الأزمات فى رفع الأسعار وصاحب الفرن الذى يبيع الدقيق فى السوق السوداء ويقتصد فى حجم الرغيف وينعم على أقاربه ومعارفه بكميات أكثر من الخبز.

والمهندس الذى يترك كل العمل للمقاول ولا يراجعه ولا يحاسبه وتكون النتيجة كارثة تحدث وأرواح أبرياء تضيع والمدرس الذى يتعمد عدم الشرح الجيد داخل الفصل حتى يعطى دروسا خصوصية للتلاميذ.

والأب الذى لا يراعى أسرته ولا يهتم إلا بنفسه فقط ولا يتابع تربية أولاده والأم التى لا تحاول أن تكون قدوة لأبنائها ليتعلموا منها كل ما هو صالح ونافع.

والوزير الذى لا يتماشى مع نبض الجمهور ولا ينزل إلى أرض الواقع بعيدا عن التكييف ويضع خططا زمنية لنفسه ولوزارته وليس لمصلحة البلد ورئيس الشركة الذى يحاول بشتى الطرق المحافظة على منصبه بمحاولة إرضاء مراكز القوى فى شركته و إرضاء رؤسائه دون النظر إلى تطوير الشركة التى يعمل بها ووضع خططا زمنية محددة والارتقاء بمستوى معيشة العاملين معه.

والطبيب الذى لم يعد محترفا إلا فى تحصيل قيمة الكشف العالية وتقليل مدة الكشف لإتاحة الفرصة ليس لغيره من المرضى لكى يستفيدوا من خبرة الطبيب ولكن ليستفيد الطبيب من أموال الكشف التى يحصلها والطبيب الذى ينسى مشرطا أو فوطة والطبيب الذى يضرب عن العمل وهو يرى الناس يئنون أمامه من الألم وهو محافظ على مبدأ الإضراب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل