المحتوى الرئيسى

ثورة ام فوضى خلاقة ؟؟ بقلم:علي بشار بكر اغوان

07/15 19:31

ثورة ام فوضة خلاقى ؟؟

علي بشار بكر اغوان

جامعة النهرين

كلية العلوم السياسية

طالب ماجستير /الاستراتيجية

المرحلة الكتابة

[email protected]


بدأت الاحداث تتسارع كثيرا في الاونة الاخيرة لدرجة ان سرعة الاحداث لم تسمح لاي مختص اومحلل او متابع للوضاع ان يقدم اي رؤية تحليلية عن ما يجري حتى تعالت الاصوات وردود الافاعال الاولية التي بنيت على رؤية تحليلية سطحية لما يحدث من حالات تغيير متسارع الذي لا يسمح لاي معني من اطلاق عبارته التحليلية لان الصورة غير مكتملة المعالم ، وبالتالي ان الحكم عن ما يجري في الفترة الاولى من قيام هذه التغييرات على نطاق الساحة العربية امرا صعبا جدا ، لهذا ظهرت اصواتا و تعالت اصواتا اختلفت فيما بينها في تحديد ماهية الاحداث الاخيرة و اعطائها توصيفا يعبر عن حقيقة ما يجري هل هي ثورة فعلا ام فوضى خلاقة ؟؟ ومن بين هذه الاصوات هو ان الذي يحدث هو ثورة شباب كانت نابعة من ارادة ذاتية داخلية على طغيان الحكام وسلوطيتهم وتشبثهم طوال هذه السنين بكراسي الحكم ، وظهر اصوت اخر تقول ان الاحداث الاخيرة هي عبارة عن فوضى خلاقة اتت من خارج الحدود وهي نتاج للرؤية الفكرية الامريكية واستكمالا لمشاريع امريكية بدأت منذ اكثر من ربع قرن ، و وصلت ما وصلت اليه اليوم من تغيير فعلي للانظمة .

واما الان وبعد مرور فترة لا بأس بها تسمح بأطلاق العنان لتحليل نابع من دراسة معمقة للاوضاع ومستند الى اسس علمية ونظريات ومشاريع سابقة ، حيث ان الذي يحدث الان وكما ارها انا شخصيا هو ليس بثورة بقدر ماهو فوضى عارمة منظمة من الخارج ومفتعلة لتغيير الطبيعة العامة للوطن العربي والشرق الاوسط بشكل عام واقول انها فوضى منظمة واعني انها مفتعلة من قبل طرف خارجي ، وهذا الكلام مسند الى تحليل بعض المقولات التي اطلقها بعض الساسة الامريكان ، ومنذ فترة ليس قصيرة ، كحديث كوندليزا رايس وزيرة خارجية الولايات المتحدة في عهد بوش الابن منذ عام 2005 لصحيفة الوشنطن بوست عشية يوم9/4/2005 ومرور ذكرى عامين على احتلال العراق ، والتي قالت فيه" ان بيئة الشرق الاوسط الاستراتيجية مضطربة للغاية ومثخنة بالخلافات الدينية والطائفية والقومية والعرقية "

ونستنتج من هذا الكلام انها عنت عندما تحدثت عن الفوضى الخلاقة هو عملية اختلاق المشاكل وتفعيلها بصورة منظمة من قبل فاعل خارجي يريد اعادة ترتيب اوراق قديمة لكي تتمشى مع تطور وضع جديد خصوصا في العقد الاول من القرن الحادي والعشرين ، ان الاوضاع التي تجري في البيئة الجيواستراتيجية للشرق الاوسط هي مخطط مسبقا ومنذ فترة ليست بقصيرة وهذا ما اكدته تصريحات كوندليزا رايس حول تغيير انظمة الشرق الاوسط والمنطقة العربية وحتى انها قالت حرفيا ان التغيير سوف يشمل حتى الانظمة الحليفة للولايات المتحدة وهذا الكلام يسكت الذين يقولون كيف تفرط الولايات المتحدة الامريكية بمبارك وهو عميل حتى النخاع للغرب ،وقالت رايس ايضا "ان الولايات المتحدة تعمل على كسب عمالة الشعوب ، لانها عملت طوال الفترة الماضية على كسب عمالة الحكام " وايضا اذا ما اردنا ان نرجع الى ما قبل عام 2005 وتحديدا عام 1981 عندما تحث روجيه غارودي عن عمليات التغيير في المنطقة العربية وكشفه عن المخططات الامريكية الاسرائيلية حول تقسيم المنطقة العربية والاسلامية ، وتحدث عن المخططات الصهيونية والمشاريع امريكية والتي تنوي ان تطبقها في منطقة الشرق الاوسط التي تعتبر من اهم المناطق الجيواستراتيجية للامن القومي الامريكي وكذلك لحماية امن الكيان الصهيوني .

وهذا الامر يؤدي بقاء المنطقة غارقة في صراع مستمر وفوضى دائمة سواءا على شكل حروب او انقسامات داخلية او مشاكل طائفية يصب في مصلحة الولايات المتحدة التي ترغب باعدة ترتيب اوراقها في المنطقة عبر حركة التغيير المخطط لها حاليا ، وبالتالي فان الكلام الذي يقول ان مشروع التغيير الحاصل الان في بيئة الشرق الاوسط هو عبارة عن ردود افعال امريكية ،اكثر من كونها افعال مخطط لها، ينسف مشروع الشرق الاوسط الكبير ومشروع الشرق الاوسط الجديد ، المكملان لبعضهما اللذن يعبران عن وجهة نظر امريكية واسرائيلية حول المنطقة ، حيث يتحدث هذان المشروعان عن نوايا تغيير بصورة مبطنة تحت غطاء الديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق الاقليات والجماعات المضطهدة وحقوق تقرير المصير وفتح الحدود ما بين الدول ..الخ من الامور، وهذان المشروعن اكبر دليل على ان مشاريع التغيير هي مخطط لها منذ فترة ليست بقصيرة بل انها ترجع جذورها الى فترات تصل الى اكثر من ربع قرن توالى عليها العديد من الادارات الامريكية التي تعمل على تنفيذ مشاريع بصورة متواصلة ، وبعيدا عن نظرية المؤامرة ، وما اوباما الا جزء من هذا المشروع الذي وصل على يده الى مراحل التنفيذ الفعلي ويمكن الاطلاع على الرابط التالي http://www.armedforcesjournal.com/2006/06/1833899 الذي يحوي على مقال منشور على موقع مجلة القوات المسلحة الامريكية منذ 2006 " لرالف بيترس" بعنوان "حدود الدم" والذي يتضمن مشروع تقسيمي للمنطقة على اسس عرقية دينية مذهبية ايديولوجية قومية ويوضح الدول التي سوف تستحدث بعد هذا التغيير والدول التي سوف تظهر في المنطقة نتيجة التقسم .

ويجب ان نقول انه لا يوجد شي كامل ولا يمكن لاي مخطط استراتيجي ان تكون خطته ناجحة 100%100 ، مهمى كان متمكنا من احكامها وتنسيقها وسد ثغراتها ، لانه ببساطة هناك متغيرات لا يمكن ان يسيطر عليها مهما فعل ،لان الاستراتيجية الناجحة تعتمد على التراكم الصبور لدقائق الامور وعدم القياس والتقييم من البداية وانمى الانتظار لفترات طويلة لكي يمكن ان نقيس نجاح او فشل اي خطة استراتيجية لهذا فأن حصيلة الخطة الى حد الان هي نظامين فقط (التونسي والمصري) مع اضطرابات سورية يمنية وحرب ليبية اوربية وتظاهرات بحرينية اسكتت بقرارات سياسية مصلحية اكثر من كونها تبحث عن تغيير لنظام سياسي .

وان التغييرات التي تحدث الان في المنطقة العربية هي عبارة عن مشاريع مستدامة تخضع لأعادة تقييم مستمر وهي استكمالا لمشاريع سابقة ونظريات طبقت في المنطقة ، كنظرية كرة الثلج (*) ونظرية الدومنو(**) ومشروع قوص الازمات لبرجنسكي ونظرية الفوضة الخلاقى(***) لتفكيك الانظمة الحالية واحلالها وتقسيمها لكي تستطيع الولايات المتحدة ان ترسم خريطة جديدة على غرار خريطة سايكس بيكو مع الاحتفاظ بخصوصية كل مرحلة ، والهدف من هذا التقسيم الجديد هو لخلق نظام شيعي بالعراق ونظام شيعي في لبنان على غرار نظام ايران والتابع لولاية لولاية الفقيه ، وعلى الجانب الاخر تعمل الولايات المتحدة الان على دفع الاسلامين السنة الى الصعود الى الحكم في باقي الدول العربية (كصعود الاخوان المسلمين في مصر خصوصا بعد الانشقاقات التي ظهرت ما بين الاخوان وبروز تيار جهادي له قاعدة جماهيرية عريضة في مصر والدول المجاورة وهذا الانشقاقات تبحث عن الهيمنة على الساحة المصرية من خلال انشقاق تيارات معينة من الاخوان تلعب دور المعارضة وتيارات اخرى تلزم زمام السلطة في مصر وهذا يعني سيطرة الاخوان على الساحة من خلال المعارضة والحكومة وهذا ما كان يفعله الحزب الحاكم في عهد مبارك ، وطبعا كل ذلك يجري تحت الرعاية الامريكية ، هذا من جانب ومن جانب اخر فأن الولايات المتحدة تقوم بتقوية التيار السلفي المتشدد في السعودية والدليل على ذلك هو عدم حدوث اضطرابات مهمة في السعودية للوقوف ضد المد الايراني في المنطقة وبالتلي ابقاء فتيل الفتن مشتعل في المنطقة عبر دعم الطرفيين السني والشيعي لديمومة الصراع ، وكذلك نلاحظ السماح لحماس بتولي الحكم مع شروط اتفاق امريكي اسرائيلي فلسطيني على اعلان دولة فلسطينية اسرائيلية يعترف بها المجتمع الدولي ، ومن جهة اخرى تعمل الولايات المتحدة على ابقاء بئرة للحراك الاستراتيجي قائمة بدون حل ، وربما ليبيا هي هذه البئرة التي سوف تدخل الولايات المتحدة من خلالها الى المنطقة العربية وشمال افريقيا بقناع دولي واحتلال هذه المنطقة بقوات دولية (امريكية) وبالتالي احتلال ليبيا وتقسيمها الى جزئين ليبيا الشرقية وليبيا الغربية ( ليبيا القذافي وليبيا الثوار) ويكون للولايات المتحدة قوة تمسك الارض في شمال افريقيا تنطلق منها الى باقي الدول الافريقية لمنفسة المد الصيني الذي يتفشى بشكل لا مثيل له في افريقيا ، ان الهدف الامريكي في النهاية هو تفعيل الخلافات الطائفية ونشر النعرات التفكيكية التي تؤدي الى خلق فوضى داخل بيئة الشرق الاوسط او الوطن العربي ،وبالتالي دخول المنطقة في صراعات لها بداية وليس لها نهاية والمستفيد الوحدي هو الولايات المتحدة من هذه الاضطرابات لكي تأتي من جديد وتتدخل بدافع حقوق الانسان والديمقراطية وحق الشعوب بتقرير المصير ( التقسيم ) .

ويعني هذا أن الولايات المتحدة قد بدأت بالاعلان لمشروعها على الملى بعد وصول هذا المشروع الى مراحل متقدمة ودخوله الى مراحله الحاسمة حيث الان اعلنت الولايات المتحدة بأنها تمسك بيدها القلم والمسطرة وبدأت تجر الخطوط وترسم الحدود من جديد لدويلات جديدة سوف تظهر في المنطقة العربية ، وما دولة جنوب السودان التي ظهرت قبل فترة قصيرة الا النتيجة الاولية لمشاريع التقسيم الامريكي ،خصوصا يمكننا ان نلاحظ الدعم الكبير من قبل الغرب والامريكان لهذه الدوة بعد ما ارسل الرئيس اوبما مبعوثة الولايات المتحدة في الامم المتحدة سارة رايس لحظور اعلان الاستقلال الدولة الجديدة ، هذا ناهيك عن الدعم الدولي الكبير من الامم المتحدة ، واخيرا اقول ان المنطقة سوف تشهد موجة جديدة من التقسيم على غرار تقسيم سايكس بيكو للمنطقة .

وبعد هذا الطرح التحليلي لاوضاع بيئة الشرق الاوسط الاستراتيجية ، يمكنني ان اتنبأ ببعض الاشخاص الذين سوف يحكمون على مقالي ويقولون ان كاتب هذا المقال متأثر جدا بنظرية المؤامرة بحيث يلغي دور الشعوب العربية التي كانت(نائمة طوال خمسين عام مضت) وستفاقت من نومها الان ، يمكنكم سادتي ان تطلعوا على المشاريع الامريكية ونظريات تفتيت المنطقة وتحكموا بأنفسكم على صحة هذا الكلام.




الهوامش :

(*) نظرية كرة الثلج : التي تعني ان كرة الثلج عندما تتدحرج في منطقة معينة سوف تأخذ في طريقها كل شي تمر به ولا يمكن ايقافها بسهولة وهذا ما حدث في المنطقة العربية ، على الرغم من ان الحصيلة الى حد الان نظامين فقط ولكن كرة الثلج ما تزال تتدحرج ولكن ببطى شديد وحذر وترقب خصوصا في سوريا واليمن .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل